If there are images in this attachment, they will not be displayed. Download the original attachment في الحقبة الذهبية للجمهورية اللبنانية ، كان لبنان الصغير الجميل ، موطن جبال لبنان الشاهقة وأشجار الأرز الخضراء الباسقة ، مركزاً عالمياً للديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية والأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي ، ووجهةً للسياحة الاقليمية والدولية ومنارةً للحراك الأدبي العربي حتى شاعت عبارات: القاهرة تكتب وبيروت تطبع، والخرطوم تقرأ! أما في الحقبة الرمادية الحالية للجمهورية اللبنانية ، وعلى الرغم من سياسة "النأي بالنفس عن الأزمة السورية" التي تنتهجها الحكومة اللبنانية، فقد أصبح لبنان مركزاً لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية ، ووكراً للمحاصصات الطائفية التي تنتهج بعض رموزها سياسة "توريط الذات في الملف السوري" وبؤرةً للانفلات الأمني وغياب سلطة الدولة وظهور سلطة الميلشيات القبلية والطائفية ولعل أبرز مثال على ذلك هو قيام ميليشا عائلة آل مقداد الشيعية باختطاف 20 سورياً وتركياً وسعودياً وتهديدها باختطاف المزيد كرد عملي على اختطاف أحد أفرادها من قبل الجيش الحر في سوريا وعجز الحكومة اللبنانية عن معالجة عملية الاختطاف حتى أصبح من الممكن أن تشيع الآن عبارات: بيروت تخطف والقاهرة تمتعض والخرطوم تندهش! من المؤكد أن عملية الخطف القبلية الآل مقدادية في لبنان سوف لن تنجي النظام السوري من الحصار الخانق المفروض عليه من قبل أغلبية شعبه في الداخل ومن قبل أغلبية الدول والمنظمات الدولية في الخارج ولن تنقذ النظام السوري من السقوط المحتوم الذي بدأت نذره تلوح في الأفق ولن تسقط تهم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي وجهتها المنظمات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة للنظام السوري ولكنها ستؤدي قطعاً إلى الإضرار بمصالح لبنان السياسية والاقتصادية الخارجية والإساءة لصورة لبنان الدولة ولعل أولى بوادر ذلك تتمثل في قيام بعض الدول الخليجية ، مثل قطر ، الإمارات والسعودية ، بإصدار أمر لمواطنيها بمغادرة لبنان فوراً وعدم السفر إليه مطلقاً بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في لبنان! لعل كل من استطلع وجهات نظر اللبنانيين المقيمين في قطر يلمس بوضوح إدانتهم الشديدة لعملية الخطف المقدادية وعدم حسمها من قبل الحكومة اللبنانية ويستشعر مخاوفهم من أن يؤدي ذلك إلى توريط لبنان في الأزمة السورية واستخدام أرضه كحلبة لتصفية الحسابات الاقليمية وتفجير الحروب الطائفية والمذهبية المدمرة في ربوعه الجميلة وتحويله من ملاذ آمن للنشاط الاقتصادي والسياسي الدولي إلى غابة من الميليشات المتقاتلة ، وفي الختام لا يملك المرء إلا أن يسأل الله أن تنتهي أزمة اختطاف الرهائن بخير وأن تتمكن الحكومة اللبنانية من استعادة حكم القانون وهيبة الدولة اللبنانية على كامل التراب اللبناني الجميل. فيصل الدابي المحامي