من الطرائف، التي أعقبت الانفتاح، على الأسواق الخارجية، والمنتوجات، التي تبدو غريبة على المواطن السوداني، الزراعية، كانت، أم الصناعية، قيل: أن أحد ( بلدياتنا )، نزل ضيفاً على أحد ميسوري الحال، وبعد أن تناول وجبة دسمة، جيء له بطبق من الفاكهة، فتناول أحد أنواعها، وسأل عن إسمها ( ما هذا؟ فقيل له: رُمَان فأبدى الضيف دهشته، وأعاد السؤال بصيغة أخرى، دا الرُمَان؟ فقيل: نعم، فما كان من الضيف الا أن قال: بِسسس!) وبِسسس ( بكسر الباء ) للذين لا يعلمون، تعبر عند أهل البادية، عن الدهشة والسخرية معاً، على نتيجة شي تبدو أقل بكثير، مما كان متوقعاً! ذكرتني، هذه الطرفة، دهشة وسخرية، ( عبد الله ود جود الله ) عندما سألني، عن المقصود بالبرنامج الثلاثي المطروح، من قبل الحكومة لانقاذ الانقاذ، وعندما قلت له: أن هذا البرنامج، على ( حسب فهمي ) يسعى لاحلال الواردات، وزيادة الصادرات، فقال لي: كيف؟ قلت: إن الحكومة بعد أن فقدت البترول، تسعى لسد الفجوة في الميزانية والنقد الأجنبي، عبر زيادة الصادرات، من الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، من القمح، والسكر، والأدوية، والبترول، فما كان من ( ود جود الله ) الا ان إنتفض! من جلسته، وقال: دا البرنامج الثلاثي؟ قلت: نعم، فقال لي: متأكد؟ قلت: نعم، فتلون وجهه وقال: بصوت عالي (بِسسس!) وأردف ( الجماعة قايلين نحنا عندنا قنابير، الكلام دا ذاتو قالوه في البيان الأول، قبل ثلاث وعشرون سنة، فقد سمعنا ذلك باللحن والموسيقى، وبدأ يدندن: نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع، حنشيد نحن بلادنا ونفوت العالم أجمع!) ثم أعاد علي السؤال، بقوله: ( مش دا البرنامج بتاعهم!) قلت: نعم، فقال: طيب! الجديد شنو؟ وواصل، حديثه: ( لو كنتم منتظرين البرنامج الثلاثي، ليصلح حال البلد.... هاكم دي! بعد تناول شيئاً من التراب في يده ونثرها أمامنا. ( ود جود الله )، كان محقاً فيما ذهب إليه، ومقنعاً في تحليله للواقع، ونظرته للمستقبل، التي بناها على متابعات، واستند فيها على خلفيات منطقية، فالسؤال المشروع: كيف سيتم تنفيذ البرنامج الثلاثي في ظل الواقع السياسي والاقتصادي الراهن وما هي آليات التنفيذ الجديدة؟ فالسودان، محاصر، بهلال، من جبهات القتال ويعاني وضعاً اقتصادياً صعباً ، وهرج، ومرج، وململة بالداخل، وإحباط قاتل يحيط بالمواطن، في ظل الارتفاع المطرد، لاسعار المواد الغذائية. من الآخر: ما الجديد؟، ليتم تنفيذ خطط، ظلت تُرحَل منذ ثلاثة وعشرون عاماً والى يومنا هذا! ومن عجائب الحكومة! أنها أضاعت الفرصة الذهبية، التي تمكنها من تنفيذ هذا البرنامج، وذلك عندما كان يمثل البترول 90% من صادراتها، وتجاوزت نسبة النمو 10% ولكن هيهات!.