التحية لكم والإجلال يا من كُنتم خير دعامة لمشروع السودان الجديد , ذكراكم ستظل خالدة خلود التاريخ فى الأزهان , فيكفى فخراً وإعزازاً إن الدكتور / جون قرنق دى مبيور والأستاذ / يوسف كوه مكى والباشمهندس / داؤود يحى بولاد نبراس نهتدى به ويضيىء لنا الطريق , رفيقى على تحياتى لك خالدة وسلامى لك تحت قصف الطيران – الميج والأنتينوف من أرض كاودا الصمود , وتخيَّل معى أهوال الحرب والمشهد المرعب والمفارقة عندما يجرى أطفال من سن الثانية وحتى السابعة عشر إلى الخنادق خوفاً من قصف الطائرات وآخرين يجرون فى المروج الخضراء فى ( الأسكلا ومدينة الطفل وعفراء مول) يركبون الملاهى ويأكلون الآيسكريم ضاحكين. مدخل :- لا يمكن لأى حزب سياسى أن يتطور ما لم يكن فيه سجال ورأى ورأى آخر بشفافية لتقييم أداء الحزب حتى يضمن البقاء والإستمرارية والتطور لأن الأحزاب تمثل الشعب وفقاً لبرنامج سياسى يساهم فى بناء الدولة . ولأن الشفافية أصبحت من أعظم قيم العصر فى عالم اليوم , ورغبة تتوافق مع قيم حقوق الإنسان على مستوى الفرد والجماعة من أجل الرفاهية والديمقراطية , أرجو منك شاكراً وبحكم إنتماءك إلى الحركة الشعبية قطاع الشمال أن تتقبل وجهة نظرى رداً على دفاعك المستميت عن قطاع الشمال الذى ولد ميتاً وتحلل وقُبر يوم النكسة عندما إنسحب ياسر عرمان من إنتخابات رئاسة الجمهورية, لا تندهش ولا تستغرب فسوف أسرد لك العديد من الوقائع والأدلة التى أرى إنها موضوعية وحيوية لتصحيح المسار للحزب مستقبلاً , ولدى الكثير من الأسئلة يحق لك الإجابة عليها علماً بإننا كنا فى جسم تنظيمى واحد هو تجمع شباب الحركة الشعبية القومى وكنا نصارع قطاع الشمال من أجل تثبيت حقوق الشباب فى الحزب إلا إن حالة الإستقطاب جعلتك تكون جزء من قطاع الشمال أنت وصديقك وتم ركلنا وآخرين إلى الشارع , والسؤال : هل تم ركلنا من منظور عنصرى أم بنظرية (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) ..؟ هذا ما يخصنا أنا وأنت أما ما يخص قطاع الشمال فحدث ولا حرج وسوف أعطيك القليل . أولاً : حتى الآن ورغم تغير الأوضاع إلى الحرب, لا زال المهمشين وجماهير وعضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان فى الجنوب والشمال يتساءلون بشدة عن الأسباب التى جعلت الرفيق / ياسر سعيد عرمان ينسحب من إنتخابات رئاسة الجمهورية فى أبريل 2010 بعد ان تأكد لنا انه لا المكتب السياسى للحركة الشعبية ولا أى شخص آخر من الحركة الشعبية له علاقة بذلك . وإعتقد إن إنعدام الشفافية هو السبب المباشر فى ترك الأمور للتأويل بالرغم من ان برنامج السودان الجديد يقوم على الشفافية , وإذا كانت المجموعة التى تلتف حول قطاع الشمال وقيادته تناضل من أجل المهمشين , فقد كانت الإنتخابات فرصة كبيرة وذهبية لتغيير النظام وإنصاف المهمشين ولو بشكل جزئى وحل قضاياهم وقضايا كل السودانيين , ونحن نرى ان المجموعة التى كانت تلتف حول قطاع الشمال وقيادته هى التى أوعزت إليه وحرَّضته على الإنسحاب , فما الجديد الذى يريدون تقديمه بعد أن فاتت الفرصة .؟ وما هى مساهماتهم الحالية فى الكفاح المسلح الدائر الآن ..؟ من الناحية السياسية والتنظيمية أنا الذى كنت مسؤولاً عن منتدى الثلاثاء الثقافى الفكرى الذى كان تنظمه سكرتارية الشباب والطلاب , وقد أقمنا العديد من المنتديات وإستضفنا العديد من قادة القوى السياسية والمفكرين أمثال د / عمر القراى وحسن الترابى وحيدر إبراهيم وعثمان ميرغنى ومرتضى الغالى وآخرين , ولكن لم تحضر قيادة قطاع الشمال هذه المنتديات , لا متحدثين ولا مستمعين .. !!ما عدا د / محمد يوسف أحمد المصطفى , لماذا فى نظرك ... ؟ ثانياً : قطاع الشمال أعاد إنتاج الأزمة السودانية عندما إتجه لصنع قيادات كرتونية من البيوتات الصفوية أمثال ( ود الخليفة – ود الناظر – ود الشيخ - وتاجر البهائم) أين هؤلاء الآن من النضال المدنى ناهيك عن المسلح .. ؟ لقد حاول قطاع الشمال القفز على حقائق الواقع على الأرض فى العديد من الولايات التى توجد بها عضوية كبيرة من المهمشين وهم يمثلون العضوية الملتزمة منذ وقت بعيد , فبدلاً من الإعتماد عليهم فى البناء التنظيمى للحركة الشعبية لتحرير السودان تم إقصائهم بنفس العقلية التى تدافع عنها أنت والتى يتم بها وصف من تحدث عن الحقائق , ومثال لهذه العقلية هذا الحديث (خلينا ليكم ولاية كاملة مالكم مضايقننا فى سنار) . ثالثاً : حالة الحركة الشعبية لتحرير السودان فى ولاية القضارف : الناظر إلى ولاية القضارف من ناحية السكان يجد ان معظم سكانها من دارفور وكردفان جاؤوا إليها عبر حقب تاريخية إرتبطت بالزراعة والحج إلى بلاد الحجاز بالإضافة إلى الثورة المهدية حيث أصبحوا أمر واقع ورقم إقتصادى هام , فعندما جاء قطاع الشمال تعامل مع هذه الولاية بشكل صفوى فى توزيع المناصب الدستورية والتنفيذية لإثنيات محددة لو ذكرناها تم وصفنا بالعنصرية كما وُصِف الرفيق / عادل إبراهيم. رابعاً : عدم الشفافية والوضوح فى كيفية إستخدام موارد قطاع الشمال حصر الأمر فى فئة ومجموعة صغيرة أدى فى نهاية المطاف إلى مصادرة جميع هذه الموارد بواسطة الأجهزة الأمنية عند قيام الحرب , وهذه الموارد جاءت بدماء الشهداء من أبناء الهامش الذين سقطوا فى الحرب ضد النظام الذى قام بمصادرتها , فأين عربات قطاع الشمال التى كانت فى الخرطوم عند إندلاع الحرب وهى التى رفضت قيادة القطاع بقائها فى جنوب كردفان بعد الإنتخابات .. ؟ فكيف يمكن لأفراد محددون التصرف فى موارد تنظيم .. ؟ وغالبية الكادر العامل فى القطاع آنذاك غير ملتزم لا سياسياً ولا تنظيمياً وهو كادر فوقى جاء بالتعيين وليس له جزور فى القواعد . خامساً : لم يحدث طيلة تاريخ وفترة قطاع الشمال تقييم ومراجعة الأداء التنظيمى والسياسى عبر الِورش التقييمية , أو بنهج المواجهة والشفافية بغرض تصحيح المسار , بل كل من كان يقول الحقيقة له الويل فإما أن يصفق أو يسكت , ومعظم كوادر القطاع الشمالى التى تركت الحركة الشعبية كانوا يتعاملون مع المواقع التى كانوا يشغلونها بإعتبارها وظائف (لصرف المرتب) وكانوا يقولون لأفراد أسرهم وأصحابهم وجيرانهم (نحن شغالين مع ناس الحركة الشعبية) والأدهش فى ذلك إنه حتى فى إنتخابات رئاسة الجمهورية لم يتمكن أى منهم من حشد أفراد أسرته وأهله وأصدقائه لحملة مرشح الرئاسة , بل كانوا يركزون على حشد المهمشين من أطراف الخرطوم ويتسابقون بعد ذلك فى تقديم التصورات والعمل فى اللجان (بيت الفنون – بحرى) . سادساً : دون الخوض فى أى تفاصيل ,ان سكرتارية الرعاية الإجتماعية والخدمات التابعة لقطاع الشمال كانت تتعامل بتحيُّز واضح مع كادر الحركة الشعبية فيما يختص بتقديم المساعدات . بعد كل هذا الصمت الطويل لسنوات من عمل الحركة الشعبية بقطاع الشمال ما الذى تبقى لكى يستفاد منه مستقبلاً سوى عضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان الملتزمة من جماهير الهامش وغيرهم القليلين من المناطق الأخرى . أخيراً : رفيقى على , إن أهل الشمال النيلى والوسط لا يحتاجون إلى مرافعتك أو دفاعك عنهم فتاريخهم وحاضرهم يحدث الجميع عن أفعالهم ومواقفهم فمنهم من يقول الآن - وهو قيادى كبير (ان النوبة فرضوا علينا الحرب) بالرغم من ان كيفية بدء الحرب ومن الذى بدأها معلوم للجميع ولا يحتاج لشرح , ومنهم من قال (الحركة الشعبية فصلت الجنوب عشان كده خليناها) وهو رئيس للحركة الشعبية فى إحدى الولايات وقوله هذا يدل على عدم إلمامه بمنفستو الحركة الشعبية ولا أهدافها وخياراتها لتحقيق السودان الجديد وقد تم تعيينه على طريقة (التوطين) لكونه ينتمى إلى تلك الولاية , ولكن المدهش حقاً هو تصريح أحد القيادات البارزة فى قطاع الشمال قائلاً (إنى أرى مشروع السودان الجديد يذبح أمامى) وذلك بعد إعلان نتيجة إستفتاء جنوب السودان , فما الذى كان يفعله هذا القيادى طيلة الفترة الماضية داخل الحركة الشعبية وهو لا يعلم إن حق تقرير المصير هو واحدة من خيارات بناء السودان الجديد ..!! ؟ ان هذه المجموعة تعتقد إن ما ذهب إليه الرفيق / عادل إبراهيم لا يعدو كونه رأي شخصى ولا تدرى إنه يعبر عن قطاع عريض من جماهير وعضوية الحركة الشعبية التى تتخذ موقفاً واضحاً من ممارسات وسلوك المجموعة ومواقفها وستكون هى الخاسرة فى النهاية إذا تمادت فى هذه المواقف . إن عملية بناء قطاع الشمال قامت على طريقة خاطئة وإجراءات غير سليمة كان نتيجتها ما آلت إليه الأوضاع بعد قيام الحرب , فلو كان البناء التنظيمى الذى تم صحيحاً لما تشتت القطاع وتلاشى فى فترة وجيزة فى الوقت الذى ظلت فيه باقية حتى الآن فى بقية المناطق , كان يمكن أن يكون الأمر مقبولاً نوعاً ما إذا إعتكفت قيادة الحركة الشعبية فى قطاع الشمال عن العمل الجماهيرى ومارست نشاطاً سرياً, ولكن كون هذه القيادات تنضم إلى المؤتمر الوطنى أو تترك الحركة الشعبية فلا يوجد ما يبرر ذلك بتاتاً, أما بخصوص محاولتك تفسير نظرية التوطين على هواك فإنك للأسف تخلط بين نظرية التوطين والتمييز الإيجابى , ما ذكرته لا علاقة له بالنظرية بل انت تحدثت عن السياسات والخيارات التى يمكن أن تتبناها الحركة الشعبية فى بعض المناطق وفقاً للبيئة والظروف السياسية والأمنية المحيطة بها , ونصيحتى لك أن لا تسير خلف الذين يزعمون تأييدهم لمشروع السودان الجديد ويختشون من إعلان إنتمائهم للحركة الشعبية صراحة ولكنهم يقتاتون ويتنعمون بأموال الحركة الشعبية وبالمشروعات التى يقدمونها للمنظمات الدولية بحجة إنهم مستضعفون ومستهدفون فى الشمال من نظام الخرطوم . لكم حق الرد ولنا كذلك حق الرد لتقديم وقائع وأدلة حقيقية .