الكدادة: الاحداث الثورة الأولى ثورة العصر الحجري الحديث والثورة الثانية هي الثورة الصناعية، ويمثل العصر الحجري الحديث ثورة لأنه يمثل بداية الإستقرار البشري والمساكن والدويلات والزراعة، نحن هنا أمام إكتشاف قد يحسم الجدل النظري حول هذه الفرضيات لأول مرة على مستوى العالم) هكذا إبتدر جاك رينولد حديثه، جاك الذي مكث في السودان حوالي عشرين عاماً في مواقع مختلفة، عالم ماقبل التاريخ والرئيس السابق للوحدة الفرنسية للآثار والباحث في موقع فترة ماقبل التاريخ الحديث بالكدادة بالقرب من شندي، إثر عثور الوحدة الفرنسية التابعة للهيئة القومية للآثار والمتاحف على مقبرة في منتصفها يرقد هيكل الميت الرئيسي بشكل مقرفص يحيطه ثلاثة من الضحايا البشرية وقد وضعوا بحيث تكون أجسادهم متجهة إلى ناحية الجسد الرئيسي الأمر الذي يشير حسب جاك رينولد إلى أهمية المدفون في هذا القبر ، وقد يشير كما وضح الدكتور صلاح الدين محمد أحمد أمين أمانة الكشف الأثري بالهيئة القومية للآثار إلى بداية الزعامات والتراتبية الإجتماعية الطبقية والدويلات، وقد إصطبغ هيكل الميت الرئيسي بلون أحمر طوبي يميزه عن بقية الأجساد يعتقد أنه مادة تزيينية تميز تلك الفترة وتقوم بدور الحاجز حتى لاتنزلق الضحايا البشرية باتجاه الهيكل الرئيسي، وقد وجدت قرون أبقار وفؤوس وهيكل لكلبين في ذات القبر، وهنالك إحتمال أن المقبرة كانت على شكل مسقوف وتحلل السقف بفعل عوامل الطبيعة والزراعة والمساكن وإذا صح الإحتمال كما ستحدد الإختبارات على العظام لاحقاً ستكون إكتشافاً لأول مرة في التاريخ حتى الآن يتم فيها الدفن فيما يعرف ب(الغرفة الجنائزية)،إنتقلنا من الموقع الأثري بعد أن وقفنا على الإكتشافات إلى القطع الأثرية المُكتشفة في ذات المقبرة التي تضم ثلاثمائة قبر لازال بعضها ينتظر التنقيب والبعض الآخر تحليلات علم الأجناس. القطع تنوعت فهناك أدوات من العظام وانواع من الحجارة تستعمل فقط للزينة ومرحاكات صغيرة تُطحن فيها ادوات الزينة وفؤوس ومراحيك مصنوعة من الحجر الرملي ، وفي شرح دقيق وضح جاك رينولد أن بعض القطع من الصدف الكبير مجلوبة من البحر الأحمر ممايدل على وجود علاقات بين هذه المنطقة والبحر الأحمر، واضاف أن قطع من (الأمازونيت) يعود أصلها إلى جبل عوينات في الحدود السودانية المصرية الليبية مما يشير إلى تمدد علاقات هذه المنطقة إلى أقصى الشمال، يشير جاك رينولد إلى مجموعة من قطع الفخار قائلاً( الفخار خوصية سودانية، وهو أجمل خزف أفريقي على الإطلاق والسودان على طول تاريخه ظل ينتج الخزف الأجود على مستوى أفريقيا، وهو من الأهمية بحيث أننا يمكن أن نعتمد عليه وحده في تصنيفنا التاريخي لهذه الفترات، كما أنه يمثل الجانب الأفريقي من السودان) ثم يضيف ( نحن هنا بصدد هذا الإناء ذو الشكل التاجي الزهري ، الذي لايستخدم في الحياة الدنيا وهو خاص بالطقس الجنائزي وغرضه تقديم السُقيا للميتين،التقليد الذي لازالت له بقايا تتمثل في رش الماء على قبر الميت الآن، ولقد ابتدأ هذا الطقس هنا في وسط السودان وبعدها إنتشر إلى مصر ومروي، ووجودها في اكثر من منطقة يعزز فرضية انها طقس خاص بالعصر الحجري الحديث.