منذ شهر أغسطس 2010م، كانت هناك شكوك شبه مؤكدة لإصابة فيلين من الأفيال الثلاث لسيرك فرنسي يسمى "بندر"، بمرض السل الرئوي، وقد جاء قرار محافظة الشرطة في ديسمبر2012م، بضرورة إعدام الفيلين "بابي" و"نيبال"عن طريق الموت الرحيم!!! خوفاً من انتشار عدوى السل الرئوي وخاصة بعد وفاة الفيل الثالث "جافا" في أغسطس 2012م، واكتشاف انه كان مصاب بالسل الرئوي. قام أصحاب السيرك بالطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية ولكن رفضت المحكمة الطعن ، فوعد أصحاب السيرك بالاستئناف أمام محكمة النقض وكذلك طلب "العفو الرئاسي"عن الفيلين. وقامت جمعية "30 مليون صديق" بمحاولة إثارة القضية أمام الرأي العام! وفي تلك الأثناء تم جمع توقيعات 62 الف شخص في مذكرة اعتراض على إعدام الفيلين، وتدخلت الاميرة إستيفاني شقيقة حاكم إمارة موناكو ووعدت بإرسال طبيب بيطري لأخذ عينات من الفيلين لفحصها ثانية، وجاءت مناصرة لقضية الفيلين من الممثل الفرنسي الكبير آلآن ديلون، أما الممثلة الفرنسية الكبيرة برجيت باردو فقد قامت بالاحتجاج وبالتهديد بأنها ستطلب الجنسية الروسية وتهجر فرنسا في حالة إعدام الفيلين باعتبار أن "فرنسا لم تعد سوى مقبرة للحيوانات" !!، وكذلك جاءت مناصرة لقضية الفيلين من فلورنس باريزو رئيسة إتحاد أصحاب العمل. جاءت تلك الرمية الرمزية الطويلة للإشارة لبعض من حقوق الحيوان في تلك الدول التي تستخرج أوراق ثبوتية وجواز سفر ودفتر متابعة صحية للحيوان الأليف تسجل فيه كل واردة وشاردة عنه منذ ولادته وإلى مماته، وكذلك هناك دفاتر متابعة صحية جماعية لكل الحيوانات ألأخرى. أما في تلك البلاد التي قامت حكومتها بإعادة إنتاج مفهوم "إِنِّي لأَرَى رُؤُوسًا قَدْ أَيْنَعَتْ وَحَانَ قِطَافُهَا ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الدِّمَاءِ بَيْنَ الْعَمَائِمَ وَاللِّحَى.." إلى مفهوم عصري هو "إرهاب الدولة" لمواطنيها فقد أعدمت حديقة الحيوانات بالخرطوم عن بكرة أبيها وأحلت محلها برج الفاتح. المثال السابق يبين بعض حقوق الحيوان وقيمة حياة الحيوان في الغرب، فما هي حقوق الحيوان، بل ما هي حقوق الأنسان، لا بل ما هي قيمة حياة الإنسان نفسها في بلادنا! حيث ذهب اليأس بالبعض للقول بأنه كان في الماضي يغني"عايز أعيش زول ليهو قيمة، اسعد الناس بي وجودي"، ولكنه في زمن الإنقاذ أصبح لا يطمح لحقوق مساوية لحقوق الإنسان في الغرب بل ببعض من حقوق الحيوان في الغرب! دون إنتباه لقوله تعالي )وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى 0لْبَرّ وَ0لْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُمْ مّنَ 0لطَّيّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) )الإسراء:70.( وحتى لا نخطئ المقارنة ونقوم بإجراء قياس مع الفارق بين ما هو سائد في الغرب وما هو سائد لدينا، دعونا نقرب المقارنة فنعرج على "مصر المؤمّنة بأهل الله"، التي حكم القضاء فيها في يوم 26 يناير 2013م، بإعدام 21 شخصاً تسببوا في أحداث استاد بورسعيد التي وقعت في شهر فبراير 2012م، والتي قتل فيها 74 شخصاً!!! وبعد صدور قرار المحكمة نشبت أعمال عنف نتج عنها موت 26 شخص!!! بمعنى أنه بسبب مباراة في كرة القدم بين فريقي الاهلي وبورسعيد في 2012م!!! مات حتى الان 100 شخص وهناك 21 شخص أخر ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام! وللمفارقة العجيبة، فأنه عقب حادث الحركة المؤسف الذي وقع في شهر نوفمبر 2012م بمدينة منفلوط بجنوب جمهورية مصر بين قطار وحافلة نقل للأطفال وتوفي على اثره 45 طفلاً، قدم وزير النقل والمواصلات الدكتور محمد رشاد المتيني، استقالته لرئيس الجمهورية، بعد قبوله لاستقالة رئيس هيئة السكة الحديدية بمصر. عزيزي القارئ أعلم أنك قد أحبطت لرخص قيمة الروح البشرية في العالم الثالث مقارنة بحياة الحيوان في الغرب !!! فماذا أنت قائل إذا علمت أنه في أحداث بورتسودان في 29 يناير 2005م قتل 22 فرداً ، أما في أحداث جنوب كردفان والنيل الأزرق وقبلهما مجازر دارفور فالموتى بالمئات وبالآلاف "دي رجل وديك كراع"! وإذا أضفنا لهم حروب الجنوب منذ مجيء الانقاذ لأرتفع العدد ووصل فوق المليون!!! قال "ص" )من أعان على قتل أخيه ولو بشق كلمة جاء مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله(. قال رئيس الانقاذ في شهر نوفمبر 2006م "يقولون ان ثمة اكثر من 200 الف شخص قتلوا في دارفور، اننا نؤكد ان هذا الرقم غير صحيح وان كل احصاءاتنا حتى الآن في ما يتعلق بعدد الاشخاص الذين قتلوا في المعارك بين الجيش والمتمردين او بين المتمردين والقبائل المختلفة او بين القبائل، تظهر ان رقم القتلى لا يتجاوز 9000" . وقال كذلك في شهر مارس 2012م، إن البلاد قدّمت 18 ألف شهيد خلال مرحلة الحرب الأهلية الأخيرة، و"إننا جاهزون لتقديم 18 ألف شهيد آخرين". متناسياً بل جاهلاً قوله "ص")لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل نفس مؤمن بريء(. إذن القتل أو زهق الأرواح من قبل حكومة الإنقاذ تمّ في الشمال كما في أحداث سد الحماداب، وفي الشرق وفي الغرب وفي الجنوب وفي الوسط شهداء جامعة الجزيرة بل وفي الخرطوم كطلاب معسكر العيلفون او شهداء رمضان وصولاً لعوضية عجبنا. ولما كانت "أم منقور كلّه قدوما أحمر" فقد قال الدكتور نافع علي نافع زعيم دولة الإرهاب وراعي مشروع إرهاب الدولة لمواطنيها، في مخاطبته لاحتفال الدفاع الشعبي في يناير 2013م عن موقعي ميثاق الفجر الجديد "إن المعارضة حفرت قبرها بيدها" . وعلق الصادق المهدي في يناير 2013م على قول نافع" دكتور “نافع” يعدّ كل من يخالفه في القبر.. الذين خالفوه في المؤتمر الوطني هم في القبر، والحاملون للسلاح والسياسيون الذين يخالفونه كذلك.. فهو يبحث عن طريقة لتحويل السودان إلى (جبانة) كبيرة يدفن فيها كل مخالفيه.." إذن هناك دول تبحث عن تجنيب افيالها الموت والقبر وحكام دول يعدون مخالفيهم الرأي من مواطنيهم بالقبر! ولا نملك ألا أن نذكر حكام الإنقاذ بأن "البوقد نارا بدفابا".