بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتبٌ وكتابٌ وكُتّاب: احتفاء بالطيب صالح في ألمانيا .. كريم الأسدي -كاتب وشاعر عراقي
نشر في سودانيل يوم 05 - 07 - 2012


كاتب وشاعر عراقي
مقيم في برلين
ما هو جميل يستحق الإشادة والمديح والاستذكار .
وأدب الطيب صالح أدب جميل , لذا استحق وقفة الاحتفاء المنصفة به وبمبدعه من قبل الجالية السودانية – بجانبيها الشعبي والرسمي – وأصدقاء الجالية السودانية من العرب والألمان والأوروبيين .
هذه الوقفة كانت في 2011. 25.9 في برلين . عٌقدتْ لتخليد ذكرى الطيب الراحل الذي ودَع هذه الحياة في شباط 2009 في لندن , بيد أن الندوة – من حيث خٌطط لها أم لم يخطط – تجاوزتْ تخليد الذكرى بما أثمرتْ عنه من إسهام نقدي وفكري تمركز حول نتاج الطيب صالح , تجمَع فيما بعد في كتاب ليكون كنز الندوة الثانية وبشارتها الجميلة إلى عشاق الأدب العربي عموما وعشَاق أدب الطيب صالح على وجه الخصوص .
حمل الكتاب العنوان الرئيسي "الطيب صالح : جسر بين الشرق والغرب" إضافة إلى عنوان فرعي توثيقي في حاشية غلاف الكتاب الأول يقول "وقائع ندوة أدبية ببرلين تخليداً لذكرى عبقري الرواية العربية".
قلنا – ولم نزل نقول – أن أدب الطيب صالح جميل يستحق الإشادة والمديح ولكن المبادرتين هاتين جميلتان ويستحقان الإشادة والمديح أيضا.
أن يحتفي شعب بمبدعه فهذه علامة تحضر ووفاء وإنسانية .
أن تٌكرَّم أٌمََّة رموز إبداعها العلمي والأدبي والفكري والفني فهذا دليل معرفة وذوق ورقي وسوية أخلاقية .
لا يمكن أن يتخلف إنسان نبيل ومرهف وصاحب حس سليم عن تكريم مبدع أتحفه في يوم ما برائعة إبداعية وأهدى إليه بعض لحظات الأنس والسمر والاستمتاع بما خطَ قلمه وأجاد خياله وتدفقت به أحاسيسه وأفكاره وروحه . فالمسألة هنا مسألة إنصاف والأكثر من هذا مسألة وفاء والأكثر من ذلك مسألة حب وجمال ...
لا بد من إكبار هذه المبادرة التي أسفرت عن مبادرة أثمرت عن كتاب خالد سيبقى طويلا وهج قنديل أزرق يضيء جنبات مكتبات المدن ورفوف الكتب في البيوت , بعد أن أضاء القلوب والأرواح بما اجترحته أقلام مبدعيه .
وإني لأشارك صاحب الرأي رأيه الذي يقول : إن الأوراق التي تضمنها هذا الكتاب التوثيقي تمثل إسهاماً متميزاً وتكتسب خصوصية رمزية ......
أقول : إني أشارك صاحب هذا الرأي رأيه وأراء أخوة وزملاء وقرَاء آخرين قرؤوا الكتاب رغم ترددي من سوء الفهم الذي قد ينتج من التفكير بأنني أقوم بدعاية إيجابية لكتاب إشتركتٌ في تأليفه مساهماً بمقال أدبي نقدي فيه.
أظهرت الندوتان اللتان أُقيمتا في برلين على شرف الطيب صالح وإبداعه مدى إقبال الجالية العربية في برلين وألمانيا على ندوات وفعاليات الأدب والفكر والثقافة ورغبة أبنائها في حضور مثل هذه اللقاءات إذا كان هناك حافزٌ قوي للحضور وسبب مؤثر لجمع الشمل , مثلما أظهرتا أيضاً إن عند أبناء الجالية العربية في برلين وألمانيا طاقات كامنة كبيرة , لكنها طاقات مهدورة أو منسية أو مجهولة , وما أنْ ينزل أصحابها إلى ميدان الأدب والفكر والحوار والسجال والابتكار حتى يبرق جديدهم لافتاً الأنظار , تاركاً من فرط لمعانه وتوهجه الكثير من القديم باهتاً وفاتراً بإزائه .
إن صدور الكتاب بهذا الشكل وبهذا المضمون يُعد إنجازاً للجالية العربية في ألمانيا عموماً وهو أيضاً وبنفس القدر إنجازاً للجالية السودانية , ويقيناً أن هذا الكتاب سيصبح مرجعاً للطلبة والدارسين في أدب الطيب صالح يستندون إلى ما ورد فيه , ويناقشون ويحاورون وينتقدون – سلباً وإيجاباً – الأفكار والاجتهادات والرؤى التي سطرتها أقلام مؤلفيه , أقول هذا مع تأكدي أن أدب الطيب صالح يحتمل بعد المزيد من البحث والتفسير والتأويل والحوار , وهو وإن تأخر صوته وبعض نتاجه في الوصول إلى الأُمم عقوداً وأجيالاً في حياته, سيصل حتى بعد مماته , وسيفاجئ ويدهش فتيةً وشباباً من أجيال قادمة على امتداد هذا الكوكب الأرضي , مثلما فاجاءنا وأدهشنا من قبل ونحن نكتشفه ونتحاور حوله في المقاهي المضاءة على ضفاف دجلة والفرات والنيل وفي سائر مدن وقرى العالم العربي , بل إنه عبر الأبيض المتوسط إلى الجهة المقابلة , شمالا , ليحتل موقعه لا في قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في المكتبات الأوروبية فحسب , بل في ذاكرة القراء أيضاً ....
لفت إنتباهي إهتمام وإنهمام الجالية السودانية – شعبيا ورسميا – في عقد وتنظيم الندوتين وانجاز الكتاب وإظهاره إلى النور ...
وكان جهدُ السفارة السودانية في برلين – والحق يقال – واضحاً وكبيراً في التنسيق والإسناد والإشراف , ولم يقتصر الجهد الدبلوماسي على طاقم السفارة السودانية في برلين فقط , بل وحضر دبلوماسيون سودانيون من سفارات سودانية في بلدان أخرى مثل بريطانيا وهولندا ليشاركوا جاليتهم في برلين وألمانيا وإخوتهم وأصدقائهم من العرب والألمان بهجة الاحتفاء بأديبهم اللامع , بل إن بعض الدبلوماسيين منهم قدم أوراقا ومساهمات قيمة ومهمة ,وكأنه ينطلق من موقع أدبي لا من موقع دبلوماسي فحسب .
والحقيقة إن مساهمات الدبلوماسيين العرب في برلين في المجال الفكري والأدبي والثقافي معدومة تماماً تقريباً وتكاد تكون صفراً, مما يشكل نقصا فادحا في الحضور الثقافي العربي في ألمانيا . وبهذا سجلت الدبلوماسية السودانية مبادرة إيجابية استثنائية وحازت قصب السبق في هذا المجال , إذ شارك أربعة من الدبلوماسيين السودانيين في أوراق هذا الكتاب , فإلى جانب الدكتور بهاء الدين حنفي السفير السوداني في برلين تأتي مساهمة الأستاذ خالد موسى دفع الله نائب السفير في برلين بعنوان " الطيب صالح من النيل إلى الدانوب ", والتي شكلتْ مقدمة الكتاب , مكتوبة بحسٍ أدبي عالٍ ولغةٍ عذبة...
ومن المساهمات هذه قصيدة للأستاذ خالد فتح الرحمن نائب السفير السوداني في هولندا. جاءت القصيدة بعنوان " هجعة المطمئن " وبرقت فيها تعابير شعرية جميلة ولحظات حنين إلى ذكريات حميمة للقاءات بين الشاعر والأديب إذ يقول فتح الرحمن في قصيدته
ثم نحن حواليك في صحونا المحتفل
نتملي العراقة في اللفظة المنتقاة
(كأنك من حيث تطلع شمس الحضارات ... آت )
ونصغي إليك
(ألا تترفق بي الذكريات ؟؟)
فتخبرنا يا نجي البراعة والإنسجام
عن أنجم تتناثر في راحتيك
وعن وهوهات سهام
تتشظى قريباً ... لدى جانبيك
وعن أنهر داعبت ناظريك ...
باحتفال الغمام ...
نقول : ( وما ذاك يا مسعف اللفظ باللفظ حين يضيق الكلام ؟ )
فتبسم : ذاك حبيبي( أبو الطيب المتنبي)
له الله في موحشات الليالي ...
يسامرُ أهوالها – وحده – دون صخب
هناك أيضا مساهمة نقدية أدبية رصينة لدبلوماسي سوداني آخر ألاٌ وهو الدكتور خالد المبارك الأستاذ الجامعي والأديب ودارس الأدب الألماني والذي يعمل حاليا ملحقا إعلاميا لسفارة السودان في لندن , وفيها يتطرق إلى محاور مهمة طالما شغلتني شخصياً وكتبتُ وتحدثتُ كثيراً عنها , ولعل أهمها حديثه عن الغبن وعدم الإنصاف وسوء التقييم الذي يرافق الأديب المبدع – والعربي خاصة – إذا كان يعتز بحريته ورأيه ولا يساوم في مواقفه السياسية ولا يبيع ضميره , وإذا كان يصر حتى بعد إقامته في الغرب أن يستمر في الكتابة بلغته العربية !!
ومن المشاركات العربية التي تلفت الانتباه مقروءة مثلما لفتت الانتباه مسموعة ورقة الدكتور حميد الخاقاني , الشاعر والأديب العراقي وأستاذ الأدب العربي حاليا في جامعة هاله Halle في ألمانيا , ففي هذه الورقة الجميلة يسري الحنين إلى أصدقاء الأدب والشعر السودانيين – ومنهم طيبنا الصالح – منذ أيام الشباب المبكر في العراق , إلى جنب التحليل النقدي الأدبي المحكم لغةً وتعليلاً.
ومن المساهمات المهمة الأخرى مساهمة الدكتور الطبيب حامد فضل الله الذي لم يشغله الطب عن الأدب , وحافظ لعقود على صلته بالأدب والأدباء في اللغتين العربية والألمانية , وفي هذا الصدد كانت ورقته بعنوان " الروائي الطيب صالح في عيون الألمان ! " .
هذا بالإضافة إلى الدور المميز الذي لعبه الدكتور حامد فضل الله في مد الجسور وعلى أكثر من صعيد بين الجالية السودانية وأبناء الجالية العربية والألمان من جهة , وبين هؤلاء جميعا والسفارة السودانية من جهة ثانية .
وبدون مجاملة لأي مشترك في الكتاب فإن المشاركات كلها تحتوي على ما هو ممتع ومهم في تفسير ما أو محور معين أو مقارنة جديرة بالاهتمام أو تعبير عن حب وتقدير أو شوق لاستعادة ذكريات حلوة مع الطيب صالح. هناك طبعا بعض الملاحظات النقدية لا يتسع لها هذا المقال , سأحاول إدراجها لاحقا في بحث موسع عن الطيب صالح . ولعل أهم – أو من أهم – ما أنجزه الكتاب والنشاط الذي سبقه على الساحة الألمانية هو إثبات – وأقول إثبات والإثبات غير الزعم – إن الجهود إذا تضافرت وتساندت فهناك موسم للقطاف , وثمر هذه الجهود كان – وسيظل – ثمراً يانعا تمثل في هذا الكتاب الذي سيجد بالتأكيد طريقة إلى المكتبات والجامعات والأكاديميات وبيوت الأدب ودور الثقافة كمصدر مهم عن الطيب صالح في أماكن عديدة من كوكبنا الأرضي .
كما بين هذا الجهد وهذا الكتاب أن الساحة الحقيقية للدبلوماسي العربي أنما تقع في الحقل الثقافي أو المعترك الثقافي , فما هو بموظف توقيع عقود بيع وشراء وتصريف بضائع فحسب , بل أنه ممثل حضارة ورسول ثقافة وسفير لغة وأدب
وتراث وإبداع. وهو إذ يمثل شعبه في الخارج وفي بلد آخر عليه أن يثبت لأناس هذا البلد إن شعبه شعب حضارة وإبداع ورسالة ثقافية , وإن الأمهات فيه لم يزلن ينجبن والمواهب لم تزل تتفتح , وإن للجمال فيه حشوداً من العشاق يوجه بوصلتهم حبٌ إنساني متأصل لكل ما هو جميل ...
وكم أتمنى في هذا الصدد أن تحذو السفارات العربية في برلين , بل وفي كل بلدان العالم حذو السفارة السودانية , في الاحتفاء بالمبدع العربي الخلاق والنزيه وصاحب الضمير والمحب لوطنه وشعبه , والمتطور دائماً ولكن الثابت والراسخ في انحيازه لضميره وإنسانيته .
أتمنى هذا بالفعل حتى يعاد الحق إلى نصابه , وأكثر من أتمنى لهم هذا هم أبناء بلدي وسفارات بلدي : العراق !
الإبداع نهرٌ لا توقفه العوائق !
لقد تأخرت الترجمة الألمانية لرواية " موسم الهجرة إلى الشمال" ثلاثين عاماً عن نظيرتها الإنجليزية ... والقصة التي روتها الأستاذة "فيبكه فالتر(Wiebke Walther ) عن اتصالها بصاحب دار نشر في ألمانيا بصدد ترجمة هذه الرواية قصة مضحكة حقاً , بيد أنها تحتوي على مفارقة – أو مفارقات – كبيرة , إذْ تشير إلى فقرة أو تفصيل في هذه الرواية كان حجة لناشر ألماني في لايبزغ
Leipzig " أن يرفض مشروع ترجمة الرواية إلى الألمانية , بعد أن اقترحت السيدة فالتر المشروع علية “
تقول البروفسورة فالتر في ورقتها المثبتة في هذا الكتاب :
" و قررت أن أترجم هذه الرواية العظيمة إلى الألمانية واقترحتٌ هذا المشروع للمراجع في إحدى دور النشر في مدينة لايبزغ " الذي كان متفتحا لأدب
نجيب محفوظ ولمؤلفين عرب آخرين , ولكنه رفض المشروع بحجة أن المرأة التي تريد أن تُقتل بيد حبيبها امرأة مريضة .
وقرأت بعد سنوات شرح ناقد أدبي لهذا الحدث كحدث رمزي يعني عكس النسبة الكولونيالية بين بلدين , السودان كبلد مٌستعمر وإنجلترا كبلد مستَعمِر عكس هذه النسبة في عملية الحكم أو عملية الجنس , المرأة هنا المٌستعمرة والرجل الإفريقي المٌستعمِر ورغبة المرأة في الاستسلام الكامل الأخير إلى زهد نفسها إلى الحياة بيد حبيبها تشابه استسلام بعض البلدان المٌستعمرة إلى البلد المستعمر وهذا شرح عاقل جدا ."
هل أقول أنني استغربتٌ شهادة الأستاذة فالتر, أنا الذي خبر المفارقات في عالم الأدب ؟!
لا أدري – تحديدا – على أي نحو وطريقة فكر هذا الناشر الذي كان يجب أن تكون عنده بعض الخبرة في المسائل الأدبية , وأن الأدب حقل حوار وخيال مفتوحين ومتفتحين ودائمين , وأن الأفكار والرؤى والأخيلة فيه , في احتدامها ونقاشها وعنفوانها , لا تؤدي إلى مقاطعة الكاتب ونتاجه , ولا يمكن أن تكون كلها دليلا قاطعا على طبيعة ميوله وأرائه وتوجهاته في الحياة , بدليل أن معظم الروايات والمسرحيات يلعب أدوارها أبطال لهم وجهات نظر مختلفة ومتضاربة في رؤية العالم والحياة, والعمل الأدبي يتسع لمثل هذه الحشود من الرؤى والأفكار والتوجهات والأخيلة والأهواء والنوازع والالتماعات والاشراقات والشطحات والشوارد , ويضمها – بحنوِ كبير أحياناً – بين دفتيه . فالأدب – كنشاطِ إنساني فذِ وعبقري – يريد مقاربة الإنسان بكل أحواله وتقلباته , بجموحه وخموله , بانتصاراته وهزائمه بجنونه وتعقله , باكتشافاته وانكساراته , بمعقوله ولا معقوله , بصحته ومرضه !! وما من أديب يراعي أهواء الناشرين والقراء وتفسيراتهم ويذعن لها ويدخلها في حسابه قبل أو أثناء تصميم عمله الأدبي إلا وكان كاتباً مٌباعاً وأديباًً فاشلاً .
من صفات الكاتب الكبير أن يكون حراً طليقاً كي يكون مبدعاً وخلاقاً في العملية الكتابية , وأن يكون هو سيد نفسه , وأن يكون إزميل النحَات في يده إزميل روحه وعقله وقلبه , لا أن يستعير ازميل الناشر أو الحاكم أو القارئ !!! فلو فكر كل ناشر بهذا الشكل واتخذ قرارا على هدى هذا النمط من التفكير لما تمكنا من قراءة رائعة دوستويوفسكي "الجريمة والعقاب مترجمة إلى كل لغات الأرض الحية تقريباً , وربما لم يتمكن القارئ الروسي نفسه من قراءة هذه الرواية العظيمة في لغتها الأم : الروسية , إذ سيتذرع الناشر بأن بطل الرواية راسكالنيكوف"Raskolnikov " سوداوي مزاجي عصابي مريض ومنفصم الشخصية !
ولفات علينا – تبعا لهذا – رؤية راسكالنيكوف راكعا أمام بنت الهوى سونيا "
Soniaالتي قذفت بها يد القدر العابث إلى الشارع لإطعام نفسها وعائلتها , ولفاتنا أيضاً سماع عبارته الرائعة والمدوية في أعماق الضمير الإنساني , والتي يطلقها جاثيا بإزاء سونيا :
"إنني أركع أمام آلام البشرية جمعاء."
أقول ؛ إن في مثل لقاءات الأدباء والشعراء والنقاد وأساتذة الأدب والفكر والمثقفين والكتاب هذه لإحياء ذكرى أديب ما وتبجيله وتكريمه ينكشف لنا – خلال الأحاديث والشهادات – بعض الخفايا والهفوات والأخطاء بحق الأدب والأدباء , والشعر والشعراء , والفكر والمفكرين !! سواء من مات منهم أو من لم يزل على " قيد " الحياة !!
سنرى كيف وقع بعض المتذاكين ومدعي المعرفة في مصيدة اعتراض طريق الشاعر والأديب المبدع محاولين إعثاره أو إيقافه واضعين الأحجار في دربه ناصبين الموانع في طريقه , ولكل منهم أسبابه التي قد يكون من بينها الحقد العنصري أو الديني أو القومي أو الطائفي , أو الحسد والغيرة من المبدع المتفوق- وهما نوعان من الحقد المريض والخسيس – أو الشعور بالاستعلاء الفارغ والرخيص على المبدع واستكثار إبداعه وتفوقه عليه , بسبب انتمائه إلى وطن معين أو منطقة معينة , والرغبة في الحفاظ عليه في دركِ أسفل ضمن تصنيف اعتادوا عليه في وضع الناس في مراتب وأبراج , لا على أساس من طاقاتهم وإبداعاتهم واجتراحاتهم , ومهاراتهم وقابلياتهم وشهاداتهم , بل على أساس أشكالهم , وألوان بشراتهم , وديانات وأعراق أبآئهم وشعوبهم , ومناطق سكناهم , وموقع عوائلهم الطبقي , وإلى هذا من التصنيفات البائدة السقيمة التي لا تصمد أمام جبروت الموهبة وطغيان الإبداع وإصرار المبدع على الإضافة المميزة والحاسمة إلى نهر العطاء الإنساني المتدفق أبداً منذ بزوغ شمس الحضارات الإنسانية .
لم يكن الخبر الذي روته البروفسورة فيبكة فالتر" Wiebke Walter " عن رفض ناشر ألماني في لايبزغ " leipzig " لمشروع ترجمة ونشر رائعة الطيب صالح " موسم الهجرة إلى الشمال" هو الخبر الوحيد , وياللأسف , إذ نجد هناك تأكيداً عليه من مصدر آخر , ولا نعرف أن التأكيد على هذا الخبر يخص الناشر نفسه ودار النشر نفسها , أم أنه يتعلق بناشِرِ ثانِ ودار نشر ثانية .
ما نعرفه تماماً أن التأكيد يأتي من الدكتورة " ريجينا قرشولي" أستاذة الأدب العربي بمعهد الشرق بجامعة لايبزغ , ومترجمة أعمال الطيب صالح إلى اللغة الألمانية , إذ يأتي في ورقتها المثبتة في الصفحة – 99 – من كتابنا هذا , والموسومة ب " الطيب صالح ينزع عن الموت سطوته " ما يلي :
" في يوم من أيام الربيع سنة 1998 وصلتني رسالة من دار النشر السويسرية لينوس تسألني فيها إن كنت أعرف رواية " موسم الهجرة إلى الشمال " للطيب صالح وإن كنت على استعداد لترجمتها إلى الألمانية . يا للغرابة ! كيف يمكن لأحد أن يسألني أنا إن كنت أعرف هذه الرواية , وأنا التي حاولت منذ سنوات أن أقنع دار نشر أخرى بترجمتها دون جدوى . وهاأنذا أسأل الآن بكل بساطة : إن كنت على استعداد..
أخيرا إذن , قلت في نفسي , ستصدر هذه الرواية العظيمة باللغة الألمانية , حتى ولو كان الأمر قد تأخر ثلاثين عاما . ولكن أن تأتي متأخراً , يقول المثل الألماني , خير من ألا تأتي أبداً . وما أن صدرت الرواية بعد عام حتى احتلت المركز الأول في لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في سويسرا , واجتاحت الصفحات الثقافية الناطقة بالألمانية موجة عارمة من الإعجاب والتقدير "
ونحن من جانبنا نسأل : أكان لزاما على هذا الإعجاب والتقدير – وهما إعجاب بإبداع أدبي وإنساني وتقدير لإنسان مبدع أجترح هذا الإبداع – أن يتأخرا ثلاثين عاما , أي بما يعادل زمن جيل كامل , لأن الناشرين أغمضوا عيونهم عن رؤية الجمال ؟!
ترجم هذا العمل الأدبي العملاق بعد مرور جيل كامل , ومع هذا شمخ وتسامى في الألمانية كعطاء إبداعي خلاَق وضخم لم يتعرض للصدأ أو القِدم أو الترهل , ولم تنل منه عاديات الزمان ولا تبدلات المكان , عمل لا يصدأ بل يترك صدىً أينما مرَ وحل , في بيروت حيث رأى النور لأول مرَة , في العراق حيث احتفى به قرَاء خبراء ومتذوقون وفتية يافعون على حد سواء , وفي مصر وسوريا وسائر البلدان العربية التي قرأه فيها أهلها بلهفة ودهشة وحنو , وعقدوا حوله حلقات النقاش في مقاهي المدن والقرى , في الجامعات وفي المنتديات والصالونات الأدبية , وبقي هذا العمل هاجعاً ومستيقظاً في الحين ذاته في ذكريات شبان هذه البلدان ومخيلاتهم يحنَون إليه ويسترجعونه كلما جادت الأيام بعمل أدبي مماثل , أو كلما تذكروا روائع الأدب الإنساني التي أتاح لهم الزمن فرصة الإطلاع عليها ... وإني أتذكر هذا اليوم العراقي المشمس الجميل حين جلب لي زميل في الدراسة الثانوية يشاركني هوس الأدب وعشق الشعر رائعة الطيب صالح هذه " موسم الهجرة إلى الشمال " إلى مقهى كنَا نركن إليه في عطلة الصيف , مقهى لا يبعد كثيراً عن النهر ولا عن بساتين النخيل المحيطة بمدينتنا الصغيرة " الفهود"ضمن"قضاء الجبايش" في الأرض التي تشكل امتداد حاضرة"اور"التاريخية نحو بحيرات دجلة والفرات في الجنوب العراقي , بيئة أظنها تماثل كثيراً في لون الأرض ونتاج الأرض ودور النهر وتجليات النهر بيئة الطيب صالح ... ولكم كان حبنا كبيراً لهذا العمل الروائي في شخوصه وأحداثه وأزمنته وأمكنته , في سلاسة لغته وعمق أغواره , في الآفاق التي ارتادها والطقوس التي صورها , والمعاني التي أوحى بها والأجواء التي استدرجنا إليها.
كان زميلي هذا قد قرأ الرواية وشغف بها فأراد أن أشاركه غبطة الإطلاع على هذا الكنز الأدبي ومن ثم متعة الحديث حوله .
مشاركاً في أعمال الندوة الأدبية والفكرية التي أقامتها جامعة توبنغن "Tübingen" في أيار سنة 1993 , ذكرتٌ الطيب صالح وروايته موضع“
الحديث وعبتٌ على بلد أوروبي كبير مثل ألمانيا عدم ترجمته لهذه الرواية لحد الآن !!!
كانت الندوة الأدبية والفكرية هذه قد جعلت علاقة أوروبا بالعالم الخارجي محور اهتمامها الأساسي غامزةً من طرفِ خفيِ وواضح عقدة المركزية الأوروبية فكان عنوانها " أوروبا على الهامش ": وفي الألمانية :Europa am Rande
" والبعد النقدي للمركزية الأوروبية يبدو جليا في العنوان أتذكر تماما ذلك الانتقاد الذي صغت كوجهة نظر وعبَرتٌ عنه بحضور كتَاب وأدباء ومفكرين عرب وعالميين كبار أذكر من بينهم الأستاذ البروفسور محمد أركون والأستاذ الأديب أميل حبيبي , حينما استرسلتٌ في الحديث عن انجاز الطيب صالح في " الموسم" وكيف إن الترجمة الروسية للرواية قد وصلت مبيعاتها إلى أكثر من مليون نسخة في الاتحاد السوفياتي السابق , في حين لم يزل القارئ الألماني يجهل مثل هذا العمل الكبير الذي أهدر المترجمون والناشرون الألمان فرصة ترجمته ونشره .
بعد إدلائي برأيي هذا بربع ساعة – ربما أقل قليلاً أو أكثر قليلاً – ونحن لم نزل بعد في أجواء الحوار في نفس القاعة , اقترب مني أحد المشاركين الأساسيين الألمان في الندوة ومعه قلم وقصاصة ورق طالبا مني – بحياء ولطف – أن أكتب اسم الكاتب وروايته , فكتبتٌ , على ما أذكر باللغتين العربية والألمانية :
الطيب صالح – السودان – موسم الهجرة إلى الشمال
وأضفت اسم الرواية في الألمانية مجتهدا ترجمته إلى :
Die Jahreszeit der Imigration nach Norden "
استلم مني الرجل قصاصة الورق , شاكراً وسعيداً , وذهب .
لم أعرف بعد ماذا فعل ! هل قرأ الرواية في لغة أخرى ؟! أعني طبعا غير الألمانية , هل اقترح ترجمتها , هل أجهد نفسه فأثمرتْ جهوده ؟!!
ولكن ما أعرفه أن ملامح وجهه وطريقة سؤاله ومدى اهتمامه – بحيث أنه لم يصبر حتى انتهاء الحوار – كانت من الأمور التي تشير إلى فضوله وحزمه لفعل شيء ما ...
ملاحظات حول موضوع الناقد د. هانز بيتركونش
" وأنا أقرأ مقال الكاتب الألماني د. هانز بيتركونشHans – Peter Kunisch"
المثبت في هذا الكتاب – صفحة 55 – تحت عنوان كبير " الإنجليزي الأسود على ضفاف النيل " وعنوان فرعي " موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح رواية كلاسيكية لأدب ما بعد الكولونيالية , تكتشف من جديد " توقفت عند عبارة – على الصفحة 56 – تقول :
" إن تعدد الاحتمالات داخل الرواية لهو مشروط بالفقرات "المقاليه " وقصص أهل القرية الشفهية والمونولوج الداخلي وهذه العناصر في حد ذاتها توسع المنظور أكثر من مضمون حياة سعيد غريبة الأطوار والذي تلاشى دوره مع انسيابية الرواية شيئاً فشيئاً "
أقول توقفت عند العبارة كلها وعلى الأخص عند المقطع :
والذي تلاشى دوره – المعني هنا مصطفى سعيد ! – مع انسيابية الرواية شيئاً فشيئاً .
والحقيقة أن دور مصطفى سعيد مبثوث في الرواية من البداية إلى النهاية ولم يتعرض للتلاشي أو الاضمحلال في نهاية الرواية أبداً إذ ليس هناك – في رواية الطيب صالح هذه – طرف يٌنقص من طرفِ آخر , ولا دور يكتمل على حساب دور آخر , ولا نجم يسطع لأن نجماً آخر يخبو , بل تأتلق كل العناصر والحكايا
والإيحاءات والأفكار والشخوص في الفضاء الكلي للرواية , حيث يساهم الكل في إشعاع النور واستلامه وعكسه ثانية لإنارة سماء العمل الأدبي – الفني .
إن بهجة الأحاديث , وغور عمق الحكايا , ورهافة الطرفة والمفارقة , وذكاء الدعابة , وحكمة الحياة في أرواح وأحاديث شخوص القرية السودانية تصب في نهر مصطفى سعيد – ابن السودان – ولا تنقص منه شيئاً
على الإطلاق , فالطيب صالح يقيم بوعيِ ِ وقصد عرساً أسطورياً – واقعياً للحياة على نيله , على ضفاف هذا النهر الذي أنجب مصطفى سعيد !!
والراوي الطيب لا يريد أن يبرر أو يعلل أو يوضح إنما يريد أن يبهر ويسحر ويفتن , وهذا ما تحقق له في أسلوبه السحري – الواقعي بامتياز , وقد أزرته في مهمته لغة متدفقة عذبة سخية سهلة ممتنعة انقادت إليه أو إنها جذبته إلى عوالم كرمها الباذخ ...
كما أجد خللاً في دقة الملاحظة حين يقول الناقد في نفس الصفحة 56 وفي موضع سابق :
" يختم صالح الرواية بفاجعة دموية , حين تخون جين مورس سعيد "فرضياً " قبل أن يغمد الخنجر في قلبها تحقيقاً لرغبتها " .
والحقيقة إن حادث القتل هذا لم يشكل خاتمةً للرواية لا في التسلسل الزمني ولا في التدرج الروائي أو البناء المعماري لأنساقها , بل أنه رافق الراوية من البداية إلى النهاية , وكان ساكنا في أعماق مصطفى سعيد ووعيه ولا وعيه على حد سواء , وحتى سكون مصطفى سعيد الظاهري ازاء الحادث كان نسبيا , فلطالما كان يهزه هذا الحدث في أعماق نومه وهو يضطجع قرب زوجته ابنة القرية السودانية .
إضافة إلى هذا إن رواية الطيب صالح هذه لا تنتهي بخاتمة , أو أنها على الأقل لا تنتهي بخاتمة واضحة , فالخاتمة فيها غائمة غامضة , ملغزة , قابلة للتأويل الذي يؤدي إلى تأويلات , ومشرعة – بهذا – أبوابها على بداية جديدة .
بل أن من أسرار فتنة وسحر هذه الرواية العديدة هي أنها ظلت – أحداثا وجريانا وتأويلا – مفتوحة النهايات سواء ما يخص شخص مصطفى سعيد أو شخص الراوي أو المسرح المكاني ومن ثم الزماني للأحداث إذ ارتبطت مصائر أبطالها بنهر النيل وما في النهر من حركة وتدفق وتبدل وتجدد ومفاجآت !!!
فلا ندري لماذا ختمها الأستاذ الدكتور كونيش بموت جين موريس ولاسيما أن حوادث قتل أخرى قد حصلت في الرواية فيما بعد ...
برلين – 2012 . 4 . 27
Hamid Fadlalla [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.