خالد المبارك لعل أكبر دليل على ان حركة العدل المساواة خسرت بمغامرتها الانتحارية في ام درمان ان أريك ريفز (اكثر محترفي معاداة السودان تطرفاً). وصف الهجوم بأنه «هدية» لصالح حكومة السودان. لم تتراجع الحركة رغم ذلك ويبدو انها قررت مواصلة الانتحار الادبي والاعلامي. شن د. عبدالله التوم هجوماً جارحاً ومسيئاً على د. اليكس دي وال وجولي فلنت ناقلاً على لسان جولي انها قالت ان الامريكيين هم الذين عيّنوا اليكس مستشاراً للاتحاد الافريقي اثناء مفاوضات اتفاقية سلام دارفور 2006م! ردت الاستاذة جولي بالتهذيب البريطاني الشهير فتجاهلت الاساءة واوضحت انها لم تقل لمسؤول التدريب في حركة العدل والمساواة ما ادعاه. لزم اليكس دي وال الصمت لكن التجني لم يثنه عن مواصلة التعليق على التطورات بدارفور. كتب في مدونته «31 مايو» قائلاً: ان حركة العدل والمساواة لا تسيطر على مساحات من الارض بدارفور وليست لديها مؤسسات أمنية قادرة على ادارة السودان «كما كان حال حركات التمرد في أريتريا وإثيوبيا ورواندا في مطلع التسعينيات»، كما ان الحركة لا تتمتع بشرعية دولية ووصف الهجوم على ام درمان بأنه محاولة انقلابية. إلا ان حركة العدل والمساواة خسرت ايضاً سياسياً بالندوة التي اقيمت في لندن يوم 29مايو الماضي التي يحول انعقادها تحت ظل «قانون تشاثام» دون ان نذكر اسماء المشاركين فيها ونقتطف اقوالهم. تحدث احد المشاركين في الوساطة الدولية فأكد ان كثرة انقسامات حركات التمرد تمثل معضلة حقيقية يزيد منها ان الحركات لا تعترف ببعضها البعض. كرر ما قاله كثيرون عن مطالب عبد الواحد محمد نور التعجيزية فقال ان المطالب اذا استجيب لها قبل التفاوض فما جدوى الجلوس للتفاوض؟! نتذكر ان اندرو ناتسيوس المفوض الامريكي الخاص السابق للسودان اورد هذه النقطة ايضاً قبل ان يستقيل. تصدت احدى محترفات معاداة السودان للمتحدث وسألته: تقول ان حكومة السودان مستعدة للحوار والمفاوضات والتوصل الى حلول وتسوية، كيف تصدق ذلك؟ الا يحتمل ان تكون الحكومة تناور بغير صدق؟ جاء الرد المقنع فورياً وهو: اذا قالت أية جهة انها تلتزم بموقف معين فان الاختبار الحقيقي للنيات هو التنفيذ، ولا شيء غير ذلك. اشك في ان الصحافية ستنشر سؤالها والاجابة في نشرتها البائسة. لم تخرج الندوة بدار معهد التنمية الدولية بقرارات أو توصيات، لكن الخلاصة التي صبت فيها معظم الآراء من المتخصصين شبه الحكوميين والمعلقين والمستقلين هي ضرورة تفعيل الجهود الرامية لاستئناف مفاوضات السلام دون التخلي عن الآليات الحالية أو عن اتفاقية سلام دارفور. وكنت احد الذين اكدوا على ذلك في مداخلتي. المفاجأة المؤلمة هي ان حركة العدل والمساواة واصلت التطرف الاعمى فقام اعضاؤها أو المحسوبون عليها بالهجوم على أمسية مهرجان المجلس القومي السوداني ببيرمنجهام يوم «1» يونيو دمروا خشبة المسرح والكاميرات والمقاعد واعتدوا بالضرب على الشاعر التيجاني حاج موسى وآخرين. المعروف ان السودانيين في بريطانيا يتحلون بسمعة فريدة لانهم لا يشتركون في الجريمة المنظمة ولا التهريب ولا العنف والمخدرات. ولم يحدث طوال سنوات المعارضة للحكومات السودانية ان قام اللاجئون السياسيون بالهجوم على ندوة أو مناسبة ثقافية أو سياسية في لندن أو خارجها. الامر الآن بيد الشرطة وبيد السلطات البريطانية ولا شك لدينا في نزاهتها واهتمامها بحماية الافراد والمنشآت في هذه الديار البريطانية. ورغم انني شاهدت د. جبريل ابراهيم «الذي سبق ان اشتركت معه في سجال تلفزيوني بقناة المستقلة» وهو يدافع عن غزو ام درمان في قناة الحوار اللندنية، إلا ان العزلة التامة للحركة بعد مغامراتها المتعددة يستحيل «بمنطق السياسة العملية» ان تمر دون هزّة داخلية تفضي الى تغيير في القيادة. ولا يستبعد ان يخشى بعض المشاركين في التمويل على انفسهم فيبتعدون عن الحركة. ومهما يكن من أمر فإن البحث عن انتصار سريع في بيرمنجهام بالاعتداء على الشاعر التيجاني حاج موسى لم يثمر إلا المزيد من الاخفاقات بالنسبة لحركة العدل والمساواة «أو ما تبقى منها».