المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما السبيل لدرء الخطر الإيراني الداهم ؟ (1-5)


أبو البشر أبكر حسب النبي
لو أن عصفورة صغيرة حطت على أحد أفنان أشجار حديقة منزلك وهوت ميتة؛لا تظنن أنها مصابة ب(أنفلونزا الطيور) ! وإنما من موجبات المنطق السليم أن تبحث عن الأسباب والقرائن من حول الأجهزة الإيرانية الكثيرة ، والتي هي مصدر الموت الأساسي ، للبشر والطير والشجر، في منطقتنا .. إن إيران اليوم قد غدت خطيرة إلى هذا الحد .. .لأنها باتت مصدر كل شر وبلاء..وفتنة وشقاء ، على طول وعرض المنظومة المعروفة ب(العالم الإسلامي) ..وهي لا هم لها على الإطلاق غير بذل الموارد وصرف الأموال بسخاء لشراء ذمم وضمائر صغار القوم و ضعاف النفوس - من أمثال ذلك السوداني (الجرمندي) باسم (شوقي عثمان) الذي استأجر قلمه للإبليس ورضي بوظيفة راصد ومراقب منتقدي السياسات الإيرانية في المنطقة ليوزع عليهم شتائمه الحمقاء مقابل (تويمنات) يقيم بها أوده ويسد رمقه - والتبشير بالتشيع بغرض خلخلة المجتمعات السنية وزراعة وتوطين الأمراض الطائفية ، ونسج شبكات التجسس (حتى على المستشفيات كما حدث في السعودية مؤخرا !)لرصد أي تطور إيجابي في هذه البلدان لتدبير خطة إعاقته وتعطيله وتدميره، وإمرار عصابات تهريب السلاح ( كما يحدث في اليمن ) والغاية من هذا النشاط الإجرامي هي إثارة فتنة بين (الزيود ) و(الشوافع )الذين عاشوا في طوال تاريخ اليمن الطويل في وئام وسلام ومن ثم الطعن في ظهر السعودية. وهي تقوم بنشاط محموم لتسريب المخدرات (عبر دبي ) وغيرها إلى شتى أنحاء العالم الإسلامي وليس الغربي ! .. وذلك بقصد تخريب عقول الشباب، في أي مكان تسود فيه المذاهب السنية..أنها عاصفة من الشر المستطير تهب من البر الفارسي في جميع الاتجاهات وترمي بشررها على الجميع..يعيها كثيرون ويرونها رأي العين ولكن لا حيلة لهم في درءها ولا قدرة لديهم لدفعها (من أمثال الأستاذ القدير والمفكر البارع عبد الله النفيسي) ...إنها النزعة الصفوية الجديدة التي أخذت تستبد بقادة إيران الآن ، وهي نزعة أخطر من الصهيونية والنازية والفاشية والشيوعية والماسونية والبهائية والبابية والقاديانية وعقيدة جماعة حسن الصباح ( الحشاشين )التي كانت مركزها (قلعة ألموت )بالقرب من (الري ) التي هي طهران الحالية ! ... إن الخطر الذي تشكله هذه النزعة الجديدة والتي يتقمصها ملالي إيران اليوم يفوق أي خطر يمكن أن نتصوره أو أي تهديد يمكن أن يصدر من جميع الجمعيات السرية والعلنية في العالم . في الوقت الذي لا يجلب الأتراك إلا (الخيرات) إلى بلادنا في شكل شركات بناء وتشييد ومطاعم ومقاهي ومخابز وبرامج تلفزيونية ودورات تدريبية ( وقد شاهدت تقريرا يتحدث عن انتشار المدارس التركية في موريتانيا !) ومواقف سياسية رائعة بل وحتى محلات حلاقة ! . وفي المقابل لا يبعث إلينا الإيرانيون إلا الشر ولا يبيعوننا إلا السُّم الزعاف (بدأت المطاعم الإيرانية و محلات الحلويات الشيرازية والأصفهانية تظهر في بعض المدن العربية ولكنني أحذركم من تناولها حتى لا يكون مصيركم مصير تلك العصفورة المسكينة ) !.
ما هي الصفوية ومن هم الصفويون ؟
قبل أن نلج إلى عمق الموضوع أرى من الأفضل إيراد نبذة مقتضبة جدا عن الصفوية والصفويين حتى يكون القارئ على بينة من أن هذه ليست أول مرة يزحف الشر من بلاد الفرس .
ففي الوقت الذي كانت الدولة العثمانية مشغولة بمحاربة الصليبين في الغرب ومقاومة أطماع الاستعمارية في الشرق خاصة بعد الكشوف الجغرافية .. في هذا التوقيت تماما ظهر شاه إسماعيل الصفوي مؤسس الدولة الصفوية (1502 -1722 ) وأصبح خير معين وحليف لهذه القوى الصليبية والاستعمارية .. حيث تعاونت إيران الصفوية مع البرتغاليين وغيرهم ....وفرت لهم مواطئ قدم في الخليج وأمدتهم وأعانتهم حتى في خطتهم الشريرة المتمثلة في غزو مكة وهدم الكعبة ( الإيرانيون لا يذهبون إلى الحج إلا لأغراض سياسية كان لي زميل شيعي يقول لي إن زيارة واحدة إلى كربلاء تساوي 40 حجة إلى مكة وقس على ذلك )وقد وقعت الدولة الصفوية معاهدات وأنشأت أحلافا مع القوى الصليبية و كانت من أهم الأدوار التي أوكلت إليها بموجب هذه المعاهدات هي افتعال الحروب ضد الدولة العثمانية لتخفيف ضغطها وزحفها إلى وسط أوربا عبر البلقان لتعويض عن خسارة الأندلس قبل قرن من ذلك . وقد قامت الدولة الصفوية بالمهمة خير القيام .
كانت فترة حكم الشاة عباس الثالث الملقب بالكبير أكثر النقاط قاتمة في التاريخ الإسلامي بعمومه ، ففي عهده تم تنظيف وتطهير إيران من أهل السنة - أو (النواصب) حسب مصطلحهم - تماما حيث لم يبق أي سني في إيران إلا الأكراد الذين اعتصموا بجبالهم ، وكثيرا ما كانوا يطلبون النجدة من الدولة العلية ، و البلوش الذين تفرقوا في صحاريهم واستجاروا بالقبائل الأفغانية والأزبكية القوية التي كانت تتعصب للمذهب السني وتنتصر له .. كان 70% من سكان تبريز و 30% من سكان أصفهان من السنة وتم القضاء عليهم في أقل من عقد . بطريقة عينها التي طبقها حلفائهم من الأسبان والبرتغاليين للقضاء على المسلمين في شبه جزيرة الإبيرية ( محاكم التفتيش) .
كان هدف غير السامي لعباس الكبير هو الانتقال من بلاد الفارس إلى بلاد الرافدين ل(تطهيرها ) من السنة.. حيث دخل بغداد وعاث فيها فسادا وأتي بأفعال حتى المغول يخجلون منها ، مثل هدم مسجد الإمام الأعظم النعمان بن ثابت أبي حنيفة ونبش قبره والتمثيل برفاته .
وقد استغل الصفويون نزعة السلطان بايزيد الثاني الشخصية الذي كان ميالا إلى الفكر والفلسفة والآداب والفنون وغير أبه بالحروب والبطولات للتمادي في طغيانهم ضد أهل السنة ولكن الحمد لله كان ابنه لسلطان سليم الأول وحفيده سليمان القانوني على النقيض من ذلك فهما أشهر من ( أدَّب) الصفويين وأعادهم إلى حجمهم الطبيعي وحما العراق من التشييع الكامل كما حدث لبلاد الفارس .
في عهد الصفويين ظهرت أول جالية شيعية في البحرين وأوجدوا أول موطئ قدم لهم في البر بلاد العرب في واحة القطيف.. ولكن من حسن المصادفة أن ظهرت الدعوة الوهابية بعد سنوات قليلة من سقوط الدولة الصفوية وساهم ذلك في تحجيم دور المبشرين الشيعة الذين كانت الدولة الصفوية تدفع بهم بغرض تحويل الجزيرة العربية كلها إلى جزيرة شيعية وحيث تم حصرهم في جزيرة أوال في تلك الواحة حتى اليوم .. إن نجحوا في تشييع بعض العشائر العربية في جنوب العراق والأحواز من بني تميم وبني أسد وخزاعة .هذا باختصار شديد ما فعله الصفويون السابقون فلنأت إلى ما يفعله الصفويون الجدد الآن . الصفوية جزء أصيل من القومية الفارسية فلذلك ليس كل شيعي صفوي بالضرورة.
البداية من العراق
يصف السوسيولوجي العراقي الطائر الصيت على الوردي أن ما تضمره الشيعة في دواخلهم هو بمثابة (بركان كامن) سوف يثور حتما ضد الطغاة يوم ما .. ولكن اتضح بالدليل العملي القاطع بأن المكتوم في صدور الشيعة هو "حقد كامن " تم تفريغه على مخالفيهم في المذهب عندما جاء (يوم ما) بالغزو الأمريكي على العراق .
بهدوء وتؤدة وبدون ضجة أو جعجعة وعملا بمبدأ ( التقية )، رسمت إيران سياستها في العراق والتي تتمثل في بذل كل جهد ممكن لاستئصال الطائفة السنية من هذا البلد ، بالاتفاق مع الأحزاب الشيعية المدينية (من المدينة )- نعم المدينية فقط لأن العشائر العربية الشيعية في جنوب ووسط العراق ظلت تشكو من السياسة الإيرانية - شرعت إيران في تنفيذ هذه السياسة . تكاد نياط فؤادي تتقطع وكبدي يتحطم من حالة ال(لامبالاه ) التي يمارسها كثير من الناس إزاء هذه الداهية الدهياء بترك الساحة العراقية مرتعا لإيران الفارسية لتعبث بها كيف تشاء ،ولا أحد ينبه لهذا الخطر الداهم ، أعني خطر اختفاء أهل السنة من العراق كما اختفوا من تبريز وأصفهان في غابر الزمان .. لا أحد غير عدد قليل من المحللين الغاضبين ( من أمثال الدكتور عبد الله النفيسي ) وبعض رواد المنتديات الذين سخروا جهودهم للزود عن حياض أهل السنة إذ ظلوا يصرخون ويصرخون لعل أحدا ينتبه لخطورة السياسة الإيرانية في العراق .. وذهبت تلك الأصوات أدارج الرياح .. قدحت ذهني لمعرفة سبب هذا (الانبطاح ) ومرجع هذا الاستغفال أمام هذه السياسة الخطيرة بعدم رفع الصوت والمهاجرة بإدانة هذه الجريمة الفظيعة ومعاقبة المجرم ، أهو (حضور الأمريكي )؟ يقول البعض بأن أمريكا متحالفة مع إيران في موضوعة العراق و بالتحديد ( تطهير ) العراق من السنة لذلك لا يستطيع حلفاء أمريكا الجهر بالقول كما فعلوا في الحالة السورية مثلا ، إنني لا أبلغ ذلك المبلغ لكوني أعرف العلة الأمريكية التي سوف أشرحها في السطور التالية ..
كنت استمع لجلسة استماع في الكونغرس الأمريكي حول العراق فإذا بالسناتور الديمقراطي النافذ جون كيري الذي أصبح وزيرا للخارجية الآن يقول بالحرف ( ..اعتقد أن التاريخ لن يغفر لنا على ما جنيناه على الطائفة السنية في العراق ، فمثلا كان سكان بغداد قبل دخولنا 70% من السنة و30% من الشيعة أما الآن فقد انقلبت هذه النسب وأصبح الشيعة 70% والسنة30% .. قد جرت عملية تنظيف حقيقية للسنة من الضفة الشرقية (جانب الرصافة) لنهر دجلة ولم يبق لهم إلا الأعظيمة " .. يبدو أن الأمريكيين قد شعروا بحرج شديد إزاء هذا التطهير الطائفي واضطروا إلى إحاطة الأعظمية بسور عظيم من الأسمنت المسلح ( كما اعتقد أن الأمريكيين قد تعرضوا إلى ضغوط كبيرة من قبل دولة مثل تركيا أو السعودية للقيام بهذا العمل ). كان 30% من أهل البصرة من السنة وجل سكان قضائيي (الزبير) و(أبو خصيب) الواقعتين في وسط حقول النفط الغنية و بساتين النخيل العامرة من السنة ، وغالب الساكنة من التجار الأثرياء والأعيان الميسورين وتقع بالقرب من هاتين البلدتين قبور و أضرحة بعض الصحابة من الذين قضوا في فتنة (موقعة الجمل) مثل طلحة والزبير وعبيد الله ..وغيرهم وكان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قد ألحق بتلك الأضرحة مساجد فخمة و ضخمة ورائعة البناء و التصميم ..ففي يوم من أيام العراق المشئومة حل (الغربان السود ) من أتباع الصدر الموتورين بتلك البلدتين وفجروا المساجد والأضرحة المذكورة وقتلوا وطردوا أهلها واستولوا على تلك البساتين دون أن يرف جفن أحد إلا الغلابة أمثالنا من الذين لا حيلة لهم غير الاكتفاء بلعن إيران في دواخلهم .. قد فجر عملاء إيران مقام الصحابي الجليل " سلمان الفارسي" في المدائن .. ولم يشفع له حتى أصله الفارسي ..وبالمقابل أنظر كيف أقاموا الدنيا وأقعدوها عندما تم تفجير ضريح الإمام الشيعي (حسن العسكري) في سامراء من قبل تنظيم القاعدة المتحالف معهم ( في الحقيقة هذا الضريح وقف سني ظل يتبع وزارة الأوقاف في تاريخ العراق القديم والحديث وليس جزءاً من "العتبات المقدسة" وهو كائن في مدينة لا يوجد فيها إلا شيعي واحد وهو أحد حراس الضريح) (!).
يحمل الإيرانيون حقدا دفينا ضد بغداد فبغضهم للعباسيين لا يقل عن كرههم للأمويين ولذلك كان تخريب هذه المدينة جزءا أصيلا من خطة تخريب العراق وقد تأكدت فيما بعد بأن المخابرات الإيرانية هي التي أطلقت الحرائق وأعمال السلب والنهب يوم دخول الأمريكيين إليها ..وقد فعل الصفويون الشيء نفسه قبل أكثر من أربعمائة عام .
لقد ساهم الأمريكيون في هذه الجرائم ولا ريب في ذلك ، وما ذلك إلا لأنهم قوم هوج و سذج لا يفقهون شيئا عن الأوضاع الاجتماعية والثقافية المركبة في بلدان الشرق الأوسط ،خاصة موضوعة ( الشيعة والسنة) ومن أين لهم فهم (أمة من الغنم )،كما أسماهم وليم لدر، أو أضل , لجهلهم وغبائهم قد مكنوا إيران في العراق ، والمفارقة أن كثير من المحللين الاستراتيجيين الأمريكيين كانوا يغذون الإدارة والمؤسسات الفاعلة بنظريات تقوم على قاعدة أن (الشيعة لا يؤذوننا ) و إن الذين يمارسون الإرهاب ضدنا هم السنة (السلفيون / الوهابيون ) وليس الشيعة ، سمعت مرة أحدهم يتحدث في ال(بي بي سي ) ويمطر محاوره بأسئلة استنكارية من شاكلة " what they did to us ?" أي الشيعة.. كان أحد الولاة العثمانيين على العراق شكا إلى الباب العالي من طقوس الشيعة الغريبة عن الإسلام وما إذا كان من سلطته إيقافها فجاء الرد "دعهم .. فهم لا يؤذون إلا أنفسهم "!! ، فعلى قاعدة (الشيعة لا يؤذون إلا أنفسهم ) ترك لهم الأمريكان الحبل على الغارب فأوغلوا الولوغ في دماء أهل السنة .
كانت من أكبر الكبائر التي اقترفها الأمريكيون أو قل هؤلاء الإستراتيجيون الأغبياء هو نحتهم لمصطلح " الأقلية السنية "( Sunni Minority ) فمثلا كنت أشاهد حوارا بين أحد العراقيين المعترضين على هذا المصطلح ومحاور أمريكي فعندما قال العراقي إن السنة العرب في العراق 40% وإذا أضفنا إليهم الأكراد 15% تفوق نسبة السنة الشيعة ، ابتسم الأمريكي وقال ، بكل برود ، ولماذا تضيف الأكراد إلى السنة ، فالأكراد أكراد والسنة سنة ما الذي يجمع بينهما ؟ كان حوارا عقيما بسبب خلو ذهن هذا الأمريكي إلا من بيانات مدرسية مبتسرة .
للأسف أن الأمريكيين يسقطون موضوعة ( السنة والشيعة ) على حكاية ( الكاثوليك والبروتستانت ) التي لديهم - في أمريكا فقط – حيث انتقال المرء من مذهب إلى أخر يتم في ليلة وضحاها ( ثمة دراسة تقول بأن 52% من الأمريكيين بدلوا دينهم في حياتهم وهم يبدلونه كما يستبدلون بيوتهم وسيارتهم )!.
الأمريكان قوم موهومون بنمط حياتهم ويعتقدون أنه الأفضل في الوجود(راجع فوكوياما وحكايته "نهاية التاريخ" ) ، و إن الناس يرغبون الهجرة إلى أمريكا بغرض ال( تأمرك ) لا بسبب حاجتهم إلى المال ، لذلك تركوا المسائل المركزية في العراق للإيرانيين وانغمسوا في التفاهات مثل جذب الشباب إلى القيم الأمريكية ( الحرية وحب الحياة)وما أدل على ذلك إسراعهم إلى تأسيس مجلة (هاي ) –يقول مدير تحريرها أنه أضطر إلى طلب إغلاقها بعد أن تكدست 50 ألف نسخة في المخازن - وراديو (سوا ) وفضائية (الحرة ) وأنشئوا عدداً كبيراً من الصحف في العراق على رأسها جريدة (الصباح ) ودفعوا ملايين الدورات لمئات من الكتاب والصحفيين للتبشير بهذه القيم ولكن في النهاية كل هذه الجهود سطت عليها حفنة من العناصر الشيعية ووظفتها لتدعيم السياسات الإيرانية ! .
إن مسألة اختلاف الاتجاهات وتباين القيم و من ثم تقدير مسارات الفعل السياسي والاجتماعي كانت جلية منذ البداية لأن أمريكا بلد بلا تراث فهم لا يعيرون للمسائل التاريخية والتراثية المعمقة أي اهتمام فثملا دونالد رامسفليد وزير الدفاع حينها عند سئل عن كارثة نهب المتحف العراقي الذي ارتاع له العالم كله رد بكل بلاهة وشبه الأمر بمباراة لكرة قدم يعقبها شغب، لأن الأمريكان لا يعطون هذه "الانتيكات " قيمة أعلى من جمالها الحسي لذلك تجد أن أغلب المتاحف في أمريكا تأخذ صفة (الفنون الجميلة"Fine Arts") حتى تلك التي لا تضم غير القطع الأثرية .
كيف رأينا عندما إلقاء ذلك الصحفي حذائه على الرئيس الأمريكي قائلا: " يا كلب " ! لم يحدث أي رد فعل شعبي سلبي في أمريكا واعتبروها مجرد طرفة (نكتة ) لأن رمي الشخص بالحذاء أو حصبه بالحصاة سيان في ثقافتهم "كما أن عبارة " يا كلب " لا تحمل أي شحنة سلبية في عوائدهم ( لاحظ ما حدث عند أطلقت معلمة إنجليزية في إحدى المدارس الخاصة في الخرطوم اسم "محمد " على لعبة في شكل كلب " وبالجملة إن ضحالة وسذاجة العقلية الأمريكية هي سبب تسليم أمريكا العراق إلى إيران " في طبق من الذهب " حسب تعبير وزير الخارجية السعودي . وليس التخطيط الاستراتيجي المسبق فيما بينهما.. أليس من الغريب أن يكتفي الأمريكيون ببناء أكبر سفارة في العالم في بغداد علي ما أنفقوه من مهج وأرواح وأموال في سبيل "عراق ديمقراطي مزدهر"؟! ما الذي يغلق (عين أمريكا الحمراء) تجاه إيران وربيبها المالكي للكف عن إيغال في هذه الجرائم ؟ والله شيء محير .
على كل فقد خلت الأرض والأجواء في العراق لإيران ، لذلك لم تكتف بتوريد الأسلحة الفتاكة بجميع أنواعها إلى العراق و تجفيف الأنهار وسرقة النفط من الحقول المشتركة و تشجيع تهريبه ؛ بل ودرجت على توريد المخدرات بجميع أصنافها لأحداث أكبر عملية تدمير ممكن للمجتمع العراقي إنها حكاية الإنجليز مع الصينيين ( حرب الأفيون ) للسيطرة على الشعوب .
وقد تعاونت كثير من الدول العالم (بما فيها إسرائيل ) في إعادة بعض الآثار العراقية التي نهبت إبان الغزو إلا إيران رفضت واستمرت في المزيد من النهب باعتبارها غنائم حرب أو تعويضات عن حرب السنوات الثمان ، وحتى حديد الخردة لم تسلم حيث سحبت إلى إيران مئات من دبابات وآليات الجيش العراقي السابق المتعطلة أو المدمرة .
اتخذت المخابرات الإيرانية قرارا بقتل جميع الطيارين العراقيين الذين اشتركوا في حرب السنوات الثمان ، رغم أن كثيرا منهم قد تقدموا في السن وعادوا إلى قراهم يفلحون الأرض ويعتاشون منها بعد حرمتهم الحكومات الشيعية من رواتبهم التقاعدية مع ذلك لاحقتهم المخابرات الإيرانية وقامت بتصفيتهم فردا فرداً ولم يبق منهم إلا من فر بجلده إلى الخارج بعد تأمين خروج أفراد عائلته لأن الإيرانيين لا يتورعون عن الانتقام حتى من قتل الأطفال .
لقد أعدمت حكومة المالكي 80 شخصا في مارس2013 وحده حسب تقرير منظمة( هيومان راتيس ووتش ) كلهم من السنة وجلهم شباب في مقتبل العمر وبأوامر مباشرة من مكتب المالكي وهو رقم قياسي لا يمكن اعتباره غير أنه جزء من مشروع التصفية الذي نتحدث عنه .
علاقة إيران بتنظيم القاعدة
الكتلة الأساسية لهذا التنظيم لا تضم إلا الأميين وأشباه الأميين من ذوي الثقافة المتدنية جدا لذلك كل فعل يفعلونه فهو مسيء للإسلام وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعا ، وقد استغلت المخابرات الإيرانية هذه الجهالة وتمكنت من اختراقها وتسخيرها لمصالحها ، هذه من مفارقات عالم السياسة وخاصة في الجانب المرتبط بالسلوك الاستخباراتي أن يكون الداعم الأساسي لتنظيم القاعدة هي إيران ، وهي تفعل ذلك على قاعدة ( ما دامت القاعدة لا تؤذي إيران وإنما الدول العربية والغربية) لماذا لا استفيد منها لأقصى درجة ممكنة وهي لعبة عينها التي تلعبها مع ( طالبان ) إذ تمدها بالسلاح لإزعاج وإرهاق قوات التحالف وجعل باكستان في حالة من الاضطراب الدائم ولكن بشرط أن لا تنتصر الطالبان ولا تهزم !.
أبو مصعب الزرقاوي وأبو عمر البغدادي وأبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني كلهم صنائع وربائب إيرانية يستغلهم ويحميهم ويخفيهم ويشغلنا بهم في مدى زمني معروف وعندما تستنفد أغراضها تلفظهم وتشير لأعدائهم مكان وجودهم ليقضوا عليهم هذه هي اللعبة يا ناس ، حتى أيمن الظواهري مختبئ في مكان ما في إيران ، لاحظ إعلان هذه الجماعة عن مسئوليتها لبعض الجرائم البشعة لا يصدر إلا في توقيتات لا تخدم إلا إيران وحلفائها مثل إعلان أبوبكر البغدادي بأن أبي محمد الجولاني من أتباعه وإعلان دولة الشام والعراق الإسلامية والهدف من ذلك كله هو ضرب الثورة السورية في الصميم ، ففي إحدى مقررات مجلس الأمن القومي الإيراني حسب الدكتور محجوب الزويري قد عرَّف المجلس العراق على أنه 'الحديقة الخلفية لإيران' مع ضرورة "جعل مهمة الولايات المتحدة أشدّ صعوبة" باستخدام جميع الأدوات الممكنة فكانت تنظيم القاعدة إحدى هذه الأدوات .
في الأجزاء القادمة من هذا المقال سوف نتحدث عن أدوار إيران القذرة في سوريا ولبنان والسودان واليمن والبحرين ومصر والسعودية والكويت وتونس والصومال وجزر القمر ونيجيريا..الخ ومن ثم نقترح الترياق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.