رؤوس أقلام انتقل إلى رحمة الله صديقي وأخي البروفسير العالم حاتم بابكر هلاوي أستاذ علم الاجتماع الجنائي بجامعة النيلين الذي وافته المنية يوم الأحد 29 أبريل 2012م.كان آخر لقاء بيننا قبل عام تقريبا يوم جمعتني برفقته والأخ صلاح إدريس رحلة لشندي لعزاء صديق لنا.طوال تلك الرحلة وفي طريق العودة كنا نسترجع شريط الذكريات لسنوات عامرة حافلة قضيناها سويا في مدرسة بورتسودان الثانوية.وأشهد الله أننا ما ذكرنا واحدا من الأصدقاء والزملاء إلا تحدث عنه الأخ حاتم بكل خير ، بأسلوبه الهادئ وروحه الحفية بالأصدقاء الوفية لهم، وكأنه قد لقيه قبل سويعات بالرغم من تصرم السنوات.الراحل حاتم درس الثانوية بنفس النهر - وكان بالمدرسة خمسة أنهر- الذي جمعني به وبمجموعة من الأصدقاء المتميزين خلقا وعلما . جاءوا من كسلا وشندي والقضارف وسنكات ومروي ودنقلا وغيرها من مناطق السودان المختلفة . تدرجنا من السنة الأولى ابن رشد ، إلى الثانية الريحاني إلى الثالثة لنكولن إلى الرابعة سقراط. كان حاتم رحمه الله طوال مرحلة الدراسة الثانوية ريحانة لقاءاتنا ومجالس أنسنا في المدرسة. ثم انتقلنا للجامعة وتعمقت صلاتنا مع المجموعة الكبيرة التي دخلت الجامعة من زملائنا بالمدرسة في مختلف الكليات ، ومع أصدقاء آخرين تعرفنا عليهم في الجامعة . وكان حاتم رحمه الله أكثرنا كسبا في تعدد معارفه وصداقاته ، وذلك لما كان يميز شخصيته المحبوبة من جاذبية وقدرة على التواصل مع الآخرين. ولعل هذه الصفة المميزة هي التي حببت إليه التخصص في مجال علم الاجتماع. التميز الأكاديمي للبروف الراحل حاتم كان مشهودا في محاضراته في أروقة الجامعات السودانية في علم الاجتماع ، وفي إشرافه على رسائل طلابه في الدراسات العليا ، وفي أبحاثه ومؤلفاته ومنها كتابه الأشهر "تكلفة الجريمة في الوطن العربي "، وفي أحاديث ومقالات متخصصة في علم الاجتماع وفي مجال التحولات الاجتماعية والديمغرافية، وفي مواضيع مثل تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي في ظل التعددية ، وحقوق الطفل وأشكال سوء معاملته في الأسرة . وتميز البروف حاتم بالمشاركة في الندوات واللقاءات والمحاضرات في أجهزة الإعلام والأجهزة الأمنية وغيرها بمواضيع متعددة مثل البعد الاجتماعي والثقافي بعد انفصال الجنوب وقضايا الانتماء والهوية والمواطنة و اعادة صياغة العلاقة الثقافية والاجتماعية بين الشمال والجنوب ، وقضايا ومشكلات علم الاجتماع الجنائي.هذا فضلا عن مساهماته الاكاديمية في المحافل والمنتديات الإقليمية مثل جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية وغيرها.وهكذا وبعد رحلة طويلة من البذل والعطاء الانساني والعلمي رحل الأخ الصديق العالم حاتم رحمه الله وترك سيرته العطرة وإسهاماته القيمة في مجال تخصصه الهام بين زملائه الأكاديميين وبين طلابه وعارفي علمه وفضله. اللهم يا ربنا ، يا من ليس بينك وبين دعاء المكروبين حجاب ، أرحم عبدك صديقي وأخي البروفسير حاتم بابكر هلاوي رحمة واسعه،وأشمله بعفوك الكريم ورضوانك العميم ومغفرتك ، وأجعل اللهم قبره روضة من رياض الجنان وأجمعنا به في عليين على سرر متقابلين.اللهم تقبل دعاءنا له بالرحمة ، ولأسرته بالتوفيق والسداد ليحفظوا سيرته العطره ويحققوا أمنياته الغالية .اللهم أكلأ أهل بيته بحفظك ورعايتك وخفف عنهم الأحزان وأملأ قلوبهم وقلوبنا بالصبر والسلوان.إنا لله وإنا إليه راجعون.