بالأمس شاهدت مباراة الهلال والمريخ والتي انتهت بالتعادل 1/1، فأصابتني الدهشة والعجب وأنا أرى القمة الكروي في بلدي بتلك المهزلة والتهاون واللامبالاة.. وأنا أرى أشباح اللاعبين وهم يمارسون لعب "الدافوري" داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم يعلبون داخل "الحواري" في الأحياء الشعبية. منذ فترة طويلة لم أشاهد مباراة القمة الكروية السودانية أو الدوري السوداني بصفة عامة نسبة لأنني منذ الرياضة الجماهيرية التي حل بها جعفر نميري كل الفرق الرياضة وحتى الآن لم تقم للرياضة قائمة أخرى كالسابق.. ولظروفي العملية التي تحول دون ذلك أيضا. لعدم تواجدي في المنزل أثناء بث المباريات.. وأصبحت ثقافتي الرياضية قرائية فقط. دون المشاهدة. ولكن بالأمس شاهدت أسوأ مباراة كروية بين ناديين عريقين يمثلان قمة الكرة السودانية في السودان والتي جرت فيها تلك المآسي الكروية والشغب وإراقة الدماء الذي صاحبها ما بين الشوطين من جمهور الناديين.. ولو استمرت النتيجة بفوز المريخ كما كان في الشوط الأول، لصار ما لا يحمد عقباه من إراقة دماء.. ونحمد الله على إحراز هدف التعادل في الشوط الثاني، الذي كفى المؤمنين شر القتال وأحبط ما كان متوقعاً بعد نهاية المباراة في حالة فوز المريخ الذي أهدر كثيراً من الفرص للفوز. وهنالك سؤال يطرح نفسه, هل كانت القمة الكروية التي أُقيمت بالمستوى العالي القدرة في اللعب والتكتيك الميداني والمهارات العالية بين اللاعبين لكي يتشاجر من أجلهما الجمهور مع بعضهم البعض بتلك الطريقة من أجل ألا قمة؟!... فهل تعصبنا لإنتمائنا لأحد الأندية يتطلب منا أن نكون بتلك العصبية الزائدة والهرج والمرج اللأخلاقي من أجل ال "لا كرة" في السودان؟! فهل ما رأيناه بالأمس هي مباراة فريقين من أعرق الفرق السودانية وفي الدرجة الأولى أيضاً؟! أشك في ذلك. لأن هؤلاء اللاعبين الذين رأيناهم بالأمس لا يصلحون للعب حتى في الدرجة الرابعة بصرف النظر عن فريق الدرجة الأولى الذي ينتمون إليه! أسئلة كثيرة طرأت على فكري أثناء وبعد المباراة وما جرى داخل أرض الملعب من "مهزلة" كروية مازلنا نمارسها كلما لعب الفريقين معاً.. أو كما قيل في المثل "النسى قديمه تاه" وفي نهاية الأمر ذاك "الشاب" الذي اقتحم أرضية الملعب وهو مسرعاً تجاه "حكم" المباراة لضربه.. هل هذه هي أخلاقنا الرياضية التي من المفترض أن نتمتع بها، أما زلنا نفكر بأسلوب الغاب الضرب والعنف ونحن في القرن الواحد والعشرين.. أين حضارتنا الكروية وأخلاقنا السودانية. وأين ثقافتنا الكروية الرياضية التي تقول بإن لعبة كرة القدم هي من أجمل ال"لعبات" الرياضية التي يتمتع بها الجمهور الكروي في جميع أنحاء العالم.. وأيضاً لمن يريد أن يتخذها هواية مفضلة أو رغبة من رغباته المفضلة لتحقيق ذاته وإشباعها وامتاع الآخرين.. لذا يجب عليه أن يتحلى بالأخلاق الرياضيةالعالية من أجل تحقيق تلك الأهداف والغايات وإمتاع الجمهور الذي يتكبد المشاق ليأتي لمشاهدة فريقه وهو يعلب "الكرة" الراقية بكل فنونها وقواعدها التي تعلمها من ذاك المدرب الذي جلب من أجله لتعليمه فنون وقواعد اللعبة.. ومن ثم يتمتع الجمهور بتلك "التابلوهات" واللقطات والتمريرات المتقنة الجميلة التي يقدمها اللاعيبن.. والأداء الحماسي بالروح الحماسية وروح الفريق الواحد في الأداء الممتاز.. ولكن ما رأينها بالأمس كان عكس ما ذكرناه.. التوتر والشحن والعنف الزائد بين اللاعبين الذي مارسوه أخرج المباراة من جوها الرياضي وجمالياتها.. وأصبحت عبارة عن "دافوري" ليس إلا. ونحمد الله كثيراً بأن النتيجة أصبحت تعادل بين الفريقين، ولولا ذلك لشاهدنا دماءاً كثيرة بين الجماهير الرياضة داخل وخارج الإستاد. والله من وراء القصد. جعفر حسن حمودة – الرياض [email protected]