ركز اجتماع اللجنة الدولية المشتركة لدارفور الذي أنعقد منتصف سبتمبرأواخر الشهر المنصرم على شرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك على ضرورة إغلاق المعسكرات بدارفور باعتبارها وضع غير طبيعي وذلك عبر العودة الطوعية ودعمها بتحويل مسار العمل الإنساني من الإغاثة إلى التنمية. وأكد الاجتماع الذي حظي بحضور من الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة وممثلين للاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ووفد يضم وزير الشئون الإنسانية السوداني ومفوض العون الإنساني أكد على أن هنالك تقدماً في الأوضاع الأمنية بدارفور وانخفاض في العمليات العسكرية بين الحكومة والحركات المتمردة مما يجعل الأجواء مهيأة تماما للعودة وإغلاق المعسكرات. ويبدو إن الأوضاع في هذا الجانب تسير وفق وتيرة متسارعة ومتطورة في ظل تأكيدات جاءت مؤخراً من جهات لها رأيها المؤثر على الشأن الدارفوري برمته حيث تشهد ولايات دارفور الثلاث حاليا إرتفاع مستمر في معدلات العودة الطوعية بشكل ملحوظ ابتداء من منتصف هذا العام وقد ساعد على ذلك عدة عوامل أولها هدوء وإستقرار الأوضاع الأمنية في بؤر الصراعات بمنطقتي( جبل مرة ) و(جبل مون) وعودة العلاقات مع تشاد وتنفيذ برتوكول نشر القوات المشتركة مما كان له إنعكاس سالب على الحركات المتمردة وتقويض حركتها وإنحسار نشاطها على الشريط الحدودي بجانب شح الخدمات التي يتلقاها النازحين بالمعسكرات الأمر الذي خلق نوعا من الوعي لدى أعداد كبيرة منهم وجعلتهم أكثر إصرارًا على ترك حياة المعسكرات والعودة لحياتهم الطبيعية التي كانوا يعيشونها صونناً لكرامتهم التي ُفقدت داخل المعسكرات وكان لوجود بعض الجماعات المسلحة التي تعمل على زعزعة أمن النازحين بقيامها بأعمال عسكرية وأنشطة سياسية مستخدمة النازحين كدروع بشرية لتمرير أجندتها دافعا قوي وراء ترك المعسكرات كما حدث منذ ثلاثة اشهر بمعسكري (كلمة) و(الحميدية ) اللذان يعدان من اخطر المهددات الأمنية وذكرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها لشهر يناير من العام الحالي أن الأوضاع هادئة وتحسنت بشكل كبير كما أشادت بعودة كثير من النازحين من معسكرات( كلمة و دريج وعطاش والسليت) إضافة إلي معسكرات غرب دارفور ونيالا ومهاجرية وجوعانة وفقا للأرقام الرسمية التي أعلنتها مفوضية العون الإنساني فان (157) ألف نسمة من النازحين و اللاجئين من سكان المعسكرات عادوا من مناطقهم الأصلية وقام نحو 80% من نازحي دارفور باستزراع أراضيهم وعادت حوالي (5623) فرد من مخيمات اللاجئين بشرق تشاد إلى مناطقهم وتسعي الحكومة وجامعة الدول العربية والصناديق العربية لتوفير الاحتياجات الأساسية في مناطق العودة وبجانب ذلك تتحمل الحكومة مسؤولية الترحيل والإعاشة والتامين ويقول الدكتور عبد الكريم موسى نائب والي جنوب دارفور أن معدلات العودة الطوعية بالولاية تجاوزت 80% باستقرار ما يقارب ال(10) ألف نازح بقراهم ومناطقهم الأصلية فيما أبدت( 2000) أسرة من معسكر عطاش الرغبة في إخلائه قبل نهاية العام مشيراً أن الترتيبات لازالت جارية لترحيل حوالي( 1625) أسرة من داخل معسكر( كلمة) إلي ولاية غرب دارفور حيث موطنهم الأصلي بعد أن قامت بإعلام الجهات المختصة مبيناً إنهم وفروا لهؤلاء النازحين مساكن مستأجرة داخل مدينة نيالا حتى تتم إجراءات ترحيلهم وتأمينهم. وأضاف أن حكومة الولاية قامت بمنح (200) قطعة سكنية مزودة بالخدمات لضمان استقرار العودة الطوعية وتوزع عن طريق المجان للنازحين اللذين يريدون الاستقرار بنيالا إلي جانب وضع خطة وترتيبات لتنمية منطقة سوني والوحدات الإدارية التابعة لها بعد أن استردتها الحكومة من يد التمرد لمقابلة الزيادة في أعداد المواطنين العائدين لقراهم لافتاً إلى أن العمل قطع شوطاً مقدراً في تجهيز مخطط التقوى البديل لمعسكر (كلمة) ليتم افتتاحه الشهر القادم وأكد التزامهم التام بتوفير كافة المقومات الحياتية والإنسانية بالمخطط الجديد بما يضمن حياة كريمة للنازحين . وعلي ذات السياق أكد الأستاذ عثمان حسين مفوض شئون المنظمات والعمل الإنساني بولاية شمال دارفور أن المعسكرات بالولاية تشهد تناقص متلاحق في أعداد النازحين يوماً بعد يوم وان الجهات المختصة بدأت في استعداداتها لعودة (3000) ألف أسرة لمعسكر ابو شوك وتابع انه بعد أن تم تسجيل ما يزيد عن(8000) ألف أسرة راغبة في العودة أغلق باب التسجيل لحين اكتمال كافة قري العودة فيما تم الفراغ من تجهيز عدد منها بقري (بركة ودار السلام وكتم وابو طويلة وكورمة ) بينما يجري العمل في مياه مليط وأرياف مدينة الفاشر وتوقع عثمان حسين تضاؤل فكرة وثقافة حياة المعسكرات لدي كثير من النازحين باتجاههم لزراعة والاعتماد علي الإنتاج مما يعزز رغبتهم في الاستقرار وخاصة وان الموسم الزراعي لهذا العام موعود بإنتاجية عالية في كافة المحاصيل الزراعية التي تؤمن لهم مخزون استراتيجي يعتمد عليه في الخروج من دائرة الإغاثات بما يعد مؤشراً ايجابياً في اتجاه تجفيف المعسكرات بصورة تدريجية . ولم تكن ولاية غرب دارفور بمعزل عن هذا الحراك النشط علي صعيد العودة الطوعية بل حظيت بقدر وافر منها وفي هذا الجانب يقول الأستاذ ادم إسماعيل نائب مفوض العون الإنساني أن شهر ابريل ومايو ويونيو ويوليو للعام 2010 شهد عودة حوالي(5000) ألف أسرة بغرض الزراعة واستقرت تماماً بمحليات كرينك وازوم وصليعة وخور برنقا وسربه زيادة علي عودة (5600) ألف أسرة أخرى بمحلية زالنجي ووحداتها الإدارية مشيراً إلى أن برنامج الغذاء العالمي خفض حصة الغذاء بمعسكرات الولاية لقلة دعم المانحين وهذه واحدة من العوامل التي شجعت علي العودة للزراعة وزيادة الإنتاج وكشف عن اتفاقات أبرمتها حكومة الولاية مع المنظمات ووكالات الأممالمتحدة العاملة بالحقل الإنساني للشروع في مسح قري العودة الطوعية وتحديد الاحتياجات اللازمة بها. وبدا كل هذا الإقبال الواسع علي العودة الطوعية والتلقائية والتي انتظمت كل ولايات دارفور والحراك المكثف بين المواطنين والحكومة لتعمير قري العودة تعزيزاً لفرص الاستقرار بها يتطلب الأمر لمزيد من الدفع والتنسيق ومد يد العون لان سلام دارفور لن يكتمل إلا باستتباب الأمن وعودة النازحين والعمل علي تمويل العمل الطوعي من الإغاثة للتنمية بتفعيل دور المنظمات الوطنية والأجنبية في هذا المسار وحث المجتمع علي انتهاج النمط الإنتاجي في المعيشة بديلاً عن النمط الاعتمادي المتلقي للمساعدات فقط.