كشجر التبلدي ينمو ضخماً قوياً وكالصنوبر طويلاً وكالنخيل شامخاً وكالهشاب مترعاً بالمن الدفاق يلجم حنك تيه الحكم الرعديد الملتاع مغذياً الشعب مناً وقوة واستجابة وسلوى. فالعظماء لايموتون تبقى أرواحهم دافعة حاثة نشطة تلهم الشعب السوداني وتغذيه من روحها الوثابة . هذا هو موت العظماء الذين ذهبوا سريعاً بأجسادهم وتغلغل زخمهم الثوري في حنايا الأمة بيا شعباً لهبت ثوريتك تلقى مرادك والفي نيتك. ذهب وردي وبقى أريج ورده يفوح ويبعث الهمة، وسافر حميد في الطريق السريع وهو يرى القطار يدنووهو يوشك أن يصدم حمار الشعب وحذرنا منه وعلى لبدة سرجه يجلس عم عبدالرحيم بأصالته وسماحته وطيبته وباله المشغول وهو يشرب شاي الصباح بثوب زوجته الممزق وبقفة الملاح وهويحمل مخلايته بجانب حماره ويتذكر نوري والجابرية تحي الثورة وست الدار وأم الحسن والخزين والزين وشخيبات اللبن. موتهم يحث الشعب بإيقاف عجلة الهلاك الدائرة وأن يلقي الجميع السلاح ويضعوه أرضاً. موت الثوريين المفاجيء المتتالي سوف يزيد نار الهشيم الثوري إشتعالاً، فموت عوضية أوقد فتيلا وفتح جرحاً لايندمل مثل ما أضرمها موت د. خليل ولم ينطفي اللهب وزاد إشتعالاً ولهيباً بموت نقد . فالحكم صار عويشاً تذروه الرياح والشعب إمتلأت أوداجه ناراً فلن تبقي ولا تزر ونار عويش إن علقوها تعيش. فالحكم في السودان أصبح هشاً ليناً رخوا مضعضعاً منحياً مطأطئاً متسولاًفي إستكانة ومذلة لدول الخارج. أصيب الحكم بالخزي والعار والبهت والشناروالزهايمروالشلل الرعاشي والسل والسرطان وفقر الدم المنجلي وأحيط به من جميع الجهات و كل جانب ، فوقه وتحته ومن كل حدب وصوب فتحللت مكوناته الفكرية والأخلاقية وفقدان الشخصية والإنفصام والإهتزاز ورعاش باركنسون للإرتجاجات المخية بضربات متلاحقة وخفيفة أطاشت بالعقول وأفقدته التوازن . الضربات الخفيفة بمناوشات حركات دارفور ومظاهرات الجامعات وقرفنا وكفاية والمفصولين المتوالية وإضرابات النقابات القليلة المؤثرة وندوات الأحزاب المختلفة المرجرجة وسيول المقالات الناقدة وهجمات الجبهة الثورية وإسقاط طائراته المساعدة من دول الخارج. دول الخارج هذه مختلفة ومتنوعة الأهداف فمنها المتكالب على قصعة موارد باطن الأرض ومكنوزات السودان البترولية والمعدنية كأمريكا والصين وروسيا وفرنسا. والصين وفرنسا كانتا أشطر وأسرع في مكاوشة للبترول والذهب . وبعضها فقط يلهف ويذهب بمقابل الدعم السياسي فقط للحكومة المهترئة فتزيد إهتراءاً ويزيد الأجنبي ثراءاً، وبعض الدول تطلب إستثماراً زراعياً فتعطي ضمانات وتأخذ محصولات وبعض المستثمرين يتاجرون في العقارات وتحويل الدولارات وبعضهم يمتلك آلآف الأفدنة والحواشات ويحوش القرش. وهنا الناس تجري جري الوحوش وغير دفع ارسوم والجبايات والهم والغم ماتحوش.لذلك فإن أقل تشة كبريتة أو نتشة دبوس سوف تفرقع ثورتها وأرواح الثوريين الذين مضوا أوصلتها لحافة الطريق وبداية الإنطلاق. فكل هذا أربك تماسك الإنقاذ وفكفك خيوطها الهشة الواهنة أصلا والتي فقط تنتظر من يقول لها بٍس أو جر أو كر أو عر فتفنجط وتغورإلى مزبلة التاريخ المركون في بطون المحارق والكتب الصفراء.