مدخل: تعتبر المرحلة الراهنة مرحلة خطيرة وحاسمة وتشكل منعطفاً خطيراً في مسيرة السودان حيث تبقى على موعد إجراء الاستفتاء في جنوب السودان عدة أشهر فقط يتوجه بعدها مواطنو الجنوب نحو صناديق الاقتراع لاختيار إما الانفصال أو البقاء فى اطار السودان الموحد .ووفقا للمعطيات الماثلة تعتبر هذه المسألة بالغة الأهمية وشديدة التعقيد وعلى درجة كبيرة من الحساسية ، وقد بادرت الأحزاب السياسية السودانية بتحديد رؤيتها تجاه هذه القضية المصيرية ، كما ظل المؤتمر الوطني وبوصفه الحزب الحاكم طوال الفترة الماضية يؤكد على حرصه الشديد على وحدة السودان ... المركز السوداني للخدمات الصحفية وفى محاولة لاجلاء مواقف القوى السياسيه بالبلاد حول هذه القضيه المصيريه قام بأجرى استطلاعاً واسعاً وسط قادة الأحزاب السياسية ، والخبراء ، والقانونيين مستجليا رؤيتهم حول المآلات التوقعه جراء الاستفتاء ، وخرجنا بالحصيلة التاليه : العالم يتجه نحو التكامل والوحدة والتناصر بدءا التقينا الأستاذ عبد الله الصافي الفادني القانوني المعروف عضو المكتب التنفيذي لنقابة المحامين فتحدث إلينا حول إستراتيجية الأحزاب السياسية في السودان تجاه الوحدة والانفصال قائلاً: في تقديري الشخصي الأحزاب السودانية بما فيها الحركة الشعبيه تدرك أن السودان الموحد أفضل مليون مرة من السودان المنفصل ، كما تدرك من ناحية أخرى أن انفصال اى إقليم من أقاليم السودان سيكون ضارا بكل السودان ويغذي هذا الفهم أن مسيرة العالم في الحكم والاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة في ظل العولمة الراهنة تتجه نحو التكامل والوحدة والتناصر وليس أدل على ذلك من تجربة الاتحاد الأوربي ، وتجربة الدويلات التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وجربت الانفصال وأدركت أن الوحدة أضمن لبقائها ولوحدتها ولحماية مصالحها وفي تكامل الموارد ، وعليه وتأسيساً على هذا الفهم فإن منطق العقل ومنطق المصالح يجب أن يملي على كل الأحزاب في السودان أن تنزل إلى صوت العقل وتسعى للوحدة بكل السبل. من ناحية أخرى فإن أوضاعنا في أفريقيا بصورة خاصة متشابهة لحد التطابق وما من دولة في أفريقيا إلا وبها مشكلات تمرد أو نزاع، لكن السياسة المعتمدة لدى الاتحاد الأفريقي هو الإبقاء على حالة الدول الأفريقية على الوضع الذي تركه عليها الاستعمار بحدوده القديمة لكن وبكل أسف فإن الأحزاب السودانية لا تميز بين الإستراتيجي وبين التكتيكي المرحلي فتدفعها عصبية الحزبية الضيقة إلى اغفال المصالح الكلية الإستراتيجية للسودان ، لكن هذا الأمر ليس عصياً على المعالجة أن اجتمعت كل هذه الأحزاب بكل خلافاتها في مائدة مستديرة وفرقت بين الإستراتيجي والمرحلي وبين المصالح الكلية للسودان والمصالح الحزبية الضيقة وذلك بالاتفاق على المشترك من مصالح والمتفق عليه من قضايا مثل التداول السلمي للسلطة والعمل في إطار حرية محمية بالدستور والمواثيق وحقوق متساوية في التنمية بين كافة بقاع السودان ولكافة أبنائه ، وأنا شخصيا من الذين يدعون إلى الوسطية في الفكر السياسي والأيدلوجي والديني بحيث تجد معادلة تجعل الايدولوجيا والدين في خدمة الوحدة ما دام الدين هو قيم مشتركة من التسامح والعدل والإحسان حتى ولو تخلينا مرحلياً عن بعض الأطروحات التي تدعو إلى تحكيم الدين في حياة الناس جملة واحدة بحيث نأخذ بالتدرج في تنزيل الدين عقيدة وشريعة ليتناسب مع الظرف التاريخي الذي يمر به السودان وضرورات الوحدة التي تعصمنا عن التشتت ذلك لأن الدين ينبغي أن ينبع من الوجدان ولا يعرض بالسلطات. وأعتقد أن تجربة المؤتمر الوطني الذي يضم في عضويته كافة المعتقدات خاصة فيما يتعلق بأبناء الجنوب من غير المسلمين الذين وجدوا فيه المساواة الكاملة والتعايش السمح هي تجربة يمكن أن تطور ، وأن انموذجاً كنموذج حزب العدالة في تركيا الذي انتهج طريقاً معتدلاً في أمر تنزيل الدين على حياة المجتمع دون تضييق على الناس بعقائدهم ولا بسلوكهم الشخصي بحيث تترك الأحزاب للمجتمع أن يطور نفسه في اتجاه القيم الراشدة بدفع المجتمع لا بدفع الدولة ولا مانع في نظري من مراجعة التشريعات القائمة الآن خاصة فيما يتعلق بالحدود والإبقاء فقط على قيمة التوحيد لله الواحد الأحد الذي يؤمن به كل أهل السودان على أن تتنافس الأحزاب بعد ذلك في تقديم النماذج العملية لتصبح منهج مجتمع لا منهج دولة وإذا فعلنا ذلك فإن الإسلام لا محالة سيعود للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقناعات مجتمعية تسوقه إلى الخضوع الكامل لقيم الدين في المعاملات والاقتصاد والسياسة وسائر أوجه الحياة المعاصرة. انهم يميلون نحو الشمال اما الأستاذ تاج السر محمد صالح القيادى بالحزب الاتحادى الديمقراطى فقد تحدث الينا عن أجندة الحزب الاتحادي الديمقراطي قيما يتعلق بالاستفتاء والوحدة قائلاً: نحن في الحزب بالنسبة لنا الوحدة تمثل خيارا لا بديل له والحزب وقياداته يعتقدون أن تسلم وطن موحد من البناة الأوائل للحزب يلقى على عاتقنا مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن ، وسيكون هذا دأبنا في الفترة القادمة ، وسنقدم من أجله كل الجهدود التي توصل إلى الوحدة ولدينا اتفاقية مشهورة مع الراحل جون قرنق نُص فيها على وحدة السودان وحتى في مؤتمر القضايا المصيرية عندما تحدث الناس عن تقرير المصير كان المفروض هو تقرير المصير الذي يؤدي إلى الوحدة وليس إلى الانفصال ، وأضاف السر استطيع أن ادعي أن أغلبية مواطني الجنوب يميلون نحو الشمال والسكن فيه أكثر من ميلهم إلى الانفصال لكن الفئة التي تمارس العمل السياسي تصر على الحديث عن الانفصال رغبة في الحصول على المزيد من المكاسب من الشمال في شكل ثروة وسلطة وإن كانت هذه استنزفت الكثير بما لا يدع مجالاً للشك ، لكن عموماً المواطن الجنوبي إذا اتيحت له الفرصة سيكون خياره الوحدة مع مزيد من الحوار الذي يعطي رسالة بأن المواطن السوداني متساوي شمالاً وجنوباً وهذا يحتاج إلى جهد إعلامي أكثر في الشمال و الجنوب ، والجهة المؤهله للقيام بهذا العمل في رأيي هى منظمات المجتمع المدني. اهم مستحقات نيفاشا وتعزيزاً لخيار الوحدة فقد أكدت الحركة الشعبية لتحرير السودان أن لقاءات الفريق أول سلفاكير بالفصائل الجنوبية تأتي ضمن سلسلة لقاءاته بالقوى السياسية في إطار التواصل معها لتأكيد رغبة الحركة لفتح طريق الاستفتاء في المرحلة المقبلة باعتباره من أهم مستحقات نيفاشا وأضاف د. محمد يوسف أحمد القيادي بالحركة الشعبية أن سلفاكير تناول في لقائه مع الفصائل وجهات النظر لإزالة الاحتقان السياسي في العديد من وجهات النظر مؤكداً أن المرحلة القادمة تعتبر مرحلة مهمة في تاريخ البلاد لتقرير مصير السودان عبر تعزيز الوحدة الجاذبة على أسس جديدة والتي نادى بها الراحل جون قرنق. تغيير الخطاب السياسي الأستاذ أتيم قرنق نائب رئيس المجلس الوطني قال: نحتاج إلى عمل مضاعف خلال الأشهر القادمة من قبل الشعب السوداني والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الفكرية والثقافية السودانية ، الى جانب الحكومة المركزية وحكومات الولايات بأن ينظروا إلى تطلعات الشعب في الجنوب ليس بالضرورة بناء كباري أو نقل وزارات الحكومة إلى جوبا لكن المهم هو الخطاب السياسي الاقصائي لابد أن يتغّير إلى خطاب سياسي يستوعب الآخر . ونحتاج أيضاً على سبيل المثال في انتاج البترول بأن الجنوب ينتج منه 80% ، وأهله يقولون لا ندري أين يذهب البترول ولابد أن يشعر الناس بأنهم جزء من هذا الانتاج، والحركة الشعبية هي التي جاءت بمفهوم الوحدة للجنوبيين على أساس أنه الخيار الأفضل ، ومسألة الانفصال ليست مسألة يوم وإنما هي تراكم تاريخي ، لذلك نحتاج إلى جهود من اشتركوا في الحكم في الفترات السابقة حتى يقنعوا أهل الجنوب بأن يصوتوا للوحدة. وحدة جاذبة و تحدث إلينا محمد عبد الله ود أبوك الناطق باسم تحالف حركات دارفور الموقعة على السلام قائلاً: نحن استراتيجيتنا واضحة جداً وخيارنا واضح هو الوحدة ونحن معها ونعمل من أجلها ولدينا الاستعداد لمشاركة كل مؤسسات المجتمع المدني والأجهزة بالدوله لجعل الوحدة خياراً جاذباً والمحافظة على سودان موحد دون تجزئة. لابد من ضمانات كافيه كما التقينا الأستاذ كمال الأمين – الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي والذى تحدث قائلاً: في الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي لم تتم عملية تفعيل السلام في الجنوب وهذا بدوره أدى إلى أن المواطن الجنوبي سيقبل على الاستفتاء بحيث تكون هناك أرضية ممهدة للجنوبيين ليقرروا مصيرهم بحرية واعتقد أن عملية تقرير المصير أو الاستفتاء هي عملية تهم الشمال قبل الجنوب لأن نتيجة هذا الاستفتاء إما أن تجعل السودان دولة واحدة أو أن تقسمه إلى دولتين وهو عكس الانتخابات لان العضو المنتخب يمكن أن يعاد ترشيحه مرة أخرى في الدورة القادمة لكن الاستفتاء نتيجته واحدة لا عودة للاستفتاء مرة أخرى ولذلك نعتقد إذا أرادت الحكومة أو الأحزاب الوحدة أو الانفصال فلابد من اخضاع عملية الاستفتاء لضمانات كافية حتى يقرر المواطن الجنوبي مصيره بكل حرية وحتى يقتنع الشمالي قبل الجنوبي بأن النتيجة تمت بإرادة كاملة لذلك أعتقد أن على الشريكين وكافة أحزاب المعارضة أن يعملوا بجد لتوفير الضمانات الكافية لتسيير عملية الاستفتاء ، وحتى تمر هذه العملية دون مشاكل ، لكن إذا حدث أي تزوير كالتزوير الذي حدث في الانتخابات في الجنوب فستكون هناك مشكلة كبرى لا يعلمها إلا الله وقد لا يقتنع الشماليين بهذه النتيجة. والتقينا أيضاً الأستاذ عيسى عبد الكريم الضو القيادى بحركة العدل والمساواة جناح السلام الذي قال: الوحدة تهم كل الشعب السوداني لأنها الخيار الإستراتيجي وكلنا ينظر ويترقب ما سيكون عليه الاستفتاء لأنه في حالة انفصال الجنوب عن الشمال سيكون ذلك إضعاف للدولة الكبيرة في قلب القارة الأفريقية والتي يطمح كل ابناء السودان في أن تصير دولة عظمى لما فيها من موارد متعددة وهائله ، ولكل هذه المعطيات نرى أن هذا الانقسام سيعمل على إعاقة تقدم الدولة السودانية لذا نحن نوجه رسالة للأخوة في المؤتمر الوطني والأخوة في الجنوب ولكل الأحزاب أن يسعوا فيما تبقى من زمن للاستغلال الأمثل للفرص المتاحه لجعل خيار الوحدة هو الاقوى لضمان مستقبل الاجيال القادمه . وتواصل استطلاعنا فالتقينا بالأستاذ حسن كنتبايا – مقرر اللجنة المشتركة لإنفاذ اتفاق الشرق والذي قال: الوحدة التى نريد معنى بها كل السودان ، ولكن للأسف بعض الأحزاب السياسية قدمت مصالحها على وحدة البلاد . بحيث يكون موقف الوحدة مطروح بصوت عالي إذا كان هناك خلاف مع المؤتمر الوطني في محاولة منهم لتشويه الصورة ، وهذا الموقف ينعكس بصورة واضحة في محاولات القوى السياسية وموقف الأحزاب من المؤتمر الوطني. أما المؤتمر الوطني فرأيه واضح في هذه المسألة ، حيث انه من ضمن القوى السياسية التي وافقت على حق تقرير المصير وهو مع الوحدة الطوعية و موقفه واضح وصريح.