من المؤكد أن أحداث العنف المؤسفة ، التي وقعت في استاد مدينة بورسعيد المصرية بين جماهير المصري البورسعيدي والأهلي القاهري والتي قُتل خلالها أكثر من سبعين مشجعاً مصرياً ، تشكل يوماً أسوداً في تاريخ كرة القدم المصرية والعالمية على حد سواء لأن اغتيال الروح الرياضية في مصر لا يُعد شأناً محلياً مصرياً وإنما هو مأساة إنسانية مروعة قد تطال آثارها المدمرة كل بلاد العالم ومن الممكن أن تنتقل إلى الملاعب العالمية وتهدد بإلغاء كرة القدم ، التي تعتبر اللعبة الأكثر شعبية في العالم ، من خارطة التنافس الرياضي لأسباب أمنية بحتة. فما الذي جعل بعض المصريين ينتقلون من ميدان التحرير الذي علم العالم المطالبة بالحرية بالأسلوب السلمي إلى ميدان التدمير الذي صدم العالم بأسلوب تهشيم الرؤوس بالسنج والجنازير؟! وإذا أخذنا في الاعتبار أن المصري البورسعيدي قد فاز على الأهلي القاهري 3/1 في تلك المباراة الكارثية فكم كان سيبلغ عدد شهداء العنف الرياضي إذا انهزم المصري البورسعيدي بذات النتيجة في تلك المباراة؟! وكيف يقوم بعض المشجعين البورسعيديين بارتكاب مجزرة في حق ضيوفهم من المشجعين القاهريين ، أين مفهوم إكرام الضيف الذي يُعتقد أنه متقلقل في أعماق الشخصية المصرية والشخصية العربية؟! ثم ألا يُوجد مشجعون أهلاويون في بورسعيد ومشجعون للمصري في القاهرة ، من أين جاء هذا الفرز الرياضي القبلي الذي زين لبعض المصريين قتل إخوانهم المصريين في لحظة شيطانية مشؤومة؟! وكيف تم السماح بإدخال الاسلحة البيضاء إلى ميدان مخصص لكرة القدم وليس للحرب والقتال؟! وهل لهذه الأحداث الرياضية المؤسفة أي علاقة بتصفية الحسابات السياسية بين قوى الثورة الشبابية في مصر وقوى الثورة المضادة؟ من المؤكد أن معاقبة بعض الشخصيات الرياضية والأمنية والسياسية في مصر وإيقاف مباريات كرة القدم المصرية لعدة سنوات أو لأجل غير مسمى بسبب تلك المجزرة الرياضية البشعة ودفع تعويضات لذوي شهداء كرة القدم المصرية سوف لن يخفف سوى النذر اليسير من آثار تلك الكارثة الرياضية الكبرى، فكثير من مشجعي الأهلي القاهري قد راحوا يصرحون علناً في وسائل الاعلام المصرية والأجنبية بضرورة أخذ الثأر من مشجعي المصري البورسعيدي وهو تصريح مخيف ينذر بتفجير المزيد من عنف الملاعب في الميادين المصرية لو لم تتخذ بشأنه أقصى درجة من الاحتياطات الأمنية. إن العالم بأسره حزين ومصدوم مما جرى في مصر ويخشى بشدة من تفشي ظاهرة عنف الملاعب إذا اتجه المشجعون الأفارقة والأوربيون والآسيويون والأمريكيون إلى حمل الخناجر والسيوف بدلاً من الأعلام والطبول وانهمكوا في حروب داحس والغبراء الرياضية العبثية، وقد يطالب الكثيرون في نهاية المطاف بالغاء لعبة كرة القدم نهائياً وإلغاء مسابقة كأس العالم نفسها على أساس أن كرة القدم قد أصبحت رياضية بشرية دموية كرياضة مصارعة الثيران ، فهلا سعت سائر اتحادات كرة القدم في العالم إلى تصحيح المسار الرياضي وضبط الاعلام الرياضي لمنع آثار هذه المجزرة الرياضية ، التي تعتبر الأسوأ في تاريخ كرة القدم المصرية، من الانتشار في جميع الاتجاهات؟ فيصل علي سليمان الدابي/المحامي