كل ما حاولت تجاوز حديث بروفيسور ابراهيم احمد عمر حول عودة القبلية والجهوية والذي نقلته الصحف قبل يومين يقفز الموضوع امامي على صفحات المواقع الالكترونية .. وقد كانت محاولات تجاوزي للتعليق على الموضوع نابعة من الشعور بالغيظ الشديد من حديث بروف ابراهيم لان القبلية والجهوية لم تتمكن في دماغ المجتمع السوداني على امتداد العهود السياسية التي اعقبت الاستقلال مثلما تمكنت في عهد الانقاذ الذي هو عهد تمكن الحركة الاسلامية من الحكم في السودان .. وللمصادفة ان ياتي هذا التصريح في وقت يطلق فيه بروفيسور ابرهيم احمد عمر تصريحات تؤكد انه من اهل الجلد والراس في الحركة الاسلامية وفي الانقاذ مماجعل هناك مقارنات تقام بين البروف ابراهيم والترابي الذي حاول البروف اصدار فرمان طرد له ولحزبه من الحركة الاسلامية .. انت اذن غارق وضالع في (عواسة) الانقاذ السياسية بدرجة منظر كبير وصاحب (وجعة) و مشارك ومبارك لسياسات الانقاذ التي تسببت في رفع وإعلاء الصوت الجهوي بصورة غير مسبوقة في العهود التي سبقتها .. هل نعتبر ان تصريحات بروفيسور ابراهيم احمد عمر في صالون دكتور نزار محجوب هي نوع من انواع الاعتراف النبيل بالمشاركة في تمجيد وتصعيد نبرة الخطاب القبلي والجهوي في السودان ..؟! ام هي توبة ضمنية عن كل ماتسبب من سياسات انقاذية في اعلاء الصوت الجهوي وتفخيم الخطاب القبلي .. تلك هي الحقيقة الي يجب عدم انكارها ان الانقاذ اسهمت بشكل صارخ وكبير في ايجاد هذه الحالة ثم اكتوت مؤخرا بنارها حين لم يعد بمقدور صناع القرار في السودان في السنوات الاخيرة الاعلان عن تشكيل وزاري يهمل (الوزنة) الجهوية .. هذه هي الحقيقة ولانحتاج لسرد الأمثلة والشواهد للاستدلال او الاثبات ..وحتى حين تحولت تلك (الوزنة) المفروضة على الحكومة تحولت الى وزنة سياسية وجهوية في ان واحد لم يكن هناك اي اختلاف بينهما فالوزنة السياسية في حقيقة امرها الواقع الان هي وزنة جهوية وقبلية بسبب ان المنظمات الحزبية الجديدة في السودان احتمت ب(العريشة) القبلية و اتخذت هذه الحالة كاساس لتكوينها واختيار قيادتها وتحديد اهدافها وبرنامجها السياسي نفسه.. حتى نظام الحكم الاتحادي وهو نظام جيد نظريا لكنه سئ التطبيق في السودان لدرجة جعلته المتهم الاول في تمكين الخطاب الجهوي والقبلي .. والان يريد بروف ابراهيم معالجة ازمة ثقافية باجراءات إدارية على شاكلة مقترحه بدمج عدد من الولايات في وحدة إدارية واسعة ..توقف سيدي فقد يتسبب هذا المقترح هو الاخر في تعميق وتوسيع الازمة بتهيئة انواع اخرى من الصراعات الداخلية الجديدة ..توقف هنا (وكترخيرك)..فالازمات الثقافية والاجتماعية لاتنجح محاولات علاجها بقرارات سياسية عاجلة ومتسرعة..