نما إلى علمي النبأ المذكور أعلاه فذهبت لمقر نظارة الاتمن وتأكدت من صحة الخبر ووجدت الاتمن وهم أحفاد الشيخ عثمان بن الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله جماع وهم في غاية السرور والسعادة والاستبشار بهذه العمودية الجديدة التي أضيفت لعمودياتهم الثمانية عشر. الجدير بالذكر أن نظارة الاتمن هي النظارة الوحيدة للعبدلاب بالسودان وفي هذا ظلم كبير للعبدلاب إذا أخذنا في اعتبارنا دورهم التاريخي العظيم وثقلهم العددي وانتشارهم بمعظم ولايات السودان ولا أجد تفسيراً لهذا الظلم والتهميش للعبدلاب وتغييب دورهم التاريخي المجيد بالمناهج الدراسية أو المكتبة السودانية . إن أمر جعل عمودية للعبدلاب ضمن عموديات نظارة الاتمن على قدم المساواة مع بقية عموديات الاتمن أمر عجيب يحدث لأول مرة منذ أكثر من ثلاث قرون بعد هجرة أسلاف الاتمن من منطقة العبدلاب بقري لشرق السودان . لذلك فقد قلت لأهلي الاتمن أنكم بفعلكم هذا تقومون بعمل عجيب لم يسبقكم إليه أحد منذ مئات السنين . لكن هل تعلمون حقيقة ما يعني فعلكم هذا ؟ وماذا سيترتب عليه من ردود افعال من قبل عرب السودان عامة ومن بقية قبائل البجا التي تنتمون إليها ثقافة وتاريخاً ؟ هل تعلمون ماذا تعني قبائل العبدلاب ومن ورائها قبائل رفاعة ؟ هل تعلمون أن قبائل العبدلاب قبائل كبيرة جداً ومجيدة جداً ومشهورة وواسعة الانتشار جغرافياً وأن هذه القبائل تشتمل على الأماجد /الانقرياب/والديوماب/والادركوجاب والعجيباب والسباب والشماماب والحماداب والمسامير والاسيداب والعريباب والشاوراب وآل بيتاي والرازقية واليعقوباب والنافعاب وغيرهم .. وغيرهم كثير بجانب أعمامهم وأخوالهم من الرفاعية ؟ . كيف يكون كل هؤلاء مجرد عمودية صغيرة من ضمن عمودياتكم وهم يمثلون أحصائياً ربع عدد عرب السودان بجانب ثقلهم التاريخي المجيد وثروتهم وانتشارهم الواسع بكل ولايات السودان ؟ انكم تريدون أن تجعلوا من ناظركم لأنه عبدلابي امبراطوراً أو عبد الله جماع آخر في آخر الزمان بجمع الناس في عصر لا يسود فيه إلا الذين يفرقون الناس حتى يسودوا على حسب السياسة الاستعمارية "فرق تسد" عكس مبدأ عبد الله جماع "جمع تسد" .. وكان رد الاتمن أنهم لا يريدون أن يجعلوا من ناظرهم امبراطوراً أو عبد الله جماع آخر مع كل الاحترام والتقدير لجدنا المبجل الشيخ عبد الله جماع وتقديرنا واحترامنا لسيرته وأفعاله .. ولكننا فقط اهتمامنا باخوتنا العبدلاب والرفاعية الموجودين معنا بولاية البحر الأحمر . نريد أن نضمهم ونحتضنهم لأن الدم لا يمكن أن يتحول إلى ماء ونريد أن نتعرف عليهم ونصل رحمهم وهذا ما يأمرنا به ديننا الحنيف وكذلك نريد أن نشعرهم بأنهم ليسوا غرباء في أرض الاتمن بل هم بين أهلهم واخوتهم . ثم قلت لهم ألا تشعرون أن في هذا الأمر غرابة وشذوذ أن يكون العبدلاب ومنهم قبائل رفاعة مجرد عمودية من عمودياتكم وهم الذين حكموا أجزاء واسعة من السودان لأكثر من ثلاثة قرون وأقاموا ولأول مرة قواعد راسخة للإسلام والعروبة وأنتم هجين بين العبدلاب والبجا؟ وكان ردهم أنهم لا يجدون في هذا الأمر أي غرابة أو شذوذ فالدماء التي تجري في عروقهم هي نفس الدماء التي ترجي في عروقنا وتاريخهم جزء من تاريخنا ونحن شركاء أصلاء فيه فأكثر من ستة من شيوخ العبدلاب الثلاث والعشرون الذين حكموا أجزاء واسعة من السودان هم جدود مباشرون لنا وهم :-
1. الشيخ عبد الله جماع . 2. الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله جماع . 3. الشيخ عثمان بن الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله جماع . 4. الشيخ علي بن الشيخ عثمان بن الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله .جماع . 5. الشيخ عثمان بن الشيخ علي بن الشيخ عثمان بن الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله جماع . 6. الشيخ حمد بن الشيخ عثمان بن الشيخ عجيب المانجلك بن الشيخ عبد الله جماع أما ثقافتنا وتاريخنا الحديث خلال الثلاث قرون الماضية فهو من ثقافة وتاريخ أخوالنا البجا الأماجد فرسان السودان وابطاله ونحن نعتز كثيراً ونفخر بهم فخرنا واعتزازنا بأهلنا العبدلاب ولا نرى أي اختلاف أو تعارض في هذه المسألة . بعد ذلك التقيت ببعض العبدلاب والرفاعية المقيمين بولاية البحر الأحمر لاستطلع أرائهم وردود فعلهم حول هذه العمودية العجيبة فوجدتهم في غاية الفرح والسرور والسعادة ويكنون كل احترام وتقدير للخطوة التي أقدم عليها اخوتهم الاتمن واعتبروا هذه العمودية بمثابة تأكيد لصلة الأرحام والقرابة. كذلك التقيت ببعض أفراد من البجا من القبائل البجاوية الأخرى فوجت عند بعضهم استنكارا وامتعاضاً من هذه الخطوة وخصوصاً من بعض القوميين البجا الذين يكنون بعض العداء للعروبيين والبلويت أو الجلابة والذين يعتبرونهم مستعمرين جدد بعد الاستعمار القديم لشعوب الهامش بما فيهم البجا . ولذلك يجب مقاومتهم بكل وسيلة . على أي حال أنني لا زلت أجد غرابة في شأن هذه العمودية .. ترى إلى أين تتجه الأمور في هذا السودان العجيب الغريب ؟ هل تتجه الأمور نحو وحدة واتحاد وتماسك أم إلى تنافر وانفصال ؟ هل يعيد التاريخ نفسه ؟ هل الغرب غرب والشرق شرق ولا يلتقيان ؟ وهل أن الشمال شمال والجنوب جنوب ولا يلتقيان ؟ أم العكس صحيح ؟ إلى أين يقودنا تيار التاريخ في هذا السودان الشاسع الواسع العجيب؟ لا أدري .