في لقاء أجراه دينيس ساتنون من صحيفة التايمز الإيرلندية مع الناشط السياسي المخضرم من الولاياتالمتحدة نعوم تشومسكي (84عاما ) والذي تستضيفه مؤسسة الخط الأمامي للمدافعين عن حقوق الإنسان بالشراكة مع جامعة كلية دبلن UCD وكلية ترنيتي التي تعد أقدم جامعة إيرلندية. سيركز تشومسكي في محاضرته مساء اليوم على مسؤولية حماية المدافعين عن حقوق الإنسان إلا أنه يدرك أن عبارة "مسؤولية الحماية" قد تؤول من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان في الغرب على نحو "التدخل الإنساني" ، وهي سياسة يعتبرها تشومسكي ليست أكثر من غطاء لتحقيق المصالح الغربية. ولا يرى أنه ينبغي التدخل العسكري في النزاعات الدولية دون تفويض من مجلس الأمن الدولي لكنه يعترف بأنه على الرغم معارضته دعوات بريطانيا وفرنسا لتسليح قوات المتمردين في سوريا، إلا أن هناك حججا شرعية من كلا الجانبين في هذا الرأي. وقال "هناك مشكلة حقيقية حول تسليح تلك القوات من عدمه، ولكن تسليحهم ليس التدخل الإنساني" ، كما يقول. "التدخل الإنساني يعني استخدام القوة. هناك تساؤلات حول من يجب أن يكون مسلحا. " وهكذا، على سبيل المثال، أليس من حق حركة حماس أن تكون مسلحة في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الإسرائيلية؟ ولكن ليس هذا هو الموضوع الذي يمكن أن يثار في الغرب. قد يكون الموضوع الذي يمكن أن يثار في إيران ، لكننا نعتبر أن الحالات التي تستدعي التدخل هي حين يكون عملاؤنا في المنطقة العربية ليسوا هدفا. " الغرب والربيع العربي يرى تشومسكي، في رد القوى الغربية على الربيع العربي، بأنها اتخذت نهجا متباينا حيال الإنتفاضات في المنطقة وذلك وفقا لمصالحها الخاصة. بعد جهود لإنقاذ الدكتاتورية المصرية لحسني مبارك , سعت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها إلى تسوية مع الحكومة الجديدة التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون ، والتي عكست بدورها خيبات أمل الذين خرجوا الى الميادين قبل عامين. "إن السياسات الرئيسية التي تعارض العامة لا تزال موجودة والحكومات المتشبثة لا تزال على رأس السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي كانت جزءا كبيرا لأسباب الانتفاضة. لم تنجح تلك الإنتفاضات بعد لكن مما لا شك فيه أنها سوف تستمر." "تونس على سبيل المثال لا الحصر , على الرغم من أن نسيجها مختلف في بعض النواحي، إلا أن الغرب على استعداد لتحمل النتائج على الرغم من أنها دعمت الديكتاتوريات لأخر لحظة ، خلافا لما يدعيه اليوم." "إنه على استعداد لتحمل تلك الحكومات وليس شعوبها – الحكومات القادرة بالكثير أو القليل على استيعاب المطالب الغربية. في تونس يظهر في الغالب الطابع الفرنسي، و في مصر يظهر الطابع الأمريكي والإنجليزي- من رواسب تاريخ الاستعمار. " إن الغرب يهتم بالتدخل لأسبابه وأطماعه الخاصة والمتمثلة في النفط غالبا ، ولذلك تم قمع الإنتفاضات في دول النفط بقسوة شديدة وبنجاح كبير بدعم غربي." حركة /احتلوا/ تبقى قوية انتشرت حركة "احتلوا" بسرعة في جميع أنحاء العالم، مع معسكرات المحتجين في كل مكان من وول ستريت مرورا بالبنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت إلى مقدمة ساحة البنك المركزي في دبلن. وقد استمرت معظم مخيمات الاحتجاج لمدة سنة تقريبا ولكن تشومسكي يؤكد أن الحركة لا تزال قوية. "انها على قيد الحياة ونشطة جدا فهي تقوم بعمل أمور عديدة ينبغي أن تفعل. يعني انها ليست احتلال الساحات العامة بل تحولت إلى الإجراءات المباشرة في مجالات معينة. إنها ليست واحدة ولكنها مجموعة منسقة." الاتحاد الأوروبي - التقشف والديمقراطية إذا كان مفهوم الديمقراطية في الولاياتالمتحدة يفتقر إلى الكثير فتشومسكي يجد الديمقراطية داخل الاتحاد الأوروبي أبعد ما تكون عن الكمال في فرضها سياسات التقشف على شعوب محتارة إزاء أزمة اقتصادها والديون التي أصبحت عبئا عليها. وإن تلك القوة الطاغية من البنك المركزي الألماني لها تأثير ساحق على البنك المركزي الأوروبي بشأن السياسة العامة و الاقتصادية ، وبرامج البنك الألماني شديد المحافظة." فتجد معدل التضخم ثابت ومنخفض جدا، ومن المهم أن أقول إن التركيز على الحل بفرض التقشف شيء ضار للغاية . ولدينا بالفعل عدة سنوات من التجربة وكيف كانت تلك الإجراءات في كل مكان تطبق فيه ضارة تماما. " لست معجبًا بالبنك الفيدرالي لكنني أعتقد بأنه عالج الأمور بشكل بناء ومدروس وتدريجي أكثر من البنك المركزي الأوروبي. " في إيرلندا. كانت أزمة البنوك والفساد المصرفي هي السبب وليست الحكومة أو السكان . وهو السبب ذاته في إسبانيا. فبعد أن كانت إسبانيا على مقربة من تحقيق ميزانية متوازنة في عام 2007 على أسس اقتصادية جيدة. جاءت فقاعة العقار السكاني التي غذتها في الواقع البنوك الإسبانية والألمانية - وكان المخرج هو أن يدفع المواطن الفاتورة حتى يومنا هذا - كما تعلمون." وأعرب تشومسكي عن رغبته في قول كلمة لجمهوره في الدول الغربية وهي أن لديهم إمكانيات وفرصا عديدة لإحداث تغيير داخل مجتمعاتهم، إذا كانوا على استعداد لتنظيم الصف والعمل . يقول تشومسكي بأن جهود التأثير في سياسات حقوق الإنسان من الحكومات الغربية غير ودية وتدعم انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها الدول الحليفة الداعمة لهذا التوجه. السلطة في العمل الشعبي وأضاف فتشومسكي"أعني بالعمل الشعبي إنجاز المواطن من أجل دولته وليس حكومته، وهو العمل المثمر والباقي. فالمؤسسات للأسف تعمل على حماية نفسها، وليس حماية المبادئ. لهذا يمكن للجمهور أن يحدث فرقا - وفرقا كبيرا في المجتمعات الديمقراطية . " "تركيا ليست أكثر المجتمعات ديمقراطية في العالم. ومع ذلك، لا يحضرني أي بلد آخر كرس المواطنون نشاطهم بشجاعة بطريقة أكثر شمولية وأكثر فعالية. على سبيل المثال، كان القمع الرئيسي في تركيا لسنوات عديدة ضد الأكراد والوضع ليس جيدا حتى اللحظة ، لكنه أفضل بكثير مما كان عليه قبل 10 أو 15 عاما مضت. الحرية لاتوهب والسماء لا تمطر ديمقرطية". * موعد محاضرة البروفيسور نعوم تشومسكي في مبنى RDS بالعاصمة الإيرلندية دبلن مساء اليوم الاربعاء في 7:30.