إذا كانت فوفوزيلا الجنوب أفريقي قد أقامت الأرض ولم تقعدها بعد وحتى نهاية كاس العالم، فإن السودان أيضا غني بفوفوزيلاته التي تثير لواعج الشجن وتخلق حالة من التواصل ما بين أهله فثقافتنا المحلية غنية بأدوات الطرب التي صارت جزءً من الحراك الاجتماعي والثقافي السائد الذي يعبر عن حالة من التواصل غير المنقطع، تواصل تعزف علي أوتاره لحن الوحدة الخالد في هذه الأرض الطيبة والتي يتدفق إنسانها إبداعا لا تنقطع رحلة تواصله، ويلعب دورا في عملية خلق حالة الوصل الجميل ما بين أهلها وتلعب كآلية للوصل الوطني في السودان. وتأتي علي رأس هذه الآلات الموسيقية آلة الوازا وهي أشهر الآلات الموسيقية بالسودان وهي آلة يترنم بها الإنسان في منطقة النيل الأزرق التي تشكل رابطا ما بين مجموعة من الولايات داخل السودان وما بين السودان وأثيوبيا. وفي هذه المنطقة تشكل موسيقى الوازا حضورا متواترا في الأفراح وكافة المناسبات الرسمية للمسئولين وفي الجلسات الافتتاحية للمؤتمرات. وهي آلة موسيقية تصنع من قرون الأبقار بها ثقوب تساعدها علي إصدار أنغام موسيقية رائعة عندما يمسك بها العازفون ويصدرون عبرها صفيراً تتلاقى أنغامه فيخرج لحن متناغم لهذه الآلة الموسيقية. وقد حظيت "الوازا" التي يرجع تاريخها إلى عهد مملكة الفونج الإسلامية، وهي أول دولة إسلامية تحل محل الممالك النوبية التي تراجع حضورها بعد دخول العرب للسودان. وقبائل النيل الأزرق التي تعرف بقبائل الفونج لها القدح المعلى في أن تظل موسيقى الوازا شمسا مشرقة في سماء منطقتهم. وتواجد الأطفال ضمن المنظومة التي تعزف عليها دليل علي حرصها علي توريث هذا الفن الشعبي عبر العصور والأجيال. ونجد موسيقى الوازار يصفق لأنغامها كل أهل المنطقة حتى المسئولين منهم لا يستطيعون إخفاء طربهم أمامها فتهتز أطرافهم تعبيراً عن أنها لامست عرى مشاعرهم بل أن موسيقى الوازا تتجاوز المسؤولين في منطقة النيل الأزرق لتشكل حضورا في كل المناسبات القومية بالسودان وفي الاحتفالات والآلة التي تبدو مشابهة لفوفوزيلا جنوب أفريقيا التي صنعت من البلاستيك تتجاوزها فإنها صارت أداة يعزف علي أنغامها الكثيرون ويطرب لها من هم أكثر مما يجعل أنغامها تخرج من مرتفعات الانقسنا لتحي كل الوطن المترامي الأطراف ولكنه متحد الدواخل والمصير.