الكتلة الديمقراطية تقبل عضوية تنظيمات جديدة    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    عملية منظار لكردمان وإصابة لجبريل    بيانٌ من الاتحاد السودانى لكرة القدم    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي رئيسة منظمة الطوارئ الإيطالية    ردًا على "تهديدات" غربية لموسكو.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية    مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك: كباشي أطلع الرئيس سلفا كير ميارديت على استعداد الحكومة لتوقيع وثيقة إيصال المساعدات الإنسانية    لحظة فارقة    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعلام بين نشر ثقافة السلام والتعايش والكراهية
نشر في سودانيزاونلاين يوم 19 - 02 - 2013

تعتبر نشر ثقافة حقوق الانسان حقا اصيلأ لانها أصبحت معيارًا حقيقياً لكل تقدم وإستراتيجية تنموية. وتاتي مسؤولية الاعلام في هذا الصدد كبيرة في الترويج والتعريف بمبادئ حقوق الانسان واليات حمياتها ونشر ثقافتها.
هناك ترابط وثيق بين الحقوق المدنية والسياسة والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق الإعلامية، وعلى اعتمادها المتبادل على بعضها البعض وعدم قابليتها للتفرقة والتجزئة، كما أن الخصوصية الثقافية والحضارية التي ينبغي الاحتفاء بها باعتبارها حقا من حقوق الإنسان هي تلك التي ترسخ شعور الإنسان بالكرامة والمساواة، وتعزز مشاركته في إدارة شؤون بلاده، وتنمي لديه الإحساس والوعي بوحدة المصير مع الإنسان في كل مكان ولا تتخذ ذريعة لتهميشه وتكريس الوضع المتدني له، وإقصاء الآخر بسبب أي اعتبارات دينية أو فكرية أو سياسية أو التهرب من الالتزام بالمواثيق الدولية.
ويتطلب الارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها، منا كإعلاميين أن نبقى دائما متابعين ومنحازين لكل من يظلم ويقهر داخل مجتمعاتنا، وهذا أدنى مستوى من المسؤولية التي يجب أن نتحلى بها وفق ما يمليه علينا فكرنا المتحرر، فاحترامنا لبعضنا وإنصافنا لبعضنا يقودنا لنصبح مجتمع مدني خلاق تحترم فيه حقوق كل مواطن يعيش فيه، وان أي اختراق للحقوق يكون مكشوفاً وغير مرغوب به وخارج عن المألوف.
حرية الرأي والتعبير:
حرية الرأي والتعبير جزء لا يتجزأ من المفهوم العام لموضوع الحرية ، الحرية مسألة من أساسيات حياة الفرد كالمأكل والمسكن والماء والدواء، غياب أيٍ منها سيخلق خلل في منظومة الحياة الطبيعية للفرد، عرفها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة (1791) على أنها (السلطة لفعل كل ما لا يُحرمه القانون وعدم الإجبار على القيام بما لا يُحرمه القانون)
والحريات أنواعها متعددة منها الحرية السياسية والحرية المدنية، وحرية الرأي جزء لا يتجزأ من الحريات المدنية للفرد، ضمنتها المواثيق الدولية، والقوانين والدساتير المحلية، وهذا ما كرسه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (19) والتي تنص ( أن لكل إنسان الحق في الحرية، واعتناق الآراء بمأمن من التدخل، و حرية التماس المعلومات و الأفكار وتلقيها و إذاعتها بمختلف الوسائل دون تقيد بحدود الدولة)
حرية الرأي والتعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني بدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير ويصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.
ويعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل (John Stuart Mill (1806 - 1873 من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقيا في نظر البعض حيث قال "إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة".
نماذج من حدود حرية الرأي والتعبير في العالم
فرنسا:
يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية ويمنع أيضا تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود من قبل النازيين ويمنع أيضا نشر أفكار الكراهية بسبب الميول الجنسية لفرد. وقد أتهم القضاء الفرنسي المفكر الفرنسي رجاء جارودي وكذلك الكاتب الصحفي إبراهيم نافع بتهمة معاداة السامية حسب قانون جيسو .وهو(قانون تمت إجازته في يوليو 1990 وينص علي المعاقبة بالحبس لمدة سنة واحدة مع توقيع غرامة مالية كبيرة لكل من ينكر وقوع المحرقة النازية لليهود –الهولوكوست- باعتبارها تندرج ضمن الجرائم المرتكبة ضد الانسانية المنصوص عليها في المادة 9 من اتفاقية لندن بشأن تشكيل محكمة نورمبرج في اغسطس 1945وقد ظهر هذا القانون لمحاربة العداء للسامية واثار اصداره ضجة كبيرة من حيث كونه يشكل قيداً علي حرية التعبير)وفي 10 مارس 2005 منع قاضي فرنسي لوحة دعائية مأخوذة من فكرة لوحة العشاء الأخير للرسام ليوناردو دا فينشي. حيث تم تصميم اللوحات الدعائية لبيت قيغباود لتصميم الملابس وأمر بإزالة جميع اللوحات الإعلانية خلال 3 أيام. حيث أعلن القاضي بأن اللوحات الدعائية مسيئة للروم الكاثوليك. وعلى الرغم من تمسك محامي قيغبادو بأن منع الإعلانات هو نوع من الرقابة وقمع لحرية التعبير، إلا أن القاضي اقر بأن الإعلان كان تدخل مشين وعدواني بمعتقادات الناس الخاصة. وحكم بأن محتوى الإساءة إلى الكاثوليك أكثر من الهدف التجاريِ المقدم.
المانيا:يمنع القانون الاساسي الالماني خطابات الكراهية ضد العرق والدين والميول الجنسية بجانب منع استعمال الرموز النازية مثل الصليب المعقوف.
بولندا : لحد هذا اليوم يعتبر الإساءة إلى الكنيسة الكاثوليكية ورئيس الدولة جريمة يعاقب عليها القانون حيث تم الحكم بالسجن لمدة 6 أشهر على الفنان البولندي دوروتا نيزنالسكا Dorota Nieznalska في 18 يوليو 2003 لرسمه صورة العضو الذكري على الصليب وتم غرامة الصحفي جيرزي أوروبان بمبلغ 5000 يورو في 5 يناير 2005 لإساءته لشخص يوحنا بولس الثاني.
كندا : يمنع القانون الكندي خطابات وأفكار الكراهية ضد أي مجموعة دينية أو عرقية وتمنع الأفكار أو الكلام أو الصور التي تعتبر مسيئة اخلاقيا من الناحية الجنسية حسب القوانين الكندية وفي 29 ابريل 2004 وافق البرلمان على قانون يمنع الإساءة لشخص بسبب ميوله الجنسية.
أستراليا : في فبراير 1996 تم الحكم على السياسي الماركسي ألبرت لانغر Albert Langer بالسجن لمدة 10 أسابيع لتحريضه الناخبين على كتابة أرقام أخرى لم تكن موجودة ضمن الخيارات في ورقة الاقتراع، وذلك لإظهار الاحتجاج على الحزبين الرئيسين المتنافسين. وقد اعتبر هذا مخالفا لقوانين الانتخابات في أستراليا.
في بلجيكا: منعت السلطات عرض تمثال الرئيس العراقي السابق صدام حسين في احد المعارض الفنية للفنان ديفد سيرني ويظهر التمثال صدام حسين علي هيئة سمكة قرش ويده مكبلة بالاغلال من الخلف في حوض من الفورمالين واعتبرت السلطات هذا العمل الفني مثيرا للجدل وقد يسبب احتجاجات من الاطراف المؤيدة للرئيس العراقي السابق.
الدول الأفريقية : هناك العديد من الدول الأفريقية التي تنص دساتيرها على حق حرية التعبير، ولكنها لا تطبق على أرض الواقع بنظر المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان الذين أشاروا إلى خروق واضحة لحق المواطن في التعبير عن رأيه بحرية. كما ان بعض الدول الافريقية تعتقل الصحفيين وهناك رقابة حكومية على وسائل الأعلام في السودان وليبيا قبل الاطاحة بالرئيس السابق القافي بجانب غينيا الاستوائية ويري بعض المراقبون ظهور بوادر تحسن في حقوق الحرية في الرأي في تشاد والكاميرون والغابون.
الدول الآسيوية : هناك العديد من الدول الاسيوية التي تنص دساتيرها على حق حرية التعبير، ولكنها لا تطبق على أرض الواقع بنظر المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان الذين أشاروا إلى خروق واضحة لحق المواطن في التعبير عن رأيه بحرية في فيتنام وميانمار وكوريا الشمالية. وأشارت تقارير المراقبين إِلى أن هناك تحسناً في مجال حرية التعبير في الصين مقارنة بالسابق، إلا أن الحكومة في الصين لا تزال تراقب وسائل الأعلام وتمنع مواطنيها من الدخول إلى العديد من مواقع الإنترنت بما فيها موسوعة ويكيبيديا.
الهند : في 26 سبتمبر 1988 أصدرت السلطات القضائية الهندية قرارا بمنع سلمان رشدي من دخول الهند عقب نشره لروايته المثيرة للجدل [آيات شيطانية] التي اعتبرها المسلمون إهانة للدين الإسلامي.
الدول العربية: على الرغم من وجود بنود في دساتير بعض الدول العربية تضمن حرية الرأي والتعبير إلا أنها لم تخرج عن إطارها الشكلي إلى حيز التطبيق، حيث الانتهاكات كثيرة لحرية التعبير في كثير من الدول العربية التي يمنع في معظمها إن لم يكن في جميعها انتقاد الحاكم أو السلطة الحاكمة أو الدين، وقد يتعرض الكاتب أو الصحفي للسجن والتعذيب
وتحتل الكويت المرتبة الأولى عربيا من حيث حرية التعبير ثم لبنان بينما يحتل السودان المرتبة 170 من ضمن 179 دولة حسب تقرير لمنظمة مراسلون بلاحدود.
أحداث شهيرة:
وشهد العصر الحديث سلسلة من الأحداث التي خلقت جدلا واسعا بين حق حرية الرأي والتعبير وواجب احترام المعتقدات الدينية وفيما يلي نماذج لبعض الحوادث التي خلقت مثل هذا النوع من الجدل مثل رواية اخر وسوسة للمسيح والتي طبعت في العام 1960 وكانت للمؤلف اليوناني نيكوس كازانتزاكس وتحولت فيما بعد الي فيلم سينمائي عام 1988.بدات الاحتجاجات علي الفيلم اثناء عملية التصوير حيث قاد الزعماء الدينيون في الكنائس الامريكية حملة واسعة ضد الفيلم وقامت مجموعة مسيحية متطرفة بالقاء القنابل الزجاجية الحارقة علي صالة عرض للفيلم في باريس اكتوبر 1988.
للمخرج الهولندي ثيو فان غوخ الذي قتل في 2 نوفمبر 2004 على يد محمد بويري الدانماركي من أصل مغربي فيلم قصيراسمه الخضوع مدته عشرة دقائق وكان الفيلم عن ما حاول المخرج أن يصوره كسوء معاملة المرأة في الإسلام وربطه بنصوص من القرآن. وكان سيناريو الفيلم مكتوبا من قبل آيان حرصي علي عضوة البرلمان في هولندا وهي من مواليد الصومال التي حاولت أن تنقل فكرة مفادها أن المرأة في العالم الإسلامي معرضة للجلد إذا أقامت علاقة بصورة خارج إطار الزواج، الاغتصاب من قبل أفراد العائلة وعدم جواز مناقشة ذلك بسبب قوامة الرجل على المرأة. وإجبارها على الزواج من الرجال المسلمين الذين تفوح رائحتهم والذين يقومون بضربهم بناء على تعليمات القرآن. وتم ربط المشاهد بآيات من القرآن ويظهر في الفيلم أربعة نساء شبه عاريات وقد كتب على أجسادهن آيات من القرآن بعد عرض الفيلم تلقى ثيو فان غوخ العديد من رسائل التهديد ولكنه رفض أن يأخذها بمحمل الجد ورفض أي نوع من الحماية إلى أن تم أطلاق 8 رصاصات عليه في 2 نوفمبر 2004 في أمستردام وتم قطع رقبته وطعنه في الصدر من قبل على محمد بويري الهولندي من أصل مغربي. وقام بويري بوضع بيان من 5 صفحات على الجثة وفي البيان تهديد للحكومات الغربية واليهود وآيان حرصي علي كاتبة السيناريو وأدت هذه الحادثة إلى ضجة كبيرة ومناقشات حادة حول مصير أكثر من مليون مسلم في هولندا وبدأت بعض المنظمات تحذر مما أسمته "المد الإسلامي" في هولندا وكيف أن نسبة الولادة بين المسلمين هي أعلى من نسب غير المسلمين مما سيؤدي حسب تعبير تلك المنظمات إلى جعل المواطنين الأصليين أقلية في المستقبل.
نمازج لصحافة الكراهية:
في السودان وقبل انفصال الجنوب كانت بعض الصحف تستثمر في الكراهية وتشعل نيرانها بشكل يومي وكانت ذات الصحف تحتفل بالتصريحات التي تصدر من بعض القيادات التنفيذية والسياسية بالحكومة والتي تأتي علي شاكلة (الكشة)للمواطنين الجنوبين وقتها قبيل الانفصال الي جانب عدم منح الجنوبين (حقنة)للعلاج والقول بان السودان دولة اسلامية وان النظام سيكون بالشريعة و(تاني دغمسة مافي )بالاضافة الي نشر اخبار يومية تدعو لكراهية الجنوبيين وتصفهم بانهم مصدر الشر.وهنا نشير الي نموزج واضح حيث نشرت ثلاث صحف في يوم واحد في يناير2011
حيث نشرت تلك تحت قصة خبرية بالصورة والقلم بعنوان (حرق جنوبيين وهم احياء بسبب عودتهم للشمال) وقد اثارة تلك الصور موجة من الاحتجاجات والهلع وسط المواطنين وزعمت تلك الصحف في عرضها لصور المواطنيين بأنهم مواطنون من جنوب البلاد حرقتهم سلطات حكومة الجنوب بسبب رغبتهم في العودة للشمال. لكن اتضح في ذات يوم نشر هذه المادة التي نشرتها الصحف موجودة على موقع (اليوتيوب) على الانترنت منذ اكثر من عامين تحت عنوان ( حرق سحرة وهم احياء ) لسحرة من غرب افريقيا تم قتلهم حرقاً في أحداث عنف طائفية وعرقية، فحولتها تلك الصحف الى (حرق جنوبيين وهم احياء) وايضا نشردعاة الكراهية في احدي
المواقع الالكترونية صوراً عن جرائم الابادة الجماعية في رواندا 1994م مابح الهوتو والتوتسي تم تنسبها الي انها تعود لاحدي الصدامات الاهلية والعرقية للجنوبيين.
اغلاق صحيفة واتهامها باثارة الكراهية:
وفي العام 2010عزا الرئيس عمر البشير تعليق صدور أحدي الصحف لتجاوزها نصوص الدستور باثارة الكراهية والعصبية والعنصرية.
ونقلت الانباء عن وزير الاعلام السابق كمال عبيد، عقب لقائه بالرئيس بمجلس الوزراء، ان البشير أبلغه ان الاجراءات التي اتخذت في حق ذات الصحفية جاءت بسبب ما اثارته من قضايا متصلة بسياسة السودان الخارجية، والاساءة لبعض رؤساء الدول، ما يعد تدخلا في سلطات حصرية لرئيس الجمهورية نص عليها الدستور.وابلغ عبيد الصحافيين، ان الرئيس اكد ضرورة منع التشويش خلال المرحلة الحساسة والتاريخية التي يمر بها السودان، واكد احترام الدولة للحريات الصحفية، موجها بمراعاة ان تكون الرقابة على الصحف وفقا للدستور والقانون.الغريب ان ذات الصحيفة التي كان قد تم ايقافها بسبب وصفها لرئيس سابق لدولة مجاورة اطاحت به ثورة جماهيرية بعد سنين طويل من حكمه الشمولي والظالم الذي قتل من خلاله شعبه ونكل به لكن ذات الصحيفة كانت تشتم في شعب جنوب السودان قبل وبعد انفصاله بل ذات الصحيفة كانت تشتم النائب الاول لرئيس الجمهورية السابق الذي اصبح اليوم رئيسا لدولة جنوب السودان.
نموزج لصحافة السلام والتعايش:
لكن النموزج الاخر والمغاير لصحافة الكراهية وهي صحافة نشر ثقافة السلام والتعايش والتسامح وهنا نشير لبعض الكتابات منها ما خطه الكاتب والاستاذ حيدر المكاشفي الممنوع من الكتابة حالياً في عموده المقروء بشفافية بعنوان خطاب الكراهية وسياسة بسمارك الداخلية نشر في صحيفة الصحافة في ديسمبر من العام 2010
أن قضيتي الوحدة والانفصال ترتبطان إرتباطاً وثيقاً بضرورة البعد عن خطاب الكراهية، دعونا أولاً نتحدث قليلاً عن هذا الخطاب المكروه في كل الاحوال، في حالة الوحدة وأكثر منها في حالة الانفصال، فالبلاد الآن مقبلة على خطوة مصيرية هى منه على بعد خطوات سيتقرر بعدها أحد أمرين، إما بقاء الوطن موحداً على حاله أو أن ينقسم الى شطرين، وكما ترون فإن الحاجة ماسة وملحة لأن تتقوى اواصر الاخوة والمحبة وتسود روح التسامح المطلوبة بأقصى درجاتها إن أسفر الاستفتاء عن وحدة أو كشّر عن إنفصال، فالمرحلة الدقيقة القادمة تتطلب خطاباً دقيقاً يوزن بميزان الذهب حتى بالنسبة لمن لا تشكل لهم الوحدة الوطنية أى شيء، فمثل هؤلاء إن لم يدعموها فلا أقل من أن ينبذوا لغة التنابذ وإثارة الفتن والنعرات العرقية والقبائلية والدينية وهذا يستلزم أولاً رعاية العهود والمواثيق وإحترام الدستور والقانون والعمل بمقتضاها جميعاً، وهذه مطلوبات واستحقاقات تكون الحاجة لها أكثر في ظل الاوضاع الهشة رغم أنها مطلوبة على الدوام، ولعل في المواثيق الموقعة وطنياً والمرعية عالمياً والدستور المنبثق عنها بل وفي كل ادبيات الاعلام المحترف واخلاقياته ما يكفي ويزيد في هذا الصدد، يصد عن كل قول نابي وشتيمة مقذعة وكتابة موغلة في وحل القبلية والعنصرية وغارقة حتى أخمص أقلامها في تهويش الاخطاء الصغيرة وتهويل الهنات البسيطة هنا وهناك، فالقضية أكبر من الصغائر التي كنا نود أن نشير الى فيلها لا الى ظلها ولكن لا بأس إن تعذر علينا طعن الفيل الذي يصدر عنه كل ذلك أن نطعن ظله في الشمال والجنوب معاً إذ لا يستقيم منطقاً وعقلاً وعدلاً أن يبقى ولو صوت واحد في أى جزء من هذا الوطن يجأر بخطاب الكراهية ولو صمتت كل الاصوات في باقي الاجزاء، (انتهي)
محاصرة خطاب الكراهية:
وفي العام 2010كتب الكاتب الصحفي الاستاذ نورالدين مدني في عموده المقروء(كلام الناس )قبيل انفصال الجنوب مقال له بعنوان (محاصرة خطاب الكراهية) لم يكن غريبا إثارة النقاش حول خيار أهل الجنوب في الاستفتاء منذ خطاب وزير الإعلام في حكومة الجنوب، الدكتور برنابه بنجامين، الذي قال أن العالم من حولنا شهد حالات من الوحدة والانفصال دون أن يعني ذلك نهاية المطاف، وقال في الجلسة الافتتاحية لحلقة النقاش حول التغطية الإعلامية لعملية الاستفتاء التي عقدت بفندق نيويورك بجوبا أنه حتى وإن صوت أهل الجنوب لخيار الانفصال فإن ذلك لا يقفل الباب أمام العمل من أجل الوحدة من جديد وضرب المثل بألمانيا التي كانت مقسمة بين ألمانيتين يفصلهما حائط برلين الشهير ثم أصبحت دولة واحدة موحدة.
انتقد الدكتور برنابه الخطاب الإعلامي لبعض الصحف التي تصدر في الشمال وبعض الأخبار الملفقة غير الصحيحة التي تنشر عما يجري في الجنوب وأشار إلى ما اعتبره تغذية للفتن القبلية وقال أن ذلك يؤثر سلبا على مستقبل السلام والوحدة في الوطن كله وليس الجنوب فقط
لذلك لم يكن غريبا أن يتحدث الخبير الإعلامي الكيني جون غاشي في جلسة الأمس عن خطاب الكراهية في بعض أجهزة الإعلام والمؤسسات الصحفية وكيفية محاصرته لتأمين عملية الاستفتاء والنأي بها عن تداعيات العنف الذي يسببه خطاب الكراهية المؤجج للفتن القبلية(انتهي)
تمدد العنصرية:
وفي ورقته (دور الاعلام في صناعة الدستور ووضع الاعلام في الدستور القادم) التي قدمتها في ورشة (الاعلام كمنبر حر للحوار الوطني حول الدستور)التي نظمها مركز الايام للدراسات الثقافية والتنمية بفندق ريجنسي فبراير 2013أكد الاستاذ محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة الايام تمدد العنصرية والقبلية بشكل كبير الامر يهدد وحدة البلاد برمتها وقال صالح ان خطاب الكراهية انتشر خلال المرحلة الحالية والماضية بشكل خطير لاسيما وان السودان الذي خرج من تجربة مريرة وهي انفصال الجنوب يمر حاليا بظروف بالغة التعقيد وهناك حروب اهلية واحتقان سياسي في عدد من الولايات مشيرا الي الحروب في سبع ولايات من السودان.
الصحافة والتعايش السلمي :
وفي ندوة نظمها المجلس بالتعاون مع مجموعة من الصحفيين الشباب في العام 2011بعنوان (خطاب التعايش السلمي في الصحافة السودانية بعد الاستفتاء) قال الخبير الإعلامي رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بروفيسور علي شمو أن الخطاب الإعلامي والصحافي بعد الانفصال يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في الاستقرار والتعايش السلمي في البلاد، ووصف المرحلة المقبلة بالخطيرة، وقال إنها تحتاج إلى صحافة وطنية مسؤولة، قال إن الفترة الانتقالية بعد الانفصال بها قضايا كثيرة يمكن أن تنشأ عنها صراعات تنسف استقرار البلاد، مشيراً إلى ضرورة لعب الصحافة دوراً إيجابياً.ومن جهته طالب رئيس تحرير صحيفة (الأيام) الأستاذ محجوب محمد صالح الذي تحدث في ذات الندوة بأن تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وأن تعمل على عدم إثارة الكراهية الدينية والعرقية والثقافية والعنف، وأضاف أن السودان دخل مرحلة الانقسام إلى دولتين، وأرجع الأمر إلى الصراع الذي بدأ قبل الاستقلال، مبيناً أن الصحافة ساعدت في اجتياز المرحلة السابقة، وزاد أن المرحلة القادمة لا تقل أهمية عنها، منوهاً إلى ضرورة لعب الصحافة دوراً إيجابياً فيها، وشدد على ضرورة أن لا ينتقل الصراع السابق إلى المستقبل، ونادى باستصحاب اتفاقية السلام الشامل، وقال إن الإعلام إذا التزم بأخلاقيات المهنة سيسهم في اجتياز مرحلة الصراع وما بعدها، وأن عدم المهنية في الصحافة سيؤدي إلى اضطرابات في المجتمع، وطالب بعدم تسييس مهنة الصحافة، ووصف علاقة الإعلام بالدولة بالملتبسة، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى فك ارتباط وأن تترك الدولة حرية التعبير المنضبطة بالدستور وأخلاقيات المهنة
وفي ذات السياق قال الخبير الإعلامي الكاتب الصحفي فيصل محمد صالح إن السودان يعيش مرحلة انتقالية، وزاد أن الموقف السياسي في الصحافة السودانية يجب التعبير عنه بشرط ألا يجسد للكراهية، مشيراً إلى أن خطاب الكراهية يلغي حق الآخر في الوجود، مؤكداً أن بعض الوسائط الإعلامية لعبت دوراً في ترسيخ خطاب الكراهية في المواقف السياسية التي تحدث دائماً بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وأشاد بدور الصحافة في تعزيز التعايش السلمي باستثناء القليل من الصحف، وتابع: إذا لم يتم الاعتراف بالتعدد ستكون الأزمة مستمرة في السودان، مطالباً بضرورة الاهتمام بخطاب المصالحة والتعايش السلمي في المرحلة القادمة، فضلاً عن التعامل بمهنية مع الأخبار والمعلومات في الصحافة السودانية، وإشاعة روح السلام والتعايش ونبذ العنف والعمل على إزالة الصورة الذهنية السلبية تجاه الآخر والتركيز على التنوع الثقافي والابتعاد عن الإثارة
مكافحة العنصرية:
ويدعو إعلان المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب الذي أصدره المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(اليونسكو) في دورته العشرين نوفمبر 1978
للمساهمة في صون السلم والأمن وبالعمل علي توثيق عري التعاون بين الأمم عن طريق التربية والعلم والثقافة بغية ضمان احترام الجميع للعدالة والقانون وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية" (الفقرة 1 من المادة 1)، وبأن المنظمة طلبا لهذه الغاية، ستعمل علي "تسهيل حرية تدفق الأفكار عن طريق الكلمة والصورة" الفقرة 2 من المادة 1، وإذ يذكر بمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة كما حددها ميثاقها،وإذ يذكر بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 ولا سيما المادة 19 منه، التي تنص علي أن "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلي الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود"، وبالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 والذي يعلن نفس هذه المبادئ في المادة 19 ويدين في المادة 20 التحريض علي الحرب وإثارة البغضاء الوطنية أو العنصرية أو الدينية وأي شكل من أشكال التمييز أو العداء أو العنف، وإذ يذكر بالمادة 4 من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1965، وبالاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973، اللتين تعهدت فيهما الدول المنضمة إليهما باتخاذ تدابير فورية إيجابية للقضاء علي كل ما يشجع التمييز العنصري وعلي أي عمل من أعمال هذا التمييز، وقررت الحيلولة دون أي تشجيع علي جريمة الفصل العنصري وما يماثلها من سياسات التفرقة أو مظاهرها،وإذ يذكر بالقرار 110 (د-2) الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 والذي يدين الدعاية التي تستهدف إثارة أو تشجيع، أو يحتمل أن تثير أو تشجع، أي تهديد للسلم أو خرق للسلم أو أي عمل من أعمال العدوان،
القانون الدولي وخطاب الكراهية
لقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة "خطاب الكراهية" من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والضمانات السابقة هي
الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع،
تحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك "احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم".
وتنص المادة 20 على ما يلي:
1_تحظر أية دعاية للحرب بموجب القانون.
2_تحظر أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
قرارات المحاكم الدولية:
يعود المبدأ القائل بأن التحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية هو في حد ذاته جريمة ضد الإنسانية، إلى قرارات محاكمات نورمبرغ للقادة النازيين في الأربعينيات من القرن العشرين. ووجدت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في الآونة الأخيرة، أن أربعة صحفيين أو مسؤولين تنفيذيين في وسائل الإعلام، إضافة إلى وزير إعلام سابق، مذنبين بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية من خلال البرامج الإذاعية أو مقالات في الصحف
خاتمة:
الكراهية والعنصرية هي البديل الدامي لروح التسامح والمحبة وكافة قيم الأرض والسماء على امتداد التاريخ، وبالوقت الذي نجد فيه مجتمعات أخرى قد تعلمت من تجاربها المؤلمة، وغدت مجتمعات متحضرة يسودها الاحترام المتبادل والسلام وقبول الآخر.في ذات الوقت تنطلق صحف ووسائل اعلام جماهيرية في اثارة العنصرية والفتنة والجهوية بشكل واضح في حياتنا اليومية. ويلاحظ بأن ثقافة الكراهية التي أينعت خلال الفترة الاخيرة بشكل واضح الامر الذي أجج نيران الفتن والاضطهاد هي المسيطرة على واقعنا السياسي وواقعنا الاجتماعي والنموزج الصارخ لذلك هو تمدد خطاب الكراهية والقبيلة وزرعها بين فئات المجتمع وممارسةا الاقصاء. فهذه الثقافة المدمرة لديها متخصصون في غرس كل أشكال الكراهية والبغضاء بين الناس ومع ذلك يدعون انهم يدافعون عن حرية الرأي وحرية التعبير.فهذه المجموعة لاتحتمل الراي الاخر وهي اقصائية الشاهد ان خطب الكراهية مليئة بالأوصاف والإتهامات المرسلة كالتخوين والتكفير والتحقير والعملاء والعلمانيون وغيرها) خطورة خطاب الكراهية في دعواته المباشرة وغير المباشرة لممارسة العنف وتبريره، فخطاب الكراهية هو خطاب تحريضي في المقام الأول يهدف إلى إشعال كل انواع العداوات، محترفو خطاب الكراهية يحاولون دائما نبش قبور الموتى لتعكير حياة الأحياء، ويجهدون انفسهم في البحث عن بقايا الخلافات التاريخية لتظل جذوة النزاعات والفتن مستعرة سواء أكانت بين العرقيات المختلفة أو بين مذاهب الدين الواحد، أو بين أبناء الأديان المختلفة،هناك عدة فئات وأصناف من خطباء الكراهية فهناك فئة من السياسيين الذين يمتهنون نشر الكراهية والتحريض عليها وهؤلاء خطرهم كبير، فجميع الحروب تبدأ بخطبة كراهية عصماء، وهناك فئة أخرى من مثيري الكراهية محسوبة على أهل الدين وهناك كذلك نوع من خطاب الكراهية يعمل على المستوى الإجتماعي، حيث يوجه إهتمامه وكراهيته لفئة من الناس أو لمجموعة عرقية داخل المجتمع للنيل منها وإلصاق كل التهم بها، ومن الممكن قياس مستوى تغلغل خطاب الكراهية في المجتمع من خلال قياس مستوى العنف اللفظي الممارس في الحوارات العابرة في الشارع أو في الحوارات التي تتم عن طريق الإنترنت، فالعنف اللفظي هو إنعكاس صادق لمستوى الكراهية والإحتقان النفسي.فعندما يختلف أحد هؤلاء مع قضية فكرية فإنهم يشنون حربا تحريضية ضد صاحبها ويعمدون إلى النيل من كرامة وسمعة ذلك الإنسان والحط من قيمته، (تلميحاً أو تصريحاً) او من خلال تلفيق الإشاعات، ويمكن الاشارة الي ما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى حيث خرجت ألمانيا مهزومة من الحرب وترزح تحت وطأة الكثير من المشاكل الإقتصادية والسياسية، فسادت نزعة عنصرية متطرفة ضد كل ما هو أجنبي وأدت تلك النزعة لظهور الحزب النازي الذي أشعل الحرب العالمية الثانية وأدى لأكبر المجازر في تاريخ البشرية، إن خطاب الكراهية سيجد له أرض خصبة حيث ينتشر الجهل والأمية والفقر والإضطرابات السياسية.فخطاب الكراهية هو المنبع الأول للإرهاب وللحروب، لذلك فيجب تحصين أفراد المجتمع ضده، لأنه من الصعب جداً تكميم تلك الأفواه التي تنشر السموم بين الناس، وأهم وسائل التحصين هي تعزيز القيم الإنسانية المشتركة كنبذ العنصرية والدعوة للمساواة واحترام الاختلاف والتعددية الدينية والفكرية والإجتماعية.فخطاب الكراهية المعتمد علي الشتائم واثارة الفتنة لايمكن ان يخدم اي مجتمع او بلد في العالم اللهم الا اذا كان ذلك البلد يهوي الفوضي والاضطراب السياسي الذي لاينتهي الا بمصائب علي الجميع كما حدث في رواندا.
واليوم وبعد مرور اكثر ست عقود قضتها بلادنا في أتون الحروب الاهلية سالت من خلالها دماء عزيزة الي جانب انتشار العنصرية والقبلية علي حساب الهوية الوطنية وتمزق وحدتنا وانفصال جزء عزيز من السودان وهو انفصال الجنوب وتشريد ملايين السودانيين نازحين ولاجئين داخل وخارج السودان فاننا مدعوون جميعاً للابتعاد عن لغة القبيلة والعنصرية وكل ما من شأنه استهداف فئة مجتمعية بذاتها، وتفادي منزلقات الكراهية التي تمنهجت في الفترة الأخيرة، فمجتمعنا اليوم بحاجة ماسة إلى التسامح وادارة تنوعا العرقي والثقافي والديني بحكمة وغسل كل الأحقاد والكراهية لأن العالم اليوم بات يهتم بمجتمعاته وأن الثقافات والهويات المختلفة والمتناقضة بدت متعايشة وغير متنافرة وأن الحياة لم تعد تتصارع بشكل دموي بل تتنافس بسلمية وديمقراطية وأن المجتمعات الذكية غدت تسعى للحصول على مكتسبات أكبر.كما أن ثقافة الكراهية لابد أن ازالتها من العقول والأنفس وأن تعمل كل وسائل الاعلام والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني على استئصالها.
أعداد:الاستاذ حسين سعد
الخرطوم 16 فبراير 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.