حوار الحقائق مع تدور الكثير من التساؤلات لدى المراقبون وفي الشارع العام عن إمكانية الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها من تاريخه، ولعل التراشق الإعلامي بين الشريكين باتهام كلا الطرفين للآخر بالقيام بخروق عسكرية رفع درجة القلق من إمكانية أن تتطور الأمور إلى ما هو أخطر. حول هذه الأمر والقضايا المتصلة به جلس المركز السوداني للخدمات الصحيفة إلى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد سعد الذي أوضح الموقف من المطالبة بزيادة القوات الدولية في السودان وإمكانية توقيع اتفاق مع الجيش الشعبي بعدم إثارة أي أعمال عدائية بعد الاستفتاء على غرار ما تم التوقيع عليه في فلج .. فإلى مضابط الحوار: ماذا عن اتهامات الحركة الشعبية لكم بقصف ولايات بحر الغزال وكان ذلك تبريراً ساقته لإلغاء قيام الدورة المدرسية بالجنوب؟ هذه الاتهامات أكدنا ومازلنا نؤكد أنها لا أساس لها من الصحة.. ذكروا أننا قمنا بقصف لولاية بحر الغزال شمالها وغربها، لكن هذا الحديث عار من الصحة وليس له أدلة البتة، فما هي الأدلة التي ساقتها الحركة على قيامنا بقصف هذه المناطق؟ وما هو الدليل على الضرر الذي وقع على الحركة الشعبية من هذا القصف؟.. نحن كقوات مسلحة نعمل شمال خط 1956م وليس جنوبه. مثل هذه الاتهامات تكررت كثيراً في رأيك ما هو الهدف الحقيقي لإثارتها؟ الهدف تغطية أخطاء قامت بها الحركة الشعبية في حق الحكومة الاتحادية، والتي تتمثل في قيام الحركة على مرأى ومسمع من الجميع وبما لا يمكن إنكاره أبداً بإيواء قادة حركات التمرد الذين نسقت بينهم في جوبا، ورتبت لهم السفر إلى يوغندا، وآوت الجرحى في مناطق بحر الغزال.. كل هذه المعلومات مؤكدة وموثقة أكدها الأعداء قبل الأصدقاء وأكدتها لجان المراقبة الدولية. أنتم بالمثل اتهمتم الحركة الشعبية عدة مرات ولم يحدث تحقيق ترتب عليه إدانتها. إلى ماذا تعزي ذلك؟ هذا يدخل في الجانب السياسي ومسئولية الدولة، بمعنى هل وصل الأمر إلى مرحلة الخطورة التي بموجبها تتحرك الدولة لتثير المسألة عالمياً.. هنالك حسابات إذا استكملت جوانبها فإن الدولة عندها ستتحرك في هذا الجانب وتطلب التحقيق، وليس كل خطأ نلجأ فيه إلى التحكيم الدولي. وعلى المستوى الداخلي ماذا فعلتم تجاه الخروقات؟ على المستوى الداخلي أثرنا هذا الأمر في مجلس الدفاع المشترك، وأثير في مؤسسة الرئاسة وتمت فيه مباحثات.. ولكن أن يخرج إلى الدائرة العالمية فإننا نضع في الحسبان أن تعالج المسائل التي يمكن معالجتها داخلياً. الحركة هددت باللجوء إلى مجلس الأمن للتحقيق في قصف مدينة واو؟ الحركة لا تلجأ لمجلس الأمن، وسيظل هذا مجرد حديث لأن الأمر إذا كان خرق لنيفاشا فالمرجع نيفاشا، فلماذا يلجأون إلى التحكيم الدولي؟ هل عجزت المؤسسات التحكيمية الداخلية عن احتواء الموقف؟ وهل رفع الأمر بطريقة قانونية وصحيحة إلى المحاكم الداخلية التي وفرتها نيفاشا لكي تصبح مرجعاً؟.. أنا اعتقد أن مثل هذا الأمر قبل أن يرفع إلى أي جهة خارجية يجب أن يأخذ دورته الداخلية في مجلس الدفاع المشترك وفي مؤسسة الرئاسة. مجلس الأمن طالب بزيادة القوات الدولية في السودان، هل من شأن ذلك أن يوقف الاتهامات المتبادلة بينكم والحركة؟ هو طلب ولم يدخل دائرة التنفيذ، هذا من ناحية، وناحية ثانية ما تحدث عنه الأمين العام للأمم المتحدة هو أنهم قد يحتاجون إلى زيادة هذا العدد، ولكن يبدو أن الأمر اختلف عن ذلك، فليس هنالك أي مهددات أمنية يمكن أن تهدد عملية الاستفتاء. والمعول عليه أن تتم عملية الاستفتاء في جو معافى، وحتى الآن لا يوجد مهدد للاستفتاء، كما أن الكثير من الدوائر الخارجية سواء كانت سياسية أو إعلامية تستبعد نشوب حرب بين الشمال والجنوب، بالذات في هذه المرحلة التي يحتاج فيها الجنوب للشمال بحسبان أن الجنوب تمتد خطوطه الناقلة للبترول عبر الشمال، كما أن محطات المعالجة الرئيسية معظمها في الشمال، ويحتاج تحويل هذه الجهود إلى أي مكان آخر إلى ما لا يقل عن ثلاث سنوات، بالتالي على الأقل في هذه المرحلة نستبعد أن تنشأ حرب بين الشمال والجنوب بحسبان أن المصلحة متكاملة. هذا يقودنا إلى الإجابة الدقيقة على سؤالك هذا.. فلماذا يزاد عدد القوات الدولية بينما خيار الحرب مستبعد بين الشمال والجنوب، ونحن نؤكد أننا ملتزمون تماماً بما اتفقنا عليه. سمعنا عدة مرات بتعدي الجيش الشعبي لحدود (56) شمالاً.. فما هو الموقف الآن؟ هذا مجرد حديث إعلامي، لكن على الأرض لم يدخل الجيش الشعبي شمال حدود 1956م. على غرار ما تم التوقيع عليه في فلج هل يمكن توقيع اتفاق بينكم والجيش الشعبي يلتزم خلاله الطرفان بعدم إثارة أي أعمال عدائية بعد الاستفتاء؟ هذا ممكن، وما تم في فلج فيه إشارة إلى ذلك. الذي تم في فلج كان بمثابة حديث عن تأمين حقول البترول بواسطة القوات المشتركة إلى يوم 9 يوليو، هذا في حالة حدوث انفصال.. وقد تم الاتفاق تداركاً لما يمكن يحدث.. اتفقنا مع الحركة على أن القوات المشتركة تقوم بتأمين كامل لحقول البترول وأن يسود الأمن والاستقرار طوال هذه الفترة، وعليه يمكن أن تنسحب هذا الاتفاقات على بقية المناطق الأخرى والمجالات الأخرى، فإذا انفصل الجنوب لن تكون هنالك قوات مشتركة لكن يمكن أن تكون هنالك اتفاقات ثنائية، كالتي حدثت بين السودان وتشاد والسودان وإفريقيا الوسطى. إلى أي مدى يمكن أن تلتزم الحركة الشعبية بعدم إثارة أعمال عدائية؟ الحركة سوف تلتزم، فنحن حتى خيار الحرب نستبعده، فالحركة لا مصلحة لها في نشوب حرب مع الشمال. إذا كيف تفسر إيوائها للحركات المسلحة؟ إيوائها للحركات ليس بالضرورة عمل يأتي أصالة عن نفسها أو عن قادة الإقليم، فهذه الحركات تدار من الخارج وتمول كذلك من الخارج، وبالتالي هنالك أطراف لها مصالح في أن تستمر الحرب في السودان، وبذلك هي تنوب عن آخرين، وهذا هو ما يمكن أن يحدث في الجنوب، بأن يصبح مأوى للحركات المسلحة نيابة عن الآخرين وليس أصالة عن الحركة، وهذا يحتاج إلى عمل دبلوماسي.. ومثل هذا الإيواء للحركات المسلحة يزال سياسياً وليس عسكرياً. يعني ذلك أنك برأت الحركة من الاتهام الموجه لها بنيتها العداء تجاه البلاد؟ أنا أؤكد أن الحركة لا تريد أي حرب مع الشمال، ولا عن طريق دعم الحركات المتمردة أو أي طريق آخر، لكن هنالك أطراف تتدخل. مع عدم وجود تسوية سياسية حول أبيي هناك تخوف من أن تحدث الحرب سيما بعد ما رشح من وجود خطة لاجتياح أبيي من عناصر الحركات المتمردة والحركة الشعبية؟ هذا حديث إعلامي فقط.. فمنطقة أبيي الآن يوجد فيها تحكيم دولي ومحط أنظار العالم وليس من السهولة أن تأتي حركة متمردة فيها.. وليس من السهولة أن يحدث ما ذكرته. إذا ما هو الوضع في أبيي الآن؟ الوضع في أبيي أؤكد أنه مستقر بحسابات، أولها أن التسجيل للاستفتاء تم دون أي مشاكل أو نزاعات. هل لديكم خطة تأمينية لإجراء الاستفتاء؟ هنالك خطة محكمة، ونحن سنتصدى لأي إنسان يحاول أن يزعزع الأمن والاستقرار في هذه الفترة، وهنالك عمل عسكري وتمارين مكثفة لاستقبال تلك الأيام نحن الآن في إطار تنفيذها، أما العاصمة القومية فلها وضع خاص. هل أنتم متحسبون لما تقوم به الحركات المسلحة في الجنوب وتبعاته على الوضع الأمني في دارفور ؟ من الواضح جداً أن هذه الحركات بعد انسحابها جنوباً بدأت تخطط، وهذا لا يخفي على أحد. هناك سؤال هو لماذا انسحبوا ولم يواجهوا القوات النظامية؟.. هذا يدل على أنهم يدخرون ذلك ليوم آخر، ونحن حساباتنا تقوم على التصدي لمجابهة أي أعمال عدائية. هل يمكن الأخذ بالتقارير التي تتحدث عن دعم يوغندي للحركات المسلحة عبر الجنوب.. وكيف تتعاملون مع مثل هذه التقارير؟ نحن كعسكريين نأخذ كل التهديدات محمل الجد (حتى و لو جاءت من باب المزاح) ولكن التعامل معها يأتي في إطار السياسة إلى جانب العسكرية، فهذا تعامل بين دولتين.. فإذا صح هذا الحديث فإن هنالك ضمانات دولية لحقوقنا تمنع مثل هذا الاعتداء قبل أن يقع من ناحية سياسية، فكيف يمكن لدولة أن تصرح بأنها سوف تغزو دولة من دول الجوار؟، وأنها تسعى إلى تكوين أجسام مضادة لدول الجوار؟.. إذا انفصل الجنوب وأصبح دولة قائمة بذاتها فإن المجتمع الدولي يضمن لنا حقوقنا في عدم اعتداء أي دولة على أخرى. ما تعليقك على تهديدات الحركة الشعبية بأنها ستطلب من الأممالمتحدة الحفاظ على وجود الجنوبيين في الشمال حال الانفصال؟ هذا مستحيل لا يمكن أن تطالب بتوفير قوات وكأنك في دولة غير دولتك، ليس من المنطق أن تضع الحلول التي لا تتماشى مع سياسات الدولة. باتجاه آخر هل تعتقد أن قوات اليوناميد حققت ما جاءت من أجله لدارفور؟ لا يمكن أن نقول أنها قد حققت ما طلب منها بنسبة 100%، وإن كانت هي تساعد، لكن مجريات الأوضاع في دارفور لا تشير إلى أنها حسمت أمر النزاع، فمازالت الحركات المتمردة في دارفور تواصل نشاطاتها رغم وجود القوات الأممية الضاربة هنالك بطائراتها ودباباتها. إلى ماذا تعزي ذلك؟ القوات الأممية في دارفور كثيراً ما تعتذر بقصور في الدعم وفي الإجراءات وأن هنالك أشياء لم تصلها.. في النهاية هذه القوات ليست سيئة، لكن كان ينتظر منها أن تحقق ما طلب منها. بالعودة للجنوب إلى أي مدى تتوقع أن تقوم دولة مستقرة هناك في حال الانفصال؟ هذا الاستقرار يعتمد بالنسبة لأي دولة وليدة على علاقاتها مع دول الجوار، فهي تحتاج إلى إقامة علاقات دبلوماسية وأن تجد لنفسها مقاعد في الهيئات الأممية.. اعتقد أن الجنوب يمكن أن يكون مستقراً باستقرار تعامله مع جيرانه، وإذا لم يحدث هذا فلن تكون هنالك دولة؛ بل تكون قطعة من الأرض تشتعل حرباً وتدميراً على أهلها. أطول الحدود ستكون مع السودان الشمالي، لذلك هذه الدولة إذا انفصلت ستحتاج إلى الشمال في استقرارها، ولا استقرار لها إلا باستقرار الأوضاع مع الشمال. ما هو خطر وجود دولة الجنوب في ظل الحديث عن محاولات تأجيج الحرب مع الشمال؟ هذا طبعاً أمر خطير يحتاج إلى حكمة أخوننا في الجنوب بتنفيذ سياستهم المستقلة، وأن يفكروا في مصالحهم، ولا يعطوا الفرصة للآخرين للتدخل في شؤونهم حتى لا يفسدوا عليهم دولتهم، فأي تهديد للشمال سينعكس سلباً على الجنوب. كيف يكون فك الارتباط للقوات المشتركة إذا حدث انفصال؟ القوات المشتركة سوف تحل تلقائياً بتكوين دولة الجنوب بعد انقضاء الفترة الانتقالية، وستكون القوات المشتركة أنجزت مهمتها بسلام، أما في حال الوحدة فإن القوات المشتركة ستكون هي نواة للقوات المسلحة الجديدة، ويتم تفعيلها كقوات بيدها أمر حماية هذا الوطن. ماهو مصير الضباط الجنوبيون الموجودين في القوات المسلحة حال الانفصال؟ يحدث لهم ما يحدث للجنوبيين الموجودين في بقية مرافق الدولة، وهو توفيق الأوضاع على أساس قانون الهجرة والجنسية العالمي. القوات المسلحة عبر مسيرتها التاريخية قامت بأدوار كبيرة في تحقيق الاستقرار رغم المشكلات الكبيرة، هل يمكن القول أن الجيش وصل إلى درجة من الإعداد والتأهيل يمكنه من التصدي لأي كيد خارجي؟ لكل فعل رد فعل كما يقال، فقد أكسبتنا الحرب خبرة كبيرة وقوة ضاربة جعلت بعض الدوائر تصنف القوات المسلحة أنها القوة الثانية في إفريقيا من حيث الإعداد والتجربة، لذلك فإنها قوة يعتمد عليها في صد أي تهديد للأمن، فقد خضنا حروب في شتى المجالات.