منذ تطبيق الحكومة لسياسة التحرير الاقتصادي قبل نحو (21) عاماً أسندت الحكومة الى القطاع الخاص نحو (70%) من النشاط الاقتصادي وخرجت من النشاط الاقتصادي بخصخصة الشركات والمؤسسات الحكومية لافساح المجال للقطاع الخاص للاضطلاع بدوره فى التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل وتوفير السلع والخدمات. وظل القطاع الخاص منذ العام 1992 يستفيد من سياسة التحرير الاقتصادي وتطبيق برنامج الخصخصة بتولي النشاط الاقتصادي الأمر الذى أدى الى قفزات نوعية فى عدد من الصناعات المحلية وجذب الاستثمارات ورؤوس الاموال وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض السلع الصناعية وتصدير الفائض وتأمين احتياجات البلاد من السلع الأساسية عبر الاستيراد خاصة القمح والدقيق والزيوت والسكر والأدوية، كما حققت الصناعات الغذائية والهندسية والبلاستيكية والاسمنت قفزة نوعية بتأمين الاستهلاك المحلي وولوج الصادر الى جانب إحداث تطور ملحوظ بقطاع الخدمات خاصة الفنادق والطرق والاتصالات والنقل البري والجوي والخدمات التعليمية والصحية ليسهم القطاع الخاص فى جعل كل تلك الخدمات متاحة لجميع المواطنين. ولكن رغم كل تلك النجاحات التى شهدها القطاع الخاص فى ظل تطبيق سياسة التحرير، إلا انه ظل يعاني من منافسة الشركات الحكومية له وعدم إشراكه فى وضع السياسات الاقتصادية الى جانب تأثيرات هذه السياسات على القطاع الخاص سلباً، لتبرز حاجة ملحة لضرورة إبرام شراكة بين القطاعين العام والخاص ، بان تقوم هذه الشراكة على أسس عديدة فى مقدمتها تكامل ادوار القطاع العام مع القطاع الخاص بحيث يتيح القطاع العام الفرص ويقوم القطاع الخاص باغتنام هذه الفرص بتمويل المشروعات الحكومية التنموية وتنفيذها على ان تتحمل الحكومة مسؤولية دفع كلفة التمويل ، وان يقوم القطاع الخاص بخلق فرص العمل وتشغيل الخريجين على ان تقوم الحكومة بتهيئة المناخ للاستثمار لتوفير فرص العمل الجماعي او تشجيع العمل الحر عبر التمويل الأصغر بواسطة البنوك والتى تعتبر من أهم أعمدة القطاع الخاص. ولعل أهم مطلوبات الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص هى تمكين القطاع الخاص من المشاركة الحقيقية فى السياسة الاقتصادية الحالية والمستقبلية للدولة، وتمكين صناع القرار فى القطاع العام من التعرف على مشاكل وقضايا القطاع الخاص دون وسيط بالاضافة الى التعريف بإمكانياته حيث يمثل أكثر من 70% من حجم النشاط الاقتصادي بالبلاد بجانب الاستفادة من التجارب الدولية والخارجية، فضلا عن ضرورة استمرار الحوار والتفاعل بين القطاعين العام والخاص لتدعيم عناصر الشراكة . وفى اعتقادي ان الفرصة الآن مواتية لخلق شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص بإقرار مبدأ التكامل بينهما ، ومشاركة بعضهما البعض فى وضع السياسات وتحمل المسؤوليات والنظر بقلب مفتوح لتحقيق المصالح المشتركة وخدمة البلاد والعباد.