أجمل ما يميز الثقافة والفنون السودانية التنوع الثقافي والفن الشعبي الذي أعطى كل جزء من أجزاء السودان نوعا من الخصوصية، وجعلت كل إقليم منه يبرق فنه بيرقا مختلفا يسر أذان الذواقة للفن النيلي، ومن هذه الالات التي اقامت العالم ولم تقعده موسيقى الوازا. وتشكل الآلة حضوراً كبيراً في جميع المناسيات الاجتماعية في النيل الأزرق، إذ تعد الآلة التراثية السائدة التي تعبر عن إرث المنطقة وسط القبائل المتنوعة هناك، وتصنع الوازا من قرون الأبقار بحيث يقوم صانعها بوضع ثقوب تساعدها على إصدار أنغام ذات سيموفوينية موسيقية رائعة، وتعد الآلة من الفنون الشعبية بالمنطقة، ويرجع تاريخها إلى عهد مملكة الفونج الإسلامية، وهي أول دولة إسلامية تحل محل الممالك النوبية التي تراجع حضورها بعد دخول العرب للسودان. ولقبيلة «الفونج» القدح المعلى في أن تظل موسيقى الوازا بالمنطقة، وتحرص القبيلة على وجود الأطفال ضمن المنظومة التي تعزف عليها؛ ما يؤكد على حرصها على توريث هذا الفن الشعبي عبر العصور والأجيال. ففي كثير من الاحيان تستخدم موسيقى الوازا كوسيلة إعلام جماهيري، إذ إنها أداة للتنادي القومي إذا أرادهم زعيم القبيلة لأمر ما، فضلاً على استخدامها في أيام الحصاد أي أنها تتساوى في المهام مع دق النحاس عند قبائل الجعليين عن شيء ما حدث أو قد يحدث. وقد حظيت الآلة في الفترة الأخيرة بقبول واهتمام واسع من خارج السودان خاصة الدول الأوربية من هواة الفن الأفريقي.. (منوعات الاحداث) جلست إلى بدرالدين شوقار من سكان منطقة النيل الأزرق، حيث أوضح أن موسيقي الوازا تعد من تراثيات المنطقة خاصة لدى قبائل الانقسنا والبرتا. وقال شوقار إن هنالك نوعية محددة لعملية حفظ الآلة من تغيرات المناخ، إذ تحفظ في بيوت خاصة ولا توجد في أي بيت بالمنطقة، ويتم استخراج أنواع معينة منها مرة واحدة في العام، وذلك من خلال في موسم حصاد الذرة بشهر أكتوبر. وأشار بدرالدين إن إيقاع الوازا يختلف عن غيرة من آلات النفخ؛ وذلك ما جعلها تتفرد بالنغم الذي يخرج من قرعها وهو يشمل المشنق والشنير، وتختلف عن بعضها من حيث علو الصوت وانخفاضه. ووصف شوقار طريقة صنع الوازا وهي مجموعة من الأبواق تصنع من القرع المر (البخسة)، ويسمى باللهجة المحلية (أقو). ويخرج الصوت عن طريق اهتزاز الهواء المنفوخ داخل البوق وهي حسب التقسيم الموسيقي من آلات النفخ مثل الالترمبون والساكسفون والترمبيت والكلارنيت. أما مسلم الجاك أيضا هو من منطقة النيل الأزرق أوضح قائلا: إن آلة الوازا تعد الأولى في منطقة النيل الأزرق، ولا تقام مناسبة كره كانت أو فرح إلا وكان حضورها طاغيا. وأشار مسلم أن الآلة تستخدم لدى قبيلتهم وهي البرتا لاستدعاء الأهل للمشاركة في مناسباتهم ذات طابع الفرح، مبينا أن كل (بوق) له صوت يدل على شيء معين، وأوضح الجاك أن إمساك الأطفال للجزء الأمامي للآلة يعطيها عند النفخ صوتا قويا من قبل مستخدمها. وأشار أن الآلة لها ميزة جمع الناس ومعرفة أحوال بعضهم البعض. وقال مسلم إن موسيقى الوازا يصفق لأنغامها الكل حتى من هم ليس من أهل المنطقة حتى الأطفال الذين تحملهم امهاتهم لا يستطيعون إخفاء طربهم. فتهتز أطرافهم تعبيرا عن أنها لامست مشاعرهم وأثارت فيهم لواعج الشجن وخلقت حالة من التواصل مابين أهله بالنيل الأزرق الذين وصفوا بالعزلة والمقيمين في شمال السودان. وأشار الجاك أن موسيقى الوازا في الفترة الأخيرة بدأت تشارك الأسر في الخرطوم مناسباتهم؛ وذلك في قيدومة الفطور أو أثناء أوقات الغداء في مراسم عقد الزواج. وقد وجدت قبولا من قبل العديد من الأسر وأصبحت ليست حكرا على أهل النيل الأزرق فقط. الاحداث