يعتقد الرئيس الاريتري إن الثورات العربية التي اندلعت في عددا من الدول العربية, قد انحرفت عن مساراتها كفعل ثوري جماهيري نتيجة لتظلمات تاريخية بفعل خارجي, و هناك دولا قد تدخلت تدخلات مباشرة بمالها و مؤسساتها الإعلامية, بهدف احتواء تلك الثورات, و وضعها في مسارات تخدم في النهاية مصالح الامبريالية العالمية, و التي تتلون بألوان الحالة حسب الحاجة, و قال هناك ثورات مصنوعة صناعة بهدف تغيير نظم سياسية تشكل عقبة أساسية أمام مصالح تلك الدول, أو أنها مرتبطة بمحاور مختلفة إستراتيجيا, و يقول أحد المقربين للنظام السياسي في أسمرا أن حديث الرئيس الاريتري لا يخلو من حالة غضب بسبب تغيير النظام في ليبيا حيث كانت طرابلس داعما كبيرا لاسمرا اقتصاديا و حليفا إستراتيجيا كان يشكل لها غطاء في المنطقة و زوال نظام "العقيد القذافي" قد افقد اسمرا أهم موردا ماليا, و هو أيضا يعتقد إن دولة قطر هي أداة لتنفيذ إستراتيجيات أكبر في المنطقة لذلك لم يتردد في إغلاق مكتب الجزيرة في أسمرا, و معروف يجئ نقد الرئيس الاريتري للدوحة بسبب لفت نظره لحالة الغضب التي تعتمل الشعب الاريتري و رغبته في التغيير السياسي, و عندما سألت أحد الصحافيين الاريتريين المحسوبين علي مجموعة الإصلاح حول كيف يستطيع الرئيس أسياس أن يدير دولاب الدولة بعد فقده علي مصدرين أساسيين لموارده المالية, قال هناك بعض الاتهامات التي توجه إلي الرئيس أسياسي, بأنه داعم لحركة الشباب الصومالي, و هذا الاتهام يقول بعض المتابعين أنه تحول إلي تاجر سلاح في المنطقة يبيع للمتمردين في كل المنطقة, و من ضمنهم حركة الشباب الصومالي, و هي تمثل أحد موارده المهمة, و أضاف قائلا, رغم العلاقات المقطوعة بين اسمرا و أديس أبابا, إلا هناك بضائع لشركات أثيوبية تأتي عبر الميناء البحري الاريتري, و هي أيضا تمثل أحد المصادر المالية. السؤال هل المحاولة الانقلابية هي كانت نتيجة للحركة الفاعلة للحركة الإسلامية الاريترية أم أنها حركة انقسام داخل الجبهة و المؤسسة العسكرية؟ إن حركة 21 يناير هي حركة نتيجة لنشاطات الحركة السياسية الاريترية, و هي ليست انشقاقا داخل الجبهة و المؤسسة العسكرية معزولا عن الحراك السياسي, و كان النصيب الأكبر لنقد النظام و التعبئة ضد برنامجه السياسي كانت قد قامت به الحركة الإسلامية الاريترية, و هي التي فجرت الصراع من خلال الإجراءات التي كان قد أتخذها الرئيس الاريتري, لكي يتدارك بها انقلاب سياسي عسكري يدعم خارجيا, أما التحالف الاريتري المعارض هو تنظيم لتحالف القوي السياسية الاريترية, و هي تنظيمات قياداتها الحالية كانت جزء من حركات و جبهات تحرير هي " جبهة التحرير الاريترية – قوات التحرير الاريترية – المجموعة التي انقسمت من الجبهة الشعبية – سياسيين تابعين لحزب البعث العربي الاشتراكي بشقيه – و التنظيم الناصري – و الليبراليين الاريتريين " كل هؤلاء لا يملكون حركة سياسية فاعلة داخل دولة اريتريا, أنما يتركز وجدهم خارج دولة اريتريا, و لهم علاقات لا بأس بها مع مؤسسات إعلامية, جاءت من خلال تواجد الاريتريين الناشطين في بعض الدول خاصة في لندن و مصر, و هؤلاء لم يدعو إن المحاولة الانقلابية التي حدثت كانوا وراءها, أو هي صنيعتهم بل يعتقدون أنها حركة عفوية من داخل الجيش, باعتبار أن الجيش نفسه يواجه مشاكل داخلية و اقتصادية تجعلهم يتحركون بهدف الإصلاح, و التحالف الاريتري ربما تكون له خلايا داخلية بل هي خلايا غير فاعلة " نائمة", و معروف إن الجيش دائما لا يتحرك بشكل عفوي, أنما يتحرك نتيجة لقناعات سياسية لقياداته, و هذه القناعات تأتي نتيجة لحوار مع تنظيمات سياسية, و الحركة الإسلامية هي الوحيدة التي تملك خلايا نشطة داخل دولة اريتريا, و هي التي يتخوف منها الرئيس اسياس, و بموجبها كان لقاءه مع الرئيس السوداني, و سوف نتعرض لها في الحلقة القادمة بشيء من التفصيل. في عام 1999 التقيت ببعض الاريتريين الذين كانوا يشكلون ركائز أساسية في الجبهة الشعبية, و في ذلك الوقت كنت قد أسست في أسمرا فرعا " للمركز السوداني للثقافة و الإعلام في القاهرة " حيث التقيت بالأمين محمد سعيد القيادي في الجبهة الشعبية و محي الدين شنقب الذي كان رئيسا لاتحاد الشباب الاريتري و المهاجر الآن في الولاياتالمتحدةالأمريكية, و حامد حمد الذي كان يشغل رئيس الدائرة العربية في وزارة الخارجية الاريترية, و أيضا لقاءات مع محمد محمود سفير اريتريا في القاهرة في ذلك الوقت, ثم بعض الكتاب الاريتريين الذين كانوا يعملون في الإذاعة و التلفزيون الاريتري, و في الحاضر حضرت عددا من لقاءات مجموعات من المعارضين الاريتريين, و بعض النخب الاريترية السياسية من تنظيمات مختلفة, كنت في عام 1999 سالت السيد محي الدين, أن دولة اريتريا تساعد المعارضة السودانية و تجعل من اريتريا نقطة انطلاق للعمل المسلح لتغيير النظام و قيام دولة ديمقراطية هل هذا العمل لا يؤدي إلي تسأل عند المواطن الاريتري الذي أيضا يتطلع إلي نظام ديمقراطي؟ قال السيد محي الدين رغم أن الشعب الاريتري قاتل من أجل تحرير أرضه, و حمل السلاح في حد ذاته يعتبر أعلي درجات الوعي السياسي, و لكن حتى الآن نحن لم نصل إلي مرحلة التعددية السياسية علي طريقة " ويست منستر" و لكن من خلال التدرج سوف يبدأ السماح في المستقبل بعملية التعددية السياسية, في ذات الوقت كان يعتقد السيد محمد محمود أن المعارضة الاريترية التي تنادي بالديمقراطية هي معارضة مخترقة من دول في المنطقة لها أجندتها الخاصة, جاء حديث السيد محمد محمود عندما قدم المركز السوداني للثقافة و الإعلام في القاهرة دعوة للمعارض محمد عثمان أبوبكر, أحد المعارضين الاريتريين الذين كانوا يتخذ من القاهرة مقرا لهم, و نقلت ذات الموضوع لوزارة الخارجية الاريترية للسيد حامد حمد, بوجود السيد عبد العزيز أحمد دفع الله المسؤول السياسي لقوات التحالف السودانية المعارضة في ذالك الوقت, و حامد حمد أعرفه شخصيا عندما كانت أدرس في جامعة بغداد و كان هو طالبا في كلية العلوم بجامعة بغداد, ثم مسؤول عن مكتب الجبهة الشعبية في الخرطوم, و بالتالي كانت الثقة متوفرة بيننا, و كان اعتقاد الرجل إن قضية التحول الديمقراطي مسألة مهمة و ضرورية, و قال إن هناك أصوات داخل الجبهة الشعبية تأمل أن تتحول اريتريا إلي دولة ديمقراطية, و هي قضية وقت و لا اعتقد إن القيادة الاريترية تقف ضد هذه الرغبة و لكنها تحتاج إلي أن تؤسس لها تأسيسا جيدا حتى لا تصبح مثل التجارب السودانية, و التي عندما تسقط الديمقراطية لا تجد من يقف لحمايتها, و قال هي ليست قضية إن الرئيس اسياس رفض أو وافق, و لكن هل القيادة السياسية تملك تصورا سياسيا متكاملا للعملية, ولكي نصل لذلك يجب أن تفتح أبواب الحوار السياسي للوصول إلي اتفاقات مشتركة, و قال أنني ضد أية معارضات تأتي من خارج الحدود, و في نفس الوقت ضد أية معارضات تحاول أن تفرض رؤيتها بالقوة, و لكن بالحوار نستطيع أن نصل جميعنا إلي منطقة أوسطي تجعل التحول سهلا و مقبولا من الجميع. فقلت إليه إذا كنتم ضد أية رؤية تفرض من الخارج لماذا سمحتم للمعارضة السودانية تنطلق من أرضكم ليست هذه تناقضات في المبادئ؟ قال إن نظام الخرطوم هو الذي فرض علينا ذلك هذا من جانب, و من جانب أخر هذه رؤية المعارضة السودانية و نحن لا نريد فرض رؤانا علي الآخرين. في ذلك الوقت كنت مقتنعا إن هناك رؤى مختلفة حول قضية التحول الديمقراطي في اريتريا, و لكن كان أيضا التخوف في أن يسمح السودان للمعارضة العسكرية الإسلامية الاريترية استخدام أرضيه, فقال أحد الأخوة الإعلاميين الاريتريين الإسلاميين إن اريتريا عندما سمحت للمعارضة السودانية بالانطلاق من الأراضي السودانية كانت تهدف إلي أن قوات المعارضة السودانية هي التي تشكل حماية للأراضي الاريترية, و ليس رغبة في التحول الديمقراطي في السودان, و قال إن إصرار السلطة للسير في عملية التجنيد العسكري للشباب الاريتري الهدف منها هو فرض انضباط يغلق كل المسامات التي تدخل أفكار التجديد و التحديث و أيضا التغيير السياسي, و قال إن ما تقدمه وسائل الإعلام الاريتري تعكس الحالة التي فيها النظام, فهي برامج و مواد الهدف منها عدم خلق وعي عند العامة بل أن يكون الناس في الحالة من اليأس, ثانيا إن السياسة الخارجية التي يتبعها الرئيس اسياس و إثارة المشاكل مع جميع دول المنطقة هي أيضا حالة من حالات الهروب السياسي التي تجعل اهتمام الشعب تتركز في كيفية مواجهة التحديات الخارجية التي تواجهها اريتريا, و المقصود منها أن لا يلتفت الناس للمشاكل الاقتصادية و التدهور الكبيرة الذي تشهده " النقفة" العملة الاريترية تجاه الدولار هذه السياسات الخاطئة هي التي أدت إلي فرض عقوبات علي دولة اريتريا, و بعد سنوات قلائل كان عددا من هؤلاء قد تم اعتقالهم بأنهم كانوا يخططون لانقلاب ضد سلطة اسياس و البعض الأخر فر بجلده و استقروا في الولاياتالمتحدة, مما يؤكد كان هناك حراكا سياسيا غير منظور رغم إن البعض كان يعتقد أن التغيير أفضل أن يأتي بالحوار السياسي. في خضم تطورات هذه القضية, قدر إلي حضور بعض اجتماعات لجماعات من المعارضة اريترية, منها اجتماعات لنخب سياسية و أخري لتنظيمات سياسية, الدعوة جاءت لمعرفة حقائق مشاكل المعارضة الاريترية و التحديات التي تواجهها, كانت تلك الاجتماعات تناقش عددا من الموضوعات, خيارات المعارضة كفاحا مسلحا أم الاعتماد علي النضال السلمي و تعبئة الشارع الاريتري ثم القيام بعصيان مدني, إقناع دول الجوار بالسماح للمعارضة الاريترية بالعمل السياسي, و هذه يمكن أن تكون بعد إقناع المجتمع الدولي بعدالة قضية النضال من أجل الحرية و الديمقراطية, كيف يتم استقطاب الدعم الذي تحتاجه المعارضة الاريترية, ما هو دور الجاليات الاريترية في الخارج علما إن تحويلات الاريتريين من دول الخليج و أوروبا و الولاياتالمتحدة تمثل أكثر 65% من ميزانية الدولة الاريترية و هي تبلغ أكثر من أثنين مليار دولار سنويا, و هل تستطيع المعارضة أن تقوم هي بالتحويلات و تحاصر النظام الاريتري اقتصاديا؟ كثير من الموضوعات في أجندة المعارضة الاريترية, و في أحدي الاجتماعات أعطيت إلي الفرصة لكي أقدم رؤية في ذلك علي ضوء التجارب السودانية المعارضة. قلت يجب علي المعارضة الاريترية أن تسقط مقترح العمل المسلح أولا العمل المسلح يحتاج إلي أرض ينطلق منها و في نفس الوقت يحتاج إلي دعم لوجستي و أيضا لدعم سياسي يقف مع الكفاح المسلح و هذا غير متوفر و أن الدولتين اللتان تحيطان باريتريا السودان لا يقبل بالسماح لعمل عسكري ينطلق من أراضيه بسبب التحديات التي يواجهها النظام, و لا اعتقد أثيوبيا في الوقت الراهن تقبل بالسماح لمثل هذا العمل ليس دفاعا عن النظام في اريتريا أنما لأشياء تخص الدولة الأثيوبية. يجب أن يركز علي النضال السلمي و تعبئة الشارع الاريتري و الذهاب إلي العصيان المدني إذا أمكن, و لكن قبل ذلك ترتيب الأولويات في فتح حوار واسع بين كل تيارات المعارضة الاريترية و توحيد البرنامج السياسي " برنامج التغيير السياسي" توحيد الخطاب السياسي إذا استطاعت المعارضة الاريترية أن توحد صفوفها و تخلق البرنامج السياسي يسهل عليها عملية التعبئة السياسية في الداخل, و أيضا الوسيلة السلمية و عدالة القضية سوف تجد دعما في المحيط الإقليمي و العالمي الأمر الذي يفرض ضغطا عالميا علي النظام في اسمرا, و القضية المهمة يجب أن تكون هناك رؤية واضحة للمعارضة إذا وافق النظام علي التعددية السياسية و وافق علي حوار المعارضة. إن الأخوة المجتمعين قبلوا هذه الرؤية و أكدوا أن يخضعوها للحوار بينهم. كانت الأغلبية تميل إلي النضال السلمي و العصيان المدني, و أيضا التفكير الجدي في كيف توقف تحويلات الاريتريين في الخارج حتى لا يستطيع النظام الاستفادة منها, و هي التي تشكل ضربة قوية للنظام. و أيضا في وجودي في السودان الأيام القلية الماضية قد أتاحت إلي الظروف أن التقي بصديق سياسي سوداني قريب من النظام السياسي في اريتريا, و كان عائدا توا من اسمرا, عقب المحاولة الانقلابية الاريترية, و قال دفاعا عن النظام في اريتريا, إن المحاولة الانقلابية كانت محدودة, و هي كانت فقط القوات التي قد حاصرت وزارة الإعلام و المؤسسات الإعلامية, و استطاع وزير الدفاع إقناع قيادات تلك القوات إن تخلي عن مواقعها في تلك المؤسسات, علي أن تعالج القضية سياسيا, و قال بالفعل قد أخلت القوات مكانها و رجعت لسكناتها, و إن الرئيس اسياس قد حمل عناصر الانقلاب مسؤولية تأخر الديمقراطية في اريتريا باعتبار أن العناصر التي كانت في قيادة الانقلاب هي أيضا كانت في قيادة الجبهة الشعبية, و قد أوكلت لها عملية التواصل و الحوار مع القوي السياسية الأخر, و التمهيد لعملية التحول الديمقراطي, و لكنها فشلت في أداء مهمتها, و الآن تقف في صف القوي الانقلابية, بدعوة أنها ترغب في عملية التحول الديمقراطي. و قال أن الرئيس اسياس يتهم هؤلاء بأن تم شراء زممهم من قبل دعاة التغيير فيما يسمي بزعماء التغيير في الربيع العربي. هذا الحديث محاولة تبريرية إن كانت من قبل الشخص دفاعا عن الرئيس اسياس أو من الرئيس نفسه, فالتغيير الديمقراطي الذي يتحدث عنه الرئيس أسياس إذا كان فعللا مبدئي لماذا لم يتابعه شخصيا, و يحاسب المقصرين, و إذا كان أيضا الرئيس يرغب في حوار القوي السياسية الوطنية من أجل توسيع دائرة الحريات و الديمقراطية لماذا لا يعلن ذلك علي شعبه, و لن تنقطع سلسلة المحاولات و لن يقف الشعب الاريتري خارج دائرة الفعل السياسي, فهناك حقيقة قوي سياسية متحركة و هناك قوي سياسية خاملة و هؤلاء لا يفعلون شيء و لا يرغبون أن يفعل الآخرون. نواصل الحلقة الأخيرة التي سوف تتعرض كلها لعلاقة النظام الاريتري بالنظام السوداني و الزيارة الأخيرة للرئيس البشير لاريتريا. ملحوظة شكرا لكل الذي قدموا آرائهم في المواقع و الذين كتبوا علي بريدي الالكتروني. منهم من لا يملك غير كلمات الإساءة و هؤلاء يثيرون الشك بأنهم دعاة حرية و ديمقراطية و لا يتقبلون الرأي الأخر, و هناك الذين اتهموني بأنني عميل لنظام أسياسي افورقي و البعض يعتقد أنني موظف من قبل الحركة الإسلامية الاريترية, و هناك ا]ضا من يعتقد أنني أريد أن افتح نوافذ للمعارضة الاريترية لكي تطل من خلالها. جميعا لهم الاحترام و التقدير, أنما جاءت كتابات هذه السلسلة من المقالات عن الصراع السياسي في اريتريا أيمانا مني أن الديكتاتوريات مهما كانت قوتها و توظيفها لمؤسسات الدولة القمعية هي زائلة لا محالة فالشعوب قد استيقظت من ثباتها و هي حتما سوف تفجر ثوراتها لكي تقلع تلك النظم خاصة في إفريقيا.