الخرطوم : تقرير : الهادي محمد الأمين أنهي الرئيس التشادي إدريس دبّي يوم الجمعة الماضية 8 فبراير 2013م زيارة سريعة وخاطفة للخرطوم استغرقت عدة ساعات عاد بعدها للعاصمة التشادية أنجمينا وقال وزير الدولة بالخارجية صلاح ونسي في تصريح مختصر ومقتطب مغلف بلغة دبلوماسية حذرة : (إن الرئيس دبي أجري مع نظيره السوداني المشير البشر محادثات ثنائية تناولت العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك) وبالطبع لا يمكن للمراقب لمجريات الواقع السياسي والأمني بغرب إفريقيا – خاصة ما يجري علي الأرض من عمليات عسكرية ومواجهات مسلحة بين القوات الفرنسية والمالية ضد التنظيمات الاسلامية المسلحة المكونة من القاعدة بلاد المغرب الاسلامي وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد – أن تفوت عليه تداعيات تلك الأحداث وإفرازاتها علي بقية دول المنطقة مثل تشاد – إفريقيا الوسطي – ليبيا – النيجر والسودان الذي يقع ضمن دول الطوق والحزام الجهادي في الشريط الطولي الذي يشمل مصر – ليبيا – تونسوالجزائر في شمال إفريقيا بجانب دول غرب ووسط القارة مثل نيجيريا والسنغال وبوركينافاسو (فولتا العليا) كما أنه لا يمكن عقد قمة ثنائية مشتركة ومستعجلة بين الرئيسين (دبي والبشير) دون أن تكون هناك قضايا حساسة وطارئة ذات أهمية قصوي تتماثل مع أهمية زيارة الرئيس التشادي إدريس دبي للخرطوم التي استمرت لساعات قصيرة من غير أن تظهر أي معلومات أو حقائق عما جري داخل اجتماع الرئيسين وهل استعرضا أو تناولا تطورات الأوضاع والاحداث في مالي .. دخول الملثمين لدارفور ومن الملاحظات ذات الصلة بهذا الملف - زيارة لا تقل أهمية عن مجئ إدريس دبي للخرطوم ظهيرة الجمعة الماضية حيث سبق ذلك زيارة المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق مهندس محمد عطا للعاصمة التشادية أنجمينا حيث سلم سيادته الرئيس دبي رسالة خطية من نظيره السوداني المشير البشير قبل أن تتردد أنباء غاية في الأهمية أطلقتها الحركات الدارفورية المسلحة تفيد بوصول مجموعات مسلحة من المحاربين الموالين لتنظيم جماعة أنصار الدين الجهادية في مالي وتسللها لأراضي شمال دارفور بعد فرارها من العمليات العسكرية التي شنتها ضدها القوات الفرنسية وقال رئيس حركة التحرير مني أركو مناوي أن فرقا استطلاعية تابعة لفصيله شاهدت عناصر من جماعة أنصار الدين ووصولها بعربات دفع رباعي مزودة بأسلحة ثقيلة ومدافع وهم يتجولون في سوق كتم الحدودية التي تجاور الاراضي الليبية بعد دخولها عن طريق الصحراء الكبري لدارفور غير أن الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد نفي بشدة دخول أيّ مجموعات مسلحة من تنظيم أنصار الدين المجاهدة للأراضي السودانية مؤكدا أن الجيش لم يسمع بهذه الأحاديث ولم ترد له أيّ معلومات عن دخول أو تسلل جماعات جهادية مقاتلة في مالي لدارفور مشيرا إلي أن ما تناقلته وتداولته وسائل الإعلام في هذا الصدد محض شائعات وحديث لا اساس له من الصحة مطلقا واختتم تصريحاته في مواجهة هذه المعلومات التي انتشرت علي نطاق واسع – أن حركة العدل السودانية لا وجود لها في تشاد وفي المقابل لا توجد معارضة تشادية في الأراضي السودانية .. وذات الموقف أكده زعيم قبيلة المحاميد الشيخ موسي هلال الذي نفي بشكل قاطع صحة هذه الأنباء ووصفها بالشائعات .. هواجس ومخاوف إقليمية لكن بالنظر للواقع الراهن فإن هناك عدة مؤشرات وإرهاصات سبقت كل هذا الحراك السوداني – التشادي فقد انتهت قبل عدة أيام مفاوضات (ليبية – سودانية – تشادية) تركزت حول إحكام التنسيق بين الدول الثلاثة بغرض إغلاق ومراقبة الحدود المشتركة وتنشيط حركة الرصد والمتابعة للمتسللين وعابري الدول عبر المنافذ ونقاط المرور الحدودية وهذا مؤشر يعطي إنطباعا بقيام القوات المشتركة لمنع دخول هذه القوات الهاربة من ضربات الفرنسيين وضغطهم علي المسلحين الاسلاميين الذين بدأوا يبحثون عن مناطق وملاجئ آمنة تكون غطاء وساترا لقواتهم التي تمتلك ترسانة أسلحة ورثتها من الجيش الليبي بعد سقوط نظام العقيد القذافي في أغسطس 2011م ثم تحرك الطوارق الملثمين وزحفهم نحو باماكو وقيامهم بانقلاب عسكري عجّل بسقوط الرئيس المالي أمادو تاموني توري وفرض الجماعات الاسلامية مثل القاعدة وجماعة التوحيد والجهاد وحركة أنصار الدين والموقعون بالدم سيطرتهم علي كامل التراب في شمال مالي باسناد من الجهاديين الجزائريين المستقرين في جنوبالجزائر الامر الذي يجعل نظام الرئيس التشادي إدريس دبي في مواجهة نيران ومدفعية الجهاديين خاصة بعد تدهور الاوضاع في دولة إفريقيا الوسطي مؤخرا .. النيجر تلجأ للخرطوم هذه التداعيات لم تكن مصدر إزعاج لتشاد فحسب بل حتي دولة النيجر أظهرت قلقها وانزعاجها من هذه التطورات السلبية في دول الاقليم الأمر الذي دعا قيادات النيجر للمجئ للسودان في رحلتين متتالتين خلال المرحلة المنصرمة حيث زار الخرطوم في يوم 25 ديسمبر 2012م وفدا نيجريا بقيادة حسين عمرو مقر المؤتمر الوطني بالعمارات وأجري وفد النيجر سلسلة مباحثات مشتركة ومطولة اختتمت بتوقيع بروتوكول تعاون مشترك غطي العديد من المحاور والقضايا والتنسيق بين البلدين وكان رئيس وفد السودان المشارك في المباحثات نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون التنظيمية والسياسية الدكتور نافع علي نافع بينما جرت بعد شهر من المفاوضات الأولي جولة مباحثات أخري بدأت في يوم 22 يناير 2013م وكانت بتمثيل أعلي في مستوياته السياسية والدبلوماسية والعسكرية والتشريعية كانت بقيادة رئيس البرلمان ورئيس الحزب الحاكم في النيجر ( الحركة الوطنية للتنمية) – همّا أمادو وأكّدت المباحثات المشتركة علي ضرورة تطوير العلاقات المشتركة بين البلدين وسبل دفع آفاق التعاون المشترك بين المؤتمر الوطني والحركة الوطنية للتنمية .. الثورة المضادة وبالطبع يقابل هذا الحراك السياسي والدبلوماسي السوداني – التشادي – الليبي – النيجري تخطيطا مضادا يقوده تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وغرب إفريقيا بمنظوماته وتوليفاته العسكرية المختلفة ( أنصار الدين – التوحيد والجهاد – القاعدة – بوكو حرام) عبر إستراتيجية القاعدة الجديدة لتطويق دول الاقليم بل ونقل بعض نشاطها من القارة الآسيوية للقارة السمراء عبر إعادة أنتشار لقواتها وتكثيف خارطة وجودها في الشريط المشترك مع دول شمال وغرب ووسط إفريقيا لتصل حتي دول شرق إفريقيا المتاخمة لسلسلة جبال البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي في دول الصومال – تنزانيا وعينهم الآن علي إرتريا لتصلهم عبر البحر الأحمر لليمن خاصة بعد الضربات التي تعرض لها التنظيم الجهادي في دول شرق ووسط القارة الآسيوية كانت آخر مظاهره عملية إغتيال زعيم التنظيم أسامة بن لادن في العام قبل الماضي وقدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر استراتيجية مكافحة الارهاب مع الدول الصديقة بالمنطقة كباكستان وأفغانستان وغيرهما في اختراق بنية التنظيم وتشكيلاته العسكرية وبالتالي شل قدراته وإرباك تماسكه وصفه الداخلي وهذا بالطبع أدي لانكشاف ظهر القاعدة التي بدأت رحلة البحث عن مواقع أخري كان أهمها دول القارة الإفريقية التي تعاني من حالة فراغ سياسي وانفلات أمني بعد سقوط بعض أنظمة الحكم فيها واضطراب أوضاع البعض ووجود بؤر النزاع في أخري سبق واعقب ثورات الربيع العربي التي تصاعد فيها التيار السلفي الجهادي وبداية نموّه وتمركزه في كثير من البلدان وجلوسه علي إمكانيات مادية وعسكرية وقدرات بشرية وقتالية ضاربة استفادت بدرجة كبيرة من الاسلحة التي جلبتها من مخازن السلاح بعد سقوط معمر القذافي لتكون منطقة الصحراء الكبري ساحة وموقعا ملائما لقيام عمليات عسكرية مفتوحة وطويلة المدي ضد الوجود الأجنبي في القارة الإفريقية يتماثل وتتشابه فصوله مع حرب كهوف ومغارات التوربورا بأفغانستان في القارة الآسيوية !!..