الإثنين: 21/4/2013 في هذا الوقت بالذات، كنا في أمسّْ الحاجة إلى وجودك معنا، في هذا الوقت بالذات يصعب علينا فراق الأستاذ الراحل كمال حنفي، لما لا وقد كان الرجل مخلصاً مؤمناً صادقاً بصيراً بالأحوال والأوضاع، لديه القدرة على قراءة الأحداث جيداً، وطرح رؤى إبجابية بشأنها تسهم في تبصير المحيطين بمآلات الأمور، وأبعادها، ومن ثم التعامل معها كما ينبغي... لكل هذا أقول كنا في أمس الحاجة إلى هذا القلم الشريف الطيب القيم.. ولكن يبقى عزاؤنا، أن أصحاب القلم والرؤى الثاقبة، أولئك المخلصون لأمتهم، ولأوطانهم وقبل كل هذا لخالقهم سبحانه وتعالى، أولئك حين ينتقلون من دار الحياة الدنيا إلى الآخرة، فإنهم يفارقوننا بدناً، ولكنهم لا يفارقوننا أبداً بما تركوه من سيرة ناصعة، وآراء قيمة وعلم يُنتفع به، وهكذا وكما أن العلماء لا يموتون بوفاتهم، بل يبقوا أحياءً بما تركوا من علم نافع للأمة ينير لها الطريق، ويرشدهم حين الملمات إلى جادة الصواب، فهكذا هم أصحاب المنابر المحترمين المخلصين الشرفاء، فإنهم لايموتون حين يرحلون عن دنيانا، وإنما يبقون معنا بسيرتهم الحانية، وفكرهم وعلمهم وإسهاماتهم الغزيرة التي ما فتئت تعبر وتتكلم وتنير الطريق أمام السلكين.. ذلك هو كمال حنفي رحمه الله، الذي لم تشأ الظروف أن ألتقيه عن قرب كثيراً، ولكني لم أشعر أبداً أني أونه كان بعيداً، بل بخلقه وحسن وطيبة معشره أدرك أنه كان ليس قريباً مني فقط، بل من الجميع.. الدكتور كمال حنفي هو واحد من القلائل الذين لم يتخرجوا في فروع الصحافة والإعلام، بل كان طبيباً من أبناء التوفيقية بمدينة حلفا ودرس الطب في مصر، ثم اتجه لاحقاً للعمل الصحفي الذي أبدع فيه إبداعاً عظيماً يُشار له بالبنان.. وهو بشهادة الجميع كان يتمتع بمعرفة عميقة بالعلاقات المصرية السودانية، مدرك لأهمية وإستراتيجية العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، لذلك سخّر قلمه في تدعيم أواصر الإخاء والمحبة بين الشعبين الشقيقين. كان أفضل من يتناول الشأن المصري بعمق ومسؤولية لا تتأثر بما قد يتناثر هنا أو هناك من خلافات أو اختلافات مفتعلة، أو عارضة في بعض الأحيان.. كان يحلم، وكانت لديه القدرة على الحلم، ويعمل لأن تكون العلاقة بين الخرطوم والقاهرة مثالاً يحتذى في العلاقات الأخوية المتميزة، نظراً لما يربط بينهما من روابط تاريخية وقواسم مشتركة ومنافع متبادلة. دعونا جميعاً نذكره، عليه رحمة الله، ونتذكره، بصالح أعماله، وطيب خلقه، وما ترك أمامنا من سيرة طيبة وسجل حافل من الأعمال الفكرية والأدبية وأخص بالقول كل متابعوه ومحبوه وهم كثيرون، في مصر وفي السودان بل وفي أرجاء أمتنا العربية والإسلامية المجيدة، رحمك الله يا أستاذ كمال، وأسكنك الفردوس الأعلى، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان..