من الأهمية بمكان أن يعلم القاري السوداني كيف تمكنت من الوصول إلي ليبيا بعد ثورة 17 فيراير المباركة حيث تستغرق الرحلة يومين كاملين.... تبدأ من الخرطوم وتنتهي في طرابلس أو مصراته حيث تسير الخطوط الجوية التركية رحلات بطائراتها لكل من مصراته وطرابلس من وإلي إستمبول ثم من إستمبول إلي الخرطوم يصورة راتبة .وقد صارت تركيا ( بعد ثورات الربيع العربي )قبلة للشعوب والحكومات خاصة اللبيين الذين يداون جرحي الثورة في تركيا ويشكو أهل ليبيا مر الشكوي من سؤ المعاملة من قبل الأتراك بما فيهم المواطن التركي العادي الذي لا يكلف نفسه الحديث مع الأجانب ولو باللغة الإنجليزية ونحن بدورنا وجدنا معاملة غير كريمة من الخطوط الجوية التركية التي أبقتنا وزميلي في الرحلة وعدد من المسافرين المتوجهين إلي ليبيا يوما كاملآ بدأ بالفجر وأنتهي بالمساء من غير أن تأخذنا إلي فندق أو إستراحة وظللنا هكذا جلوسا علي الكراسي حتي مغادرتنا وعندما طلب أحد الإخوة تقديم مواعيد سفره تعرض لغرامة مالية من قبل الخطوط الجوية التركية علي الرغم من أن هذا التقديم لصالح الطائرة التركية وليس خصماً عليها وهذا إن دل علي شئ إنما يدل علي غياب المنافسة بين الأتراك من قبل الشركات العربية والأجنبية في ليبيا . وتركيا لا تسمح لكثير من الجنسيات العربية والجواز السوداني بالخدول إلي اراضيها (وهم لا يقولون ذلك صراحة ) ولكنهم يعطونك مواعيد تعجيزية كما فعلوا معي عندما تقدمت لهم بطلب للحصول علي تأشيرة دخول من ليبيا إلي تركيا وكان ردهم أن ذلك ممكنا ولكن بعد عشرة أيام وهو أمرُ فيه نعجيز حيث لا يمكن لشخص أن ينتظر في غير بلاده كل هذه المدة من أجل الحصول علي تاشيرة لدخول دولة أخري .وبالنسبة للدول العربية فهي اليوم صفر اليدين حيث لم تستفد مصر من فرصة علاج كثير من جرحي الثورة الليبية وعلي الرغم من القدرات والإمكانات المتاحة لمصرفي هذا المجال ذلك لإنشغال مصر كلها بتداعيات التحولات الثورية وميدان التحرير و لا توجد حركة طيران بين ليبيا والعالم العربي كما هو الحال مع تركيا مثلآ هذا علي الرغم من رغبة الليبين في الإستثمار والتجارة مع السودان خاصة في مجال اللحوم وغيرها من المجالات ولا يستطيع مواطن سوداني الدخول إلي ليبيا من غير الحصول علي تأشيرة دخول من السفارة اليبية بالخرطوم كذا الحال بالنسبة للإخوة اليبيين وعليهم الحصول علي تأشيرة دخول إلي السودان من السفارة السودانية بطرابلس من باب العرف الدبلماسي المعروف بمبدأ المعاملة بالمثل بين الدول ورعايا الدول . ليس من رأي كمن سمع ؟ لقد أتاح البقاء في ليبيا الحرة أو ليبيا الثورة لنصف شهر من الزمان فرصة طيبة في التعرف علي واقع الحياة بعد ثورة 17 فبراير في ليبيا والوقوفى علي كثير من الحقائق من خلال رحلات متعددة من وإلي العاصمة طرابلس ثم إقامة طيبة مع ثوار مصراته الذين علمونا كيف تكون الثورات وتصنع البطولات عبر جملة من اللقاءات والحوارات والمناقشات والزيارات والحديث الذي لا ينقطع عن الثورة والشهداء ، ومصراته هي مدينة الشهداء والجرحي والمفقودين وكذلك مدن ليبيا الأخري ولكن مصراته هي صاحبة القدح المعلي وفي ذلك قصة سوف أرويها لاحقاً ووقف أحد الإخوة الليبين وهو أستاذ جامعي طويلاً عندما قرأ في أحدي الصحف السودانية التي صدرت حديثاً كلمة الجماهيرية الليبية وهذه الكلمة وغيرها من التسميات قد تجاوزها الزمن ولم يعد السامع في ليبيا علي إستعداد لسماع المسميات والتخريفات التي تركها القذافي وأبناؤه وإعلامه ويتمني الثوار أن تكون كلمة ليبيا أو ليبيا الحرة قد وصلت إلي كل مكان وهم يعودون بهذا الإسم إلي أصله الحقيقي عندما نالت ليبيا إستقلالها في مطلع ستينيات القرن العشرين من الطليان ويرفعون ذات العلم الذي تم رفعه في يوم إستقلال ليبيا ويرددون ذات النشيد مما يدل علي أن الثورة في ليبيا هي ثورة العودة للجذور وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها القذافي وهو يبتكر الأسماء من باب تعظيم الذات وتضخيمها ولو علي حساب الموروث الفكري والثقافي والإنساني لليبيا وشعب ليبيا . وقد لاكت كثير من الألسن ما جري في ليبيا عقب الثورة وما حدث للعقيد القذافي وبالمناسبة هناك تحقيقات بالمحاكم الليبية هذه اللحظات والأيام (حول كيفية القبض علي معمر القذافي وقتله علي يد ثوار ليبيا في لحظة مليئة بالإثارة والمفاجأة والرغبة في تقرير مصير الثورة علي يد الثوار أنفسهم وهذا ما دفعني لتناول أحداث الثورة من هذه النقطة ونقاط أخري بعد مرور وقت علي قيام الثورة وإنتصارها في قرابة العام من المواجهات العسكرية بين الثوار وجيش القذافي وكتائبه وهي ثورة مليئة بالتحديات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ومليئة كذلك بالأسئلة التي ليس لها إجابة حتي الآن في ليبيا نفسها وخاصة الجوانب المتعلقة بمستقبل الثورة ويعتبر القضاء علي القذافي من التفاصيل التي يجب أن تروي وتطلع عليها الأجيال حتي نعلم الفرق بين منطق الثورة والثوار ومنطق دعاة حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والإنسانية والذي يجب أن لا يختلف إلا في اللحظة الثورية ورد فعل الإنسان الثائر وهو يبحث عن حقه المسلوب وكرامته المهدره وعرضه المضاع بل يدافع عن نفسه أما م طاغية جبار لا أمان له ولم يعد من قبضته احد ولا ينجو من بطشه إنسان علي وجه البسيطة إستطاع الوصول إليه داخل ليبيا أو خارجها وما أكثر الضحايا من هذا النوع عبر أكثر من أربعين عاما هي سنوات القذافي في الحكم وهذا ما علمناه من من أمسكوا بالقذافي وما وصفوه لنا من لحظات عصيبة وهي بحال من الأحوال لن تنتظرأكثر من تلك اللحظات ولن تتجاوز المسافة بين الدهشة وردة الفعل الثورية ،اللهم إذا كانت الثورات لا تواجه قتلة ومجرمين وظالمين ومعتدين وسفكة دماء وقد قال لنا الشاب النحيف عمران الشعبان الذي سيطر علي القذافي ونزع منه مسدسه وهو يخرج من مجري الأمطار وهو ما ما سورة تحت الأسفلت قلت للثوار بدي إياه حي باللهجة اليبية ولكنهم تكاثروا علي وأخذوه مني إلي العربة البوكسي وتعاملوا معه وكان ما كان وكان جريحاً ق بل ذلك ، ورغم ما حدث للقذافي إلا أن كثيراً من الطلقاء والأسري من كتائب القذافي وجنوده الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء قد ذهبوا إلي حال سبيلهم وعفي عنهم من أسروهم في ميدان المعركة وقد حدثنا الشاب يحي رحومة من مدينة مصراته كيف أنه وهو يتقدم مجموعته المقاتلة واطلق ثلاث رصاصات علي رتل من كتائب القذافي كانت تلك الطلقات آخر ما لديه ولاذ يحي إلي منخفض أرضي لكي يعبئ ذخيرته ولكنه شعر بأن شخصاً ما خلفه وكانت المفاجأة أن الشخص كان رافعا يديه وهو في حالة إستسلام ويقول ليحي أنا لا أريد قتالآ ولدي أم كفيفة وأطفال صغار في أمس الحاجة لرعايتي وأنا أسير لديك وقام بتسليم يحي سلاحه وأقتداده يحي إلي قيادة كتيبة الثوار التي ينتمي لها يحي وتم التحقيق مع الجندي ثم أطلق صراحه وعاد إلي أمه واطفاله وزوجه وهذا يعني أن ثورة السابع عشر من فبراير غير متعطشة للدماء ولكن دم القذافي غير الدماء ورأسه غير الرؤس وكذا الحال مع أبنائه وكثير من أعوانه وجنوده الذين يشبهون جنود إبليس وهم يواجهون شعباً أعزل من السلاح إلا سلاح الإيمان بحريته وقضيته العادلة وإيمان بحتمية النصر وكان أهل مصراته عندما خرجوا للتو للتعامل مع المعركة التي فرضها عليهم القذافي قد إستمعوا إلي أحد أصدقائ العقيد وخاصته من من يعرفون في ليبيا بالرواد وهم الذين درسوا مع القذافي وعرفوه عن قرب كان يقول لهم يا أهل مصراته لا عودة للوراء إما أن تتنصروا أو تستشهدوا ولكن لا أمان للقذافي ولو رجعتم ودخلتم بيوتكم سوف ينتقم منكم وكان ذلك الحديث هو عين الحقيقة لما رأيناه وسمعناه من فظائع دمار في مصراته لم تستطع وسائل الإعلام بما فيها قناة الجزيرة أن تنقل معشار ما وقع من خراب في مصراته . نواصل