التحية لك وأنت تناطح بقرني حق ورمَّهما (الدُواسُ) في الحق وللحق ولطهر اليد وعفة اللسان . والتحية لك وأنت تنتصر لمعاني العدل ومحاربة الفساد على حساب نفسك وبطريقتك الخاصة وأنت تقتفي أثر الغفاري ، فتخرج من براثن الشك والفساد دوما وأنت مظلوم ، إلى أرفف الطهر والنقاء والإباء . والتحية لك وأنت تعلمُنا معنى الصمود والتأبي والعصيان وأدبيات (لا) من داخل مؤسسات غلُظت فيها عصا الظلم ووعظم فيها التكاتف على الضلال والجور والخوار والإبتذال ، وأنت فيها معنا للطهر والعفة في الواجب إينما إستعملك اولي الأمر ، ونحن نعرف حِرتُك في الحق ، ولينك وعطاءك وطهر يدك عندما تمتد الأيادي ويشقى الأخرون . والتحية لك ونحن نعرفك منذ نعومة أظافرك ونعرف بندقيتك الصاهلة في وجه (اللولوة والدغمسة ) والدهن ، وأنت تخرج علينا منذ أن علمك الله حرفا ، تعلمنا صدق الصامتين ، وصمت الصادقين العاملين ، ومقام المتأدبين ، والبيان في القول ، والجهر بالحق ، والعمل ليوم المعاد ، لنخرج من هذه الدنيئة كألواح الثلج النقية . والتحية لك وأنت (تعافر وتدافر) في زمن (مدرفس) ، وحق (مدغمس) ، قلَ فيه التعافر للحق ، وإشتغلت الناس ببطونها ، وكثيرٌ حولك إما إمعا تحت أقدام الرجال ، يُشعِرُ عند أبواب الدور ، ويغني في زفة الباطل ، ويَملقُ على أبواب الصرايا ، ومداخل القصور ، أو آخر يغمط الحق ويظهر الباطل ، وآخر يَخرِص وملء فيه حقا لا يقوى إلا أن يتفله ، في زمان إختلطت فيه الأشياء ، وعم فيه الدُوار والبوار. التحية لك ونحن نعرف أن الذين رموا جنابك بحفنة نبال هنا وهناك ، لا يدرون إنك إنما أتيت لهذه الأوقاف ، لتأخذ حقها وتردها لشرعها المبين ، وسيرتها الأولى ، يوم كانت إدارة الأوقاف لله ، لا يأخذ منها إلا العاملين عليها ، لتُغينها تنمية وعمرانا وإنصافا لها ، وتردها للحق الذي أوقفها له بادي سنار ، وعلى دينار ، والإزيرقاب والبرقدار ، وبقية الأخيار، ونحن نعرف أي فساد حاق بها قبل إدارتك ، وقبل أن تسند إليك ، منذ أمد بعيد في المدينةالمنورة وفي جدة وفي مكةالمكرمة ، وأي تغول حاق بها هنا في أرضها ومن حكوماتها المتعاقبة ، ونعرف أيضا ما هي وأين هي الآن وماذا كنت تخطط لها . والتحية لك وأنت (تنتف) أشناب هؤلاء الرهرجة الذين طالت أشنابهم وتغطت بغبش الظلم والغش والخداع لأولي الأمر ، واصحاب الحق ، ونحن نعرف الكثير منهم منذ أيام الدراسة في (كوستي الفنية ) بل نعرفهم أيام كانوا يأتوننا في المدينةالمنورة شهرا عقب ، ونحن نُعنى بمتابعة نفس هذه الملفات الشائهة الشائكة للأوقاف هناك ، ونتابع ونعرف ونُعري ما يحدث فيها من فساد على مر التأريخ ، وما يحدث فيها من إدارة بائسة فاسدة ومفسدة ، ونحن نعرفهم وهم يأتوننا هناك يلقفون أموال المحسنين بإسم الله ، والدين مدعين مساندتهم للحراك الإسلامي في بلادنا ، لنجدهم هنا ينشئوا به شركاتهم الخاصة الفارهة في برج البركة ، ويبنون بها عمارات لها فرشٌ وسلالم عليها يصعدون ، بعد أن كانوا قبلها رعاة حفاة ، تسعدهم لقمة الفول ، وتدهشهم أنوار المدائن، فتركنا لهم الجمل بما حمل ، حتى الدعوة لله على طريقتهم ، وتُبنا لوجهه الكريم . والتحية لك ونحن نرى أنهم يتناوشون ظهرك العصيِّ ، بالحصى والعصا ، وهم يجلدون ظهرك الذي لا يكل من حمل الحق ، وأعباء النخوة ، وعزم الرجولة ، وأنت (تسردب) سردبة القوي الأمين ، وسردبة الأسد الجريح الذي تحوم حوله وتغالبه كثرة ذئاب الباطل ، التي تكاثرت هذه الأيام ، ويلتفون حول عنقك الأبي حتى تفطس ، وحول معصمك الحق حتى يلين ، وحول صوتك الجهور حتى يضيع تزلفا مثلما ضاعت أصواتهم الخائرة في لجج الفساد ، وأن تخبو أضواءك مثل أضوائهم التي خبت تحت رماد العار والإنكسار . والتحية لك ، ونحن نعرف ألا مكان لأمثالك هنا ، أو هناك ، مع هؤلاء ، وهم يتبعونك بعيون ملؤها الغبن ، عليك وعلى الحق الذي تقول وتنتزع ، ونعرف أنه أينما وجد الفساد ، فأنت في الضفة الأخرى ، حرباً ، ودفعاً له ، وتخرج من كل مرعى لهم حافياً من العار ، نظيفاً من السمعة ، طاهر اليد ، جلبابك بلا جيوب ، وحسابك بلا عيوب ، غنيا بما أعطاك الله ، من قبل أن يعرف هؤلاء (اللقيمات) وطعم الكمونية . فلا تحزن. لا تحزن أخي ، فنحن نعرف الطاهرين من الظاهرين ، ونعرف المتأسدين من أصحاب الحق ، ونعرف المتحوكمين من الذين يتأبون عن الإمارة أمثالك ، والناس تحسب إنما أنت فقير لها ، وكلتا يديك نعم وعطاء ورخاء من قبلها ، ومن بعدها . لا تحزن أخي ، لأننا نعرف (لوبيات) الفساد والإفساد التي غطت آفاق الحق ، و(لوبيات) التعمية والضلال ، ونعرف كيف ولماذا يتساقط الشرفاء أمثالك ، ونعرف لماذا يعتلي هذه الكراسي أمثالهم ، والكل منا يشم الفساد ، ويري الفساد ، حتى أصبح الفساد هو الثقافة وهو الحق وغيره الضلال ، فلا مكان لك يا أخي هاهنا ، وأمثالك يمتنعون ، فأمتنع ، حتى يميز الله الحق عن الباطل ، فلا تحزن . لا تحزن ، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، ونحن ندري أنك في نصر بإذن الله ، ولا ترجع القهقرى وأنت قد ألجمت حصانك حقا ، وألقمته حقا ، وسرجته طهرا ، فإن العفيف مثلك ، والكريم مثلك لا يضام ، والله ناصرك ، ما دام النصر للحق . ولك منا خالص الدعاء . أخوك الرفيع بشير الشفيع