في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    ((المدرسة الرومانية الأجمل والأكمل))    من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالفيديو.. رجل سوداني في السبعين من عمره يربط "الشال" على وسطه ويدخل في وصلة رقص مع الفنان محمد بشير على أنغام الموسيقى الأثيوبية والجمهور يتفاعل: (الفرح والبهجة ما عندهم عمر محدد)    كامل إدريس يصدر توجيهًا بشأن الجامعات.. تعرّف على القرار    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبعاد الأمنية لإساءة استخدام التكنولوجيا الرقمية وامكاناتها الواسعة

ماذا لو عبث البعض بالمخزون الذري وقنابله المخيفة؟ وكالات: مهد التطور العلمي والتكنولوجي السبل المؤتمتة في الحصول على أسلحة ووسائل تدمير جديدة بوسائل المعلوماتيةInformation Technology ، وبات الإرهاب يستفيد من التقنيات الحديثة على المستويات كافة؛ مثل وسائل الاتصال، تقنيات الأسلحة والمتفجرات وأجهزة الرصد والمراقبة وغيرها. وهكذا أصبحت تكنولوجيا المعلومات (التي توصف ايضاً بالتكنولوجيا الرقميةDigital Technology) من السمات الأساسية للمجتمعات ما بعد الصناعية الحديثة. وفي المقابل، فإن الأسلحة المتعارف عليها (العادية وأسلحة التدمير الشامل)، حتى بأحدث نسخها المتطورة، باتت توصف باعتبارها أسلحة «تقليدية»، في الاشارة الى وضعها التكنولوجي بالمقارنه مع هذا الوجه المستحدث من أساليب التدمير. أنظمة التحكم المعلوماتية ادى التقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا وأنظمة المعلومات وشيوع استخدام شبكة الإنترنت، الى جعل بعض المجتمعات، وخصوصاً الغربية منها، تعتمد في تسيير أوجه مختلفة من حياتها، مثل المرافق الصناعية والبورصات وعمليات المصارف ووسائل الاتصال والمواصلات وغيرها، على برامج معلوماتية تقوم بتشغيلها في شكل آلي وتلقائي منتظم. فعلى سبيل المثال، يتمّ التحكّم بحركة الملاحة الجوية وأنظمة السلامة في المطارات وتسيير القطارات ومواعيدها وخطوطها وأنظمة السير في المدن الكبرى، وكذلك إدارة وتشغيل مرافق توليد الطاقة والسدود ومصافي النفط، اضافة الى التحكم بأنظمة إطلاق الصواريخ وتوجيهها والأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية ومحطات إنتاجها، وإدارة صناعة الأدوية وغيرها، بواسطة برامج معلوماتية Computer programmes متصلة معظمها ببعضها بعضاً بواسطة شبكات رقمية Networks. وعليه، فإنّ العبث بأيّ من هذه الأنظمة عبر الدخول غير المشروع على البرامج أو غير ذلك من الوسائل، قد يتسبب بأضرار وخيمة وكارثية. ومن الأمثلة على ذلك التسبب بسقوط الطائرات أو تصادمها عبر تزويدها معلومات ملاحية خاطئة أو تعطيل وسائل التحكم الإلكترونية فيها، اضافة الى أن التلاعب بالبرامج التي تتحكم بأجهزة تصنيع الدواء تنجم عنه فوضى في المقادير المستخدمة وبالتالي التسبب بأضرار صحية جسيمة لا يتمّ اكتشاف سببها إلا بعد فوات الأوان. سيناريوات الرعب التكنولوجي في سياق مماثل، يمكن ان نتصور ما قد يحدث اذا نجحت مجموعات ارهابية في الدخول الى الشبكات الالكترونية التي تدير البنى الاساسية وخدماتها، والعبث بها، كمثل اللجوء الى تعطيل إشارات السير أو الفوضى في عملها، وخصوصاً في المدن الكبرى، مع ما قد ينتج من ذلك من أضرار كبيرة لا يستهان بها، بأثر من الفوضى وحوادث السير. وينطبق الوصف السابق على احتمالات مشابهة في العمل الارهابي، مثل تعطيل عمل محطات الكهرباء والمياه وشبكات الاتصال والأنظمة المصرفية والبورصة، وفتح منافذ السدود، والتسبب بتعطيل عمل المحطات النووية والكيماوية والبيولوجية أو عملها على نحو غير صحيح، وما قد ينتج من ذلك من تسرّب للإشعاعات والمواد الخطرة والتلاعب بأنظمة تشغيل وإطلاق أو توجيه الصواريخ الإستراتيجية وأسلحة الدمار الشامل، مما قد يتسبب بإطلاقها عشوائياً وما قد ينجم عن ذلك من دمار وردود محتملة قد تقود إلى حرب كونية جديدة وغيرها. ضرورة الأمن الإلكتروني مع حداثة هذا الشكل من الجرائم، فإن سبل مواجهته أيضاً تستلزم أشكالاً جديدة من العمل الأمني فكراً وتنفيذاً. وللجرائم الإلكترونية ثلاثة أركان رئيسة، مثل الجرائم العادية، هي الجاني والأداة والمجني عليه. ويعرف الجاني أنه الشخص أو الجهة التي تقوم بالتلاعب أو الاختراق لارتباطها بأعمال تخريبية إرهابية أو لأسباب أخرى - منها القرصنة المصرفية والتلاعب بالحسابات المالية. أما المجني عليه فهو إما أن يكون عميلاً لمصرف أو مؤسسة مالية، أو المؤسسة ذاتها، أو أي جهة تستخدم الإنترنت في إنجاز معاملاتها المالية والإدارية. وتتميز الجريمة الإلكترونية بالركن الثالث فيها، أي أداة الجريمة. التي تتمثل في الوسيلة وحسابات البريد الإلكتروني وما إليها. وتستخدم هذه الأدوات في نطاق الشبكة المعلوماتية التي تمثل بدورها ساحة أو موقع الجريمة. وهكذا شرعت الجريمة الإلكترونية في الدخول إلى المجتمعات وإن كانت لا تمثل ظاهرة خطيرة راهناً، بخاصة في الدول النامية لكنها تتخذ أشكالاً عدة منها: 1- النصب الإلكتروني: ويقصد به استخدام الإنترنت في عمليات نصب واحتيال على المستخدمين. ويشكل البريد الإلكتروني الساحة الفعلية لهذه الجريمة. 2- سرقة بطاقات الائتمان: وتعتبر «الأب الروحي» للظاهرة السابقة. وتتم عبر طلب رقم بطاقة الائتمان الخاصة بالمشترك. وكثيراً ما تسرق أموال من حسابات أصحاب هذه البطاقات من تلك الشركات الوهمية، فتتحول الجريمة من عملية نصب لا تتجاوز قيمتها دولارات عدة يدفعها المجني عليه بإرادته، إلى جريمة سرقة يتعرض فيها حساب المجني عليه لسحب مبالغ طائلة منه من دون علمه. 3- سرقة الحسابات المصرفية: في هذه الطريقة يخترق السارق الإلكتروني الشبكات الإلكترونية الخاصة بالمصرف أو المؤسسة المالية، ويحوّل أموالاً من حسابات المصرف إلى حسابات أخرى تابعة للمخترق. أحياناً يتعرف إلى الحسابات المصرفية للعملاء وتجرى عمليات مصرفية تحول بموجبها الأموال من حساب العميل وليس المصرف، لتجنب اكتشاف التلاعب في الحسابات الرئيسة الخاصة بالمصرف. وفي هذا الإطار تشير تقارير منظمة الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الجريمة على الإنترنت إلى أن أكثر من 98 في المئة من أعمال السطو والتخريب لمواقع الأفراد والمؤسسات ارتكبتها تلك الفئة من القراصنة المحترفين، إذ ان هؤلاء القراصنة يتمكنون بفضل ما لديهم من خبرات واسعة وإمكانات تكنولوجية وفنية متطورة وأساليب المناورة والخداع والاحتيال، من اجتياز معظم مفاتيح الأمان واقتحام مواقع الويب والاختفاء خلفها عبر شبكات فرعية، من دون أن يتركوا وراءهم أي أثر لجرائمهم! وفي الولايات المتحدة الاميركية قدر مكتب البوليس الفيديرالي «اف بي آي» مجموع ما خسره المستهلكون في العام الماضي بنحو 500 مليون دولار نتيجة السطو على بطاقات الائتمان. وفي الواقع تطورت تقنية القرصنة هذه في شكل ظاهر وهي من عمل متخصصين محترفين في الجريمة المنظمة، لا هواة. وكلفت هذه الاختلاسات اكثر من 1.20 بليون دولار، أما معظم الضحايا فهم زبائن مواقع الكترونية متخصصة بالتجارة الالكترونية مثل «سيتي بانك»City Bank و»أي باي»eBay و»ايه او ال»AOL وغيرها. إنّ هذه الأخطار هي حقيقية وليست أبداً من قبيل الخيال العلمي science fiction، وإذا كانت نسبة تحققها صعبة - والأصح أنّها لم تصبح شائعة حتى اليوم - إلا أنّها تبقى ممكنة. وبالنظر لما قد يترتب من خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، فإنّها تعتبر من قبيل «القوة» التي حظّرت المادة 2 فقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة على الدول اللجوء إليها أو مجرّد التهديد بذلك. فمعنى «القوة» يجب ألاّ يقتصر على الأسلحة التقليدية وغير التقليدية التي عرفتها البشرية حتى اليوم، وإنّما كل ما يترتب على استخدامه من خسائر في الأرواح والممتلكات. هذا وأشارت الأمم المتحدة مراراً إلى «خطر استخدام الجماعات الإرهابية لتكنولوجيا الاتصالات»، ودعت إلى «النظر في المخاطر المتمثّلة في استعمال الإرهابيين للنظم والشبكات الإلكترونية». إنّ استخدام «الكومبيوتر» لم يكن يوماً ليصنّف من ضمن أسلحة الدمار الشامل ولكن يبدو أنه قد يكون كذلك. وإذا كان امتلاك الدولة أسلحة الدمار الشامل، من جملة معايير كانت طوال القرن الماضي ضرورية لوضعها في مصاف الدول الكبرى، فإنّ مثل هذه التقنيات قد تعيد رسم الخريطة الدولية ومواقع القوة والنفوذ فيها. وهذه الأمور وما يشبهها، هي التي ترسم راهناً الآفاق المتقلبة لمستقبل البشرية. الأبعاد الأمنية لإساءة استخدام التكنولوجيا الرقمية وامكاناتها الواسعة ماذا لو عبث البعض بالمخزون الذري وقنابله المخيفة؟ ماذا لو عبث البعض بالمخزون الذري وقنابله المخيفة؟ مهد التطور العلمي والتكنولوجي السبل المؤتمتة في الحصول على أسلحة ووسائل تدمير جديدة بوسائل المعلوماتيةInformation Technology ، وبات الإرهاب يستفيد من التقنيات الحديثة على المستويات كافة؛ مثل وسائل الاتصال، تقنيات الأسلحة والمتفجرات وأجهزة الرصد والمراقبة وغيرها. وهكذا أصبحت تكنولوجيا المعلومات (التي توصف ايضاً بالتكنولوجيا الرقميةDigital Technology) من السمات الأساسية للمجتمعات ما بعد الصناعية الحديثة. وفي المقابل، فإن الأسلحة المتعارف عليها (العادية وأسلحة التدمير الشامل)، حتى بأحدث نسخها المتطورة، باتت توصف باعتبارها أسلحة «تقليدية»، في الاشارة الى وضعها التكنولوجي بالمقارنه مع هذا الوجه المستحدث من أساليب التدمير. أنظمة التحكم المعلوماتية ادى التقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا وأنظمة المعلومات وشيوع استخدام شبكة الإنترنت، الى جعل بعض المجتمعات، وخصوصاً الغربية منها، تعتمد في تسيير أوجه مختلفة من حياتها، مثل المرافق الصناعية والبورصات وعمليات المصارف ووسائل الاتصال والمواصلات وغيرها، على برامج معلوماتية تقوم بتشغيلها في شكل آلي وتلقائي منتظم. فعلى سبيل المثال، يتمّ التحكّم بحركة الملاحة الجوية وأنظمة السلامة في المطارات وتسيير القطارات ومواعيدها وخطوطها وأنظمة السير في المدن الكبرى، وكذلك إدارة وتشغيل مرافق توليد الطاقة والسدود ومصافي النفط، اضافة الى التحكم بأنظمة إطلاق الصواريخ وتوجيهها والأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية ومحطات إنتاجها، وإدارة صناعة الأدوية وغيرها، بواسطة برامج معلوماتية Computer programmes متصلة معظمها ببعضها بعضاً بواسطة شبكات رقمية Networks. وعليه، فإنّ العبث بأيّ من هذه الأنظمة عبر الدخول غير المشروع على البرامج أو غير ذلك من الوسائل، قد يتسبب بأضرار وخيمة وكارثية. ومن الأمثلة على ذلك التسبب بسقوط الطائرات أو تصادمها عبر تزويدها معلومات ملاحية خاطئة أو تعطيل وسائل التحكم الإلكترونية فيها، اضافة الى أن التلاعب بالبرامج التي تتحكم بأجهزة تصنيع الدواء تنجم عنه فوضى في المقادير المستخدمة وبالتالي التسبب بأضرار صحية جسيمة لا يتمّ اكتشاف سببها إلا بعد فوات الأوان. سيناريوات الرعب التكنولوجي في سياق مماثل، يمكن ان نتصور ما قد يحدث اذا نجحت مجموعات ارهابية في الدخول الى الشبكات الالكترونية التي تدير البنى الاساسية وخدماتها، والعبث بها، كمثل اللجوء الى تعطيل إشارات السير أو الفوضى في عملها، وخصوصاً في المدن الكبرى، مع ما قد ينتج من ذلك من أضرار كبيرة لا يستهان بها، بأثر من الفوضى وحوادث السير. وينطبق الوصف السابق على احتمالات مشابهة في العمل الارهابي، مثل تعطيل عمل محطات الكهرباء والمياه وشبكات الاتصال والأنظمة المصرفية والبورصة، وفتح منافذ السدود، والتسبب بتعطيل عمل المحطات النووية والكيماوية والبيولوجية أو عملها على نحو غير صحيح، وما قد ينتج من ذلك من تسرّب للإشعاعات والمواد الخطرة والتلاعب بأنظمة تشغيل وإطلاق أو توجيه الصواريخ الإستراتيجية وأسلحة الدمار الشامل، مما قد يتسبب بإطلاقها عشوائياً وما قد ينجم عن ذلك من دمار وردود محتملة قد تقود إلى حرب كونية جديدة وغيرها. ضرورة الأمن الإلكتروني مع حداثة هذا الشكل من الجرائم، فإن سبل مواجهته أيضاً تستلزم أشكالاً جديدة من العمل الأمني فكراً وتنفيذاً. وللجرائم الإلكترونية ثلاثة أركان رئيسة، مثل الجرائم العادية، هي الجاني والأداة والمجني عليه. ويعرف الجاني أنه الشخص أو الجهة التي تقوم بالتلاعب أو الاختراق لارتباطها بأعمال تخريبية إرهابية أو لأسباب أخرى - منها القرصنة المصرفية والتلاعب بالحسابات المالية. أما المجني عليه فهو إما أن يكون عميلاً لمصرف أو مؤسسة مالية، أو المؤسسة ذاتها، أو أي جهة تستخدم الإنترنت في إنجاز معاملاتها المالية والإدارية. وتتميز الجريمة الإلكترونية بالركن الثالث فيها، أي أداة الجريمة. التي تتمثل في الوسيلة وحسابات البريد الإلكتروني وما إليها. وتستخدم هذه الأدوات في نطاق الشبكة المعلوماتية التي تمثل بدورها ساحة أو موقع الجريمة. وهكذا شرعت الجريمة الإلكترونية في الدخول إلى المجتمعات وإن كانت لا تمثل ظاهرة
خطيرة راهناً، بخاصة في الدول النامية لكنها تتخذ أشكالاً عدة منها: 1- النصب الإلكتروني: ويقصد به استخدام الإنترنت في عمليات نصب واحتيال على المستخدمين. ويشكل البريد الإلكتروني الساحة الفعلية لهذه الجريمة. 2- سرقة بطاقات الائتمان: وتعتبر «الأب الروحي» للظاهرة السابقة. وتتم عبر طلب رقم بطاقة الائتمان الخاصة بالمشترك. وكثيراً ما تسرق أموال من حسابات أصحاب هذه البطاقات من تلك الشركات الوهمية، فتتحول الجريمة من عملية نصب لا تتجاوز قيمتها دولارات عدة يدفعها المجني عليه بإرادته، إلى جريمة سرقة يتعرض فيها حساب المجني عليه لسحب مبالغ طائلة منه من دون علمه. 3- سرقة الحسابات المصرفية: في هذه الطريقة يخترق السارق الإلكتروني الشبكات الإلكترونية الخاصة بالمصرف أو المؤسسة المالية، ويحوّل أموالاً من حسابات المصرف إلى حسابات أخرى تابعة للمخترق. أحياناً يتعرف إلى الحسابات المصرفية للعملاء وتجرى عمليات مصرفية تحول بموجبها الأموال من حساب العميل وليس المصرف، لتجنب اكتشاف التلاعب في الحسابات الرئيسة الخاصة بالمصرف. وفي هذا الإطار تشير تقارير منظمة الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الجريمة على الإنترنت إلى أن أكثر من 98 في المئة من أعمال السطو والتخريب لمواقع الأفراد والمؤسسات ارتكبتها تلك الفئة من القراصنة المحترفين، إذ ان هؤلاء القراصنة يتمكنون بفضل ما لديهم من خبرات واسعة وإمكانات تكنولوجية وفنية متطورة وأساليب المناورة والخداع والاحتيال، من اجتياز معظم مفاتيح الأمان واقتحام مواقع الويب والاختفاء خلفها عبر شبكات فرعية، من دون أن يتركوا وراءهم أي أثر لجرائمهم! وفي الولايات المتحدة الاميركية قدر مكتب البوليس الفيديرالي «اف بي آي» مجموع ما خسره المستهلكون في العام الماضي بنحو 500 مليون دولار نتيجة السطو على بطاقات الائتمان. وفي الواقع تطورت تقنية القرصنة هذه في شكل ظاهر وهي من عمل متخصصين محترفين في الجريمة المنظمة، لا هواة. وكلفت هذه الاختلاسات اكثر من 1.20 بليون دولار، أما معظم الضحايا فهم زبائن مواقع الكترونية متخصصة بالتجارة الالكترونية مثل «سيتي بانك»City Bank و»أي باي»eBay و»ايه او ال»AOL وغيرها. إنّ هذه الأخطار هي حقيقية وليست أبداً من قبيل الخيال العلمي science fiction، وإذا كانت نسبة تحققها صعبة - والأصح أنّها لم تصبح شائعة حتى اليوم - إلا أنّها تبقى ممكنة. وبالنظر لما قد يترتب من خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، فإنّها تعتبر من قبيل «القوة» التي حظّرت المادة 2 فقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة على الدول اللجوء إليها أو مجرّد التهديد بذلك. فمعنى «القوة» يجب ألاّ يقتصر على الأسلحة التقليدية وغير التقليدية التي عرفتها البشرية حتى اليوم، وإنّما كل ما يترتب على استخدامه من خسائر في الأرواح والممتلكات. هذا وأشارت الأمم المتحدة مراراً إلى «خطر استخدام الجماعات الإرهابية لتكنولوجيا الاتصالات»، ودعت إلى «النظر في المخاطر المتمثّلة في استعمال الإرهابيين للنظم والشبكات الإلكترونية».
إنّ استخدام «الكومبيوتر» لم يكن يوماً ليصنّف من ضمن أسلحة الدمار الشامل ولكن يبدو أنه قد يكون كذلك. وإذا كان امتلاك الدولة أسلحة الدمار الشامل، من جملة معايير كانت طوال القرن الماضي ضرورية لوضعها في مصاف الدول الكبرى، فإنّ مثل هذه التقنيات قد تعيد رسم الخريطة الدولية ومواقع القوة والنفوذ فيها. وهذه الأمور وما يشبهها، هي التي ترسم راهناً الآفاق المتقلبة لمستقبل البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.