يبدو ان البرلمانيين فى السودان وهم يتقاضون اعلى الرواتب قد فرغوا تماما من القيام بدورهم فى رعاية مصالح الشعب السودانى فعم الرخاء والسلام ربوعه الخضراء ، ولما فرغوا منها اخذوا يتوجهون صوب موضوعات اخرى اعتقدوا انها من صميم اعمالهم وان لهم الحق فى ان يلعبوا دورين عوضا عن دور واحد ، دور تشريعى وتنفيذى، فاخذوا على عتقهم مهمة الغاء التصاديق والتصاريح التى يجيزها الجهاز التنفيذى الذى يتمثل فى المؤوسسات الحكومية، ويكفى فقط ان تكون يد احدهم طويلة (لاحقة) عندها فقط قد تتحول جلسة ونسة فى بيت احدهم وان كانت فى احد القرى النائية ، او فى(زاوية او مسيد ) الى اثارة قضية فى البرلمان اى ان البرلمان قد اخذ البعض من خارجه يشكلون اجندته ، عوضا عن اجندة خاصة الاساس فيها كما هو معلوم ينبغى ان يكون بحث حقوق الناس ورفع الظلم عنهم وتحسين مستواهم المعيشى ومحاربة مغتصبى الاموال العامة . والا ماذا يعنى قول عضو البرلمان دفع حسب الرسول بانه يسعى كما سعى من قبل الى الغاء حفلة الفنانة المصرية شيرين فى السودان (والتى اثارها فى البرلمان ) مشيرا الى انه قد التزم تجاه نفسه الى الغاء برنامج اغانى اغانى الذى يبث فى كل عام من شهر رمضان عبر مقدمه الفنان السر قدور . ويبدو ان عضو البرلمان الذى يكره الفن والفنانيين قد جعل من مهمته الاساسية القيام بدور المانع للفن والمحاصر للفنايين ، ودفع الله حسب الرسول ورائه عصبة من السلفيين الذين سبق ان صرحوا عبر الصحف كيف انهم قد ذهبوا اليه وجعلوه يثير القضية فى البرلمان قضية شيرين وكانها مشكلة السودان ، وهاهو الان يتحدث متفاخرا بانه سيخلصنا من برنامج اغانى واغانى لنتفرغ لصيام شهر رمضان بصدق ومن غير تأثير من البرنامج الذى يرى حسب وجهة نظره انه يشغل الناس عن القيام بواجبهم الدينى ( الصحافة العدد رقم 6741 اليوم 4مايو 2012 ) ولا ندرى من الذى اعطى دفع الله حسب الرسول ذلك الحق وكيف يقرر هو ما ينبغى على الناس ان يفعلوه فى الشهر الكريم ومن اين اتى هؤلاء الذين اخذوا يوزعون صكوك الغفران ويرفعون رايات التكفير ؟ ويدعون على خلق الله تاثيما وتذنيبا وكانهم المسئولون عن الاسلام فى الارض ، وهم لايدرون انه بنهجهم هذا قد اوقعوا الاسلام والمسلمين فى فخ يحاول الآن المستنيرين من المفكريين الاسلاميين اخراج الدين الاسلامي منه ، لان الدين والايمان فى قلوب الناس والقلوب منطقة حرة ليس بامكان احد الولوج اليها ليدعى ما يريد . والامر الذى ينبغى ان نتاسى له فعلا هو الحال الذى وصلنا اليه فى بلادنا فان اى منافق او منافح يمكن ان يدعى انه يعمل على اهداء الناس للصرط المستقيم وفى ظل هذه الهوجة والرغبة الشديدة فى اعلاء الصوت والظهور يسعى بجهد ليخالف الاخرين ويدعى انه الاكثر حرصا ( ليكون الاكثر قربا )ومعظم هؤلاء الذين يدعون الحرص يزايدون و يستثمرون فى الدين ويتربحون منه واننا لو بحثنا طويلا فى سيرتهم فاننا قد نجد فيها ما يشيب منه شعر الرأس ونجدهم اكثر غلوا واقل رحمة بالاخرين فلا يهمهم الاطفال او مرضى السرطان الذين ينهشهم المرض ويقتلهم الجوع فالمتطرفون تحركهم غرائزهم ومن خلالها يكرهون كل من يخالفهم ولايرى وفق منظورهم .ففى الوقت الذى ينادى العالم بالمزيد من الحريات ويحاربون من اجل الديمقراطيات يدعون هم الى مصادرة الحق فى الحياة والى مزيد من القمع لحرية الراى والفن والتعبير، وفى الوقت الذى ينفتح فيه الناس على العالم يريدون منا ان نحكم اغلاق الابواب ويؤسرون معهم الاخرين وفى نفس الوقت لايملكون القدرة على حل المشاكل ولا يملكون منهجا لارساء القيم الحقيقة المتمثلة فى العدالة الاجتماعية والحريات التى هى حق انسانى لكل الناس من الصين الى السودان .