وقد سعى السودان بجدية لتطبيع علاقاته مع الكويت بعد زيارتين لوزير الخارجية عامي 1997 و 1998م التي اسفرت عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوي القائم بالأعمال ، ليتم ترفيعها لدرجة السفير عام 1999م و تتوجت بزيارة رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير للكويت فبراير عام 2000م في انفتاح سوداني على الخارج بصفة عامة ، وعلى الاشقاء العرب بصفة خاصة بعد قرارات الرابع من رمضان عام 1420ه ، لتحدث الزيارة انفراجاً في مسار العلاقات السياسية بين البلدين تكللت بتوقيع اتقاقية قيام اللجنة الوزارية المشتركة خلال زيارة وزير الخارجية السوداني للكويت في أبريل عام 2004م و التي ستعقد أول اجتماع لها بالخرطوم برئاسة وزيري خارجية البلدين في الحادي والعشرين من ديسمبر القادم . وساهم تكثيف الزيارات المتبادلة للمسؤلين من الجانبين في ازالة كثير من الرواسب على رأسها الزيارات الرئاسية ، وزيارات وزير الخارجية ورئيس المجلس الوطني ومستشار رئيس الجمهورية ووزراء النقل والطرق، الأوقاف ،الطاقة والتعدين، الحكم الاتحادي ووزير التعليم العالي وكانت لمشاركة سمو أمير الكويت في القمة العربية بالخرطوم مغزى كبير وأثر طيب دفع بمسيرة العلاقات بين البلدين خطوات كبيرة إلي الأمام ، بالاضافة إلي زيارة وزير المالية الكويتي ، رئيس هيئة أركان الجيش الكويتي ، وزير الديوان الأميري ووفد من وزارة التجارة . انعكس الانفراج في العلاقات بين البلدين على دفع العمل السياسي وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني الكويتي و اللجان الخيرية ووقوفها مع السودان بتسيير جسر جوي استمر أكثر من عام كامل لنقل التبرعات المادية والعينية بالتزامن مع إعلان حكومة الكويت تخصيص 11 مليون دولار للعمل الانساني في دارفور، وكان للجمعيات الخيرية الكويتية القدح المعلي بتسخير جهودها لسد العجز الناجم عن قرار الحكومة بطرد المنظمات الأجنبية المشبوهة من السودان في مارس 2009م ،حيث بدأت الهيئة الخيرية العالمية في تشييد عدة قري بدارفور واجتمعت المنظمات الكويتية في تكتل المنتدي الانساني الكويتي لتنسيق العمل واستقطاب الدعم لتقديم الاغاثة للافليم . احتلت الكويت خلال عقدي السبعينات والثمانينات دور الريادة في تقديم القروض والدعم والمشاركة في الاستثمار في السودان في مجالات التصنيع الزراعي والانتاج الحيواني ومشروعات صناعة السكر والبنيات الأساسية والطاقة والمياه ، وساهم الصندوق الكويتي للتنمية في تطوير سكر كنانة وحلفا الجديدو والزراعة الآلية بالرهد وطريق سنار سنجة الدمازين ، وبلغ جملة ما قدمه الصندوق من قروض ومنح للسودان أكثر من 500 مليون دولار لتمويل مشروعات استراتيجية كدعم صندوق الجنوب وسد مروي و سكر النيل الابيض ليبلغ إجمالي ما قدمته دولة الكويت عبر صناديقها والهيئة العامة للاستثمار 4 مليار دولار . وشهدت الفترة من 2000 إلي 2006م تنظيم الملتقي السوداني الاقتصادي(2005) تدفق الكثير من الاستثمارات الكويتية (القطاع الخاص) شملت الاستثمار في قطاعات النقل والمقاولات والدواجن وصيد الاسماك والمصارف حيث تم التوقيع على انشاء بنك مشترك بين السودان والمجموعة الدولية للاستثمار، برأس مال بلغ 2 مليار دولار وبنك جسور برأسمال 2 مليار دولار وانشاء مدينة النيل الأزرق المتكاملة بتكلفة 4 مليار دولار . لا غرو فقد شهدت الخرطوم زيارة 1500 مستثمر ورجل أعمال كويتي خلال السنوات القليلة الماضية . وما سبق يؤكد ان اهتمام الكويت بإستضافة مؤتمر الدولي للمانحين والمستثمرين لشرق السودان ليس جديدا على مواقفها تجاه السودان وحرصها على تنميته ووحدته واستقراره، والذي يأتي (المؤتمر ) كجزء من اتفاق شرق السودان الذي وقع في العام 2006 بتنيفيذ متطلبات تنمية الاقليم بستقطاب الاموال والاستثمارات لتحيق النهضة . ويثمن المراقبون الدور الكبير الذي تلعبه دولة الكويت على المستويين الاقليمي والدولي وانتهاجها مدرسة دبلوماسية متميزة جعلتها محل تقدير واحترام المجتمع الدولي في تاكيد على انه لايذكر اسم الكويت في اي مكان في العالم لاسيما المجموعتين الاسلامية والعربية الا مقروننا بالعطاء والخير والايادي البيضاء ومحبة واحترام الجميع وقد اصبحت انموذجا في تطوير اسلوب تقديم المساعدات. المؤتمر الذي سوف تبدأ اعماله الاربعاء الأول من ديسمبر تأتي اهميته الدولية والاقليمية والعربية كونه يحظى برعاية سامية وبمشاركة عدد من الصناديق العربية مثل الصندوق العربي للنماء الاقتصادي والاجتماعي ، البنك الاسلامي للتنمية ، غرفة صناعة وتجارة دولة الكويت، برنامج الاممالمتحدة الانمائي ، وممثلون عن الدول المانحة والصناديق التمويلية في تعزيز للتعاون بينها والقطاع الخاص. وتعول الحكومة السودانية كثثيرا على المؤتمر لاعمار الشرق ووضعه على الطريق الصحيح بعد ان ظل يعاني لفترة طويلة من ظروف متدنية، ويؤكد السودانيون ان ابرز نجاح المؤتمر هو احتضان دولة الكويت له لما تحظى به من مكانة واحترام اقليمي ودولي. وتعنبر منطقة شرق السودان منطقة ذات اهمية تاريخية واقتصادية وسياسية واستراتيجية بإعتبارها منفذ السودان الوحيد على البحر الاحمر ومعبره الاساسي لوارداته وصادراته ولما تتمتع به بولاياتها الثلاث ( القضارف، البحر الاحمر ، كسلا) من موارد ضخمة كالذهب، الزراعة، البترول الغاز، مصائد الاسماك والسياحة .. تحمل كل هذه الموارد امكانيات النمو والتنمية بعد ان تبنت حكومة السودان خطة انعاش مبتكرة ونهج تنموي يربط المساعدات بالترويج لفرص الاستثمار في المنطقة لتحقيق المصلحة المشتركة لجميع الاطراف في اعادة اعمار المنطقة وانعاشها وتنميتها ويجد المراقب في تنامي العلاقات السودانية الكويتية ان دولة الكويت تعد من ابرز المناصرين لوحدة واستقرار وامن السودان وهي تتعامل بشفافية لرتق نسيجه الاجتماعي عبر انشاء مؤسسات خدمية واستثمارات في جنوب البلاد وتقديم المساعدات في مجالات الصحة، التعليم، تقديم العون للمتضررين في دارفور ، وعطفا على ماذكر لقد نفذت الكويت مشروع مستشفى الصباح بجوبا ومراكز للتدريب بجنوب البلاد وعدد من المستشفيات والمراكز الصحية فاق عددها العشرين بجميع انحاء السودان. مستقبل مشرق ينتظر العلاقة بين البلدين بعد ان توفرت الارادة السياسية والشعبية في دعمها وتطويرها .. وقد عبر عن ذلك سمو امير دولة الكويت لدي لقائه الرئيس البشير على هامش قمة سرت الاستثنائية مؤكدا حرصه على استقرار وسلامة السودان ووحدة اراضيه.