! سيبقى اليوم الثالث والعشرون من نوفمبر يوماً إستثنائيّاً وفريداً لدى صحفييى العالم وصحفييى السودان على السواء . فقد أحيا المُجتمع الإعلامى والصحفى على المستوى الدولى للسنة الثانية يوم 23 نوفمبر الجارى ، اليوم العالمى لإنهاء الإفلات من العقاب فى جرائم قتل الصحفيين والإعتداء عليهم، تكريماً لذكرى الصحفيين الذين قُتلوا فى مذبحة أمباتوان الشهيرة بإقليم ماجوينداناو جنوبى الفلبين عام 2009 .فى هذا اليوم - بالذات - يتّحد الصحفيون وتتوحّد إرادتهم أفراداً وجماعات فى نقاباتهم ومؤسساتهم المهنيّة الحُرّة ، مع جهود منظمان حقوق الإنسان وحُريّة الصحافة ووكالات الأُمم المتحدة - جميعاً- فى إعلان موقفاً عالميّاً مُوحّداً، رافضاً لإفلات القتلة من العقاب ولإنهاء الحصانات التى يتمتّعون بها . أمّا سودانيّاً ، فهو اليوم الذى رحل فيه واحد من أشجع وأنبل الصحفيين السودانيين ، ألا وهو الأستاذ الكبير التجانى الطيّب بابكر، الذى لبّى نداء ربّه يوم الأربعاء الموافق الثالث والعشرون من نوفمبر2011،عن عمرٍ يناهز 83 عاماً ، بعد سنوات حافلة بالبذل والعطاء والتضحيات والنضال الجسور فى سبيل الدفاع عن حريّة الصحافة والتعبير،وإحترام حقوق الإنسان وتحقيق السلام والعدل الإجتماعى والتنمية وديمقراطيّة الوطن وحريّته وسعادة إنسانه. يوم نعاه الناعى فى 23 نوفمبر 2011، كتب كثيرون عن التجانى الطيّب بابكر السياسى والصحفى والإنسان الشيوعى المُلتزم،واستفاضوا فى تعديد خصاله وشمائله ومساهماته فى كل جبهات الفكر والتنظيم . وشملت الكتابات شهادات (نثريّة وشعريّة) لأُناس ينتمون لمدارس فكريّة وسياسيّة متنوّعة ومُختلفة، منهم " زملاء وزميلات " ،وغيرهم ممّن إلتقاه فى دروب العمل العام ((توقيعات على دفتر الأحزان - " مجموعة مقالات ورسائل وبرقيّات عزاء فى رحيل التجانى الطيّب " تحرير : د.حسن الجزولى وإيمان عثمان )). وأفلحت ( اللجنة القوميّة لتخليد ذكرى الأُستاذ التجانى الطيب ) فى جمع بعض - أقول بعض - مُساهماته الفكريّة فى كُتيّب بعنوان (( " أوراق لا تصدأ - من إرشيف الزميل تجانى " - تحرير محمّد هلالى )). أنّه لمن الإنصاف الإشارة لبعض مساهماته فى الكتابة والتأليف،ومنها كتاب (( البحث عن السلام فى السودان )) الصادر عن الشركة العالميّة للطباعة والنشر عام 2005 - مجموعة وثائق من إعداد وتقديم التجانى الطيّب .وهناك المجلّة غير الدوريّة (( قضايا سودانيّة )) التى أسّسها وأشرف على إصدارها، إبّان تواجده فى مصر بعد إنقلاب 30 يونيو1989،إذ كان يسهر عليها تحريراً وتصحيحاً ومراجعة لموادها- قبل الدفع بها للمطبعة - فى سماحة نادرة وسعة صدر وأُفق لتقبُّل الرأى الآخر والمُختلف.وأختم - لضيق الحيز- بملمح آخر من تجارب ومساهمات التجانى الطيّب ( المُصحّح والمُدقّق اللغوى والمُحرّر الصحفى) حيث لا بُدّ من الإشارة لجهده ومساهمته ومشاركته الموسومة فى مؤلّفات زميله فى الفكر والنضال الأُستاذ محمد إبراهيم نُقد (( علاقات الرق فى المُجتمع السودانى )) و(( قضايا الديمقراطيّة فى السودان )) و(( حوار حول النزعات الماديّة فى الفلسفة العربيّة الإسلاميّة )) إلى جانب مساهماته الأُخرى ومنها الترجمة، من وإلى اللغتين العربيّة والإنجليزيّة ..وسيبقى بيننا التجانى الطيّب " بحر الوافر" فى الرأى والفكر والصحافة.