بسم الله الرحمن الرحيم تاريخ طويل وأدوار مشهودة للهيئة القومية للغابات منذ مديرها الأول أبو الغابات محمد كامل شوقي وإلي الدكتور عبد العظيم ميرغني وما بين ذلك من كبار العلماء الذين أداروا شأن الغابات علي مدار السنوات، وما بين ذلك كذلك من الشد والجذب والدفاع المستميت عن الغطاء النباتي وهو عبء ثقيل حمله كل (غاباتي) من المدير إلي (الخفير) في طول البلاد وعرضها. وعيد الشجرة القومي يأتي هذا العام شاهداً علي المجاهدات التي لا يني يبذلها كل عامل في قطاع الغابات العريض في كل بقعة وكل شبر في سبيل بيئة خضراء تدفع عن الناس كوارث التصحر والأرض اليباب ولعلني لستُ بحاجة لسرد مخاطر إنحسار الغطاء الأخضر في مقابل زحف الرمال. وليس إحتفالية عيد الشجرة إلا رمزية لغايات تنشدها هيئة الغابات وتسعي لتحقيقها علي أرض الواقع المشهود. وكل عمل بالضرورة هو فكرة وهو ما أطلقته الغابات هذا العام من خلال شعارها (بيئة مدرسية خضراء .. تنشئ جيلاً خلاقاً).شعار ليس سهلاً ولا محض كلمات لكنه يرمي لأبعاد مجتمعية عميقة وأبعاد تربوية أعمق من خلال مخاطبة تلاميذ المدارس والبيئة المدرسية عموماً ومكونات العملية التعليمية ككل للمشاركة في تحقيق هذا الشعار وهي شراكة ذكية لخلق جيل مؤمن بفكرة الغابات يسهم بفاعلية في الرؤية الإستراتيجية للغطاء النباتي. ويتذكر الناس زماناً كانت تُستباح فيه الأشجار بل ومجاميع الغابات جهاراً نهاراً، ولكن بفضل المجهودات الإدارية والدعم الحكومي القوي حتي علي مستوي الرئاسة للمحافظة علي الغطاء النباتي تمكنت الغابات من إكتساب قوانين رادعة تحمي الأشجار ضد العدوان والقطع الجائر وصار قطع الشجرة مجرد شجرة واحدة جريمة يعاقب عليها القانون. ولعلّ كل من ينتمي لهذه الشريحة العريضة من موظفي الهيئة القومية للغابات الغابات يجد نفسه مزهواً والحال هكذا من إهتمام رسمي توليه الدولة للغابات والغطاء النباتي بوصفه من الهبات الربانية التي لا ينبغي التفريط فيها وبوصفه كذلك من الموارد الطبيعية التي لا تقدر بثمن. وفي عيد الشجرة القومي التاسع والأربعين الذي انعقد بودمدني بقصر الضيافة الأسبوع الماضي حظي الحدث بمشاركة واسعة بحضور وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية حسن عبد القادر هلال وبحضور والي الجزيرة البروفيسور الزبير بشير طه ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للغابات ومدير الهيئة الدكتور عبد العظيم ميرغني ووزير البيئة بولاية الجزيرة ومدير غابات ولاية الجزيرة إيمان عدوي وبحضور واسع من العملين بالهيئة وهو إحتفال انطلق من ميدان التلفزيون بمشاركة طلاب المدارس تحقيقاً للشعار الذي يستهدف هذه الشريحة العريضة كقاعدة للإنطلاق نحو الأهداف المجتمعية الكلية التي تجعل الغطاء النباتي والبيئة الخضراء قيمة ينفعل بها المجتمع ويتفاعل معها. والشجرة قيمة دينية في المقام الأول وليست لمنطلقات بيئية وإقتصادية وإجتماعية فقط والحديث الشريف يقول:(إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها). والشجرة كذلك قيمة أخلاقية تحكي الديمومة .. ديمومة الحياة وتعاقب الأجيال تقول الرواية:(رأي كسري أنوشروان ملك الفرس شيخاً عجوزاً تساقطت أسنانه يزرع نخلة ، فسأله كسري مندهشاً:تغرس نخلاً لا يثمر إلا بعد سنين وأنت رجل عجوز؟!، فأجابه الشيخ: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون). *غابات ولاية الجزيرة.