الشرق بدأ العام 2008 بداية مشرقة بالنسبة للعلاقات القطرية - السودانية خصوصا في المجالات الاقتصادية التي توجت بتوقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين في المجالات الاقتصادية كما تشرف السودان بزيارة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد لأول مرة للسودان. حيث سافر برفقته 40 مستثمرا قطريا. سعادة السفير إبراهيم فقيري سفير السودان بالدوحة كان برفقة سمو ولي العهد حيث اطلع عن كثب على آفاق الاستثمارات القطرية الجديدة بالسودان في العديد من المجالات المصرفية والعقارية،وغيرها. والتقته "الشرق" لمعرفة اتجاهات الاستثمار القطري في السودان ونتائج الزيارة والمكاسب الأخرى التي يجنيها السودان من هذه الاستثمارات الجادة والمتنوعة. ü في البدء نود لو تحدثنا عن نتائج الزيارة التي قام بها سمو ولي العهد للسودان وآفاق الاستثمارات القطرية هناك خلال الفترة المقبلة ؟ - في البدء أحب أن أشكر صحيفة "الشرق" التي عودتنا دائماً الاهتمام بأخبار السودان والعلاقات الثنائية بين السودان وقطر، ونحمد الله كثيراً أننا في دولة مثل قطر وأنا دائماً أقول قطر الدولة الصغيرة في مساحتها الكبيرة في علاقاتها ومواقفها. وفي الحقيقة فان العلاقات بين البلدين علاقة أزلية بدأت منذ السبعينات ولم تشبها منذ ذلك الوقت أي شوائب.. وميزت العلاقات بهجرة عدد كبير من السودانيين في مختلف المجالات خاصة في مجالات القوات المسلحة وقوات الشرطة والتعليم، فعدد كبير جدا من السودانيين ساهم في بناء الدولة وهذا بدوره وجد تقديراً من القيادة القطرية للسودان كدولة وكجالية موجودة بدولة قطر حتى اليوم. وأنتهز هذه السانحة لأتقدم بالشكر لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد وجميع القيادات القطرية على اهتمامهم بالسودان ووقوفهم إلى جانبه في جميع المحافل الدولية والإقليمية خصوصا في الفترة التي كانت فيها قطر عضوا في مجلس الأمن الدولي وحلت العديد من المشاكل وأفشلت العديد من المخططات التي قصد بها السودان. ü تابعنا في الفترة السابقة النشاطات الاقتصادية بين البلدين والتي تطور دون شك استقرار العلاقات السياسية.. حدثنا بالتفصيل عن هذه التظاهرة الاقتصادية الكبرى التي شهدتها الخرطوم في مطلع هذا العام.. - العلاقات السياسية كما قلت هي علاقات متميزة جداً وبلا شك العلاقات الاقتصادية تدعم بدورها العلاقات السياسية وبنفس النسق العلاقات الثقافية والإعلامية فهي متطورة جدا بين البلدين، ولكن اهتمامنا بالعلاقات الاقتصادية تأتي من منطلق ان السودان بلد واعدة بأرضها ومياهها وخيراتها الوفيرة ومساحة السودان الكبيرة جداً تسع الجميع. وبالتأكيد دولة قطر لديها مقومات الاستثمار المتمثلة في رأس المال ولديها أيضا الرغبة والحب والود للسودان فمن هنا أتت الفكرة للاستثمار القطري في السودان وبالفعل تكونت لجنة اقتصادية من أبناء العاملين بدولة قطر واجتهدت في جذب الاستثمار القطري وتم إقامة ملتقى اقتصادي في ابريل 2007 بالدوحة تمخض عنه عدد من المشاريع وكان من أوائل الشركات التي ذهبت إلى السودان شركة المواشي القطرية وأقامت مشروعا كبيرا جدا في منطقة جنوب كردفان وتلتها شركات أخرى في مشاريع أخرى وسعينا حثيثاً لتقريب الشُقة أكثر بانعقاد المؤتمر الاقتصادي الاستثماري الثاني في الخرطوم في يناير 2008 وهذا كان له أثر واضح جدا تمثل في إقامة مشروع الضفاف على النيل الأزرق والذي تملكه شركة الديار القطرية، ولكن من أهم الأحداث في هذا الملتقى التوقيع على اتفاقية إنشاء بنك قطر الوطني بالخرطوم وهذا في اعتقادي انجاز كبير جدا لأنه سيكون بمثابة صمام الامان بالنسبة للمستثمرين القطريين ان يكون لديهم بنك بالسودان. وفي رأيي تأتي أهمية هذا الملتقى لأنه توج بزيارة ولي العهد سمو الشيخ تميم بن حمد شخصياً إلى وطنه الثاني السودان وكانت هذه الزيارة هي الأولى إلى السودان والتقى بالقيادة السودانية متمثلة في السيد رئيس الجمهورية ونائبه وتم خلال وجوده انعقاد اللجنة المشتركة التي وقعت خلالها اتفاقيات بين اتحاد أصحاب العمل السوداني ورابطة رجال الأعمال القطريين وعلى رأسهم الشيخ فيصل بن قاسم ووقع عن الجانب السوداني الأخ سعود البرير وهذه الاتفاقية نعتبرها مهمة جدا لأنها ستكون عصب الاقتصاد في الدولتين، رجال الأعمال القطريين بأموالهم والسودان بما يزخر من مدخلات إنتاج. كما تم توقيع اتفاق أيضا بين الغرفة التجارية السودانية ونظيرتها القطرية للتعاون في كافة المجالات الصناعية والتجارية والزراعية وغيرها، وقد وقعت اتفاقية أخرى بين مصلحة الجيولوجيا ونظيرتها في قطر وهذه بدورها ستعطي فرصة للتنقيب في السودان عن المعادن ومجال البترول ايضا والشركات القطرية ستدخل عبرها. ووقعت اتفاقية أيضا بين الطيران المدني السوداني وشركة الخطوط الجوية القطرية لزيادة الرحلات من 7 رحلات بالأسبوع إلى 14 رحلة لتسهيل التنقل بين العاصمتين. وكذلك تم الاتفاق بين بنك السودان المركزي وبنك قطر الدولي حول إقامة البنك والتعاون. وأيضا خلال اللجنة الوزارية التي انعقدت بالخرطوم تم الاتفاق على انعقاد لجنة وزارية عاجلة بالدوحة في ابريل القادم لأن هناك العديد من الاتفاقيات يجب أن تراجع وتنشط أن شاء الله. الأمر المهم خلال الملتقى التعارف الذي حدث بين رجال الأعمال القطريين والسودانيين حيث سافر إلى السودان 40 من رجال الأعمال القطريين وكلهم من كبار رجال الأعمال وكل في مجاله تعرف إلى نظرائه هناك والآن بحمد الله تبعتها جهات أخرى فقد سافرت شركة بروة خلال الأسبوع الماضي في مجال الاستثمار العقاري وأيضا شركة الديار بجانب المشاريع العقارية ستثمر في مجال الاسمنت. هذا بالإضافة إلى مشاريع زراعية كبرى عرضت على الإخوة القطريين ونقصد من هذه المشاريع توفير الأمن الغذائي بالوطن العربي مستخدمين رأس المال القطري والقاعدة السودانية الخصبة.. ونحن نتفاءل خيراً بما رأيناه من هذه الفعاليات. ü ما وقع زيارة ولي العهد سمو الشيخ تميم الى السودان ودور هذه الزيارة في تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين.. - زيارة ولي العهد إلى السودان كان لها وقع كبير جدا على السودان وزيارته للسيد رئيس الجمهورية كانت جميلة جداً خصوصا ما ذكره حول مكانة الجالية السودانية الموجودة بالدوحة وكنت أنا قد أخبرت سعادة الرئيس عن قطعة الأرض التي منحتها القيادة القطرية لمدرسة الجالية السودانية مما يؤكد مكانة الجالية السودانية المتميزة لدى القيادة القطرية كما وفروا مبنى مؤقتاً لمدرسة البنين ومبنى للمركز الثقافي السوداني، وهذا الكرم قوبل بترحاب كبير جداً من القيادة السودانية، وقد أثنى السيد سمو ولي العهد على الجالية السودانية وأنا أؤكد هذا الحديث فالجالية السودانية بقطر جالية متميزة ومتماسكة. ü ما خطوات تفعيل المركز الثقافي بالدوحة والذي يعتبر الأول من نوعه؟ - المركز الثقافي السوداني بالدوحة تم افتتاحه في نوفمبر2007م ورغم انه لم يفعل بالصورة المطلوبة إلا أننا نتوقع أن يكون نواة لأنشطة السودانيين ونبشر انه ستكون هناك لجان بمستوى اللجنة الاقتصادية وستكون هناك لجنة رياضية والتي بدأت منافسات محلية لكن هدفنا منها أن تربط هذه اللجنة بين البلدين في المجالات الرياضية وتسعى لعمل أكبر وهي فكرة قيام أكاديمية رياضية لنرتقي بالرياضة في البلدين، ونعتمد عمل الروابط المهنية وهم غير مقصرين في عملهم. ü ماذا عن نشاط السفارة في دعم وتعزيز العلاقات بين البلدين؟ - ترقية العلاقات بين البلدين تتم عبر ترقية العلاقات السياسية والاقتصادية والإخوة السودانيين الموجودين بالدوحة وعلاقتهم بالشعب القطري والاستفادة من مواقعهم لجذب المستثمرين وهناك الكثير من الأفكار التي نحاول تنفيذها عبر أبناء الجالية ونسعى لعمل لجنة أكاديمية من الأساتذة الذين يعملون بجامعة قطر حتى يكون هناك رابط بين الجامعات في البلدين بل والتعليم العالي ككل فستكون هناك العديد من مذكرات التفاهم ونتمنى أن تتطور العلاقات بين البلدين أكثر وأكثر. ü ما دور سفارتكم في دفع عجلة هذه الاستثمارات وتطويرها.وما التسهيلات التي تمنح للمستثمر؟ - ستقوم السفارة من جانبها بتنوير المستثمرين بقوانين الاستثمار في السودان، كما لدي تفويض من القيادة السودانية بتسهيل التأشيرات لكل المستثمرين الجادين وان شاء الله نطمح في أن يكون السودان هو ارض الفرص الواعدة لكل المستثمرين. ü ما أهم ملامح العام الجديد بالسودان؟ - من أهم ملامح هذا العام في السودان هو الانفتاح الاقتصادي تجاه المستثمرين الأجانب فالسودان كان منقبضا جدا تجاه الاستثمار الأجنبي ويضع قوانين قاسية تعوق العمل بالنسبة للمستثمرين الأجانب ولكن تغير هذا المفهوم تجاه المستثمرين وتجاه السياحة في ذات الوقت. وتم تكوين مجلس أعلى للاستثمار برئاسة السيد رئيس الجمهورية شخصياً فالسودان الآن يفتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين الاجانب. كما تميز العمل بأنه أصبح ولائياً فالمستثمر يستطيع أن يذهب مباشرة نحو الولاية التي يريد الاستثمار بها ووالي الولاية له الحق أن يعطي الحق في الاستثمار أو يمنع. فمفهوم السودان تجاه المستثمر الأجنبي أصبح مفهوم شراكة لأن السودان لديه المقومات ويفتقر إلى رأس المال فأصبحت العملية شراكة واجد هذه الفرصة مناسبة لأعلق على أحد المشاريع وهو مشروع السد في الشمال وهو مشروع واعد جدا وخيره سيعم السودان كله وليس المنطقة الشمالية فحسب لان المشروع سيوفر الطاقة والتي بتوفرها ستفتح الباب أوسع أمام الاستثمار الأجنبي فأي مستثمر من الخارج تهمه توفر الطاقة والطرق الجيدة والقوانين التي تحميه وتسهل له عملية الاستثمار. ü ما توقعاتكم تجاه حركة الاستثمار بعد هذه الاتفاقيات مع دولة قطر؟ - أولا شركة الديار بدأت في العمل مباشرة بعد الافتتاح وبالأمس كانت هناك شركة جاءت لتتعاقد معها لبداية المشروع في ابريل المقبل.ومن أولى ثمرات مشروع الضفاف ارتفاع أسعار الأرض في المنطقة المعنية، كما بدأ بنك قطر الدولي العمل ومن أول يوم جذب الشركات الكبرى للتعامل معه زبائن مثل شركة جياد الصناعية وشركة سكر كنانة ووزارة الطاقة. هذه الاستثمارات فتحت الأبواب مشرعه أمام الجميع ففي اليوم التالي دعا سفير الكويت إلى إقامة ملتقى استثماري وهناك أيضا ملتقى استثماري سوداني مصري تأجل لبعض الأسباب. ويمكنني القول بكل ثقة إن دخول القطريين بهذه الجدية في الاستثمار مع السودان فتح الباب أمام جهات كثيرة ومن المشاريع المهمة التي ستقوم أيضا مشروع سكر الرماش وهو استثمار قطري بالشراكة مع شركة سكر كنانة السودانية. ونتوقع أيضا أن تكون هناك العديد من المشاريع والإخوة القطريين يثقوا كثيرا في السودان ويحبون أن يكون السودان هو سلة غذاء العالم. من أكثر ما أسعدني وزادني ثقة تجاه الاستثمار المتبادل بين البلدين رد المدير التنفيذي لشركة الديار عندما سأله احد الصحفيين في المؤتمر الصحفي كيف تستثمرون في السودان وهناك جهات تعادي السودان وهذا قد يؤثر عليكم؟ فكان رده أن قال: إننا لا نخشى أي جهة مادمنا نستثمر في بلدنا، فكان الرد مقتضبا ولكنه مفيد جدا ومطمئن. أجرت الحوار - أمل محمد الحسن