ألقت الولاياتالمتحدة بثقلها في الشأن السوداني، مؤكدة أن الرئيس باراك أوباما سيحضر اجتماعا رفيع المستوى تنظمه الأممالمتحدة بشأن السودان وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 من سبتمبر الجاري. يشارك من الجانب السوداني نائبا الرئيس سلفا كير ميارديت وعلي عثمان محمد طه، إلى جانب زعماء دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي ودول أخرى معنية بالسودان وممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة، سوزان رايس، إن الرئيس أوباما سينضم إلى الاجتماع الذي كان من المقرر أن تشارك فيه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون كرئيسة للجانب الأميركي. ومن المتوقع أن يتركز الاجتماع على الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، بين البقاء ضمن السودان الموحد أو الانفصال وتكوين دولة جديدة، وسيجرى الاستفتاء في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل. كما يناقش الاجتماع الصراع في دارفور. وقالت رايس للصحافيين في مؤتمر هاتفي «قبل الرئيس أوباما دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الاجتماع العالي المستوى بشأن السودان المزمع عقده في 24 من سبتمبر في نيويورك». وأضافت أنها قامت بنقل موافقة أوباما إلى الأمين العام بان كي مون. وتابعت «يعتبر الرئيس أوباما هذا الاجتماع وسيلة مهمة للغاية لتركيز الاهتمام الدولي على الاستفتاء مع اقتراب السودان بالفعل من المائة يوم الأخيرة الحاسمة قبل إجراء ذلك الاستفتاء». وقالت للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف «الاجتماع في نيويورك سيرسل أيضا إشارات مهمة إلى الشعب السوداني. إنه سيؤكد أن المجتمع الدولي يتوقع من الزعماء السياسيين أن يتصدوا لتحدي معالجة المسائل الصعبة التي سيتعين التفاوض بشأنها إذا كان مقدرا أن يحل سلام دائم». وأكدت كلينتون أن الولاياتالمتحدة تعمل مع شركاء إقليميين ودوليين «لإيجاد سبل تجعل (الشمال) راضيا حتى يتقبل سلميا استقلال الجنوب». وحذرت من أن الجنوب «عليه أن يقر بأن عليه القيام ببعض التسويات مع الشمال إلا إذا كان يريد سنوات حرب أخرى». وقالت وزارة الخارجية إن كلينتون حادثت نائبي الرئيس السوداني علي عثمان طه والزعيم الجنوبي سلفا كير أول من أمس. وقالت الوزارة أيضا إن المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت غريشن سيبدأ زيارة جديدة للمنطقة لمواصلة المحادثات بشأن الإعداد للاستفتاء. وكشفت مصادر في الخرطوم أن طه أبلغ كلينتون أن حكومة السودان ملتزمة بإجراء الاستفتاء. وأضافت أن كلينتون عبرت عن «ارتياحها» لما تحقق من تقدم نحو إجراء الاستفتاء، وشكرت أيضا الحكومة السودانية على مساعدتها في الإفراج عن عاملة إغاثة أميركية في دارفور الأسبوع الماضي بعد أن احتجزها خاطفون أكثر من 100 يوم. إلى ذلك، رد حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير بعنف على تصريحات كلينتون التي قالت إن انفصال جنوب السودان في الاستفتاء على حق تقرير مصيره «أمر محتوم»، متهما واشنطن بدعم الانفصال ومن ثم فرض عقوبات على الخرطوم لإسقاط النظام، مستبعدا نشوب حرب بين الشمال والجنوب مهما كانت خيارات الاستفتاء. وقال القيادي في المؤتمر الوطني الدكتور محمد مندور المهدي ل«الشرق الأوسط» إن الإدارة الأميركية تدعم انفصال الجنوب بهدف توقيع عقوبات على الخرطوم ومحاصرة الحكومة ومن ثم إسقاطها، معتبرا أن فرض عقوبات على السودان قد جربته الدول الغربية من قبل خلال أكثر من عشرين عاما، وقال «لكن الشعب السوداني تحمل ذلك وتعامل مع تلك الظروف بصبر»، وقال «هيلاري كلينتون لا تتوقع انفصال الجنوب فحسب وإنما تسعى هي وآخرون إليه، ونحن موقفنا الثابت والدائم مع الوحدة وسنبذل جهدنا في هذا الاتجاه حتى آخر لحظة». وشدد المهدي على أن حزبه وشريكه الحركة الشعبية خلال السنوات الست الماضية من تنفيذ اتفاقية السلام تعاملا مع قضايا شائكة ومعقدة وتمكنا من معالجتها، وقال «نحن لا نتوقع أن تنشب حرب مرة أخرى لأن الطرفين ذاقا مآسي الحرب.. بل نعمل على كافة القضايا العالقة»، مشيرا إلى أن القضية الرئيسية أمام طرفي اتفاقية السلام هو إجراء الاستفتاء في موعده في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، وقال «نحن مع إجراء الاستفتاء في موعده وكل المؤشرات تقول ذلك ولسنا في موقع للاستجابة لأي إملاءات من أي طرف»، غير أنه رحب بالأطراف التي تسعى إلى مساعدة شريكي الاتفاقية لتجاوز العقبات في إجراء الاستفتاء، نافيا بشدة أن المناخ بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية متوتر، وتابع «طوال السنوات الست من تنفيذ الاتفاقية لم يحدث تصادم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية عسكريا»، وقال إن حزبه سيعترف بنتيجة الاستفتاء سواء كانت الوحدة أو الانفصال، وأضاف «لا يمكن لمن سعى لتحقيق السلام ووقف الحرب أن يعود مرة أخرى إليها، لأنه ليست هناك مبررات»، وتابع «لكننا نشدد على إجراء استفتاء شفاف وبحرية تامة ونزاهة وأن يترك للجنوبيين حرية اختيارهم».