بسم الله الرحمن الرحيم ...... ونحن في طريقنا إلي المطار وهي في رحلة العودة إلي بلاد العم سام ( أستراليا ) والتي هاجرت إليها كل الأسرة ولم يتبق في السودان حتي العواجيز ، كانت عملية إقتلاع كبيرة لكل الأسرة وكانت هي وزوجها من المتأخرين قليلا أي بعد أن ذهب الأبناء والبنات كانت الحصيلة باقي الأسرة من الحبوبات والجد وتشتتوا في كل اصقاع الدنيا أوربا وأميركا وتجنسوا بجنسيات تلك الدول وتشربوا بعادات جميلة وحافظوا علي التماسك الأسري لأنها كانت صاحبة شخصية قوية إستطاعت أن تجعل كل أبناءها حولها من هذا الجيل ، تشرفنا بضيافتها لأكثر من ثلاثة أشهر هي عمر الزيارة وكنت دوما أسألها عن قضايا الأغتراب ولكن هم اليوم أصحاب بلاد جديدة وهويات جديدة وإرتباط جديد وإستقرار مستديم ، سألتها كيف إستطاعت أن تتاقلم في تلك البلاد وهي هاجرت في هذا العمر المتأخر جدا ، قالت العواجيز هنالك لهم مكانة خاصة في القلوب يعطوننا منزل جميل ومريح ومؤثث والراتب كل خمسة عشرة يوما والعلاج مجاني ومسموح لك إختيار الطبيب الذي ترتاح له نفسك والترفيه مسألة أخري يقتطع لنا في الأسبوع ثلاثة أيام لمكان مخصص لنا تأكل وتشرب فيه بالمجان وزوجي هو المسئول عن هذا التجمع ويأخذوننا بالأتوبيسات في رحلات خارجية وترفيه جميل ، قالت حتي السفر بهذه الزيارة لا يسمح لك به إلآ بعد أن يقرر الطبيب الوقت المناسب للسفر ولذلك تأخرت حتي يأذن لي الطبيب بذلك ، تعلمت النظام وإحترام الوقت ومهما سهرت تجدها أول من يصحي في المنزل مع أوقات المدارس الصباحية ، أشفقت كثيرا علي حال عواجيزنا رغم أنني أجدهم أكثر سعادة بوجود الأهل والأبناء والأحفاد حولهم . تجولت بين كثير من الأسر والأهل الذين تعرفهم وعاشت معنا القرارات التي صدرت في البلد عن تصحيح الأوضاع ووجدت كثير من الأسر التي تعرفها من أقاربها وكانت تركز أكثر علي قريبها المصاب بداء السكر وهو ضعيف البنية ويعيش ضغوط كبيرة في الإغتراب وكانت تشفق عليه كثيرا ، تقول تعودت النساء هنا السهر والنوم حتي أوقات متأخرة من النهار والرجل يحمل في داخله كل هذا الهم وضغوط الحياة من إيجار وكهرباء وعلاج وأكل وشرب والنساء لا تساعد الزوج وتقول أن الزوجة هي اليد اليمني للرجل ويجب أن تشعر به في هذه الظروف وتستشهد بقريبتها التي لها أخوان في الخارج ووالدها الثري ، تقول كان يجب أن تحاول أن تترك له فرصة في التفكير لتغيير حياته بتخفيف الضغط عليه ولديها فرصة العيش في القاهرة مثلا في الوقت الحالي بمساعدتنا ومساعدة أخوانها ووالدها الثري لتكون فرصة للتغير المستدام ولكن النساء هنا تعودن علي حياة يجدن صعوبة كبيرة في تغييرها ووجدت ذلك الواقع في كل بيت زارته . هذه الأيام تجد كثير من المغتربين والذين يصعب تصحيح أوضاعهم لظروف قاهرة وهم أصحاب عوائل وأسر يعيشون في حالة من عدم التوازن وبما أن تلك القوانيين طالت الكفيل بشكل مباشر من غرامات وسجن وجد كثير من المغتربين أنفسهم أمام مطالبات من كفلائهم بالنقل منهم أو الخروج النهائي وفي تلك الظروف يصعب علي الكثير منهم أن يصحح وضعه لظروف تخصه وهنالك قضايا كثيرة ومشاكل فترة الثلاثة أشهر تلك لا تفعل فيها شيئا ، وكثير من المغتربين تفاجأوا بتلك المطالبات وكثيرا منهم يمتلك وسيلة العيش الكريم التي تساعدهم لو وجدوا التسهيل من الحكومة السودانية في هذا الظرف الدقيق والذي تعيشه شريحة كبيرة من مجمتعنا الآن وهم في أمس الحوجة أن تقف معهم الدولة في هذه الظروف الصعبة وهم أصحاب مسئوليات كبيرة وكثير من الضغوط تحيط بهم ويجب علي منظمات المجتمع المدني وجهاز المغتربين والسفارة أن يكونوا أكثر واقعية بتوجيه سياسات الدولة في هذا الوقت الصعب أن تسهل للراغبين في العودة بشكل نهائي والذين يصعب عليهم تصحيح أوضاعهم حتي لا يفقدوا مابيدهم ويعودوا خاويي الوفاض هم وأبنائهم يجب علينا أن نلفت نظر كل المجتمع والدولة أن تفي بخدمة مواطنها وهو في هذا الظرف الدقيق لأن القضية أكبر مما نتصور لو تم تنفيذ ما ذكر بعد المدة المقررة لجيل كبير وعريض من الذين ولدوا وتربوا ودرسوا وعاشوا في تلك الديار ولكن مقادير الزمن وقفت كحائط ضخم من عدم التواصل والبنات في البيوت والنساء ، لكن نرجع ونقول ( رب ضارة نافعة ) . واقعية .... كنت اجلس علي الرصيف جاءني يجرجر قدميه من شدة التعب حديث العهد في الإغتراب جلس القرفصاء تحت الرصيف يقول كنت صاحب عمل وفي داري ومبسوط وهو ينظر لصور بناته في الجوال ، يقول تركتها مولودة واليوم تحدثني في الجوال ولم أستمتع ببداية الكلام معها ، القليل القليل الذي لو حصلت عليه لعدت لحضن أهلي وبناتي ، تشعر به في داخلك مضغوط ومضغوط ومرهق وشارد التفكير يتأسف كثيرا لتلك الخطوة وهو لم يتعدي العام في الغربة حيث أنه لم يجد العون من أقاربه وأهله لطبيعة تلك المجموعات الجافة والبخيلة ، سقط بيد نصاب سوداني باعه وظيفة بمبلغ كبير وباعه الوهم ولم يكن أول الضحايا ولا آخرهم وبشق الأنفس إستطاع الإفلات وخسر مادفعه ، غيره الكثير الكثير يعيش علي أمل الرجوع وهذه فرصة كبيرة للعودة وبسببها ، لذلك نقول ( رب ضارة نافعة ) .