الامين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان قال ( سنظل من الدعاة للوحدة من القاهرة الى راس الرجاء الصالح لان هذا ماينفع الناس وسيبقى للاجيال القادمة ، وعلى السودانيين بمختلف مشاربهم ان يعملوا من اجل تجذير العلاقة بين شعبي السودان للوصول الي ( الاتحاد السوداني ومن ثم العمل من اجل وحدة دول القارة الافريقية ) . وفي الحقيقة إنة حلم بعيد المنال ، فالضمائر التي يناشدها عرمان لم تتحرك إزاء الكارثة السودانية المستمرة منذ زهاء ال24 عاماً، ومقتل اكثر من مليون في حرب الجنوب وفقدان عشرات الآلاف وتشريد الملايين وتدمير مدن وقرى كلياً أو جزئياً في دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة، لذلك يبدو من غير المفهوم لماذا يرغب الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان بأن تتحرك الضمائر الآن . لا نحسب أن عرمان من السذاجة ليصدق أن مناشدته الضمائر ستؤدي إلى وحدة ، لكن مجرد لجوئه إلى مخاطبة الضمائر يعني انه استخلص أن كل جهوده التي لا تزال مجهولة المضمون فشلت في توحيد الذين ثار من أجلهم لبناء السودان الجديد، وحديثه هذا فيما أعتقد طرفة يتحايل بها على حيرته إزاء واقعه الذي يزداد قتامة بعدما فقد طريقة داخل الحركة الشعبيه الأم. لذلك غاب عن عرمان وأمثالة من الساعين للزعامة بأن السودان قديماً وحديثاً، لم يكن موحدأ ، فالوحدة التي ورثناها من الإستعمار كانت قهرية وبخروجة اصبحت المذهبية والقبلية.. والطائفية هي الدولة ، لذلك لعبت الحركة الشعبية وبمساندة امريكية دورها كاملأ في تفتيت السودان. والدليل علي ذلك ما جاء بمقال د/ الحاج حمد محمد خير المنشور في سودانيزاونلاين) يقول د/الحاج لم تكن السياسة الأمريكية الخارجية في يوم من الإيام منقسمة على نفسها انقساماً عريضاً كما في حالة السودان، فاللوبي الكنسي والذي لازال يعتقد بإمكانية رجوع السودان للمسيحية كهدف بعيد المدى وفي نفس الوقت يكون هدفه على المدى المتوسط نشر المسيحية وسط القبائل الجنوبية الوثنية وعلى المدى القصير تمكين المسيحيون القدامى واصلاح صورة الكنيسة - خاصة الكاثوليكية- التي تم تسليمها الجنوب – بقانون المناطق المقفولة (1926-1940) – ولم تقم بتطوير التعليم والخدمات الأخرى وأنشغلت فقط بالتبشير ومحاربة انتشار الدين الإسلامي. أما المجموعة الثالثة من أركان اللوبي الأمريكي المتحالف في هذه المجموعة فهو اللوبي الأسود The Black Caucus وقد تمكنت الكنيسة من تشكيل رؤاهم الايديولوجية – والأيديولوجية قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة - والمعيار هو الممارسة - والمقولة هي إنقاذ الأفارقة من العرب تجار الرقيق. وتمثل مجموعات الضغط الثلاثة رصيد للمحافظين الجدد والمسيحيين المتتطرفين الذين يغطون بمثل هذه الشعارات الايديولوجية منذ عصر الرئيس ريجان المد التوسعي للإمبريالية الأمريكية وفي جوهر الأمر المصالح الإستراتيجية والمادية للولايات المتحدة تمر عبر ايقاف المد الصيني في افريقيا ونقل اسواق الفرانكفونية لصالح تحالف الأنجلوفونية. لقد نجحت هذه المجموعة في صنع الإنفصال ولحماية الدولة الوليدة كان عليها أن تمارس العنف المنظم للضغط على الحكومة السودانية لعزلها عن المجموعات التي لا تريد الإنفصال أصلاً ولخلق عدو مشترك لبناء الأمة. فإندفعت تنظم تحالفها مع حزب الحركة الشعبية في الشمال وتوسع هذا التحالف بضم عناصر من الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تلفظ أنفاسها وهذا التحالف تلقى الإمداد المعلوماتي من الموساد والتدريب والتبرعات من اللوبي الصهيوني الكنسي فأقاموا ما يعرف بتحالف كاودا او الجبهة الثورية. وإستمر هذا التحالف من مجموعات الضغط الثلاث (اللوبي الصهيوني – اللوبي الكنسي واللوبي الأسود) يضغط على الحكومة الأمريكية حتى حقق الإنفصال للجنوب وظل التيار الإنفصالي يستخدم قوة الدفع التي حققها بالهيمنة على الحركة الشعبية في اتجاة استخدام الجنوب كقاعدة لتحرير بقية السودان من "الحكم العربي والإسلامي" ويمر هذا الطريق عبر التطبيع مع اسرائبل وتشكيل تحالفات مع بقية الحركة الشعبية في السودان.). وفي الختام ، لا شك أن الأحداث التي مرت بالسودان منذ تمرد توريت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي وحتي يومنا هذا احدثت خللاً نفسياً لدي السواد الأعظم من الشعب كما كان لها الكثير من الإنعكاسات السلبية الواضحة علي شتي مناحي الحياة و أخطر هذه السلبيات علي الأطلاق عمليات "الإستقطاب والإستقواء والإقصاء والتخوين وتشويه الرموز الوطنية والأحداث التاريخية " ناهيك عن التعامل مع دول اجنبية وعلي راسهم اسرائيل التي بذلت كل جهدها في انفصال الجنوب عن الشمال ، لذلك أعلن رئيس الدولة الجديدة سلفاكير خلال الاحتفال بالانفصال ولاءه المطلق للصديق الإسرائيلي ومن الظاهر البين الذي لا يحتاج الي دليل الغارة الأخيرة على مصنع اليرموك والتي جاءت عشية زياره سلفاكير لتل أبيب والسبب في كل ذلك كما جاء في مقال رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط الاستاذ طارق الحميد يقول، ( من ينظر لواقع السودان، من استضافة أسامة بن لادن، إلى عمليات تهريب السلاح، ثم بناء مصانع الأسلحة العبثية، وقبلها الحروب الداخلية، والأزمات، والتقسيم، يدرك أن السودان ليس دولة مواجهة، كما يردد بعض مسؤوليه، بل دولة ارتكاب الأخطاء الممنهجة، ومنذ وصول هذه السلطة الإخوانية لحكم السودان، مما يعني أن السودان، والمواطن السوداني هما الضحية أولا وأخيرا.،) أما الدعم الذي تقدمه إسرائيل إلى الحركات الانفصالية في دارفور فمعروف ويتزايد يوماً بعد يوم لأعلان دولة الزغاوة الكبري . كل ما أريد أن أقوله هنا إن السودان وطن أكبر تجمع للإثنيات والاعراق والأقليات في افريقيا والشرق الأوسط ، فمن الصعوبة أن يتوحد بالبندقية والمؤامرات الخارجية فالحل الأمثل للوحدة يكمن في ( دولة القانون ) وكلّ عام وأنتم بخير!