لا شك ابدا فى ان اى حكومة مهما تطاولت سنى حمكها وطال امد سيطرتها على مقاليد الحكم فى اى بلد كان وباى ادوات كانت حتما ستاتى لحظة نهايتها وذلك لسبب بسيط , فإن سُنة الحياة كذلك وحتمية التأريخ وسيرورتها تنبآنا بذلك , فالامر غير مرتبط ابدا بالعدالة لوحدها والا كان حكم (العمرين) عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز لاستمرتا الى يومنا هذا . وغير مرتبط برضى الله ولا سخطه بصفة مطلقة والا فان حكم النبى محمد عليه الصلاة والسلام وخليفته ابى بكر لاستمرتا الى يومنا هذا او زالت حكم الانقاذ منذ عام 1989م ان كان الامر مرتبط بسخط رب العالمين , ولكن حتميات التاريخ وفاعلية اللاعبين له اثر فعال وذو اهمية قصوى فى تغيير مقاليد الحكم , وعلى هذه القاعدة فان حكم الانقاذ ماض الى زوال ويبدو انها الان فى مرحلة الاحتضار كما تشير معظم المؤشرات الحيويه للكائن الذى يسمى المؤتمر الوطنى . وشعب السودان يعلم ذلك جيدا والسواد الاعظم من ابناء السودان يسالون الله آناء الليل واطراف النهار فى ان يعجل برحيل هؤلاء , ولكن يبقى فى دواخلهم ثمة مخاوف وهواجس من القادم (البديل) المجهول الذى يمثل الامل المرتجى والمخلص الحقيقى لشعوب السودان من احتماليات التشظى والصدام فالدمار والتلاشى (لا قدر الله) ولن يتاتى ذلك ما لم يتم طرح بديل راشد وواعى وموضوعى ومتخم بالوطنية ومسكون بهموم واهات شعب قضى جل عمره كدولة فى دائرة من الصراع الجهنمى بين الساسة والعسكر فى عملية تدوير للكراسى وفق اتفاق ضمنى غير مكتوب فى ان يبقى الامر بين ايدى فئة محددة سجالا الى ان يرث الله الارض ومن عليها وقضى شعب السودان البقية الباقية من سنيه تحكمهم فيه بالحروبات الداخلية والازمات الاقتصادية المتلاحقة وحسب ما نعتقد فان كل الكيانات المرئية للعيان الى الان لم يظهر منها من لديه الجسارة والجراة لمخاطبة القضايا الملحة ل(محمد احمد) بحيث ان يشد سمعه وبصره ويجذبه ليفتح عقله وقلبه لما يقدمه من برنامج طموح وراشد وجاد وقابل للتطبيق يلبى المتطلبات الحياتية الضرورية فقط لانسان السودان ليصبح البديل الافضل والحصان الاسود الذى سيراهن الشعب عليه . والسؤال الاهم هو ؟ماهى القوى التى تطرح نفسها كبديل عن نظام المؤتمر الوطنى القائم على حكم السودان الآن ؟ يمكننا تقسيم القوى البديلة الى قسمين رئيسيين : (1) قوى الحكومة والتنظيمات الموالية لها سواء كانت احزاب او اى اجسام اخرى وجدت كنتاج طبيعى للتحولات السياسية والاجتماعية او تلك التى تم انتاجها بالتدجين والانشطار والانقسام والاستيلاد الموازى والقيصرى من احزاب وتنظيمات اخرى وهذه ستزول بزوال العائل (المؤتمر الوطنى ) لانها مجرد كائنات متسلقة تموت بانهيار الجدار الذى تسلقت عليها . (2) قوى المعارضه وهى بدورها تنقسم الى قسمين : 1. معارضة مدنية 2. معارضة مسلحة والمعارضة المدنية ايضا تنقسم الى قسمين : معارضة الخارج وتتمثل فى الجبهة الوطنية بقيادة الاستاذ على محمود حسنين وبعض التنظيمات الاخرى . معارضة الداخل والتى تتشكل من : الحزب الشيوعى . المؤتمر الشعبى (حزب الامه القومى – الحزب الاتحادى الديمقراطى) حركة حق والمؤتمر السودانى و ..و...الخ . والقوى الشبابية الفاعلة شباب قرفنا وشراره وغيرها من التنظيمات الشبابية , وقد وضعنا الحزبين الكبيرين بين قوسين لانه صعب علينا تصنيفهما كمعارضة او موالاة للنظام وفى اعتقادى انه يجب تصنيفهما كحكومة لان الفترات القادمة سوف لن تحتمل اللون الرمادى وسوف لن توجد منطقة وسطى ابدا تبقى لنا المعارضة الحاملة للسلاح والتى معظمها واقواها متواجد تحت مظلة الجبهة الثورية التى شكلتها كل من الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات تحرير السودان مناوى وعبدالواحد وعلى كاربينو اضافة لحركة العدل والمساواة وانضمت كل من مؤتمر البجا وحركة تحرير كوش مؤخرا ثم وقعت اتفاقات مع كل من التوم هجو ممثلا للاتحادى الديمقراطى ونصر الدين المهدى ممثلا عن حزب الامة القومى وبدورهما جارى استكمال مشاركة الحزبين حسب ما ورد فى مقررات اجتماعات المجلس القيادى للجبهة الثورية قبل يومين . اضافة لحركات اخرى تمثل قوى الهامش السودانى . كل هذه القوى الى الآن لم تقدم برنامجا يؤهلها لتكون البديل الاقوى والاكثر ضمانة والذى يجد فيه الشعوب السودانية ضالته المنشودة وتلتف حولها وتمنحهها ثقتها الكاملة لتصبح مهدى السودان الذى سيملأ ارض السودان عدلا ورحمة بعد ان مُلأة جورا وفسادا . ربما هناك من القوى التى ذكرت من يمتلك المقدرات والبرامج التى تؤهلها لذلك لكن الى الان لم يتم طرحهها للمواطن السودانى لتصبح خيارا قويا وحاسما ولا ننسى ان الخيار هو بيد الشعب السودانى لكن القوى الاقليمية والدولية ايضا لها نصيب مقدر فى عملية قبول البديل ودعمه ماديا ومعنويا ودبلوماسيا . فتوجهات البديل ستتاثر بها القوى الاخرى التى ستتعامل مع دولة السودان الجديد بدون (المؤتمر الوطنى) طبعا وحتما فان لديها مصالحهها الخاصة فى الدولة السودانية ومع الشعب السودانى يجب مراعاتها والمحافظة عليها . وفى اعتقادى ان الفرصة السانحة الآن هى تاريخية للجبهة الثورية فى ان تقدم طرحا تقنع به الشعب السودانى بانه البديل الامثل والافضل لكافة شعوب السودان وسوف لن تتكرر مثل هذه الفرصة ابدا ان لم تستثمرها الجبهة الثورية الآن واليوم قبل الغد وتقول ما لديها تجاه الشعب وبصدق , فاطروحة اسقاط النظام ليس طرحا جاذبا للشعب , لماذا ؟ لانه ببساطة اصبح مطلبا وشرطا اساسيا للشعوب السودانية لكل من اراد تقديم نفسه كبديل ولكن التحدى الاكبر والسؤال الجوهرى : ثم ماذا بعد اسقاط النظام ؟؟؟؟؟ هل ستطلق ايدى قوات الجبهة الثورية فى العاصمة السودانية الخرطوم كما قال القائد محجوب حسين يوما ما (حينما وجه نداءا لمواطنى العاصمة باخلائها مسافة ثلاثين ميلا او يزيد متى ما طلب منهم ذلك)؟ ما مصير ابناء الشمال والعرب فى السودان هذا مع الاشارة الى ان قوام قوات الجبهة الثورية من ابناء الغرب وجبال النوبة والانقسنا وغيرها من شعوب الهامش وشعوب السودان الذين هم الى الزنوجة اقرب . مع الاخذ فى الاعتبار رسالة التخويف التى اطلقها المؤتمر الوطنى بان الجبهة الثورية والحركة الشعبية قطاع الشمال هما كيانان قائمان على فلسفة الزنوجه (Africanism) وانهما تستهدفان ابناء الشمال والثقافة العربية والاسلامية وبالتالى فان ابناء الشمال والكيانات العربية ستكون هى المستهدفة من قبل تلك القوى ؟ فما مدى صحة ذلك ؟ فهل يا ترى السيد مالك عقار رئيس الجبهة الثورية ونوابه رؤساء الحركات المكونة للجبهة الثورية قادرون على ضمانة سلامة وامن ابناء الشمال والعرب فى كل بقاع السودان والمحافظة على اوضاعهم المعيشية واسرهم وممتلكاتهم ومراكزهم فى الدولة للذين لم يسيؤا استخدام سلطاتهم ووظائفهم ؟؟ وهل سيتم ضمانة انهم سيكونون جزء من تشكيل اى سلطة قادمة بحسب كفاءتهم وخبراتهم واستحقاقهم بالاساس كمواطنين سودانيين ام سيستخدم ضدهم مقولة ان كل حكومات السودان كانت من الشمال النيلى وبالتالى فقد اخذوا نصيبهم فى السلطة والثروة ؟ وسيرد لهم الصاع صاعين ؟ كما يشاع ويقال فى مجالس المدينة . هل يطمح شعوب السودان ان توضح الجبهة الثورية برنامجاها فيما يتعلق بالاقتصاد والاجتماع والامن والتعليم والصحة والخدمات والسياسة الخارجية والنظام السياسى ونظام الحكم وتداوله وحقوق المفصولين وحقوق ابناء الشعب من القوات المسلحة والشرطة واصلاح النظام القضائى والبرلمانى والسلطة الرابعة (الاعلام) وحريتها وان تقدم ضماناتها لذلك ؟ ام ان الامر مجرد انتزاع وكل من انتزع فهو الاولى والاحق بالكرسى ثم من بعده الطوفان؟ وهل حاولت الجبهة الثورية تحييد الشرفاء من ضباط وضباط صف وجنود القوات النظامية باعتبار انهم ابناء لهذا الشعب وواجبهم المقدس حمايته والوقوف الى جانبه فى الملمات والمحن وليس ثمة محنة اقسى مما يمر به اهليهم وذويهم اليوم , ومعلوم ان هناك نفر منهم جأر بالشكوى لمرؤسيه ولم يستجب له فمنهم من تذمر وتجد اغلبهم كاظما لغيظه فى انتظار اللحظة المناسبة لينصر اهله ووطنه اوليس الافضل والاجدى للقيادات السياسية للجبهة الثورية عرض بضاعتهم وبصدق امام شعوب السودان حتى يتسنى لهم تقييمها ومن ثم رفضها او قبولها مع الاخذ فى الاعتبار المعية هذا الشعب ووعيه السياسى المتقدم . وهل مكونات الجبهة الثورية فى حد ذاتها متفقة ومنسجمة تماما فيما بينها ام ان الامر سيتفجر ليلوح خلافا حادا بين العلمانين والاسلاميين واليساريين والراسماليين كما شهدنا بعض منها فى دول الثورات العربية ؟ فان لم يكن الامر كذلك فالافضل ان لايفكروا فى شىء من ذلك لان خلافات الثوار المسلحين دوما تكلفتها باهظة جدا وذاكرتنا مليئة بتجارب افغانستان والخلاف بين (حكمتيار وعبدالرشيد دوستم واحمد شاه مسعود لينضم اليهم برهان الدين ربانى فى صراعهم المرير ذاك) ولم يخلصهم منها الا طالبان والصومال ليس ببعيد والعراق والبوسنه والهرسك كلها نماذج لخلافات بين من يمتلكون السلاح ولانهم ليسوا متفقين منذ البداية على مشروع واضح المعالم وبرنامج ملزم تحكمه الاخلاقيات والضمير اولا وهم الوطن والمواطن فتفرقت بهم السبل فى منتصف الطريق فاريقت الدماء وازهقت ارواح بريئة لسنين عددا لم تشف منها بعض تلك البلدان الى يومنا هذا. غير ان الاجدى ليتم انتاج بديل قوى وفاعل وراشد وقادر على ادارة دفة الحكم للفترة الانتقالية يجب ان تتفق الجبهة الثورية اتفاقا واضحا مع كل من الجبهة الوطنية برئاسة على محمود حسنين ومعارضة الداخل البائنة معارضتها للنظام بمواقفها المعلنة والثابتة , مضافا اليهم شباب قرفنا وشباب من اجل التغيير , وان لا يكون الاتفاق على اساس مناطقى او جهوى او قبلى او دينى او عرقى بل برنامج هدفه الاول قيادة السودان نحو بر الامان ببرنامج واضح وان يكون العسكر جسم محايد واقصد بالعسكر القوات المسلحة التى لم تؤدلج ولم تحزب وليست دفاعا شعبيا او شرطه شعبية او مليشيا تابعة لفرد او كيان اوغيره من مسميات ما انزل الله بها من سلطان اما غير ذلك فهم شعوب سودانية اصيلة حقوقها محفوظة ومقدسة بمعيار المواطنة فقط ولا شىء سواها .. ودمتم عبدالقادر قدوره