[email protected] "انهيار مفاوضات اديس بين السودان وجنوب السودان" ... هذا هو مانشيت لصحف الخرطوم صبيحة ختام كل جولة من جولات التفاوض بين حكومة المؤتمر الوطني في الشمال وحكومة الحركة الشعبية في الجنوب طيلة الاشهر بل قل السنوات الماضية، فلم ينجح الطرفين وبمعيتهما وساطة امبيكي منذ اتفاقية نيفاشا التي اتت بالحركة من الغابة وحتي اليوم ولو بالوصول الي أضعف الحلول، وماتزال القضايا المتبقية من اتفاقية السلامة معلقة بين تعنت صقور الوطني والحركة، بل قادت التصرفات غير المسئولة من الطرفين الي تفجر الغام اكثر خطورة وفتكا بوحدة المتبقي من السودان بعد الانفصال. فالوطني يحمّل الحركة فشل اي جولة وكذلك الحركة ويدخل الجميع في عواصف اتهامات وحروب اعلامية لا تصب الا في تعقيد القضايا وتوسيع الشقة وانعدام النية للتوصل لحلول مرضية تضمد للشعبين الجروح، فكم هي تلك الاجتماعات التي عقدتها اللجان المشتركة من اجل حلحلة قضيتي الحدود وابيي وما هي النتائج التي خرجت بها تلك الاجتماعات كلها كانت صفرا مما يعكس الافلاس السياسي والتفاوضي لمن يديرون هذه الملفات وانسداد بصائرهم، فطيلة الست سنوات عمر الفترة الانتقالية لم تتعدي هموم الطرفين سقف المناكفات والمعاكسات حول السلطة والإتهامات المتبادلة التي قادت في اخر المطاف الي ما يحدث اليوم من فشل، وفي ظل تلك الاجواء استغل الشطار من المتنفذين في الجانبين استغلوا الانشغال بالتشاكس وحولوا عائدات النفط الي حساباتهم الشخصية في الخارج الامر الذي اودي باقتصاد البلدين بعد الانفصال، وما يؤكد ذلك حديث رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير حول دخول اكثر من 60 مليار دولار لحسابات خاصة تتبع لوزراء بحكومة الجنوب، وكذا رائحة الفساد التي تزكم الانوف في دولة الشمال، وما تشهده من تردي اقتصادي فبالرغم من التطينات المغلفة التي ظلت تبثها الحكومة من ان تأثيرات الانفصال الاقتصادية مقدور عليها ووضعها للاحتياطات اللازمة لتلافي اي تأثير يتوقع حدوثه وهي تعلم علم اليقين ان ما فقدته البلاد لا يمكن تعويضه بعد ذهاب حوالي 75% من عائدات النفط الي الدولة الجديدة، وان الفجوة الاقتصادية التي سيخلفها فقدان النفط تحتاج لاجراءات اقتصادية مدروسة، لا بل ظلت تكيل تطميناتها حتي اصبح الجنيه السوداني يناطح في الانخفاض عملة أفقر الدول الافريقية، مما انعكس سوءا وفقرا علي المواطن، فالواقع الاقتصادي الان لا يخفي علي احد والكل يكتوي بنيرانه الا اللذين استفادوا ويستفيدون الان من ترديه، فهل يا تري من احتياطات الحكومة اشعال الحرب في كل من جنوب كردفان وجبال النوبة وهل الحرب بتلك المناطق هو الحل لقضايا المنطقتين، ام انه استحال علي فلاسفة وجهابزة السياسة من قادة الحكومة الحل فاختاروا السلاح وسيلة لذلك، ألم يكن هؤلاء القادة علي علم بان كل رصاصة هي لقمة يمكن ان تسد رمق جائع وان كل دانة يمكن ان تجلب دواءا لمريض طريح الفراش في ظل انعدام العائد من النقد الاجنبي، وهل فكر هؤلاء في كم عدد الاسر التي فقدت عائلها في هذه الحرب إما بالموت او الأسر ، وكم ياتري عدد الذين فقدوا اطرافهم في عمليات النيل الازرق وجنوب كردفان، وكم عدد الذين شردوا من ديارهم وما هو الثمن الذي قبض جراء ذلك غير الخسران وما يحدث الان من تردي اقتصادي ووضع ماساوي يعيشه شعبي البلدين هذا كله ليس الا انعكاس للفشل السياسي وانعدام الوازع الوطني الذي ينغمس فيه الساسة في كلا السودانين، وحتما ونتيجة لذلك الوضع فان هناك المنتفعين والذين يسعون الي استمرار هذا الوضع من اجل التكسب الشخصي والحياة في اوحال الفوضي، كل هذا يحدث واللاعبين الاساسيين فيه هما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، اين اذن القوي السياسية التي تتدعي انها وطنية فهل يرضي كيان وطني غيور الا بفتات السلطة ويترك قضايا البلاد الاساسية عرضة للضياع ..