كشف مصدر دبلوماسي عربي رفيع ل "الخليج" أمس، أنه في يوم الخميس 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي كانت “تل أبيب” تستعد لاجتماع استثنائي، وتستقبل 4 إلى 5 مسؤولين مهمين من مجلس وزراء جنوب السودان، وكان هذا اليوم هو الأخير لرسم التفاصيل النهائية لما بعد الاستفتاء على انفصال الجنوب، والترتيبات المتعلقة بعمليات تسليح الدولة الجديدة رغم محاولات “إسرائيل” الإيحاء لأطراف إقليمية ودولية بأنها “تساعد فقط الدولة الجديدة في الجنوب” . وكانت المفاجأة في الدور الروسي الذي يعرف جيداً الزعماء والدبلوماسيون العرب حقيقته في ملف السودان، فحسبما كشف المصدر الدبلوماسي العربي الرفيع المستوى فإنه في هذا اليوم كان المبعوث الروسي الخاص للسودان ميخائيل مارغيلوف على رأس وفد يستقبل في سفارة بلاده في “تل أبيب” وفداً رفيع المستوى مكوناً من وزراء ومسؤولين مهمين في حكومة الجمهورية الجديدة التي ستضاف إلى قائمة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بعد إعلان انفصال جنوب السودان . ويراوح عدد أعضاء الوفد بين أربعة وخمسة أشخاص، إضافة إلى مسؤولين “إسرائيليين” بينهم رئيس أركان وزارة الحرب رئيس مكتب السياسة العسكرية عاموس جلعاد، وعدد من قيادات جهاز الاستخبارات “موساد”، ومبعوث “إسرائيل” لجنوب السودان . ووضع اجتماع 16 ديسمبر/كانون الأول اللمسات النهائية لما ستكون عليه تفاصيل العلاقات الدولية، والمواقف المحتملة للأطراف بما في ذلك مصر التي تقلقها أوضاع المنطقة ما بعد يوم 15 يناير/كانون الثاني، وعدم السماح لمصر بتمرير محاولاتها الضغط لتأجيل موعد استفتاء الانفصال . وتضمن الاجتماع السري في “تل أبيب” وفق المصدر، الاتفاق على قيام “إسرائيل” بتمويل صفقة طائرات مروحية هجومية لتسليح جيش الجنوب الجديد في إطار استكمال منظومة تسليح الجنوب التي شملت من قبل أسلحة وذخائر، وقاذفات مضادة للدبابات، ومنظومة صواريخ ومدافع مضادة للطائرات، ودبابات وسيارات وعتاداً عسكرياً، على الرغم من تسريبات “إسرائيلية” ذكرت أن الاجتماع مخصص فقط لترتيب “صفقة طائرات مروحية” . ولم تتوقف الترتيبات “الإسرائيلية” مع الجمهورية الجديدة في جنوب السودان عند هذه الحدود، بل جاوزتها إلى ترتيب أوضاع السفارات في مختلف أنحاء العالم، وستقوم بعض الدول بإهداء الدولة الجديدة مقار لسفاراتها، فيما تتم عمليات تمويل واسعة بوساطة “إسرائيلية” لشراء مبانٍ وإعدادها لتكون مقار سفارات الجنوب . ولم تكن الدبلوماسية العربية على علم بهذه الترتيبات، لكن العيون رصدت الاجتماع، وبضعة تفاصيل على عجالة، وبدأت العواصم العربية التحرك، وبمبادرة مصرية دعي إلى اجتماع طارئ في الخرطوم يوم 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي ضم الرئيس المصري حسني مبارك، والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير . وربط المصدر بين لقاء القمة وما تم في السفارة الروسية، خصوصاً أن حكومة الجنوب قدمت تطمينات إلى مصر قبل لقاء “تل أبيب” بثلاثة أيام على لسان سفيرها في القاهرة روبن بنجامين، التي أكد فيها أن حصة مصر من النيل لن تتأثر في عهد “الدولة الجديدة”، لا سيما أن الجنوبيين سيأخذون حصتهم من المياه من حصة الخرطوم. أضف إلى ذلك أن محاولات مصرية عدة تمت لثني موسكو عن دورها في تسليح جنوب السودان غير أنها لم تلق نجاحاً . واختار الجنوبيون بالفعل العلم، والنشيد الوطني لكنهم توقفوا أمام خيارات الاسم، وكان آخرها “جمهورية النيل” الذي لقي اعتراضاً مصرياً . وكشف المصدر الدبلوماسي أن الأمر لن يتوقف على انفصال الجنوب وأن رئيس مكتب السياسة العسكرية ورئيس أركان وزارة الحرب “الإسرائيلية” عاموس جلعاد يقودان دوراً خطيراً في السودان، وأن في “إسرائيل”، حسب تقديرات رسمية غير معلنة، نحو 15 ألف لاجئ سوداني، لكن الأخطر من ذلك المؤامرة الكبرى في دارفور. ويجتمع رئيس حركة تحرير السودان المعارضة عبدالواحد محمد نور، بشكل دوري مع جلعاد، بخلاف جواز سفره الممتلئ بأختام “تل أبيب”، ومكتب تمثيل حركة تحرير السودان في “تل أبيب” . ولأنه يعرف طبيعة دوره فإنه خلال إقامته في باريس يحظى بتأمين دائم من “الموساد”، ويخشى العودة إلى دارفور، أو المشاركة في أي مفاوضات لأنه يريد أن يبقى “حياً”، ويدير حركته بأربعة هواتف نقالة وهاتف “ثريا”، وجهاز عالي التقنية يشارك عبره في “اجتماعات مهمة”. وأكد المصدر أن السودان يمثل خياراً استراتيجياً ل”إسرائيل”، يمكنها من الحصار النهائي لمصر، وتغييبها عن امتدادها الطبيعي والاستراتيجي . وقبل عامين قصفت طائرات “إسرائيلية” قافلة أسلحة في الطريق بين السودان ومصر قيل وقتها إنها كانت متجهة إلى غزة، وهذه القافلة مرت عبر ميناء بورتسودان في سرية تامة، لكن عيوناً لأجهزة تعبث في الجنوب تمكنت من معرفة التفاصيل، ثم كان القرار بتدمير القافلة. وقبل ذلك، في سبتمبر/ أيلول 2008 كشفت الخارجية الأوكرانية اختطاف قراصنة صوماليين سفينة محملة بالدبابات متوجهة إلى كينيا تحمل 30 دبابة من صنع الاتحاد السوفييتي سابقاً، لكن المصدر كشف مفاجأة مهمة بقوله إن “كينيا” كانت “دولة ممر” إلى الدولة الجديدة في جنوب السودان. المصدر: دار الخليج