يتجه السودان نحو تحول سياسي كبير بدأت ملامحه تظهر بالتزامن مع اقتراب تشكيل الحكومة الإنتقالية والتى تواجه عدداً من التحديات الإقتصادية ابرزها قضية الديون الخارجية التي أسهم تراكمها على تدهور الاوضاع الاقتصادية بالبلاد وأثر هذا التدهور سلباً علي قيمة العملة الوطنية بالإضافة الي ازمات الوقود والمحروقات وشح السيولة النقدية . وقد ارتبطت قضية الديون الخارجية بهياكل الحكم الجديدة وتُعد من الاولويات خلال الفترة الانتقالية، وفي محاولة لإيجاد طرق يتم عبرها التخلص من الديون من خلال ايجاد سوق عالمية للمنتجات الصناعية و الزراعية خاصة الحبوب الزيتية والصمغ مما يضمن تحسين الاوضاع الاقتصادية من خلال عائدات من تلك المنتجاته ، بالإضافة الي توطين الصناعات المحلية والإستفادة منها داخلياً . في وقت أوضح فيه رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك عن وجود إتصالات مع الجهات المانحة وبعض الاطراف في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي بشأن ديون السودان والتى تبلغ حوالي 56 مليار مؤكداً ضرورة الوصول الي تفاهمات حول فوائد الدين والتي تبلغ حوالي ثلاثة مليارات دولار، مبيناً ان الوصول الي تفاهمات سيفتح الطريق لأستفادة السودان من برامج الإعفاءات من الديون وجدولتها والحصول علي المنح والقروض. وكشف حمدوك عن بدء محادثات مع صندوق النقد والبنك الدوليين لمناقشة إعادة هيكلة ديون السودان وانه علي تواصل مع الدول الصديقة وهيئات التمويل بشأن المساعدات ، لان الاحتياطيات في البنك المركزي ضعيفة ومنخفضة . في المقابل اجمع خبراء إقتصاديون أن قضية ديون السودان الخارجية قضية معقدة وقد يشكل ضغط الدائنين عائقاً امام الاقتصاد السوداني ، مستدركين بأن التوافق الذي حدث في السودان والانتقال الي حكومة جديدة يعطي إشارة إيجابية يمكن بعدها ان يتم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب مما يسهل تبني صندوق النقد والبنك الدولي لرفع الدين الخارجي عن السودان، مضيفين بإمكانية إستفادة السودان من المبادرة الخاصة بإعفاء الدولة المثقلة بالديون (هيبك) للحصول علي إعفاء كامل لديونه ، مبينين ان ذلك يتطلب تحرك كبير للدبلوماسية الرسمية والشعبية وجهد من الفريق الاقتصادي القادم بالحكومة الجديده للتواصل مع المجتمع الدولي للحصول علي الإعفاء . واضاف الخبراء بأن الحكومة القادمة يقع عليها عبء كبير في التواصل مع المؤسسات المالية العالمية للإستفادة من كل الإمتيازات الممكنة خاصة التمويل بالشروط الميسرة وهو يشكل أكبر التحديات التي ستواجه الحكومة . ويري الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه ل(smc) إذا تم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب بهذا سوف يحصل السودان علي اعفاء جزئي اوكلي وفقاً لمبادرة الهيبك وهي مبادرة تقوم بإعفاء الدول الفقيرة والنامية ، وأشار الي ان الدين الخارجي يتفاقم عام بعد عام ومعدل الزيادة مركبة والفائدة تزداد سنوياً بمبالغ كبيرة ، مبيناً أن اصل الديون الخارجية تقدر بحوالي 17 مليار دولار فقط وقد تنامت الي حوالي 56 مليار دولار اي ضعفي حجم الدين الاصلي وهي عبارة عن فوائد وجزاءات تتزايد بصورة سنوية. فيما قال عميد كلية الاقصاد بجامعة ام درمان الاسلامية د.محمد خير حسن ل(smc) ان خطورة الديون الخارجية تتمثل في الزيادة التراكمية السنوية بمعدل (3-5%) ، مشيرا الي ان معظم المؤسسات المالية سواء كانت إقليمية أو دولية تشترط خروج البلاد من قائمة الارهاب ، مبيناً ان التحدي سيظل قائما امام الحكومة الجديدة لإزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مما ينعكس إيجابياً علي اداء النظام المصرفي بالبلاد . وأضاف حسن ان قضية الديون الخارجية أثرت علي الأوضاع بالبلاد خاصة البنيات التحتية مما اثر سلبا علي تطوير هذه البنيات و ادي هذا التأثير الي تفاقم في الازمة الإقتصادية . وقال صديق فاروق الشيخ الخبير في الشأن الإقتصادي ل(smc) أن المديونية الخارجية تعد انفلاتاً غير مبرر في الحصول علي القروض وسوء استخدامها وإدراتها ، وزاد بالقول ” نحن كسودانيين يجب ان نناضل الي جانب البلدان النامية الاخري في سبيل إلغاء الديون التي اصبحت عبئا ثقيلاً علي الاقتصاد الوطني وتساهم ضمن عوامل أخري في تردي الاحوال المعيشية وعرقلة جهود التنمية “. واضاف فاروق ان هنالك العديد من الدول والنوادي الاقتصادية وبيوتات القروض في المجتمع الدولي كانت قد أعلنت فيما مضي انها ستدرس اعفاء جزء أو كل ديونها علي السودان كواحدة من المساعدات في حل ازمات البلاد الاقتصادية ، واضاف من ان احتياجات التنمية في مراحلها الاولي تقتضي الاستعانة بالقروض لسد فجوة الموارد المحلية ، لكنه شدد علي السلطة الوطنية الديمقراطية ان تتعامل بوعي كامل مع هذه القضية بالسعي الي استقطاب القروض الميسرة والحد من اللجوء للقروض الصعبة وان تعمل علي رفع القدرات في مجال إدارة القروض وتحقيق الشفافية ودرء شبهة الفساد حتي تصبح القروض اداة فاعلة في دفع الاقتصاد الوطني إذا تم توظيفها إنتاجياً حسب اولويات التنمية.