كلمة الدكتورة ميادة سوار الدهب رئيسة الحزب الديمقراطي الليبرالي في الجلسة الافتتاحية لورشة الليبراليين العرب بالرباط عن الانتخابات ودور الاحزاب الليبرالية – 1 ابريل 2012
أرجو ان نكون قد خطونا خطوات عملية في تطوير الفكر الليبرالي في الوطن العربي وتركيز اسس الديمقراطية الصحيحة في مجتمعاتنا وان نخرج من اطار التحايا والتوصيات والتنديد والقرارات التي لا تخرج من قاعة الاجتماعات. نحن هنا لكي نعكس واقع حقيقي عن معاناة شعوبنا وليس لكي نعكس صورة وردية غير حقيقية وان نداري عجزنا وفشلنا . نحن نواجة خطر كبير وثورات لم تحقق اهدافها بعد . علينا ان نخرج من حيز التفكير النمطي العربي القديم، حيث هنالك عدة اسئلة تحتاج الى اجابات وعلينا ان نجد لها حلول عملية: لماذا لم تحرز الاحزاب الليبرالية مراكز متقدمة في انتخابات الربيع العربي؟ هل هو ضعف التنظيم وعدم الاستعداد الكافي ؟ ام ضعف التمويل المادي وعدم تاهيل الكادر بشكل جيد؟ او صيغة الخطاب السياسي الموجة للمواطن الذي قد لايكون قد لبى تطلعات الشارع؟. وبالمقابل قوة تنظيم الحركات الاسلامية واستخدامها الشعار الديني لاستعطاف المواطن ولغة الخطاب البسيطة والواضحة البعيدة عن التعقيدات والمصطلحات السياسية، بالاضافة الى ما افرزتة السياسة الماضية للحكومات الديكتتاتورية من التطرف الديني في عدم تقبل الاخر وسياسة القمع والعنف مما ساعد المد الاسلامي في السيطرة على الشارع وتقمص دور الضحية لاستعطاف الشعوب. ويبقى السؤال الاهم: هل يجب علينا ان نخلص الى مفهوم موحد لليبرالية ام يجب علينا ان نطبق المفهوم الليبرالي بما يتناسب مع طبيعة كل بلد وتاريخه وموروثه الثقافي؟ كما ذكرت سابقا نحن نعجز عن توصيل رسالتنا لعدم فهمنا العميق للمفهوم الليبرالي وعدم ايماننا الكامل بما نطرح والتحايل على مصطلح الليبرالية باشكال عدة وتحت مسميات مختلفة. اذن هي مجموعة تساؤلات علينا ان نواجه انفسنا بها ونتسائل لماذا لم نستطيع ان نصل الى وجدان شعوبنا. فيما يتعلق بنا في السودان تقوم ملامح استراتيجيتنا بشكل اساسي على التنمية البشرية، وسيكون برنامجنا الاسعافي بعد سقوط النظام موجه لصيانة السياسات الصحية بشكل اشبه باعادة التركيب من بعد تفكيك السياسات القاتلة للمواطن صحيا السائدة اليوم. و كذلك برنامجنا التعليمي الذي يعيش اليوم الوضع الكارثي بانسحاب الدولة من هذا القطاع الحيوي الهام بشكل متوحش قل ما يوجد له نظير في العالم اليوم. سنفترض بروز الاطار الديمقراطي و الدستوري قبل خوض الانتخابات بطبيعة الاشياء ولكن سنزيد منها بالتركيز على مبدأ سيادة القانون و تجذير حرية الفرد و حرية الكسب و تمكين المواطن اقتصاديا و اطلاق المبادرة الاقتصادية لاقصى حدود بالضوابط القانونية و تشريع قوانين للمنافسة تضمن للمستهلك افضل الخيارات و تشريعات صارمة ضد التفلت التجاري و الاستئثار و التوحش وذلك عبر تدخل الدولة لمصلحة الشرائح الاقل حظا والاقاليم الاكثر تهميشا. كذلك تعميق المفاهيم العلمانية و ماهية فصل الدين عن الدولة و مناؤة الشعارات العاطفية ذات الابعاد الابتزازية و الاسترزاقية السياسية التي يتكئ عليها الحركيين الدينيين السياسيين. نهتم بوضع الشباب و التوظيف و محاربة العطالة و نزيف العقول و هجرة الايدي العاملة وسنجتهد لنضع الصورة في اطارها الحقيقي عند الناخب بان الشعار لا يحكم دولة و ان منطق الحكم يختلف عن التهويم و التنظير الافلاطوني و ان حل المشاكل لا يتم بالامنيات و لا بإدعاء التقوى بل هو يقوم على تعيين المشكلة اولا ثم السعى لحلها حل علمي مستمد من تجارب الانسانية محلية كانت ام عالمية تاريخية كانت ام ماثلة. كما سنكون بقدر الوضوح بان عهد الدولة المترهلة المتشعبة والمتشبعة اداريا قد ولى و ان الانضباط المالي و الصرفي للحكومة مبدأ لا يتهاون فيه الحزب الليبرالي فمال اليوم لا يخص انسان اليوم وحده بل للاجيال القادمة فيه من نصيب يجب الحفاظ عليه و ان الدولة المتضخمة التي ستفعل اي شيئ للمواطن بدون جهد منه ايضا اصبحت من مخلفات الماضي و الدولة المالكة للانتاج لم تعد دولة للمستقبل بقدر ما هي للدراسات الانسانية و للمقارنات فقط. سيكون ضمن برامجنا مسألة الاصحاح البيئ و المحافظة على البيئة و الاتجاه للاقتصاد الاخضر في مجالات الطاقة البديلة و التصنيع واستحداث التشريعات المعاقبة للملوثين للانسان و الحيوان و النبات و الماء و الهواء وايلاء تركيز خاص للزراعة كثورة سودانية ضخمة في شقيها الزراعي و الحيواني و ملحقاتها في التصنيع التحويلي و الانطلاق في المصادر الاستخراجية التي تعج بها باطن الارض في السودان من معادن و بحيرات جوفية. دعائم هذه الاستراتيجية تقوم بايجاد حزب منظم تنظيم حديث وعلمي و يقوم على استراتيجية اعلامية منظمة و فعالة و يقوم على تمويل كبير و مرَشد، و قبل ذلك كله يقوم على نضال وتضحية كبيرة من عضوية الحزب المفترض ان يتوسع توسعات كبيرة و هائلة ليسقط نظام الانقاذ المجرم الفاسد. اثناء ذلك و بعده من المفترض ان يتوسع الحزب توسعات كبيرة و نوعية و يتعرَف فيها على جماهيره و من ثم ينخرط معها متخالطا معها عرقا و استشراقا في معركة الانتخابات سلاحه الصدق و المصداقية و ملاصقة الحقيقة و مجانبة الخداع و الالاعيب التي اشتهرت بها عوالم السياسة.