ستبقي ذكراكم أبنائي إلى أن ننتصر أو أن نلتحق بكم ليس غريبا أبدا أن تستمر طغمة الإنقاذ في غييها وتنال من فلذات أكبادنا . فقد أبانت حقدها على أهلنا يوم أن قضت على أطفالنا طلاب المدارس في نيالا ولم تبد أسفا أن أزهقت دماءهم وهم يطالبون بحق المواطنة كما فعل الناس (الكبار تحديدا) في كل مدن السودان دون أن يلقاهم الرصاص الحي. وتلك الممارسة علامة فارقة بين سكان دارفور وسكان المناطق التي ترى الإنقاذ أنهم أصحاب الحق والقدح المعلى. فبقي أن يتعلم أنسان دارفور أن اللعبة من بدايتها كانت سخيفة ...غير أخلاقية وخالية من التقييم الذي سوقه النظام ليفرق بين الناس. ولما تأكد لها أن فعلها الإجرامي ذاك قد أتى أكله راح يدوس على الطرفين غير آبه بمن يئن أو ينادي بالنجدة بل صار كلم البشير لا أريد منهم أسير ولا جريح فعلا معمولا به دون هوادة. واللوم حينئذ لومنا إذ ظننا منذ الوهلة الأولى أن الإنقاذ إسلامية ورفدناها بكل ما نملك دون أن نراجع كيف ومتى نهب لنصرة المنادي بالدين. لا بد أن نستطرد ذاكرة التاريخ لنعلم أن دم القرشي قد قاد إلى إقعاد حكومة عبود ورد الخيار إلي الجمهور. وخلال حكم المرحوم جعفر النميري (وأقول المرحوم لأننا لم نر العنصرية في زمانه بل كنا شركاء هذا الوطن) أتذكر يوم أن خلت داخليات جامعة الخرطوم من طلابها إثر الأحداث التى أودت بحياة طالب الزراعة الغالي عبدالحكم وترك أنباء دارفور وحدهم في الداخليات في إنتظار وسائل النقل لدارفور. فما كان من رئيس الرابطة آنذاك (الدكتور محمد آدم عبدالكريم وشخصي والأستاذ حاليا فضيل هارون علي والدكتور عبدالرحمن (للاسف نسيت أسمه الكامل) إلا أن ذهبنا لمدير الجامعة بروفسور علي فضل الذي أخذنا بسيارته الي مكتب مدير أمن الخرطوم ليشرح له خطورة الموقف لو أن بعضا من الشيوعيين هجم على طلاب دارفور بغرض التصفية لأن فيهم المرحوم داؤد بولاد والدكتورحبيب أحمد مختوم وأمين بناني والكثير غيرهم. وكذلك الخوف على الطلاب الشيوعيين من دارفور وغيرها الذين غادروا الجامعة تاركين أغراضهم مكرهين. أتصل اللواء مدير أمن الخرطوم لتوه بالسيد نائب رئيس الجمهورية اللواء عمر محمد الطيب الذي أمر بالفور إيقاف كل رحلات الطيران المدني والعسكري لحين سفر كل أبناء دارفور الي ذويهم آمنين. فاين هذا من الغدر وقتل الغيلة الذي حدث بجامعة الجزيرة؟ ومرة أخرى أترحم على جعفر النميري الذي لما صرف رجال الأمن موكبه من دخول قاعة الصداقة من غير باب النيل لأن أبناء دارفور متظاهرين طلبا لفصل دارفور عن اقليم كردفان المقترح قال قبل إجتماع الوفود من كل السودان أن لأبناء دارفور ما يريدون. فانتظرنا بساحل النيل الأزرق قبالة القاعة حتى دقت ساعة ام درمان الثالثة مساء لنتأكد من صدق قول الرئيس. ورغم أننا أحطنا بالعسكر من كل جانب لكنهم لم يؤذوننا ولو بكلمة بل طمأنوننا بموافقة الرئيس والمجتمعين فانصرفنا. الحمد لله أن كان ذلك عام 1980 ولو كانت الأنقاذ وقتها لأرتوت أرض المقرن بالدماء. أما هؤلاء المسمون بالإنقاذيين فهمهم الرئاسة رضي الناس أم أبو وراحت كل شعاراتهم وزيفهم وأنكفؤا يأكلون بعضهم, بعدما تآكل أسمهم الذي جاءوا به وصارت لحاهم وسمة حقد وكراهية. والمثير للجدل أن من بينهم شيوخ نعرف فيهم الورع والصلاح ولكنهم صمتوا عن قول الحق بل منهم من تجرأ بتكفير من يرغب عن الإنقاذ ويربأ بنفسه عن المؤتمر الوطني. نسوا كلمة الحق عند السلطان الجائر ونسوا تهدئته من الحمق وصرفه عن الكبر ولم يطالبوه بالعدل بين الرعية والإستماع للمظلومين من الأرامل والأيتام وكبار السن. ونسوا أن يذكروه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مسئول عن الرعية التي لم تخص عرقا ولا أقليم. من المعلوم أن الجامعات مراكز لتحصيل العلم والتدرب على القيادة والإستئثار بالرأي وتقدير الرأي الآخر. وطلاب اليوم سيخلفون قيادة الغد. والكثير من سدنة المؤتمر الوطني ممن عاصرناهم طلابا أو زاملناهم كانوا قيادات الطلاب إلا البشير لأنه ربما لم يسمع بالرأي والرأي الآخر في الكلية الحربية ولذلك أعذره إذ لم يفهم إلا لغة واحدة ...(أقتل) دون إهتمام بالمقتول أكان من المسلمين أم من الأبرياء الذين لم يروا يوما طائرة تحلق فوق رءوسهم أو حتى إن كانوا صغارا يعاب على من يمسهم بسوء. أفني الرجل جهده في الإبادة حالفا ألا يركع لغير الله! رفع نفرا من الزبانية لا يعرفون لغيرهم إلا ولا ذمة. فلا الدراسة تفتق أذهانهم لتمييز الحق ولا يلجأون الي المنطق وسلطان العقل. صاروا جلادين وهم في طور التكوين فتبلدت مشاعرهم وأصبحت قيمة الزمالة رصاصة غدر وهراوات وصولجانات وتعذيب. طبعا الجبان يخشى أن يقوم لرهينته قيامة ولذلك يهون عليه قتل الرهينة والحلف زورا أنه مات حتفا أو غرقا... ولن تذهب أرواحكم أبنائي قتلى دارفور بغير محاسبة. لا بد أن يعرف الإنقاذيون أن مدة حكمهم سينتهي كما إنتهى عهد الحجاج وصدام حسين ومبارك وحتى الإستعمار الذي طال البلاد رغم المحاولات الجريئة من أجدادنا لنيل الإستقلال. لابد أن يتذكر الإنقاذيون أنه سيصبحح الصبح دون أن يبقى سجانيهم وجلاديهم وزبانيتهم. الم يروا كيف سارع المسئولون لما حدث بالأمس في مدرسة ساندي برووك بكونتيكت الأمريكية. هؤلاء ليسوا أهل السنة وليسوا من الجماعة المسلمة ولكن المسئولية دفعتهم للهرولة الى مكان الحادث الذي بكى له الرئيس أوباما كما بكت الأمهات المثكولات على أبنائهن. من الذي منع حدوث مثل هذا للبشير وأعوانه الذين لم ينتفعوا بالألقاب العلمية التي زيلوا بها أسماءهم ولم ينتفعوا بها سلوكا؟ سكتوا قبل هذا عندما أعدموا بالزور من ألصقوا بهم تهمة قتل الصحفي محمد طه محمد أحمد والكل يدرك أنهم صفوه لما لم يسكت عن قول الحق. نسوا عبرة المسلم لصغار أوسعوهم ضربا وركلا حتى الموت. أين هذا الإنقاذ من الحق العام لكل مواطن. هم يعرفون قانونا أن المتهم المعتقل له حق الدفاع على أن يستنطق دون إكراه. هم يعرفون أن البينة تقوم بثبوت الأدلة ولا محاكمة إلا بالمثول أمام القضاء. فلم يحكمون بالإعدام على صغار إعتصموا مطالبين بحقهم دون أن يمسوا أحدا بسوءو لم يتلفوا أي شيء بحرم الجامعة. وحتى لو سلمنا جدلا أن الضحايا ماتوا غرقا كما سووقوا لأنفسهم قول الزور فلم لا يسمحون للطب الشرعي أن يبين نتائج التحقيق الذي توصلوا إليه. المسألة وبكل أسف انهم لا يقدرون لأحد من أبنائنا الضحايا الحق في أن يعرف ذووهم أسباب موتهم بل عاملوهم كالبهائهم. يا ويلكم يا جبناء... سيأتي يوم لا ينفعكم فيه قصوركم ولا كتمانكم للحق. كنت أتمنى أن تتحرك أجهزتكم العدلية لتلقي بيانا يبرئكم من الجريمة لكن حق القول أنكم جرزان تخافون من أنفسكم اولا. سقطت عنكم مسمى الدولة لعدم قدرتكم على توفير ورعاية حق الحياة للكبار وكممتم أفواه الصغار حتى أسكتمومهم للأبد. ضيقتم الخناق على أجهزة الإعلام وزججدتم بكل مطالب بالحق الي غياهب السجون أملا في إسكات الناس. لم يسلم منكم صديق ولا إستاذ ولا زميل ولا مسكين. صادقتم المجرمين ووفرتم لهم الحماية بكل الوسائل وحتى الطيران لينفكوا على الأبرياء بشراسة الوحوش حتى تبقى لكم دوائر الدولة التي شلت عن الاداء وغاب مسماها بين سائر الدول وغدت تعرف بالعسف وضياع حقوق أنسانها.