* أحزابنا لا تضع الشخص المناسب في المكان المناسب * على حزب الأمة إجراء إصلاحات داخلية بعيدا عن التكتلات الجهوية * مشكلات وقضايا دارفور مقدور على حلها بتوحد الكلمة * دعوات الإصلاح لا تجد أذن صاغية من قيادات الأحزاب التقليدية حوار (smc) ترك انسلاخ الدكتور ابراهيم الامين عن حزب الامة العديد من التساؤلات التي بقيت بغير اجابة، خاصة وان الدكتور ابراهيم الامين وخلافاً لما يفعل الكثيرون ممن يتخلون عن احزابهم أو ينشقون عنها، قد التزم الصمت، وامتنع عن التعرض لحزبه السابق أو مهاجمته، وقد اتيح للمركز السوداني للخدمات الصحفية (smc) فرصة الالتقاء بالدكتور ابراهيم والتداول معه حول حيثيات قراره، فيما يلي نص الحوار. * برأيك ما هي أسباب بروز صوت الإصلاح بشكل ملحوظ داخل الأحزاب في هذه المرحلة من عمر السودان؟ هناك أزمة مركبة طالت الفرد والمجتمع والدولة دعت لذلك وعندما نتحدث عن الإصلاح يجب أن يكون شاملا وان تتصدر أولوياته قضية الإصلاح الحزبي التي هي الضمان الأساسي لنجاح التجربة الديمقراطية المقبلة. فاستقرار البلاد وإستدامة السلام رهين بقيام نظام ديمقراطي دعامته أحزاب قوية تستمد شرعيتها وقوتها من القاعدة الجماهيرية العريضة * إذن أين تراكم الخبرة الحزبية من صياغة الواقع السياسي الراهن؟ هنالك أسباب كثيرة ساهمت في تراجع فاعلية دور العمل الحزبي منها مشاكل الأحزاب الداخلية وضعف البنية التنظيمية والصراعات حول الزعامة وغياب البرنامج وهذه الأسباب بدورها أدت إلى حدوث إنقسامات وأدت الى تعثر مشاريع التنمية والخدمات الخاصة في الأطراف وقد زاد من تعقيد الأزمة قيام الأنظمة الشمولية والتي يكون في مقدمة أهدافها هدم البنى التقليدية ومطاردة قيادات الأحزاب دون أن تقدم البديل المقبول. ولمعالجة هذه القضايا يتوجب على الأحزاب السياسية ان تبدأ في بناء نفسها من القاعدة وان تعيد النظر في تجاربها وهياكلها وقياداتها إعتمادا على مؤسسات قوية تمارس فيها السياسة بشفافية وفي مناخ تتوفر فيه الديمقراطية وهذا أمر طبيعي في البلاد المتقدمة والتي فيها الأحزاب تشكل مدرسة والقيادات قدوة والقواعد قادرة على المتابعة والمساءلة والمحاسبة والمراكز المتقدمة يتم تداولها بعد إخضاعها لمراجعات دقيقة للشخص ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وهذا غير موجود في أحزابنا. * إذا كانت أحزابنا تفتقر لكل هذا فما جدوى إنتماء النخبة من المثقفين إليها دون إحداث إصلاحات تجديدية تصحيحية؟ هذا لا يعني غياب الدعوة التجديدية أو التصحيحية داخل الأحزاب لكنها لا تجد الاستجابة أو الاذن الصاغية فالقيادة الكارزمية و الإرث شكلا عقبة أساسية أمام أية حركة تجديدية. * متى قررت الابتعاد عن الحزب وما هي القناعات التي بلورت هذا القرار؟ فكرة الإبتعاد ظلت تراودني ما بين أمل الإصلاح والواقع الماثل وقد قررت الإبتعاد مؤخرا عن قناعة بأن المرحلة القادمة هي الأخطر في تاريخ السودان الحديث بحسبان أنها مرحلة أصبح للأطراف دور في تحديد معالمها وللدول الأجنبية والجيران والدول الكبرى تأثير عليها وهي مرحلة تحتاج لأحزاب قوية وقادرة على جمع الصف الوطني وحماية البلاد من التدخل الأجنبي والتدخلات الخارجية من الإنزلاق في حروب جديدة أو التحول الى وحدات صغيرة متناحرة - كنت على قناعة بأن حزب الأمة هو الأكثر من غيره قدرة على توحيد أهل السودان. وإذا أراد حزب الأمة أن يلعب هذا الدور عليه ان يبدأ بعملية إصلاح داخلي يتم بموجبه التوحيد والتجويد والربط بالقواعد وإشراكها بفاعلية بعيدا عن التكتلات الجهوية والتطلعات غير المشروعة لبعض الأفراد والإنحياز لمن يريد أن يكون فقط في موقع المتلقي. * ماذا عن مشكلة دارفور؟ دارفور من أكثر أقاليم السودان تسامحا وقد تعايشت فيها القبائل السودانية مع التنوع في دارفور وقامت ممالك عظيمة في تاريخها ولكن هناك مشاكل على مر العهود أدت الى تعثر مشاريع التنمية والتي تعطلت لأسباب مختلفة مما أدى لإتساع دائرة الفقر التي عمّقها الجفاف والتصحر والهجرة والصراعات حول الموارد و كل هذا مقدور عليه إن توحدت كلمة أبناء دارفور وأهل السودان. ولابد أولاً من ان يكون التوحد في نبذ الحرابة ورفض البندقية كوسيلة لحسم الصراع السياسي والدخول في حوار يحفظ لكل الأطراف حقوقها في إطار مشروع لتنمية دارفور الكبرى. لا بد ثانياً من خطة إسعافية لمعالجة آثار الحرب وإصلاح مؤسسات الدولة تبدأ من مؤسسات الحكم القاعدي بأن يترك إختيار الحاكم للقواعد و منها يستمد شرعيته وهي التي تتولى مساءلته ومحاسبته عبر المؤسسة التشريعية والإقليمية على ان تتولى الحكومة في فترة إنتقال محددة، معالجة القصور في الخدمات لسد النقص الأساسي وبهذا نستطيع أن نوصد أبواب العنف والتدخل الأجنبي والإقليمي والدولي. * هل هنالك سبب خفي وراء تأجيج هذه الصراعات بعد طيلة تلك العقود التي شهدت تعايش أهل دارفور بأثنياتها المتباينة كما ذكرت؟ دارفور ظلت لفترات متباعدة ملعبا لصراعات حدودية خاصة ولدارفور حدود مع دول جوار كانت فيها حروب أهلية وحروب بينية مع جيرانها أثرت سلبا على أمن وإستقرار دارفور عبر الهجرات وإستخدام الأراضي السودانية وأراضي دول الجوار لمراكز إنطلق منها العمل العسكري وعمليات النهب المسلح.