بسم الله الرحمن الرحيم السيد الرئيس ،،، يطيب لي في المستهل أن أتقدم لكم بصادق التهنئة الحارة لرئاستكم لمجلس الأمن في هذا الشهر ، سيّما وأنكم من بلد أفريقي جار وشقيق وله إسهاماته المقدرة فيما يتصل بتعزيز السلام والإستقرار في قارتنا الأم أفريقيا. ويطيب لي أن أثمن دوركم كرئيس للمجلس في إنجاح زيارة بعثة مجلس الأمن الأخيرة إلى بلادي والتي مكّنت المجلس من الوقوف على حقيقة الأوضاع على الأرض ، كما لا بد لى من أن أهنئكم على تنظيم هذه المداولات الهامة بشأن الأمن والسلم في أفريقيا وبصفة خاصة دعم عمليات الإتحاد الأفريقي لحفظ السلام. السيد الرئيس ،،، لقد حرص الآباء المؤسسون للأمم المتحدة أن يضمنوا في الفصل الثامن من ميثاقها نصوصاً ملزمة فيما يتصل بدعم الأممالمتحدة لعمليات حفظ السلام التي تضطلع بها المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية وذلك لإدراكهم الكامل لحقيقة أن السلام العالمي كلٌ لا يتجزأ وأن إقامة شراكات فعالة بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في المسائل المتصلة بصيانة الأمن والسلم الدوليين أمرٌ لا مناص منه. وإستناداً إلى ذلك فقد جاءت توصيات الفريق المشترك بين الإتحاد الأفريقي والأممالمتحدة المُنشأ بموجب قرار مجلس الأمن 1809 (2008) مصوبة نحو كيفية توفير آليات التمويل المستدام لعمليات الإتحاد الأفريقي لحفظ السلام التي تقرها الأممالمتحدة حيث ركز الجزء الأول من ذلك التقرير على كيفية تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين الأممالمتحدة والإتحاد الأفريقي ، وتفعيل قنوات العمل المشترك بين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي بصورة ترقى إلى مستوى الشراكة والتنسيق المباشر بما في ذلك صنع القرار ومشاطرة المسئوليات وفقاً للولايات المحددة للجهازين. ولا بد لي في هذا المقام أن أعرب عن التقدير لما تم تنظيمه حتى الآن من زيارات متبادلة وإجتماعات تشاورية مشتركة عقدت بين الجهازين منذ عام 2007م وحتى الآن ، غير أننا مازلنا نتطلع إلى تنسيق أكثر إحكاماً خاصة فيما يتصل بالدعم الذي تقدمه الأممالمتحدة للبرنامج العشري الخاص ببناء قدرات الإتحاد الأفريقي وتعزيزها في مختلف مجالات صناعة وحفظ وبناء السلام ، على النحو الذي تم إقراره في البيان المشترك الصادر عن المجلسين عقب إجتماعهما التشاوري الرابع في نيويورك في يوليو 2010م المنصرم ، ولعلنا ندرك جميعاً أهمية تكثيف معدل الإحاطات الدورية التي يقدمها مسئولو الإتحاد الأفريقي لمجلس الأمن والتي يستعرضون من خلالها موقف التقدم المحرز في مجالات التعاون بين المنظمتين ، حيث أبرزت تلك الإحاطات خلال الفترات الماضية متطلبات التعاون بين المنظمتين خاصة فيما يتصل بالأوضاع في بورندي وجمهورية أفريقيا الوسطي وجمهورية الكنغو الديمقراطية والصومال ومدغشقر وبلدي السودان. السيد الرئيس ،،، إننا نتفق مع تقرير الأمين العام الأخير بشأن الموضوع فيما يتصل بتوصيفه للشراكة القائمة بين الأممالمتحدة والإتحاد الأفريقي بأنها ذات شقين أولهما يتصل بتنفيذ البرنامج العشري لبناء قدرات الإتحاد الأفريقي ودعم الآليات الأفريقية الخاصة بالسلام والأمن ، وثانيهما العمل المشترك بين المنظمتين من خلال الآليات القطرية ووكالات الأممالمتحدة وأجهزتها ذات الصلة بصناعة وبناء السلام ، غير أننا نرى أن منع نشوب النزاعات يجب أن يحظى أيضاً بالأولوية ونشير في ذلك إلى المذكرة المفاهيمية التي نظر فيها مجلس الأمن في يوليو المنصرم حول الإستخدام الأمثل لأدوات الدبلوماسية الوقائية والتي تم تضمين أهم محاورها في البيان الرئاسي الذي إعتمده مجلس الأمن في 16 يوليو 2010م الماضي ، حيث أكد ذلك البيان على أهمية تعزيز قدرات المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية بل والحكومات الوطنية في مجالات الدبلوماسية الوقائية والسبل السلمية بما في ذلك الوساطة وتطوير مناهج العمل الإقليمية في مجالات تسوية النزاعات بصفة عامة. السيد الرئيس ،،، فيما يتعلق بحفظ السلام ، وأخص هنا بالإشارة العملية المختلطة في دارفور UNAMID ، فإن التعاون القائم بين الأمانة العامة للأمم المتحدة ومفوضية الإتحاد الأفريقي قد أثبت جدواه منذ إنتقال بعثة الإتحاد الأفريقي في السودان سابقاً AMIS إلى عملية مشتركة بين المنظمتين وهي العملية المختلطة UNAMID في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2007م ، إذ كان الأصل في تلك العملية أن تكون نموذجاً لتطبيق الفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة فيما يتصل بالتعاون مع المنظمات الإقليمية وغير الإقليمية في صيانة الأمن والسلم الدوليين ، وكما تذكرون جميعاً فقد نص التقرير المشترك الذي قدمه كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي بصورة واضحة على أن تلك البعثة هي بعثة ذات طبيعة ومكون أفريقي خالص وتوفر لها الأممالمتحدة مستلزمات الدعم المالي والفني واللوجستي بما في ذلك تقديم المشورة الفنية والتقنية في مختلف المجالات ، ولعل تلك التجربة قد أكدت الآن مدى أهمية صقل القدرات الإقليمية في مجالات حفظ السلام أخذاً في الإعتبار الجهود الرامية إلى تعزيز وتفعيل بعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال AMISOM ، غير أننا ما زلنا نرى أن تجربة العملية المختلطة في دارفور تؤكد بدورها مدى أهمية توفير الدعم المالي المستدام والقابل للتنبؤ لعمليات حفظ السلام التي يتضطلع بها الإتحاد الأفريقي بتنسيق مع الاممالمتحدة. السيد الرئيس ،،، إن عمليات حفظ السلام التي يقودها الإتحاد الأفريقي تواجه العديد من التحديات التي في مستهلها أن التمويل يعتمد بصفة أساسية على مساهمات المانحين والشركاء الدوليين بما في ذلك من خلال منبر الإتحاد الأفريقي ، وغني عن الذكر أن عدم الإعتماد على مصادر تمويل ثابتة والإعتماد كلياً على التبرعات والمساهمات يجعل إستراتيجيات وخطط عمليات حفظ السلام الأفريقية عرضة للتأرجح والتقلبات وعدم الإستقرار وفقاً لمدى تجاوب المانحين مع كل حالة ، ولعلي أشير هنا إلى أن تعاطي المانحين وتجاوبهم أثناء وقبل توقيع إتفاقيات السلام قد لا يكون بذات الكيفية في مرحلة حفظ السلام أي مابعد توقيع الإتفاقيات وهنا العديد من التجارب التي نشير منها على سبيل المثال إلى المساهمات السخية التي إلتزم بها المانحون في أوسلو عام 2005م لدعم تنفيذ إتفاقية السلام الشامل في السودان غير أن تلك المساهمات لم يتم الوفاء بها على النحو المتوخى عندما دخل طرفا الإتفاقية في مراحل التطبيق والحاجة الحقيقية للدعم. السيد الرئيس ،،، في ختام بياني لا بد أن أؤكد على أن تحقيق الشراكة الإستراتيجية الكاملة بين الأممالمتحدة ومفوضية الإتحاد الأفريقي فيما يتصل بصيانة الأمن والسلم تستوجب إعتماد توجيهات وإجراءات عملية من الأجهزة التشريعية المختصة بالأممالمتحدة خاصة فيما يتصل بجانب التمويل ومصادره. لا سيّما وأن الإتحاد الأفريقي الآن قد إضطلع ويضطلع بمبادرات إقليمية طموحة أسهمت بصورة واضحة في نجاحه في المساهمة في حل النزاعات في أفريقيا ، كما لابد لى أن أشير هنا مجدداً إلى أهمية الإجتماعات المشتركة بين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي على أن تكون هناك آلية موسعة تُعنى بالأعمال التحضيرية لهذه الإجتماعات وذلك لا يعني الإنتقاص من ولاية فريق العمل التابع لمجلس الأمن والخاص بمنع نشوب النزاعات في أفريقيا ، كما أنني ومن هذا المنبر لابد لي من أن أحيي المبادرات والإسهامات التي إضطلع بها الإتحاد الأفريقي بما في ذلك في بلدي السودان. وشكرا السيد الرئيس ،،،،