هنالك موارد عديدة لتوفير النقد الأجنبي من بينها زيادة الصادرات سواء أكانت بترولية أو غير بترولية, واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة لاستغلال الفرص المتاحة فى مجالات الزراعة والصناعة والخدمات والبنوك والصرافات وتحاويل المغتربين، ولعل كل تلك الموارد تسهم بفاعلية في زيادة موارد النقد الأجنبي بالبلاد ويتم التحكم فيها وتنظيم دخولها للبلاد عبر نوافذ محددة، ما عدا تحاويل المغتربين (دولار المغتربين) والتي لم تظهر بوضوح في الاقتصاد الكلي، بل لا توجد معلومات رسمية أكيدة عن عدد السودانيين العاملين بالخارج وأماكن عملهم وطبيعة وظائفهم ودخلهم وتحاويلها إلى داخل البلاد سنوياً، رغم وجود جهاز مختص بشؤون المغتربين، ولكن هذا الجهار يشكو من غياب المعلومة عن المغتربين وتحويلاتهم..؟، كما يشكو وزير الاستثمار أيضا من غياب المعلومات عن عدد المستثمرين بالبلاد سواء أكانوا وطنيين أو أجانب وفى أي مجالات يستثمرون وما العائد من هذه الاستثمارات على الاقتصاد سواء بتوفير فرص عمل أو إنتاج للاستهلاك المحلي أو الصادر وما العائد على الاستثمار وغيرها من الأسئلة المشروعة طالما الاستثمار يعتبر مورداً أساسياً للنقد الأجنبي واستغلال الفرص المتاحة بالبلاد .وفى اعتقادي أن هنالك أسباباً كثيرة لغياب المعلومات عن المغتربين والمستثمرين وعائداتهم ودورههم في الاقتصاد، ولكن بدلاً من الشكوى والتباكي على (اللبن المسكوب) ينبغي أن نبحث عن حل للمشكلة بعد معرفة أسبابها، ولعل سببها الرئيس انعدام التنسيق بين الأجهزة الحكومية المسؤولة عن الاستثمار بالمركز والولايات وعن شؤون المغتربين وتنظيم الهجرة وفقدان النافذة الواحدة في المعاملات الحكومية بجانب فقدان التعامل الإلكتروني في الإجراءات الحكومية أو الحوسبة للمعاملات الحكومية وغيرها. وحسناً فعل بنك السودان المركزي وهو يقذف ب( الكورة في البركة الساكنة) لمعالجة أحد أسباب هروب (دولارات المغتربين) بإصداره لضوابط جديدة بشأن تسليم التحويلات الواردة من الخارج بالنقد الأجنبي، حيث ألزمت هذه الضوابط المصارف والصرافات القيام بتسليم التحويلات الواردة من الخارج بالنقد الأجنبي للمستفيد داخل السودان بنفس العملة التي يتم بها التحويل، من أجل تسهيل وتبسيط إجراءات تحويلات السودانيين العاملين بالخارج وتحويلات كل الجهات التي تقوم بتحويل أموال من الخارج إلى مستفيدين داخل السودان، كما منعت الضوابط المصارف والصرافات من إلزام صاحب التحويل بصرف تحويله بالعملة المحلية إلا إذا كان صاحب التحويل يرغب في إستلام تحويله بالعملة المحلية وليس العملة الأجنبية، وفي هذا تأكيد على حق العميل في الحصول على التحويل بالعملة الأجنبية، بل ذهب بنك السودان المركزي الى أكثر من ذلك بإعلانه عن تلقي شكاوي الجمهور في هذا الخصوص لقد ظلت قضية تسليم تحاويل المغتربين بالخارج وغيرها من التحاويل المالية بداخل البلاد بالعملة المحلية، تشكل تهديداً لدخول الأموال او موارد النقد الأجنبي للبلاد لتظهر عمليات تهريب فى تحويل هذه الاموال، كما ازداد التهرب بصورة كبيرة بسبب (فرق السعر) بين سعر الصرف الرسمي والموازى للدولار، ولذلك تسليم النقد الاجنبي للمستفيد داخل البلاد بنفس العملة التى تم تحويله بها من الخارج ( دولار يسلم دولار ، وريال يسلم ريال ، ويورو يسلم يورو وغيرها من العملات) يمنح الثقة والطمأنينة فى الاقتصاد الوطني ويوفر مورداً جديدا قديماً للنقد الاجنبي، ويتيح خيارات لصاحب التحويل في استلامه بنفس العملة او بيعه للبنك او الصرفة او بيعه في السوق الموازي، لتكون (المحصلة النهائية) ان هنالك موردا دائما فى النقد الاجنبي يستفيد منه الاقتصاد الوطني والمتعاملون في مجال النقد الاجنبي، ليسهم هذا المورد فى إحداث وفرة فى النقد الاجنبي وتغطية الطلب وانهاء الندرة والمضاربة فى الدولار والوصول الى سعر مستقر للدولار. إذاً نحن أمام عودة قوية ل(دولارات المغتربين) عبر الطرق الرسمية ويمكن ان نبني عليها قاعدة معلومات حقيقية عن تحاويل المغتربين ونستطيع ان نقول إنها بلغت بنهاية العام 2013 كذا دولار، كما تستطيع لبنان ان تقول انها سنويا تدخل نحو (10) مليارات دولار من تحاويل المغتربين التى يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني، ونستطيع نحن أن نعتمد على المغتربين في دعم الاقتصاد، كما نعتمد عليهم الآن في دعم اسرهم، ونأمل ان نستفيد من خبرات وتجارب المغتربين في بناء نهضة سودانية شاملة، كما ساهم هؤلاء المغتربون في بناء نهضة دول عديدة في محيطنا الإقليمي.