أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما السبيل لدرء الخطر الإيراني الداهم ؟ (1-5)


أبو البشر أبكر حسب النبي
لو أن عصفورة صغيرة حطت على أحد أفنان أشجار حديقة منزلك وهوت ميتة؛لا تظنن أنها مصابة ب(أنفلونزا الطيور) ! وإنما من موجبات المنطق السليم أن تبحث عن الأسباب والقرائن من حول الأجهزة الإيرانية الكثيرة ، والتي هي مصدر الموت الأساسي ، للبشر والطير والشجر، في منطقتنا .. إن إيران اليوم قد غدت خطيرة إلى هذا الحد .. .لأنها باتت مصدر كل شر وبلاء..وفتنة وشقاء ، على طول وعرض المنظومة المعروفة ب(العالم الإسلامي) ..وهي لا هم لها على الإطلاق غير بذل الموارد وصرف الأموال بسخاء لشراء ذمم وضمائر صغار القوم و ضعاف النفوس - من أمثال ذلك السوداني (الجرمندي) باسم (شوقي عثمان) الذي استأجر قلمه للإبليس ورضي بوظيفة راصد ومراقب منتقدي السياسات الإيرانية في المنطقة ليوزع عليهم شتائمه الحمقاء مقابل (تويمنات) يقيم بها أوده ويسد رمقه - والتبشير بالتشيع بغرض خلخلة المجتمعات السنية وزراعة وتوطين الأمراض الطائفية ، ونسج شبكات التجسس (حتى على المستشفيات كما حدث في السعودية مؤخرا !)لرصد أي تطور إيجابي في هذه البلدان لتدبير خطة إعاقته وتعطيله وتدميره، وإمرار عصابات تهريب السلاح ( كما يحدث في اليمن ) والغاية من هذا النشاط الإجرامي هي إثارة فتنة بين (الزيود ) و(الشوافع )الذين عاشوا في طوال تاريخ اليمن الطويل في وئام وسلام ومن ثم الطعن في ظهر السعودية. وهي تقوم بنشاط محموم لتسريب المخدرات (عبر دبي ) وغيرها إلى شتى أنحاء العالم الإسلامي وليس الغربي ! .. وذلك بقصد تخريب عقول الشباب، في أي مكان تسود فيه المذاهب السنية..أنها عاصفة من الشر المستطير تهب من البر الفارسي في جميع الاتجاهات وترمي بشررها على الجميع..يعيها كثيرون ويرونها رأي العين ولكن لا حيلة لهم في درءها ولا قدرة لديهم لدفعها (من أمثال الأستاذ القدير والمفكر البارع عبد الله النفيسي) ...إنها النزعة الصفوية الجديدة التي أخذت تستبد بقادة إيران الآن ، وهي نزعة أخطر من الصهيونية والنازية والفاشية والشيوعية والماسونية والبهائية والبابية والقاديانية وعقيدة جماعة حسن الصباح ( الحشاشين )التي كانت مركزها (قلعة ألموت )بالقرب من (الري ) التي هي طهران الحالية ! ... إن الخطر الذي تشكله هذه النزعة الجديدة والتي يتقمصها ملالي إيران اليوم يفوق أي خطر يمكن أن نتصوره أو أي تهديد يمكن أن يصدر من جميع الجمعيات السرية والعلنية في العالم . في الوقت الذي لا يجلب الأتراك إلا (الخيرات) إلى بلادنا في شكل شركات بناء وتشييد ومطاعم ومقاهي ومخابز وبرامج تلفزيونية ودورات تدريبية ( وقد شاهدت تقريرا يتحدث عن انتشار المدارس التركية في موريتانيا !) ومواقف سياسية رائعة بل وحتى محلات حلاقة ! . وفي المقابل لا يبعث إلينا الإيرانيون إلا الشر ولا يبيعوننا إلا السُّم الزعاف (بدأت المطاعم الإيرانية و محلات الحلويات الشيرازية والأصفهانية تظهر في بعض المدن العربية ولكنني أحذركم من تناولها حتى لا يكون مصيركم مصير تلك العصفورة المسكينة ) !.
ما هي الصفوية ومن هم الصفويون ؟
قبل أن نلج إلى عمق الموضوع أرى من الأفضل إيراد نبذة مقتضبة جدا عن الصفوية والصفويين حتى يكون القارئ على بينة من أن هذه ليست أول مرة يزحف الشر من بلاد الفرس .
ففي الوقت الذي كانت الدولة العثمانية مشغولة بمحاربة الصليبين في الغرب ومقاومة أطماع الاستعمارية في الشرق خاصة بعد الكشوف الجغرافية .. في هذا التوقيت تماما ظهر شاه إسماعيل الصفوي مؤسس الدولة الصفوية (1502 -1722 ) وأصبح خير معين وحليف لهذه القوى الصليبية والاستعمارية .. حيث تعاونت إيران الصفوية مع البرتغاليين وغيرهم ....وفرت لهم مواطئ قدم في الخليج وأمدتهم وأعانتهم حتى في خطتهم الشريرة المتمثلة في غزو مكة وهدم الكعبة ( الإيرانيون لا يذهبون إلى الحج إلا لأغراض سياسية كان لي زميل شيعي يقول لي إن زيارة واحدة إلى كربلاء تساوي 40 حجة إلى مكة وقس على ذلك )وقد وقعت الدولة الصفوية معاهدات وأنشأت أحلافا مع القوى الصليبية و كانت من أهم الأدوار التي أوكلت إليها بموجب هذه المعاهدات هي افتعال الحروب ضد الدولة العثمانية لتخفيف ضغطها وزحفها إلى وسط أوربا عبر البلقان لتعويض عن خسارة الأندلس قبل قرن من ذلك . وقد قامت الدولة الصفوية بالمهمة خير القيام .
كانت فترة حكم الشاة عباس الثالث الملقب بالكبير أكثر النقاط قاتمة في التاريخ الإسلامي بعمومه ، ففي عهده تم تنظيف وتطهير إيران من أهل السنة - أو (النواصب) حسب مصطلحهم - تماما حيث لم يبق أي سني في إيران إلا الأكراد الذين اعتصموا بجبالهم ، وكثيرا ما كانوا يطلبون النجدة من الدولة العلية ، و البلوش الذين تفرقوا في صحاريهم واستجاروا بالقبائل الأفغانية والأزبكية القوية التي كانت تتعصب للمذهب السني وتنتصر له .. كان 70% من سكان تبريز و 30% من سكان أصفهان من السنة وتم القضاء عليهم في أقل من عقد . بطريقة عينها التي طبقها حلفائهم من الأسبان والبرتغاليين للقضاء على المسلمين في شبه جزيرة الإبيرية ( محاكم التفتيش) .
كان هدف غير السامي لعباس الكبير هو الانتقال من بلاد الفارس إلى بلاد الرافدين ل(تطهيرها ) من السنة.. حيث دخل بغداد وعاث فيها فسادا وأتي بأفعال حتى المغول يخجلون منها ، مثل هدم مسجد الإمام الأعظم النعمان بن ثابت أبي حنيفة ونبش قبره والتمثيل برفاته .
وقد استغل الصفويون نزعة السلطان بايزيد الثاني الشخصية الذي كان ميالا إلى الفكر والفلسفة والآداب والفنون وغير أبه بالحروب والبطولات للتمادي في طغيانهم ضد أهل السنة ولكن الحمد لله كان ابنه لسلطان سليم الأول وحفيده سليمان القانوني على النقيض من ذلك فهما أشهر من ( أدَّب) الصفويين وأعادهم إلى حجمهم الطبيعي وحما العراق من التشييع الكامل كما حدث لبلاد الفارس .
في عهد الصفويين ظهرت أول جالية شيعية في البحرين وأوجدوا أول موطئ قدم لهم في البر بلاد العرب في واحة القطيف.. ولكن من حسن المصادفة أن ظهرت الدعوة الوهابية بعد سنوات قليلة من سقوط الدولة الصفوية وساهم ذلك في تحجيم دور المبشرين الشيعة الذين كانت الدولة الصفوية تدفع بهم بغرض تحويل الجزيرة العربية كلها إلى جزيرة شيعية وحيث تم حصرهم في جزيرة أوال في تلك الواحة حتى اليوم .. إن نجحوا في تشييع بعض العشائر العربية في جنوب العراق والأحواز من بني تميم وبني أسد وخزاعة .هذا باختصار شديد ما فعله الصفويون السابقون فلنأت إلى ما يفعله الصفويون الجدد الآن . الصفوية جزء أصيل من القومية الفارسية فلذلك ليس كل شيعي صفوي بالضرورة.
البداية من العراق
يصف السوسيولوجي العراقي الطائر الصيت على الوردي أن ما تضمره الشيعة في دواخلهم هو بمثابة (بركان كامن) سوف يثور حتما ضد الطغاة يوم ما .. ولكن اتضح بالدليل العملي القاطع بأن المكتوم في صدور الشيعة هو "حقد كامن " تم تفريغه على مخالفيهم في المذهب عندما جاء (يوم ما) بالغزو الأمريكي على العراق .
بهدوء وتؤدة وبدون ضجة أو جعجعة وعملا بمبدأ ( التقية )، رسمت إيران سياستها في العراق والتي تتمثل في بذل كل جهد ممكن لاستئصال الطائفة السنية من هذا البلد ، بالاتفاق مع الأحزاب الشيعية المدينية (من المدينة )- نعم المدينية فقط لأن العشائر العربية الشيعية في جنوب ووسط العراق ظلت تشكو من السياسة الإيرانية - شرعت إيران في تنفيذ هذه السياسة . تكاد نياط فؤادي تتقطع وكبدي يتحطم من حالة ال(لامبالاه ) التي يمارسها كثير من الناس إزاء هذه الداهية الدهياء بترك الساحة العراقية مرتعا لإيران الفارسية لتعبث بها كيف تشاء ،ولا أحد ينبه لهذا الخطر الداهم ، أعني خطر اختفاء أهل السنة من العراق كما اختفوا من تبريز وأصفهان في غابر الزمان .. لا أحد غير عدد قليل من المحللين الغاضبين ( من أمثال الدكتور عبد الله النفيسي ) وبعض رواد المنتديات الذين سخروا جهودهم للزود عن حياض أهل السنة إذ ظلوا يصرخون ويصرخون لعل أحدا ينتبه لخطورة السياسة الإيرانية في العراق .. وذهبت تلك الأصوات أدارج الرياح .. قدحت ذهني لمعرفة سبب هذا (الانبطاح ) ومرجع هذا الاستغفال أمام هذه السياسة الخطيرة بعدم رفع الصوت والمهاجرة بإدانة هذه الجريمة الفظيعة ومعاقبة المجرم ، أهو (حضور الأمريكي )؟ يقول البعض بأن أمريكا متحالفة مع إيران في موضوعة العراق و بالتحديد ( تطهير ) العراق من السنة لذلك لا يستطيع حلفاء أمريكا الجهر بالقول كما فعلوا في الحالة السورية مثلا ، إنني لا أبلغ ذلك المبلغ لكوني أعرف العلة الأمريكية التي سوف أشرحها في السطور التالية ..
كنت استمع لجلسة استماع في الكونغرس الأمريكي حول العراق فإذا بالسناتور الديمقراطي النافذ جون كيري الذي أصبح وزيرا للخارجية الآن يقول بالحرف ( ..اعتقد أن التاريخ لن يغفر لنا على ما جنيناه على الطائفة السنية في العراق ، فمثلا كان سكان بغداد قبل دخولنا 70% من السنة و30% من الشيعة أما الآن فقد انقلبت هذه النسب وأصبح الشيعة 70% والسنة30% .. قد جرت عملية تنظيف حقيقية للسنة من الضفة الشرقية (جانب الرصافة) لنهر دجلة ولم يبق لهم إلا الأعظيمة " .. يبدو أن الأمريكيين قد شعروا بحرج شديد إزاء هذا التطهير الطائفي واضطروا إلى إحاطة الأعظمية بسور عظيم من الأسمنت المسلح ( كما اعتقد أن الأمريكيين قد تعرضوا إلى ضغوط كبيرة من قبل دولة مثل تركيا أو السعودية للقيام بهذا العمل ). كان 30% من أهل البصرة من السنة وجل سكان قضائيي (الزبير) و(أبو خصيب) الواقعتين في وسط حقول النفط الغنية و بساتين النخيل العامرة من السنة ، وغالب الساكنة من التجار الأثرياء والأعيان الميسورين وتقع بالقرب من هاتين البلدتين قبور و أضرحة بعض الصحابة من الذين قضوا في فتنة (موقعة الجمل) مثل طلحة والزبير وعبيد الله ..وغيرهم وكان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قد ألحق بتلك الأضرحة مساجد فخمة و ضخمة ورائعة البناء و التصميم ..ففي يوم من أيام العراق المشئومة حل (الغربان السود ) من أتباع الصدر الموتورين بتلك البلدتين وفجروا المساجد والأضرحة المذكورة وقتلوا وطردوا أهلها واستولوا على تلك البساتين دون أن يرف جفن أحد إلا الغلابة أمثالنا من الذين لا حيلة لهم غير الاكتفاء بلعن إيران في دواخلهم .. قد فجر عملاء إيران مقام الصحابي الجليل " سلمان الفارسي" في المدائن .. ولم يشفع له حتى أصله الفارسي ..وبالمقابل أنظر كيف أقاموا الدنيا وأقعدوها عندما تم تفجير ضريح الإمام الشيعي (حسن العسكري) في سامراء من قبل تنظيم القاعدة المتحالف معهم ( في الحقيقة هذا الضريح وقف سني ظل يتبع وزارة الأوقاف في تاريخ العراق القديم والحديث وليس جزءاً من "العتبات المقدسة" وهو كائن في مدينة لا يوجد فيها إلا شيعي واحد وهو أحد حراس الضريح) (!).
يحمل الإيرانيون حقدا دفينا ضد بغداد فبغضهم للعباسيين لا يقل عن كرههم للأمويين ولذلك كان تخريب هذه المدينة جزءا أصيلا من خطة تخريب العراق وقد تأكدت فيما بعد بأن المخابرات الإيرانية هي التي أطلقت الحرائق وأعمال السلب والنهب يوم دخول الأمريكيين إليها ..وقد فعل الصفويون الشيء نفسه قبل أكثر من أربعمائة عام .
لقد ساهم الأمريكيون في هذه الجرائم ولا ريب في ذلك ، وما ذلك إلا لأنهم قوم هوج و سذج لا يفقهون شيئا عن الأوضاع الاجتماعية والثقافية المركبة في بلدان الشرق الأوسط ،خاصة موضوعة ( الشيعة والسنة) ومن أين لهم فهم (أمة من الغنم )،كما أسماهم وليم لدر، أو أضل , لجهلهم وغبائهم قد مكنوا إيران في العراق ، والمفارقة أن كثير من المحللين الاستراتيجيين الأمريكيين كانوا يغذون الإدارة والمؤسسات الفاعلة بنظريات تقوم على قاعدة أن (الشيعة لا يؤذوننا ) و إن الذين يمارسون الإرهاب ضدنا هم السنة (السلفيون / الوهابيون ) وليس الشيعة ، سمعت مرة أحدهم يتحدث في ال(بي بي سي ) ويمطر محاوره بأسئلة استنكارية من شاكلة " what they did to us ?" أي الشيعة.. كان أحد الولاة العثمانيين على العراق شكا إلى الباب العالي من طقوس الشيعة الغريبة عن الإسلام وما إذا كان من سلطته إيقافها فجاء الرد "دعهم .. فهم لا يؤذون إلا أنفسهم "!! ، فعلى قاعدة (الشيعة لا يؤذون إلا أنفسهم ) ترك لهم الأمريكان الحبل على الغارب فأوغلوا الولوغ في دماء أهل السنة .
كانت من أكبر الكبائر التي اقترفها الأمريكيون أو قل هؤلاء الإستراتيجيون الأغبياء هو نحتهم لمصطلح " الأقلية السنية "( Sunni Minority ) فمثلا كنت أشاهد حوارا بين أحد العراقيين المعترضين على هذا المصطلح ومحاور أمريكي فعندما قال العراقي إن السنة العرب في العراق 40% وإذا أضفنا إليهم الأكراد 15% تفوق نسبة السنة الشيعة ، ابتسم الأمريكي وقال ، بكل برود ، ولماذا تضيف الأكراد إلى السنة ، فالأكراد أكراد والسنة سنة ما الذي يجمع بينهما ؟ كان حوارا عقيما بسبب خلو ذهن هذا الأمريكي إلا من بيانات مدرسية مبتسرة .
للأسف أن الأمريكيين يسقطون موضوعة ( السنة والشيعة ) على حكاية ( الكاثوليك والبروتستانت ) التي لديهم - في أمريكا فقط – حيث انتقال المرء من مذهب إلى أخر يتم في ليلة وضحاها ( ثمة دراسة تقول بأن 52% من الأمريكيين بدلوا دينهم في حياتهم وهم يبدلونه كما يستبدلون بيوتهم وسيارتهم )!.
الأمريكان قوم موهومون بنمط حياتهم ويعتقدون أنه الأفضل في الوجود(راجع فوكوياما وحكايته "نهاية التاريخ" ) ، و إن الناس يرغبون الهجرة إلى أمريكا بغرض ال( تأمرك ) لا بسبب حاجتهم إلى المال ، لذلك تركوا المسائل المركزية في العراق للإيرانيين وانغمسوا في التفاهات مثل جذب الشباب إلى القيم الأمريكية ( الحرية وحب الحياة)وما أدل على ذلك إسراعهم إلى تأسيس مجلة (هاي ) –يقول مدير تحريرها أنه أضطر إلى طلب إغلاقها بعد أن تكدست 50 ألف نسخة في المخازن - وراديو (سوا ) وفضائية (الحرة ) وأنشئوا عدداً كبيراً من الصحف في العراق على رأسها جريدة (الصباح ) ودفعوا ملايين الدورات لمئات من الكتاب والصحفيين للتبشير بهذه القيم ولكن في النهاية كل هذه الجهود سطت عليها حفنة من العناصر الشيعية ووظفتها لتدعيم السياسات الإيرانية ! .
إن مسألة اختلاف الاتجاهات وتباين القيم و من ثم تقدير مسارات الفعل السياسي والاجتماعي كانت جلية منذ البداية لأن أمريكا بلد بلا تراث فهم لا يعيرون للمسائل التاريخية والتراثية المعمقة أي اهتمام فثملا دونالد رامسفليد وزير الدفاع حينها عند سئل عن كارثة نهب المتحف العراقي الذي ارتاع له العالم كله رد بكل بلاهة وشبه الأمر بمباراة لكرة قدم يعقبها شغب، لأن الأمريكان لا يعطون هذه "الانتيكات " قيمة أعلى من جمالها الحسي لذلك تجد أن أغلب المتاحف في أمريكا تأخذ صفة (الفنون الجميلة"Fine Arts") حتى تلك التي لا تضم غير القطع الأثرية .
كيف رأينا عندما إلقاء ذلك الصحفي حذائه على الرئيس الأمريكي قائلا: " يا كلب " ! لم يحدث أي رد فعل شعبي سلبي في أمريكا واعتبروها مجرد طرفة (نكتة ) لأن رمي الشخص بالحذاء أو حصبه بالحصاة سيان في ثقافتهم "كما أن عبارة " يا كلب " لا تحمل أي شحنة سلبية في عوائدهم ( لاحظ ما حدث عند أطلقت معلمة إنجليزية في إحدى المدارس الخاصة في الخرطوم اسم "محمد " على لعبة في شكل كلب " وبالجملة إن ضحالة وسذاجة العقلية الأمريكية هي سبب تسليم أمريكا العراق إلى إيران " في طبق من الذهب " حسب تعبير وزير الخارجية السعودي . وليس التخطيط الاستراتيجي المسبق فيما بينهما.. أليس من الغريب أن يكتفي الأمريكيون ببناء أكبر سفارة في العالم في بغداد علي ما أنفقوه من مهج وأرواح وأموال في سبيل "عراق ديمقراطي مزدهر"؟! ما الذي يغلق (عين أمريكا الحمراء) تجاه إيران وربيبها المالكي للكف عن إيغال في هذه الجرائم ؟ والله شيء محير .
على كل فقد خلت الأرض والأجواء في العراق لإيران ، لذلك لم تكتف بتوريد الأسلحة الفتاكة بجميع أنواعها إلى العراق و تجفيف الأنهار وسرقة النفط من الحقول المشتركة و تشجيع تهريبه ؛ بل ودرجت على توريد المخدرات بجميع أصنافها لأحداث أكبر عملية تدمير ممكن للمجتمع العراقي إنها حكاية الإنجليز مع الصينيين ( حرب الأفيون ) للسيطرة على الشعوب .
وقد تعاونت كثير من الدول العالم (بما فيها إسرائيل ) في إعادة بعض الآثار العراقية التي نهبت إبان الغزو إلا إيران رفضت واستمرت في المزيد من النهب باعتبارها غنائم حرب أو تعويضات عن حرب السنوات الثمان ، وحتى حديد الخردة لم تسلم حيث سحبت إلى إيران مئات من دبابات وآليات الجيش العراقي السابق المتعطلة أو المدمرة .
اتخذت المخابرات الإيرانية قرارا بقتل جميع الطيارين العراقيين الذين اشتركوا في حرب السنوات الثمان ، رغم أن كثيرا منهم قد تقدموا في السن وعادوا إلى قراهم يفلحون الأرض ويعتاشون منها بعد حرمتهم الحكومات الشيعية من رواتبهم التقاعدية مع ذلك لاحقتهم المخابرات الإيرانية وقامت بتصفيتهم فردا فرداً ولم يبق منهم إلا من فر بجلده إلى الخارج بعد تأمين خروج أفراد عائلته لأن الإيرانيين لا يتورعون عن الانتقام حتى من قتل الأطفال .
لقد أعدمت حكومة المالكي 80 شخصا في مارس2013 وحده حسب تقرير منظمة( هيومان راتيس ووتش ) كلهم من السنة وجلهم شباب في مقتبل العمر وبأوامر مباشرة من مكتب المالكي وهو رقم قياسي لا يمكن اعتباره غير أنه جزء من مشروع التصفية الذي نتحدث عنه .
علاقة إيران بتنظيم القاعدة
الكتلة الأساسية لهذا التنظيم لا تضم إلا الأميين وأشباه الأميين من ذوي الثقافة المتدنية جدا لذلك كل فعل يفعلونه فهو مسيء للإسلام وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعا ، وقد استغلت المخابرات الإيرانية هذه الجهالة وتمكنت من اختراقها وتسخيرها لمصالحها ، هذه من مفارقات عالم السياسة وخاصة في الجانب المرتبط بالسلوك الاستخباراتي أن يكون الداعم الأساسي لتنظيم القاعدة هي إيران ، وهي تفعل ذلك على قاعدة ( ما دامت القاعدة لا تؤذي إيران وإنما الدول العربية والغربية) لماذا لا استفيد منها لأقصى درجة ممكنة وهي لعبة عينها التي تلعبها مع ( طالبان ) إذ تمدها بالسلاح لإزعاج وإرهاق قوات التحالف وجعل باكستان في حالة من الاضطراب الدائم ولكن بشرط أن لا تنتصر الطالبان ولا تهزم !.
أبو مصعب الزرقاوي وأبو عمر البغدادي وأبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني كلهم صنائع وربائب إيرانية يستغلهم ويحميهم ويخفيهم ويشغلنا بهم في مدى زمني معروف وعندما تستنفد أغراضها تلفظهم وتشير لأعدائهم مكان وجودهم ليقضوا عليهم هذه هي اللعبة يا ناس ، حتى أيمن الظواهري مختبئ في مكان ما في إيران ، لاحظ إعلان هذه الجماعة عن مسئوليتها لبعض الجرائم البشعة لا يصدر إلا في توقيتات لا تخدم إلا إيران وحلفائها مثل إعلان أبوبكر البغدادي بأن أبي محمد الجولاني من أتباعه وإعلان دولة الشام والعراق الإسلامية والهدف من ذلك كله هو ضرب الثورة السورية في الصميم ، ففي إحدى مقررات مجلس الأمن القومي الإيراني حسب الدكتور محجوب الزويري قد عرَّف المجلس العراق على أنه 'الحديقة الخلفية لإيران' مع ضرورة "جعل مهمة الولايات المتحدة أشدّ صعوبة" باستخدام جميع الأدوات الممكنة فكانت تنظيم القاعدة إحدى هذه الأدوات .
في الأجزاء القادمة من هذا المقال سوف نتحدث عن أدوار إيران القذرة في سوريا ولبنان والسودان واليمن والبحرين ومصر والسعودية والكويت وتونس والصومال وجزر القمر ونيجيريا..الخ ومن ثم نقترح الترياق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.