*في خواتيم يناير الماضي كتبت تحت عنوان (بدلا من التنابز بالألقاب) عن حالة انفلات الأسعار في الأسواق بلا ضابط ولا رابط ولا رقيب وكيف أننا أصبحنا نفاجأ كل صباح جديد بزيادة جديدة في الأسعار ولا حياة لمن ننادي. *قلت إن الكلام في الاقتصاد رغم صعوبة تناوله لا يحتاج إلى درس عصر لأننا نحس بآثار المتغيرات الاقتصادية في حياتنا اليومية وأن التعامل مع الدكاكين والبقالات يكشف لنا مظاهر الانفلات في أسعار السلع بمجرد إخطارنا بالمبلغ المطلوب . *أوضحت كيف أن زيادة الأسعار أصبحت تتم بصورة تصاعدية منذ أن طبق أول وزير للمالية والاقتصاد الوطني عبد الرحيم حمدي سياسة التحرير الاقتصاد وفق نهج الصدمة، لكن في هذه الأيام تجاوزت الزيادة كل حسابات وقوانين السوق الحر. *قلت أيضا إننا غرقنا في دوامة زيادات الأسعار التي لا يدرك سرها حتى أهل التجارة والاقتصاد وكيف دخلت مؤشرات أخرى في السوق تتحكم في سعر الدولار مثل أخبار المفاوضات مع دولة جنوب السودان ، ولا أحد يعرف من الذي يتحكم في سعر الدولار الذي أعلن أهل الانقاذ الاقتصادي ذات مرة أنهم لم يعودوا يتعاملون به . *سردت كيف أنني فوجئت ببيان رسمي صادر من إحدى الشركات العاملة في مجال انتاج الألبان ومشتقاته بزيادة أسعار منتجاتها أعطاه لي البائع في إحدى السوبرماركتات التي انتشرت في الخرطوم الكبرى وامتدادتها وكيف أنني قلت لا إراديا : الله يكون في عون الناس. *وقتها فاجأتني شابة منقبة تقول بصوت مسموع : الله يسهل مخارجتنا من هذا البلد ، حزنت وقتها للواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي دفع شبابنا من الجنسين للهروب بجلدهم من السودان وكيف اضطر بعضهم للجوء إلى إسرائيل وكيف اضطر البعض للخروج من الملة ولا حول ولا قوة الا بالله. *المفاجأة التي دفعتني للعودة لهذا الكلام أن ذات الشركة التي زادت أسعار منتجاتها التي نحمد لها حرصها على كتابة تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية وهو ما نحرص على التأكد منه من قبل شراء اللبن ..اتضح لنا قبل يومين أن لبنها الذي اشتريته بعد أن تأكدت من تاريخ انتهاء صلاحيته فسد وتقطع. *ما أريد أن أؤكده هنا أنني اشتري اللبن كما ذكرت من سوبرماركت عامر بالثلاجات المعدة لحفظ المبيعات ولا يمكن الشك في سوء التخزين وكذلك نحن نضع اللبن في الثلاجة بمجرد الوصول للبيت ونحرص على غسل الكيس المعبأ فيه قبل فتحه، كما أن التيار الكهربائي منتظم هذه الأيام وحتى إن قطع فلا تطول فترة انقطاعه ، مع ذلك وجدنا لبن البقر الطازج المبستر عالي الجودة الذي لا يحتاج للغلي قد فسد قبل أن تنتهي مدة صلاحيته. *هذا الكلام موجه أساسا للشركة التي من المؤكد أنها عرفت نفسها وإلى جمعية حماية المستهلك وللمستهك نفسه الذي عليه أن يتمسك بحقوقه في ضمان جودة السلع وصلاحيتها للاستعمال ، ولنقول بمرارة وحزن كأنه لم يعد يكفينا زيادة أسعار السلع وإنما الحكاية جابت ليها( غش) وكمان في (عضم) اللبن الحي.