مدخل: كشفت الزيارة التاريخية الجريئة التي قام بها دكتور عبد الحميد موسى كاشا والى جنوب دارفور إلى معسكر كلمة الفوضى العارمة التي كانت تقوم بها مجموعة عبد الواحد محمد نور داخل المعسكر وتحويله إلى وكر للجريمة والقتل والترويع لكل من يستجيب لنداء السلام بصورة بشعة أُهدرت من خلالها كل القيم والأعراف.. المركز السوداني للخدمات الصحفية قام بإجراء هذا الحوار مع الوالي بعد زيارة معسكر كلمة والوقوف على مشاهد التدمير والتخريب في المعسكر، الذي ظل يشكل مهددا امنياً للولاية لوقوعه بالقرب من مشروعات إستراتيجية مثل مستودعات النفط، المطار والسكة الحديد الأمر الذي جعله أيضا مهددا للتنمية وحركة الاقتصاد، إضافة لكونه ملجأ لكل من يمارسون النهب والسلب وتجارة المخدرات والأسلحة والذخائر، وكشف الوالي الكثير عن التجاوزات التي تحدث للقانون في هذا الحوار فإلى مضابطه.. هل تعتقد أن زيارتكم للمعسكر التي تعد الأولى من نوعها لمسؤول حكومي منذ سنوات تعتبر بداية النهاية لأسطورة معسكر كلمة؟ لا شك أن قضية معسكر كلمة ظلت قضية منذ سنوات عديدة خاصة السنوات الثلاث الأخيرة تتطور وتستغل استغلال سيئ من قبل حركة عبد الواحد محمد نور المتمردة. ونحن منذ بداية تأسيس هذا المعسكر في هذا المكان بالذات الناس نظروا للموقع نظرة لقربه من مدينة نيالا وسهولة تقديم الخدمات لأهلنا النازحين، باعتبار أن النازحين قادمين لهذا المكان لفترة محددة ولابد أنهم سيعودون إلى مناطقهم الأصلية بعد أن يستتب الأمن، ولذلك تعاملنا مع هذا الأمر بهذه الطيبة باعتبار أن الأمر مؤقت. لكن بدأت مجموعة عبد الواحد محمد نور تستغل هذا المعسكر وتمارس من خلاله العمل العدائي العسكري والسياسي. استغلال المتمردين للمعسكر ليس جديداً واستمر سنوات حتى استفحل الأمر؟ هذا لأن الحكومة ومنذ البداية تعاملت مع الأمر بحسن نية، حيث لم يكن لها أي وجود أمنى داخل المعسكر بصورة مكثفة، خاصة بعد أن اعتدت بعض المجموعات على الشرطة التي كانت تقيم بالمعسكر فخرجت الشرطة وظلت ترابط من الخارج، وكان هذا خطأ أساسياً منذ البداية حيث كان ينبغى أن يتم التعامل مع مثل هذا الأمر بنوع من الحسم السيادي، باعتبار أن مجموعة من النازحين تعتدي على قوات الشرطة هذا يعتبر مدعاة للفوضى، واستغلت مجموعات النازحين السياسيين والعسكريين التابعين لمجموعة عبد الواحد، وبدأت صيحاتهم ترتفع وبدؤوا يمارسون أعمال المحاكم بداخل المعسكر والتهديد والقتل والترويع للناس، وتطورت الأحداث إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الثلاثة أسابيع الأخيرة فكان المشهد مؤلم ومؤسف. ما الذي حدث بالضبط مؤخراً؟ النازحون تقاتلوا فيما بينهم بنوع من القسوة والعنف خلال هذا الشهر المعظم (شهر رمضان) والحرائق بدأت تطال بعض النازحين والأطفال والنساء والشيوخ الذين ظلوا يصرخون ويهربون إلى خارج المعسكر وصيحاتهم ترتفع إلى أن بلغ عدد القتلى (15) شخص و(30) جريح. ولم يكن للحكومة وجود لذا طالبنا قوات اليوناميد أن تتدخل وتحمى هؤلاء النازحين. دور اليوناميد ظل محل نقد مستمر من الحكومة فهل تعتقد أنها تخلت عن مسؤولياتها تجاه النازحين؟ بكل أسف ظلت اليوناميد تتفرج في هذا الأمر ولم تستطيع أن تتدخل ونحن بحكم مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى كان لابد لنا من التفكير في إيجاد بعض الخطوات والحلول فكونا لجنة للتحقيق، وطلبنا من الإخوة اليوناميد أن يشاركوا في هذه اللجنة، أيضاً طالبناهم بضرورة قيام قوة مشتركة للتواجد الدائم والمستمر بالمعسكر مع نزع السلاح الموجود بأيدي بعض النازحين، أيضاً طلبنا من اليوناميد تسليم المشتبه بهم الذين ارتكبوا بعض الجرائم داخل المعسكر، وذلك لأن هنالك بلاغات جنائية تم فتحها ضدهم بواسطة الأهل النازحين أنفسهم. أيضاً كانت هنالك بعض الجثث ملقاة بالعراء طلبنا منهم ضرورة أن توارى لأن هذا ليس من الأخلاق والدين، وكل هذه القضايا كانت قضايا أساسية وضرورية، لكن اليوناميد تلكأت في الأمر وصبرنا لمدة ثلاثة أسابيع، وبعدها ما كان منا إلا أن نتحرك نحو المعسكر لنقف بأنفسنا على ما يجرى من أحداث، وبالفعل دخلنا المعسكر كحكومة ولاية بحكم مسؤوليتنا عن النازحين. بكل أسف وجدنا الوضع داخل المعسكر وضع مأساوي خاصة بعد الحريق الذي طال النازحين وأعمال القتل والنهب والفوضى التي عمت المعسكر. وماذا انتم فاعلون تجاه ما يجري في المعسكر؟ الآن نحن نعد العدة اللازمة لوضع التدابير المطلوبة لحماية هؤلاء النازحين بجانب بعض الترتيبات الخاصة بإيواء النازحين بمعسكرات جديدة، لأن هذا المعسكر يؤثر تأثيرا كبيرا في هذا الموقع على مجريات جميع الأحداث من ناحية اقتصادية في حركة القوافل التجارية القادمة من الخرطوم، ويشكل لها مهددا امنيا، لذا فى هذا الإطار أيضا يقوم بعض النازحين باقتلاع قضبان السكة حديد حيث تسقط القطارات ومن ثم يقومون بالاستيلاء على حمولتها ويدخلون بها الى المعسكر. أيضاً يشكل قرب المعسكر من مستودعات البترول التي يحوى مواد بترولية مخزنة تقدر بحوالي خمسين مليون دولار مهددا امنيا لها، ويشكل معسكر كلمة تهديدا اكبر على مطار نيالا من خلال تهديد حركة الطيران في الإقلاع والهبوط في المجال الجوى الذي يقع ضمن المعسكر، وقبل ذلك تم إسقاط طائرة مروحية بواسطة نيران من داخل المعسكر، أيضا أصبح المعسكر وكراً للجريمة وملاذاً آمناً لكل من يعتدى وينهب ويسرق، وسوق لتجارة الأسلحة والذخائر والمخدرات وتتسلل اليه بعض المجموعات الخارجة عن القانون الذين يرتكبون جرائم، وهناك عدد من البلاغات مفتوحة لذا أصبح المعسكر وبكل هذه المعطيات مهددا امنيا بالولاية، لذا رأينا لابد من إبعاده عن هذه المنطقة. ولا ننسى أن بعض النازحين رفضوا أن يمر طريق الإنقاذ الذي يبدأ من مدينة نيالا مرورا ببليل حتى أم كردوس لربط المناطق الشرقية، لذا وكل هذه المعطيات والظروف تجعل من المعسكر مهددا تنمويا يعيق حركة الاقتصاد. وهل يضمن تجفيف المعسكر عدم تأثر النازحين؟ نحن بالفهم الذي ذكرته سنعمل على إيواء النازحين في مواقع أخرى وإعطاء الفرصة للذين يرغبون في العودة إلى قراهم وتقديم الخدمات للذين يفضلون البقاء في المعسكر. لذا رؤيتنا تجفيف المعسكر وإنشاء معسكرات جديدة تقع في نفس المنطقة، ولكن ليس في نفس المكان أو الاتجاه وسيكون بكل المقاييس معد إعداداً جيد من ناحية المياه والصحة والتعليم ويمضى العمل فى ذلك بصورة جيدة. هل ستقومون بإشراك قوات اليوناميد في تلك التدابير؟ نعم.. أخطرنا قوات اليوناميد من باب العلم فقط، وهم مقتنعون بأن المعسكر مهدد أمني بدليل أنهم أشاروا في وقت سابق إلى أن هذا المعسكر مشكلة، وطالما أصبح المعسكر مشكلة لماذا يصر النازحون والمجموعات السياسية والعسكرية بداخل المعسكر على بقاءه؟ وأيضا لماذا تصر منظمات الأممالمتحدة والمنظمات الغربية على بقاء هذا المعسكر وفى هذا الموقع بالذات؟ وهذا يضع علامة استفهام كبيرة أن فعلا هذا المعسكر من وراءه أجندة تمر بواسطة المنظمات الغربية . ما هو تقييمكم للوضع الإنساني بداخل المعسكر خاصة أنكم واجهتم بمطالبات من النازحين بتوفير المساعدات الإنسانية؟ حقيقة يفتقر المعسكر الآن للخدمات وذلك على لسان النازحين أنفسهم، الذين أفادوا انه لم تقدم لهم معينات منذ شهرين أو أكثر، وتنقصهم المياه، وهنالك تردى مريع في الصحة وهذه حقيقة ليست مسؤولية حكومة السودان وإنما مسؤولية تلك المنظمات الغربية التي تتمشدق وتدعى أنها تقدم الخدمات للنازحين، وفى الواقع أن كل ميزانياتها تذهب عبارة عن مصروفات إدارية لصالحها وليس لصالح النازحين. بعيداً عن كلمة، ماذا عن جهود الحكومة لاحتواء الصراع القبلى بمحلية كاس؟ يعود الصراع القبلي في كاس إلى التنافس حول الموارد والمسارات ما بين المزارعين والرعاة، ولكن بحمد الله هنالك لجنة وساطة قامت بعمل كبير جداً، إضافة إلى قيام حكومة الولاية بدفع قوات كبيرة من الشرطة لتامين وفتح المسارات. ولكن نستطيع القول إن الوضع على الأرض مستقر وهنالك ترتيبات كبيرة سنقوم بها للحفاظ على الأمن. ماذا بشأن برامج العودة الطوعية والتنمية بالولاية؟ بدأنا في تنفيذ برامج العودة الطوعية بخطة مدروسة وخطوات جادة ستكتمل خلال الأسابيع القادمة بتقديم الخدمات وإقامة مشاريع التنمية بقرى العودة الطوعية التي تم إنشاؤها بواسطة المنظمات أو بواسطة المعسكرات الجديدة التي نعمل الآن على إنشائها بصورة تليق بكرامة النازحين. أما عن قضايا التنمية فحكومة الولاية لم تبلغ حتى الآن الثلاثة أشهر، ولكن الرد العملي في التنمية سيتم خلال العام القادم، وكثير من المشروعات سترى النور بالرغم من قصر فترة مجيئنا لحكومة الولاية استطعنا وبمساعدة الهيئة القومية للكهرباء فى التغلب على مشكلة كهرباء نيالا، وقبل نهاية العام سيكون لدينا فائض كبير من الكهرباء، على أمل أن الحل النهائي والجذري هو مقدم الكهرباء من الخط القومي الناقل الذي وصل حتى الآن إلى الفولة وهنالك تفهم من قبل الأجهزة السياسية والاتحادية لهذا الأمر. وماذا عن توفير المياه؟ نستطيع القول أن مشروع مياه حوض البقارة الذي كان العمل قد توقف فيه لأكثر من عامين سيتواصل العمل فيه من أول أكتوبر وسيكتمل بعد عام حيث تم إيداع مبلغ (11,7) مليون دولار من المكون المحلى والأجنبي لهذا المشروع الضخم والعملاق، وبحمد الله البحيرة التي تستقبل المياه جاهزة بجبل نيالا، وشبكة المياه ستكتمل خلال عامين وستة اشهر وهى بطول 200 كيلومتر داخل مدينة نيالا، وهى شبكة كبيرة لأن ضخ المياه سيكون كبير، ونستطيع القول إن مشكلة مياه المدينة تكاد تكون محلولة مع مطلع العام القادم. أما مياه الريف فلدينا برامج ممتازة لها من خلال منظومة ولايات التمازج، فقد تم اعتماد حفر عشرة آبار من خلال قرض صيني بتوجيه من نائب رئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه، أيضا توجد لدى وزارة الري والموارد المائية خطة ممتازة لمياه الريف. وفى جانب قضايا الكهرباء فقد بدأت بعض المحليات بتشييد الخطوط الناقلة لداخل المحليات مثل محلية بحر العرب ومحلية شعيرية، فنحن أن شاء الله سنبذل قصارى جهدنا لدعم هذه المحطات التي وصلت وابوراتها قبل سنوات ولكن لم تدخل الخدمة . الولايات موعودة بإنشاء عدد من الطرق الحيوية إضافة للربط بشركات الاتصال كيف يسير العمل في هذه المشاريع؟ أما في محور شبكات الاتصال فقد اتصلنا بهم وطلبنا أن تعمل جميع محطات الاتصال قبل نهاية هذا العام في عسلاية وأبو مطارق، بجانب اتفاقنا معهم على إنشاء (60) محطة أخرى ستنفذ على مراحل مختلفة في مناطق شطاية وأم دافوق والردوم وخزان جديد، وكل بقية المناطق النائية والطرفية ستدخل الخدمة قبل يوليو القادم ببرمجة جديدة. أما في مجال الطرق سنعمل جاهدين على دخول الطريق القاري وهو طريق نيالا عد الفرسان رهيد البردى أم دافوق وهو موضوع ضمن موازنة 2011م، أيضاً طريق نيالا تلس برام ود هجام سيتم تنفيذه ضمن مشروعات ولايات التمازج وسيصل حتى مدينة واو، وأيضا طريق الضعين ابو مطارق راجا أويل، وهذه كلها طبعا من برامج صندوق الوحدة التي تم اقتراحها وإجازتها. وسنعمل كذلك فى حال توفر الدعومات اللازمة من المركز لإكمال طريق نيالا نتيقة مرشنج وبقية الطرق الأخرى. فى جانب السكة حديد فقد وصل الخط الناقل الجديد والخط الموازى حتى مدينة شارف وبإذن الله سيكتمل خلال المرحلة القادمة. ومجمل القول أن كل قضايا التنمية والبني التحتية والسدود والكباري ستجد حظها من الدعومات والاعتمادات الاتحادية التى وصلت حتى الآن إلى مبلغ مليار و(900) مليون دولار وهى ليست بالشئ القليل وستحل الكثير من المشاكل ورغم كثرة البرامج التنموية والآمال والطموحات لكنها بمشيئة الله ستكون واقعية ضمن برمجة وخطة مدروسة. لن تكتمل الخمسة سنوات إلا يكون هنالك انجاز واضح لتغيير صورة الولاية.