بسم الله الرحمن الرحيم ..... السودان ...بلد العهر السياسي .... من سخريات القدر ذكرني الهجوم الجبان علي مدينة أم روابة وما حصل للمواطنين الأبرياء ذكرني الهجوم الذي تم علي كسلا في زمن غابر ، إستقبلت صباحات كسلا الهادئة في ذلك اليوم والمواطنين يخرجون لأعمالهم في صباح يوم جديد علي هجوم جبان وغادر تعرض فيه المواطن إلي أقسي ساعات الرعب والقتل ، وكانت المجموعات المهاجمة للمدينة في حالة تخدير واضح ولقد مارست أشد أنواع الفساد والتدمير في نساء وأطفال المدينة ولكن من أعظم تلك اللحظات هو هبة مواطني كسلا شيبا وشبابا في الدفاع عن عرضهم وشرفهم والكل حمل السلاح وظهرت شجاعة أهل كسلا وتكاتفهم في تلك الساعات العصيبة وسبقوا الجيش في الدفاع عن الأرض والعرض وبرزت حكايات وحكايات من شجاعة مواطن كسلا ، لقد فتش شباب كسلا الغابات شجرة شجرة والحفر حفرة حفرة وحلفوا أن لا يعود من القوة المهاجمة حيا متقهقرا للخلف وظهرت ملاحم وشجاعة وبأس وقوة في الدفاع عن المدينة لا زالت تتداولها الآلسن في المجالس ولم يغادر من المدينة أي فرد هربا وواجهوا القوة بالقوة ، سودان العهر السياسي ، ومن مفارقات الزمن كان قائد جيش المعارضة في تلك الأثناء ( عبدالرحمن الصادق المهدي ) والذي إعترف في بعض ذكرياته أنه كان قرر في تلك الأيام الخوالي تفخيخ العاصمة وهدم المعبد علي عباده ، ومن سخريات القدر هو ذلك البيان والذي قطع تلفزيون السودان الإرسال لنقل بيان ( عبدالرحمن الصادق المهدي ) علي هذا الهجوم الذي تعرضت له مدينة أم روابة ، إنه السودان بلد العجب العجاب وحكي ( أم ضبيبينة ) ( ودخلت نملة وخرجت نملة ) . ما تعرضت له ام روابة هو نوع من الإنتحار في القيم والدين والأخلاق وقلب مفاهيم الحقيقة بقتل الأبرياء والعزل وهم آمنين في بيوتهم في صباح يوم جديد يطلبون الله فيه بالرزق والعافية ، ذلك هو السودان بلد العجائب يقتل البرئ وتدمر كل الحياة وتهدم الدور والمطلب هو حكم هذا الشعب بالقوة فكرة غريبة أقتلك لأحكمك ؟؟؟؟ بلد العهر السياسي من هو اليوم في السلطة وإذا جار عليه الزمن سيكون في نفس موقع المعارضة الحالية وتدور الدائرة و( دخلت نملة وخرجت نملة ) ذلك الهجوم الذي تم علي أم روابة فيه شبهة تدخل دولة كبيرة تمتلك أقمار صناعية مع وجود إتصال من المتمردين بتلك الأقمار وهي التي تحدد لهذا الزحف ومن الأعالي عن المناطق الخالية من السكان والجيش وهي التي كانت تسير هذا الركب كل تلك المسافات وفي مناطق تعتبر وسط السودان ، وكذلك هنالك جهات أجنبية تكون قد عطلت كل عمل الرادارات في أثناء سير تلك المجموعات حتي أوصلتهم إلي ام روابة وسط السودان ، هنالك ملعوب كبير تم في هذه العملية مثلها مثل الهجوم علي أم درمان بحيث كانت تحركات تلك القوات من المرتزقة عن طريق الأقمار الصناعية لتكون بعيدة عن التجمعات كيف ذلك والقوة بهذا الحجم وهي تقطع المسافات البعيدة تلك بدون أن تتعرض لها أية قوة أو حتي راعي في تلك الفيافي ؟؟؟ في فترة الثمانينيات في وقت التصحر والجفاف الذي ضرب كل السودان كان هنالك زيارة لمسئول أمريكي كبير لشرق السودان والرواية علي الراوي والذي كان حينها يشتغل في جهاز أمن الدولة ، يقول قمنا بتأمين المنطقة خلف الجبل ومسحناها مسحا لتهيأة المسرح للزيارة ، يقول ونحن في حر الزيارة جاءت إشارة من أميركا بوجود شخص علي مسافة معينة وهو يركب دابة ويجب أن يتم إيقافه وقد يكون خطرا علي الضيف ، يقول كان الشخص رجل بسيط يركب حمار بمسافة عدة كيلومترات من الموقع ، السماء اليوم مليئة بالأقمار التي تري النملة وسط العشب ومع وجود قمر ذلك الممثل والذي يدعم تلك القوات وبشكل علني ، نجد أن ذلك الهجوم تم الإعداد له بشكل جيد ودعم من الفضاء في تحرك تلك القوات حتي وصلت وسط السودان . كل تلك المجموعات مجموعات عنصرية بغيضة تحمل في داخلها أهداف شريرة وتريد أن تحكم بقوة السلاح ذلك الوطن وهي ذات أجندة مشبوهة ويجب علي الشعب السوداني أن يهب هبة واحدة لتكون يد تحمل السلاح ويد تفاوض وعلينا أن نستغل ذلك الإندفاع الكبير وتلك الغضبة في سبيل تحرير كل شبر ومواصلة الحوار والبادئ أظلم . إنفراد حكومة الإنقاذ كل تلك السنوات بالسلطة جعلت النظام يترهل ويصبح مثل كرش الفيل وتوطنت فيه المجموعات النفعية والمتسلقة التي أهدرت المال العام وحرمت الأمة ، وبمجرد المسائلة لتلك المجموعات تخرج للمعارضة وحمل السلاح وجل الذين في المعارضة كانوا من أقوي عناصر النظام وأكثر المتشددين ضد هذا النظام هم الذين كانوا من أقوي أنصار النظام عندما كانوا في السلطة ، النظام اليوم يواجه إشكالية عزوف القوي الحقيقية الصادقة من الشباب في المشاركة الصادقة وعمت موجة من الفتور والضعف علي كثير من القوي الصادقة وأكثرها غادرت البلاد لتبحث لها عن لقمة حلال وتشتت السوداني في كل البقاع وتستغرب كثيرا عندما تجد السوداني في مكان بعيد وبارد ومهجور ، تبقت في الساحة النظام العاجز والقوي الهرمة من الأحزاب البائدة والتي وصلت قياداتها أرزل العمر وتعب الجيش من كثرة الحروب والبديل في تلك الظروف كمثل القفز في الظلام ، لقد هرم النظام وتمدد وتوسعت كرشته وفقد أي مداخيل للخزينة العامة وأخذ ( يهضرب ) وبيع كل السودان من الأراضي المستصلحة لجهات خارجية وتبرعت الدولة بما تجود به ( للقاشي والماشي ) ولم تجد الدولة شبر صالح تقيم عليه مدرسة وأخذت تستولي علي أراضي الغير والمواطن لم يتبقي له غير الصحراء وعليه أن ( يأكل ناره ) . مشيوير صغير لكسلا ..... عندما كنا أطفال قبل أربعة عقود لم تكن في كسلا أي جهة للترفيه غير السينما الشرقية والغربية ، وكانت الفسحة لسكان كسلا هي زيارة المستشفي العام في كسلا بحيث كان هنالك سوق نسوان كبير خارج المستشفي والنساء يحملن عواميد الأكل للمرضي وكانت أسعد اللحظات لنساء كسلا إن كان لهن مريض في المستشفي ومن الطرفه قيل كانت إحدي النساء يوميا تتردد علي الدكتور حتي أصبحت مألوفة لكل الأطباء والممرضين والعمال ، شاءت الصدف أن تتغيب تلك المرأة لمدة أسبوع من زيارة المستشفي وإفتقدها الأطباء ، حضرت بعد أسبوع وسألها الدكتور ( وينك يا فلانة غايبة ليك أسبوع ) قالت والله يادكتور ( كنت عيانة ). اليوم مستشفي كسلا سبق أن تحدثنا عنه سابقا مأسآة بكل ما تحمل تلك المعاني من بؤس وهو مستشفي يخدم الفقراء من قري الريف البعيدة والذين لا يمتلكون علاج القروش ، هذا هو السودان .