تقرير ... حسن بركية التعدي علي حرية التعبير في السودان يأخذ أشكال متعددة ومتنوعة ،في الأونة الأخيرة تزايدت الهجمة الأمنية علي الحريات بشكل عام – حرية التعبير – حرية الصحافة...الخ وفيما يتعلق بالقيود المفروضة علي الحريات الصحفية تنشط عدة جهات لمجابهة الوضع المتردي والعمل علي ممارسة مزيد من الضغوط علي الحكومة من أجل رفع تلك القيود، وخاصة أن الجهات الرسمية المعنية بالدفاع عن الحريات الصحفية – ( الإتحاد العام للصحفيين السودانيين –المجلس القومي للصحافة والمطبوعات ... الخ) لاحول لها ولاقوة وتقف موقف المتفرج علي تغول الأجهزة الأمنية علي مهامها وفي أحسن الأحوال يكتفي اتحاد الصحفيين ببيان لايسمن ولايغني من جوع. وتكشف تقارير المنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير والحريات الصحافة عن واقع الحريات في السودان علي سبيل المثال التقرير الأخير لمراسلين بلا حدود والذي حوى 177 دولة في العالم، حل السودان في المرتبة 170 و صنف تقرير لجنة حماية الصحفيين السودان ضمن أسوأ خمس دول تكبل الصحافة فيها. ويخضع الإبداع في السودان لكل أشكال الرقابة هناك مجلس للمصنفات الفنية والأدبية وله قانون يخول للمجلس فرض رقابة علي كل أشكال الإبداع ‘ الكتب – الأقراص المدمجة –الشعر –الغناء ...الخ وثار جدل كثيف في أوساط الأدباء والشعراء حول دور مجلس المصنفات الفنية والأدبية خاصة بعد أن رفضت لجنة النصوص بالمجلس إجازة نصوص شعرية لشعراء سودانيين كبار ويضم ملف الكتب والأعمال الفنية والأدبية المحظورة في السودان من قبل مجلس المصنفات الفنية قائمة طويلة من العناوين منها السياسي والثقافي والاقتصادي. يري الأستاذ طه ابراهيم المحامي أن فكرة مراقبة الإبداع غير مقبولة وغيرمجدية ويضيف من يصحح أخطاء لجنة المراقبة ويقول طه ابراهيم قانون المصنفات الفنية والأدبية ضرب بكل المعايير والقوانيين الدولية عرض الحائط وهو قانون استبدادي يتيح لمجلس المصنفات فحص ومراقبة كل الأنشطة الفنية والإبداعية وهذا الدور فيه تعارض مع حرية التعبير والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية. ويعرف حرية التعبير حسب موقع (ويكيبيديا) بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني بدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير. ويصادر مجلس المصنفات الفنية والأدبية الكثير من الأعمال الفنية والأدبية دون وجود مسوغات أو مبررات مقنعة وفي أكثر من مرة كان المنع أو الحجب بسبب الخلاف السياسي والفكري حيث يقف المجلس حسب عدد من الأدباء مع الخط السياسي والفكري للحزب الحاكم، ويقول القاص عبد العزير بركة ساكن الجدل الدائر في الأوساط الأدبية في السودان نتيجة لرفض لجنة النصوص إجازة أعمال لشعراء سودانيين كبار لهم تجارب طويلة في الكتابة أثار شجون قضايا الحريات من جديد وبين أن المثقفين لم يستفيدوا من إشكالات سابقة بشأن هذا الموضوع، وأنهم يلدغون من الجحر ذاته مراراً. . وأورد بركة ساكن قائمة من العناوين التي حظرها مجلس المصنفات الفنية في الأونة الأخيرة منها – مجموعة قصصية بعنوان ،، علي هامش الأرصفة‘‘ ورواية ‘‘ أماديرا‘‘ وكتاب للكاتب الإسلامي المحبوب عبد السلام ‘‘ الحركة الإسلامية –دائرة الضوء وخيوط الظلام‘‘ ومجموعة قصصية للصحفية الراحلة أناهيد كمال ‘‘ متعة الذاكرة‘‘ والقائمة طويلة جداً كتب في مختلف التخصصات وكتب أخري طبعت في الخارج ومنعت من الدخول مثل كتاب الصحفي السوداني فتحي الضو ‘‘ الخندق‘‘. في مقابل النقد اللاذع الذي يوجه لمجلس المصنفات الفنية والأدبية من منصة الأدباء والكتاب يدافع منسوبي المجلس عن مجلسهم ودوره وتقول الأستاذة أمنة الصادق المستشارة القانونية للمجلس قانون المصنفات الفنية عبارة عن قانون تنظمي لحقوق المبدعين والحقوق المجاورة وهو مجلس مستقل وتضيف أمنة صحيح القانون به أوجه للقصور ونحن نعمل لحماية حقوق المبدعين رغم ضعف الإمكانات وقرار المجلس ليس نهائياً والمتضرر يمكن أن يستأنف القرار ويذهب للقضاء في حالة تضرره من قرار المجلس. ويتصاعد الجدل في أوساط الصحفيين والأدباء في السودان حول دور المؤسسات والمجالس المعنية بأمر الثقافة والحريات والإبداع عموماً -الصحفيون لهم مواقف معلومة في مجلس الصحافة والاتحاد والأدباء يتوجسون من مهام مجلس المصنفات الفنية والأدبية ويوماً بعد يوم يضيق الهامش المتاح للحريات في السودان تحت دعاوي حماية الامن القومي والسلامة العامة والأخلاق العامة وغيرها من الإكليشيهات المحفوظة عن ظهر قلب . مثلاً تقول المادة الخامسة في قانون الصحافة والمطبوعات ‘‘ أن تمارس الصحافة بحرية واستقلالية وفق الدستور والقانون مع مراعاة المصلحة العامة وحقوق الآخرين وخصوصيتهم دون مساس بالأخلاق العامة‘‘ ولا أحد يعرف علي وجه الدقة ماالمقصود بالأخلاق العامة وهكذا تعمل العبارات المطاطية علي طمس كل الحقوق التي تعطي ياليمين وتؤخذ بالشمال. يدعو الصحفي فيصل محمد صالح لتشكيل جبهة عريضة لمواجهة الهجمة الشرسة علي حرية التعبير. يقول طه ابراهيم من أهداف مجلس المصنفات الفنية والأدبية حماية الآمن الثقافي الوطني وهنا مربط الفرس ماهو الأمن الوطني ومن إختصاصات المجلس وضع الأسس والمعايير والشروط والتصديق علي أي عمل إبداعي وبهذه الصلاحيات يكون المجلس هو العدو الأول للإبداع في السودان لأن المبدع لايقبل الوصاية من أي جهة والإبداع مقترن بالحرية. مابين قانون الصحافة والمطبوعات وقانون المصنفات الفنية والأدبية مساحة من الرهق اليومي يركض فيها الصحفيون والمثقفون بحثاً عن واقع أفضل وسعياً لطي صفحة كالحة وعامرة بالتجاوزات والخروقات وتكميم الأفواه وكسر الأقلام ، يقول الأستاذ نور الهدي صاحب دار عزة للنشر قانون المصنفات به مواد عامة ومطاطة ويقوم المجلس بإستغلال هذه المواد لتمرير أجندة جهات عليا في الدولة ويضيف نور الهدي حظر الكتب له حيثيات غير منظورة بمعني أنه في بعض الأحيان يكون سبب المنع ليس قانون المصنفات بل رغبة جهات نافذة في السلطة في منع نشر الكتاب بسبب الخلاف السياسي والفكري للكاتب مع النظام الحاكم. وفي جانب الحريات الصحفية للصحفيين السودانيين أشكال متعددة لمقاومة الرقابة والحجب والمنع في ظل غياب نقابة تدافع عن حقوقهم ولذلك كانت شبكة الصحفيين السودانيين كجسم مطلبي يدافع عن الصحفيين وعن حرية التعبير وللشبكة مواقف معلنة ومعروفة في هذا الصدد حيث نظمت الشكبة عدد من الفعاليات والأنشطة والوقفات الإحتجاجية وأصدرت العديد من البيانات . يقول الأستاذ أمين مكي مدني المحامي الطامة الكبري فيما يتعلق بالحريات الصحفية وقانون الصحافة والمطبوعات هو ممارسات جهاز الأمن الوطني حيث يهدد الجهاز ليس حرية التعبير والصحافة فحسب بل جميع الحقوق والحريات الاساسية. وهكذا يتعرض الإبداع في السودان لقيود عديدة وكل عمل إبداعي معرض للحجب والمنع والحريات منتهكة والصحافة مكبلة بالقيود الأمنية والاقتصادية .