محمد زكريا السقال كاتب وشاعر من سوريا مقيم فى برلين 31 مارس , 2012 السودانيون شعب أكثر من طيب ، والطيب صالح جسر للعبور لهذا الشعب ، ماذا أقول لهذا الشعب وكيف أرد هذا الكرم السوداني المدهش، وكيف أرد هذا الحب. الحب السوداني حالة تدعو للدهشة، هذا الشغف المترع بالجميل والخلاق، وكأن السودان قدره أن يكون هذا الظل الجميل لنا. نحن المتعبون المجروحون الرازحون تحت وطأة هذه الهزيمة والإستباحة فيبث فينا الروح، ويهدهد فينا الحلم، ويمنحنا فسحة للتأمل. وها هو اليوم يفعل، يلمنا على جراحه وأحزانه، وبنفس الوقت يدهشنا بقدرته على نسج التواصل والإلفة والمحبة. في الخامس والعشرين من سستمبر العام الفائت كرمنا كعادته السودان وشرفنا، أن نكون بجانبه للإحتفاء بطيب الذكر، عملاق الرواية العربية الطيب صالح، هكذا وبسخاء عفوي جمعنا لأن نكون مع الطيب صالح. أي شرف هذا وأي وسام يقلدنا السودانيون. الطيب صالح لغز وإشكالية الرواية. هذا الأديب الفذ، الذي بنى عرشه وجعل منه أسطورة خالدة يعبر به آلاف النقاد والكتاب يدخلون ويخرجون وهم يلهجون بالتساؤل والتأمل. يجهدون أنفسهم، والطيب كريم وغني، يمنحك ويهبك حالة، أو توصيف، ولكنه وكمثل كل الأساطير يبقيك بين الشك واليقين، بمعنى عليك بزيارته ثانية وثالثة. كيف تدخل عالم روايته؟ هذا هو الجهد والتنقيب. أهم ما ميز به الطيب أنه شكل تلك البوابة المليئة بالدهشة والمغامرة والمحفوفة بالمخاطر بين الشرق والغرب. بوابة دخولها ممكن والتجول بين أقانيمها قائم، إلا ان كنه تعقيداتها وتعرجات خلجانها ملغز ومعقد وجذورها سحيقة غائرة بالتاريخ المحفوف بين الروح والقتل والسلطة. على هذا الملغز الجميل الممتع، جمعنا السودانيون، وبقدر أهمية الشخصية المحتفى بها وسمو ابداعها تداعينا، هرعنا وأتينا بعين القلق والخوف. قلق المهابة من سمو القامة، وخوف أن لا نكون جديرين بصحبته وسبر ابداعه. وكأن الأخوة السودانيون نصبوا لنا شركا موشى بالعطر ليضعوننا نحن المسكونون بالطيب صالح والمشغوفون بأدبه أمام امتحان وعلينا عبوره بسلام. وبهذا غص الحفل بباقة جميلة من الكتاب والمبدعين، وهذا سر السودانيين وعظمة الطيب صالح، أن يجمع العالم على أدبه ودخول عوالمه. كم كنت خائفاً من عبور هذا الإمتحان، وبنفس الوقت كم كنت ممتناً لأخوتي السودانيين أن يضاف اسمي لهذه الباقة المميزة، التي تجرب قلمها بشفافية وإبداع مع هذا الأديب الكبير والشخصيات المذهلة للطيب. المفاجئ الآخر ان يصنع من هذا الحفل وهذه المدونات هوية تدخل المكتبات العربية، وتؤرخ هذا الجهد، فهذا أكثرمن كرم، وبالنسبة لنا أكثر من جائزة. مائة وأربعون صفحة حوت ثمانية عشر جهدا وتعبا وغرقا وهي تطارد آفاق وعوالم أديبنا الكبير ، تراوحت بين سبر شخصياته وهواجسها ، وأخرى كانت مبهورة بالدور الثقافي الذي لعبه الطيب وكيف حاول ردم الهوة بين الشرق والغرب ، وجسر عراها ولئم جروحها ، وأخرون طاردوا مصطفى سعيد الشخصية المطروقة دائما وهاجس النقد والبحث ، وأخرون تجول مع عرس الزين ، والبعض استهوته مريود ، وكان للمنسي حظ وافر حيث حظي بدراستين ، ضمت الأسماء التي تناولت وتفاعلت مع هذا المنبر السوداني كتاب من الأقطار العربية مثل الدكتور حميد الخاقاني من العراق ، ورجينا قرشولي ألمانيا ، واحمد حسو من الأخوة الكرد في سوريا ، بروفيسور فبكة فالتر من ألمانيا ، كثيرون كانوا أ . خالد موسى دفع الله ، السفير د . بهاء الدين حنفي ، د . هانز بيتر كونش أمير حمد ، كريم الأسدي من العراق ، سبعة عشر قامة أدبية وأجتماعية تناوبت على المنبر لتقدم الطيب صالح كما قرأته وتفاعلت معه وكان الطيب صالح يطل علينا من لوحة جميلة أبدعها الفنان العراقي منصورالبكري ، يجيل عينيه بنا بحب وألفة والدكتور حامد فضل الله الذي قدم الحفل كان ثملا بين الفرح والحب الذي ارتسم على أصدقاء الطيب فقدمنا برقة وشوق والفة ليست بالغريبة عنه ، شيء كبير وهام قدمه السودانيون ، وهذا الكتاب الذي صدر مارس 2012 يشكل جهدا ومرجعا لحالة عشق أدبي ورحلة مع هذا الآديب الذي عشنا همومه وبقي فينا دائما قادرا على التفتح والأبداع ومرجعا للتفيء بظله . باسمي المتواضع وأنا الدوريش الذي تهجى الطيب صالح شابا وأحببته وتابعت نتاجه ولهجت بشخصياته، فقد غمرني كرم هذا الشعب بأن أكون صفحة بهذه الوثيقة التي صدرت،، الطيب صالح جسر بين الشرق والغرب،، وممتن لصديقي الدكتور حامد فضل الله أن جمعني بالفقيد هنا في برلين، وتأملت كل تقاطيع السودان مرسومة على وجنتيه. كان متعبا بقدر تعب السودان، إلا أنه وكعادته مفعم بشيء كبير وجميل أسمه الحب والإنسان. شكرا ثانية ودين علينا ان نكون أوفياء لهذا الحب. وأوفياء للسودان، هذا البلد الذي يعاني مثلنا، ويحلم مثلنا، بغد مشرق وعامر بالحرية والكرامة وتسوده العدالة والديمقراطية والمدنية حيث جذرها الإنسان كما حلم الطيب صالح . الكلمة التي خصني بها الأخوة السودانيون بمناسبة تدشين كتاب ( الطيب صالح , جسر بين الشرق والغرب) والتى قدمتها فى 17 مارس 2012 . التدشين ضم باقة من محبى الطيبب صالح والمشغولين بأدبه .